فن التعامل مع الناس 1- المقدمة

تاريخ الإضافة 28 أغسطس, 2023 الزيارات : 14497

فن التعامل مع الناس 1- المقدمة
موضوع فن التعامل مع الناس هام جدا ، تعتني به كل الشعوب في العالم ولدى الغربيين معاهد خاصةٌ يُدرَّسُ فيها ما يسمى بالمهارات الاجتماعية
.

كيف يتحدث الإنسان؟

كيف يكسب الثقة بنفسه؟

كيف يكون لبِقاً في الحديث مع الناس؟

والإسلام فيه الكثير من كنوز الآداب ،ومنها آداب التعامل ، وقد أُعطينا القدوة من الأنبياء وخاتمهم رسول الله عليهم جميعا الصلاة والسلام ً.

والمسلم يبحث عن رضا الله ومحبته، وأن تتحقق الخيرية في نفسه ويكون من خير الناس بحسن أخلاقه كما في الحديث “خير الناس أحسنهم خُلُقاً” صححه الألباني

فالمسلم لا يحسن خلقه ليكسب مصلحة ؛ إنما لكسب رضا الله عز وجل.

ونحن كمسلمين نحتاج أن نشهد للإسلام شهادة عملية بعد أن شهدنا الشهادة القولية وخير شهادة عملية هي أن نتحرك وسط الناس بأخلاقنا ؛ فلقد أفلح الكثير من المسلمين في جانب الشعائر التعبدية وسقط سقوطا ذريعا في جانب الأخلاق وعلاقته بالناس.

وحسن الأخلاق يكون مع الناس كلهم كما قال تعالى  :(وقولوا للناس حسنا(البقرة 83

وأمرنا الله أن نلتزم الحكمة في التعامل مع الناس “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين“.

وكما يقول الشيخ القرضاوي : إن الله قال بالتي هي أحسن ولم يقل بالتي هي أخشن

وقد وصف الله تعالى رسوله بأنه ليِّن الجانب يقول تعالى:” فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك“.آل عمران 159

وجاءت أحاديث كثيرة تبين فضل حسن الخلق منها :

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :”خير الناس أحسنهم خُلُقاً”

ويقول صلى الله عليه وسلم :” إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار” رواه أحمد من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :”المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف , وخير الناس أنفعهم للناس” صحيح الجامع الصغير من حديث سهل بن سعيد  رضي الله عنه  .

وسألت أم سلمة رضى الله عنها ..رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقالت : يا رسول الله .. المرأة يكون لها زوجان في الدنيا .. فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعاً إلى الجنة .. فلمن تكون ؟

قال : تكون لأحسنهما خلقاً ..فعجبت أم سلمة .. فلما رأى دهشتها قال عليه الصلاة والسلام :يا أم سلمة  ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة ..

نعم ذهب بخيري الدنيا والآخرة ..أما خير الدنيا فهو ما يكون له من محبة في قلوب الخلق .. وأما خير الآخرة فهو ما يكون له من الأجر العظيم .

وهذا الموضوع فيه كلام كثيرولذا سنجعله في عدة أجزاء ،  ونبدأ بذكر بعض القواعد في فن التعامل مع الناس .

القاعدة الأولى : مراعاة اختلاف طباع الناس ، مما يترتب عليه اختلاف التعامل معهم:

خلق الله البشر مختلفين، فكل إنسان له شخصيته المستقلة، وتفكيره المتميز، وطابعه المتفرد ، فالناس منذ خلقهم الله وهم مختلفي الطبائع والرغبات والميول،وهذه سنة الله في الخلق لتدور عجلة الحياة بهذا التنوع البشري، فمن الناس من يتميز بالروح المرحة وآخر خشن التعامل ، ومنهم من يأخذ الأمور بجدية ومنهم من يحب المزاح ومنهم من يحب النكد ، ومن الناس من يميل إلى التشديد، ومنهم من يميل إلى التيسير، منهم ذو الطبيعة المرحة المنبسطة ومنهم ذو الطبيعة الانطوائية المنكمشة.

وإن من العبث كل العبث أن يراد صب الناس كلهم في قالب واحد في كل شيء، وجعلهم نسخا مكررة، ومحو كل اختلاف بينهم، فهذا غير ممكن، لأنه مخالف لفطرة الله التي فطر عليها الناس.
وهذا الاختلاف آية من آيات الله الدالة على عظيم قدرته وبديع حكمته: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) سورة الروم:22.

روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:“الناس معادن كمعادن الفضة والذهب، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا

وعن أبي موسى الأشعري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:“إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب” صححه الألباني

ويُعلم بداهةً أن معاملة هذه الاختلافات معاملةً واحدةً لا يستقيم، فما يلائم هذا لا يناسب ذاك، وما يحسُنُ مع هذا لا ينفع مع غيره، لذا قيل:(خاطبوا الناس على قدر عقولهم ). ويذكر على أنه حديث لكنه من مراسيل سعيد بن المسيب فهو ضعيف مرفوعا

وكان شأنه صلى الله عليه وسلم في تربية أصحابه وتعليمهم أن يراعي أحوال من يتعامل معهم وينزل الناس منازلهم،ويعامل الناس حوله وفق شخصياتهم المختلفة ، وها هي بعض الامثلة من السيرة النبوية :

في غزوة الحديبية :

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم.. بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب ..

كانوا ألفاً وأربعمائة ..

ساقوا معهم الهدى وأحرموا بالعمرة ليعلم الناس أنهم إنما خرجوا زائرين لهذا البيت معظمين له ..

وساق صلى الله عليه وسلم معه سبعين من الإبل .. هدياً إلى البيت الحرام ..

وصلوا مكة .. فمنعتهم قريش من دخولها ..

عسكر النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في موضع اسمه الحديبية ..

جعلت قريش ترسل إليه الرجل تلو الرجل للتفاوض معه ..

فبعثوا إليه أولاً مكرز بن حفص ..كان مكرز رجلاً من قريش .. لكنه لا يلتزم بعهد ولا ميثاق .. بل هو فاجر غادر ..

فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلممقبلاً قال : هذا رجل غادر ..

فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كلمه بما يصلح لمثله ..

وأخبره أنه ما جاء يريد حرباً .. إنما جاء معتمراً .. ولم يكتب معه عهداً لأنه يعلم أنه ليس أهلاً لذلك ..

رجع مكرز إلى قريش فأخبرهم ..

فبعثوا حليس بن علقمة  سيد الأحابيش .. وكان الأحابيش قوم من العرب سكنوا مكة تعظيماً للحرم وعناية بالكعبة .

فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا من قوم يتألهون .. أي يتعبدون ..  فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه .. فلما رأى الهدي من إبل وغنم .. تسيل عليه من عرض الوادي في قلائده وحباله مربوطاً مهيئاً ليذبح في الحرم .. قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله .. قد أضناه الجوع والعطش .. لما رأى سيد الأحابيش ذلك .. انتفض .. ولم يقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاماً لما رأى .. وكيف يمنع المعتمرون عن البيت الحرام !!

رجع إلى قريش .. فقال لهم ذلك .. فقالوا له : اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك ..فغضب الحليس .. وقال : يا معشر قريش .. والله ما على هذا حالفناكم .. ولا على هذا عاهدناكم ..أيصد عن بيت الله من جاءه معظماً له ؟

والذي نفس الحليس بيده .. لتخلن بين محمد وبين ما جاء له من العمرة .. أو لأنفرن بالأحايش نفرة رجل واحد ..قالوا : مَهْ .. كُفَّ عنا .. حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به ..

ثم أرادوا .. أن يبعثوا رجلاً شريفاً .. فاختاروا عروة بن مسعود الثقفي .

فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم .. من التعنيف وسوء اللفظ .. وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد ..

قالوا : صدقت ما أنت عندنا بمتهم ..

فخرج عروة .. وكان ملكاً في قومه .. له شرف ومكانة .. وله ترفع على الناس ..

فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس بين يديه ثم قال :

يا محمد !! أجمعت أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ؟

إنها قريش .. قد خرجت معها العوذ المطافيل .. قد لبسوا جلود النمور ..

يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبداً .. وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً ..

وكان أبو بكر خلف النبي صلى الله عليه وسلم .. واقفاً ..فقال أبو بكر : امصص بظر اللات ! أنحن ننكشف عنه ؟

تفاجأ عروة وهو ملك قومه بهذا الجواب .. فلم يتعود على مثله .. لكنه في الحقيقة كان يحتاج إلى جرعة كهذه تخفض ما في رأسه من كبرياء ..

فقال عروة متأثراً : من هذا يا محمد ؟

قال : هذا ابن أبي قحافة ..

قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكفأتك بها .. ولكن هذه بهذه ..

وجعل عروة يلين العبارات بعدها .. ويكلم النبي صلى الله عليه وسلم ..ويلمس لحية النبي .. والمغيرة بن شعبة الثقفي واقف وراء رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قد غطى وجهه الحديد .. فكان كلما قرب عروة يده من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

قرعها شعبة بطرف السيف .. ثم يمدها ثانية .. فيقرعها شعبة بطرف السيف ..

فلما مدها الثالثة .. قال شعبة : اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ألا تصل إليك يدك .. أي أقطعها !!

فقال عروة : ويحك ما أفظك وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟

فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وقال .. هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة الثقفي ..

فقال عروة : أي غدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس !

ثم قام عروة من عند النبي صلى الله عليه وسلم .. وعاد إلى قريش ..

فاسمع ما قال :قال : يا معشر قريش .. والله لقد رأيت كسرى وقيصر والنجاشي .. والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً ..

فوقع في قلب قريش من الرهبة ما لم يقع من قبل ..

فأرسلت قريش سهيل بن عمرو ..فمضى يمشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال : سهل أمركم .. ثم كتبوا بينهم صلح الحديبية ..

هذا جانب من معرفته صلى الله عليه وسلم لأنواع الناس .. واستعمال المفتاح المناسب في التعامل مع كل أحد ..

وفي فتح مكة : قال العباس للرسول صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا ، قال‏:‏ ( ‏نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن) .

 ثم غادر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “مرّ الظهران” متوجها إلى مكة ، وقبل أن يتحرّك أمر العباسَ بأن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي، حتى تمرّ به جنود الله فيراها ، فمرّت القبائل على أبي سفيان و العباس يخبره بها ، حتى مرّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في كتيبته الخضراء ومعه المهاجرون والأنصار، فقال أبو سفيان : سبحان الله؟ ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، ثم أسرع إلى قومه صارخاً بأعلى صوته :

” يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، فقالوا‏:‏ قاتلك الله وما تغني عنا دارك ‏؟‏ قال‏:‏ ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن فتفرّق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

 فهنا نلاحظ أن دار أبي سفيان لم يكن لها ما يميزها عن دُور أهل مكة، ودخول هذه الدار أو غيرها سيّان!!!لكن النبي راعى نفسية أبي سفيان حينئذ ليذكر اسمه في أول بيان للجيش الفاتح لمكة .

ومن هذا القبيل ؛ تقسيمه الأعمال والمهام على أصحابه كُلٌّ بحسبه، فما أوكل إلى حسان غير ما أوكل إلى معاذ ويصح ذلك مع أبي بكر وعمر و صهيب وخالد وبقية الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

إنها المعرفة بنفسيات الناس وما يطيقون وما يحبون ، ومعرفة الدخول إلى قلوبهم.

كذلك تختلف طريقة التعامل تبعاً لاختلاف العلاقة : الوالد مع ولده، الزوج مع زوجته، الرئيس مع مرؤوسه ، والعكس.

والتعامل يتغير باختلاف الأفهام والعقول ؛ فالرجل الذكي تختلف طريقة التعامل عن آخر محدود العقل.

والإنسان كما هو معلومٌ مكونٌ من عدة أشياء فهو ليس آلةً من الآلات، وإنما هو إنسانٌ بروحه وجسمه وعقله ومشاعره وهو محتاجٌ لتغذية هذه الأمور كلها.

القاعدة الثانية : إظهارالاهتمام بالناس :

كل إنسان له أهميته مهما كان دوره في الحياة ، والناس كلما أشعرتهم بقيمتهم وأظهرت الاهتمام بهم .. ملكت قلوبهم .. وأحبوك .

هب أنك دخلت مجلساً فيه أربعون رجلاً .. فمررت بالناس تصافحهم .. فالأول مددت يدك إليه مسلماً فناولك طرف يده .. وقال ببرود : أهلاً .. أهلاً ..

والثاني كان مشغولاً بحديث جانبي .. ففاجأته بالسلام .. فرد ببرود أيضاً وصافحك دون أن ينظر إليك ..

والثالث كان يتحدث بهاتفه .. فمد يده إليك دون أن يتلفظ بكلمة ترحيب .. أو يبدي لك أي اهتمام ..

أما الرابع .. فلما رآك مقبلاً قام مستعداً للسلام .. فلما التقت عينك بعينه ابتسم وأظهر البشاشة بلقياك .. وصافحك بحرارة .. واحتفى بقدومك .. وأنت لا تعرفه ولا يعرفك !!

ثم أكملت سلامك على الناس .. وجلست ..ألا تشعر أن قلبك ينجذب نحو ذلك الشخص ؟

بلى .. ينجذب إليه .. وأنت لا تعرفه .. ولا تدري عن اسمه .. ولا تعلم وظيفته ولا مركزه .. ومع ذلك استطاع أن يسلب قلبك .. لا بماله .. ولا بمنصبه .. ولا بحسبه ونسبه .. وإنما باهتمامه بك ...فاعمل دائما وأبدا على تذكير نفسك أن للآخرين  أهميتهم وأنهم بالفعل ذوو أهمية وسوف يتسرب موقفك هذا إليهم ويؤثر تأثيرا إيجابيا في تعاملاتك معهم وإياك أن تشعر الآخرين بضآلة أنفسهم في تحين تشعرهم  بأهميتك.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا في سلوكه مع الناس ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا حدث أحدا جعله تلقاء وجهه وأصغى إليه ، وإذا أمسك بيد أحد لم يكن ليتركها حتى يكون الآخر هو الذي يترك يده , وكانت الأمة  تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذهب به حيث شاءت , وكان صلى الله عليه وسلم  يذكر قيمة أصحابه , ويشكر أفعالهم  , ويعرفهم قيمة دورهم , ويثمن سلوكياتهم النبيلة فيقول لعثمان لما جهز جيش العسرة ” لا يضره ما فعل بعد اليوم ” , ويسمي خالد ” سيف الله المسلول ”  , ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَرْأَفُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ عُمَرُ ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ” .إلى غير ذلك من دلائل تقديره لأصحابه وتعريفهم لأهميتهم عنده وبين الناس.. 

وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على منبره يوم جمعة.. وفجأة فإذا بأعرابي يسمى أبو رفاعة العدوي يدخل إلى المسجد ويتخطى الصفوف .. وينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ويصيح قائلاًيا رسول الله .. رجل لا يدري ما دينه ! قال فأقبل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وترك خطبتَه حتى انتهى إليَّ فأتى بكرسيٍّ ، حسبتُ قوائمَه حديدًا ، قال فقعد عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . وجعل يُعلِّمني مما علَّمَه اللهُ ، ثم أتى خطبتَه فأتَمَّ . رواه مسلم
قمة الاهتمام بالناس .. ومن يدري ربما لو أهمله لخرج الرجل وبقي جاهلاً بدينه إلى أن يموت.

موقف إسلام والد أبي بكر :

وفي موقف غاية في المراعاة واللطف ننظر كيف تعامل  رسول الله صلى الله عليه وسلم مع والد أبي بكر حينما جيء به يوم فتح مكة،فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فإذا شيخ كبير .. قد ضعف جسمه .. ورق عظمه .. واقتربت منيته ..

فالتفت  إلىأبي بكر رضى الله عنهفقال مطيباً لنفسه .. ومبيناً قدره الرفيع عنده :

هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟!

فقال أبو بكر شاكراً: يا رسول الله .. هو أحق أن يمشي إليك .. من أن تمشي أنت إليه ..

فأجلس النبي عليه الصلاة والسلام .. أبا قحافة بين يديه .. بكل لطف وحنان ..

ثم مسح على صدره ..ثم قال : أسلم ..

فأشرق وجه أبي قحافة .. وقال : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..انتفض أبو بكر منتشياً مسروراً .. لم تسعه الدنيا فرحاً ..

تأمل النبي صلى الله عليه وسلم في وجه الشيخ .. فإذا الشيب يكسوه بياضاً .. فقال صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا من شعره .. ولا تقربوه سواداً ..

نعم كان يراعي النفسيات في تعامله ..

ومن هذا الباب ايضا : قصة زاهر بن حرام :

كان زاهر بن حرم الأشجعي أعرابيا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وكان فقيرًا دميم الوجه …. أقبل زاهر إلى المدينة وكان أحيانًا إذا جاء يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدايا من البادية، والنبي صلى الله عليه وسلم يعطيه هدية من المدينة، وفي يوم من الأيام جاء زاهر وطرق الباب على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجده، فراح للسوق يبيع الأشياء التي جلبها من البادية  ….

وعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن زاهراً مر عليه ، فتوجه إلى السوق فلما رأى زاهرا أقبل صلى الله عليه وسلم وراءه فأمسكه من الخلف وضمّه، فانتفض زاهر قائلا: أرسلني أرسلني فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من يشتري العبد؟ من يشتري العبد؟ فالتفت فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فسكن روعه وهدأت نفسه ، وجعل يلصق كتفه بصدر النبي صلى الله عليه وسلم فرحًا به بهذا الموقف ، ويقول:

تبيعني تبيعني؟ إذًا والله تجدني كاسدًا يا رسول الله، من يشتريني يا رسول الله؟

يعني أنا ما عندي شئ ، ما أنا من أجمل الناس ولا رجل صاحب صنعة ، إذًا والله تجدني كاسدًا يا رسول الله!!!

فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليه قال له: لكنك عند الله لست بكاسد .

 انظروا كيف رفعه فوق وأعطاه قيمته الحقيقة التي هو والناس ما هم شاعرين بها، يقول ما عليك من الناس ، أهم شيء عند الله ، لكنك عند الله غالي.

ولما دخلصلى الله عليه وسلم  مكة قسم جيشه إلى كتائب .. وأعطى راية إحدى الكتائب .. إلى الصحابي البطل سعد بن عبادة رضى الله عنه..

كانت الراية مفخرة لمن يحملها .. ليس له فقط بل له ولقومه ..

جعل سعد ينظر إلى مكة وسكانها .. فإذا هم الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وضيقوا عليه .. وصدوا عنه الناس ..وإذا هم الذين قتلوا سمية وياسر .. وعذبوا بلالاً وخباباً ..كانوا يستحقون التأديب فعلاً ..

هز سعد الراية .. وهو يقول : اليوم يوم الملحمة ** اليوم تستحل الحرمة  ..

سمعته قريش فشق ذلك عليهم .. وكبر في أنفسهم .. وخافوا أن يفنيهم بقتالهم ..

فعارضت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلموهو يسير .. فشكت إليه خوفهم من سعد .. وقالت :

يا نبي الهدى إليك لجائيُّ قريش ولات حين لجاء

حين ضاقت عليهم سعة الأرض وعاداهم إله السماء

إن سعداً يريد قاسمة الظهـر بأهل الحجون و البطحاء

خزرجي لو يستطيع من الغيـظ رمانا بالنسر والعواء

فانهينه إنه الأسد الأسـود والليث والغٌ في الدماء

فلئن أقحم اللواء ونادى يا حماة اللواء أهل اللواء

لتكونن بالبطاح قريش بقعةَ القاع في أكف الإماء

إنه مصلت يريد لها القتل صموت كالحية الصماء

فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. هذا الشعر .. دخله رحمة ورأفة بهم ..وأحب ألا يخيبها إذ رغبت إليه ..وأحب ألا يغضب سعداً بأخذ الراية منه بعد أن شرفه بها ..فأمر سعداً فناول الراية لابنه قيس بن سعد .. فدخل بها مكة.. وأبوه سعد يمشي بجانبه ..فرضيت المرأة وقريش لما رأت يد سعد خالية من الراية ..

ولم يغضب سعد لأنه بقي قائداً لكنه أستراح من عناء حمل الراية وحملها عنه ابنه ..

القاعدة الثالثة :  اختر الكلام المناسب :

اختيار الكلام المناسب مع الناس ونوعية الأحاديث التي تثار معهم له اثر كبير في فن التعامل معهم…. وهذا من طبيعة البشر .. فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ ..ومع العالم تختلف عن الجاهل ..ومع الزوجة تختلف عن الأخت ..

وبالمثال يتضح المقال ..لو جلست مع ضيوف كبار في السن جاوزت أعمارهم الثمانين.. فهل من المناسب أن تقص عليهم كيف أن فلاناً سجل هدفاً أثناء لعب الكرة .. وكيف ثبت الكرة برأسه ثم ضربها بركبته .. لا شك أنه غير مناسب ..

وكذلك لو تحدثت مع أطفال صغار .. من غير المناسب أن تذكر لهم قصصاً تتعلق بتعامل الأزواج مع زوجاتهم ..كرجل فتح دكاناً وكسب منه أرباحاً .. فمن المناسب أن تسأله عن دكانه وإقبال الناس عليه .. لأن هذا يفرحه .. وبالتالي يحبك ويحب مجالستك ..وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي ذلك ..فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ .. أو المرأة .. أو الطفل ..على سبيل المثال :

جابر بن عبد الله رضى الله عنه الصحابي الجليل .. قتل أبوه في معركة أحد .. وخلف عنده تسع أخوات ليس لهن عائل غيره .. وخلف ديناً كثيراً .. على ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه ..

فكان جابر دائماً ساهم الفكر .. منشغل البال بأمر دَينه وأخواته .. والغرماء يطالبونه صباحاً ومساءً ..

خرج جابر مع النبي صلى الله عليه وسلم  في غزوة ذات الرقاع .. وكان لشدة فقره على جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير .. ولم يجد جابر ما يشتري به جملاً .. فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة ..

وكان النبي صلى الله عليه وسلم  يسير في آخر الجيش .. فأدرك جابراً وجمله يدبُّ به دبيباً .. والناس قد سبقوه ..

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مالك يا جابر ؟

قال : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ..

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أنخه ..

فأناخه جابر وأناخ النبي صلى الله عليه وسلم  ناقته ..

ثم قال : أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة ..فناوله جابر العصا ..

برَكَ الجمل على الأرض كليلاً ضعيفاً ..

فأقبل صلى الله عليه وسلم إلى الجمل وضربه بالعصا شيئاً يسيراً ..

فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطاً .. فتعلق به جابر وركب على ظهره ..

مشى جابر بجانب النبي صلى الله عليه وسلم .. فرحاً مستبشراً .. وقد صار جمله نشيطاً سابقاً ..

التفت صلى الله عليه وسلم إلى جابر .. وأراد أن يتحدث معه ..

فما هي الأحاديث التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم ليثيرها مع جابر ..

جابر كان شاباً في أول شبابه ..

هموم الشباب في الغالب تدور حول الزواج .. وطلب الرزق ..

قال صلى الله عليه وسلم : يا جابر .. هل تزوجت ..؟

قال جابر : نعم ..

قال : بكراً .. أم ثيباً ..

قال : بل ثيباً ..

فعجب النبي صلى الله عليه وسلم كيف أن شاباً بكراً في أول زواج له .. يتزوج ثيباً ..

فقال ملاطفاً لجابر : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ..

فقال جابر : يا رسول الله .. إن أبي قتل في أحد .. وترك تسع أخوات ليس لهن راعٍ غيري .. فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن فتكثر بينهن الخلافات .. فتزوجت امرأة أكبر منهن لتكون مثل أمهن ..

هذا معنى كلام جابر ..

رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن أمامه شاب ضحى بمتعته الخاصة لأجل أخواته ..

فأراد صلى الله عليه وسلم أن يمازحه بكلمات تصلح للشباب .. فقال له :

لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن ننزل في صرار( موضع على بعد 5كم من المدينة).. فتسمع بنا زوجتك فتفرش لك النمارق ..

يعني وإن كنت تزوجت ثيباً إلا أنها لا تزال عروساً تفرح بك إذا قدمت وتبسط فراشها .. وتصف عليه الوسائد ..

فتذكر جابر فقره وفقر أخواته .. فقال : نمارق !! والله يا رسول الله ما عندنا نمارق ..

فقال صلى الله عليه وسلم : إنه ستكون لكم نمارق إن شاء الله ..

ثم مشيا .. فأراد صلى الله عليه وسلم أن يهب لجابر مالاً ..

فالفت إليه وقال : يا جابر ..

قال : لبيك يا رسول الله ..

فقال : أتبيعني جملك ؟

تفكر جابر فإذا جمله هو رأس ماله .. هكذا كان وهو كليل ضعيف .. فكيف وقد صار قوياً جلداً !!

لكنه رأى أنه لا مجال لرد طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

قال جابر : سُمْه (قدر ثمنه)يا رسول الله .. بكم ؟

فقال صلى الله عليه وسلم : بدرهم !!

قال جابر : درهم !! تغبنني يا رسول الله ..

فقال صلى الله عليه وسلم : بدرهمين ..

قال : لا .. تغبنني يا رسول الله ..

فما زالا يتزايدان حتى بلغا به أربعين درهماً .. أوقية من ذهب ..

فقال جابر : نعم .. ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة ..

قال صلى الله عليه وسلم  : نعم ..

فلما وصلوا إلى المدينة .. مضى جابر إلى منزله وأنزل متاعه من على الجمل ومضى ليصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم  وربط الجمل عند المسجد ..

فما خرج النبي صلى الله عليه وسلم  قال جابر : يا رسول الله هذا جملك  ..

فقال صلى الله عليه وسلم : يا بلال .. أعط جابراً أربعين درهماً وزده ..

فناول بلال جابراً أربعين درهماً وزاده ..

فحمل جابر المال ومضى به يقلبه بين يديه .. متفكراً في حاله !! ماذا يفعل بهذا المال ؟! أيشتري به جملاً .. أم يبتاع به متاعاً لبيته .. أم ..

وفجأة التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلال وقال : يا بلال .. خذ الجمل وأعطه جابراً ..

جبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر .. فلما وصل به إليه .. تعجب جابر .. هل ألغيت الصفقة ؟!

قال بلال : خذ الجمل يا جابر ..

قال جابر : ما الخبر !!..

قال بلال : قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعطيك الجمل .. والمال ..

فرجع جابر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله عن الخبر .. أما تريد الجمل !!

فقال صلى الله عليه وسلم : أتراني ماكستك لآخذ جملك ..

يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض السعر لأجل أن آخذ الجمل وإنما لأجل أن أقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك ..

فما أرفع هذه الأخلاق .. يختار ما يناسب الشاب من أحاديث .. ثم لما أراد أن يحسن إليه ويتصدق عليه .. غلف ذلك باللطف والأدب ..

وجلس صلى الله عليه وسلم يوماً مع زوجه عائشة ..فما الأحاديث المناسب إثارتها بين الزوجين ..؟هل كلمها عن غزو الروم ؟ ونوع الأسلحة التي استخدمت في القتال ؟ كلا فليست هي أبو بكر !!

أم حدثها عن فقر بعض المسلمين وحاجتهم ؟ كلا فليست عثمان !!

إنما قال لها بعاطفة الزوجية : إني لأعرف إن كانت راضية عني .. وإذا كنت غضبى .. !!قالت : كيف ؟

قال : إذا كنت راضية قلت : لا ورب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) .. وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم ( صلى الله عليه وسلم ) ..

فقالت : نعم .. والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك ..وهكذا ينبغي عليك حال التعامل مع الناس انتقاء المواضيع واختيار الكلمات بما يتناسب وشخصية من أمامك .

القاعدة الرابعة : الناس يكرهون الإنسان الذي ينظر إلى عيوبهم ويترك الحسنات، بل وأحياناً ينساها
 فما أحد يسلم من العيوب فلا توجد زوجة بلا عيوب، ولا صديق بلا عيوب، ولا رئيس ولا مرؤوس بلا عيوب .

مثلاً علاقة المرأة المسلمة بزوجها ، والتي يمكن أن يعمم مغزاها في كل قضايا التعامل. يقول صلى الله عليه وسلم: “لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر” رواه مسلم .

يقول سعيد بن المسيب: “ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه”، فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
وقد نكره أشياء في بعض الناس، ولكن عندما نفتقدهم ونخالط من هم أسوأ منهم ندرك الخير الذي كان فيهم ولم نعبأ به.
والرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا المثل فيُذَكِّر بفضل الأنصار؛ لأن البشر بطبعهم ينسون الحسنات، فقد أخرج البخاري قوله عليه الصلاة والسلام: “أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي (يعني: بطانتي وخاصتي) فقد قضوا الذي عليهم (يقصد أنهم وفوا بما تعهدوا به في بيعة العقبة) وبقي الذي لهم؛ فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم” رواه البخاري
إن هذا قمة الإنسانية والعدل.

والتعالي في النصح يُشعر بالتوبيخ والتأنيب أكثر مما يظهر النصح، وقد قيل لبعض السلف: “أتحب أن يخبرك أحد بعيوبك؟ “، فقال: “إن كان يريد أن يوبخني فلا“.

النبي عليه الصلاة والسلام ، أثناء دعوته كان يمر بالقبائل . يمر ببني أسد يمر ببني سلمة يمر ببني النجار مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبيلة إسمهم بنو عبد الله , فوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم وقال : يابني عبد الله إن الله قد أحسن إسم أبيكم فأسلموا. بحث عن شيء حسن يثني به عليهم فوجد ذلك في إسمهم فاستعمله في الثناء عليهم .

وكذلك سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- عن خالد .وكان -رضي الله عنه- ممن فروا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء يعتمر، فخرج خالدمن مكة وقال لا أتحمل أن أرى المسلمين يطوفون بالكعبة . سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن خالدا ابتعد عن مكة لما علم أن المسلمين قادمون . فقال -صلى الله عليه وسلم- كلمة كانت هي السبب في أن خالدا دخل الإسلام .قال -صلى الله عليه وسلم- “إن خالدا رجل عاقل . كيف يفوته الإسلام ؟ أما والله لوجاءنا لأكرمناه”  .

أنظر إلى هذه العبارة وهذا المدح . مباشرة حمل الناس هذا الكلام  حتى وصل إلى خالد .وكان أخو خالد من المسلمين .. أول ماسمع هذه الكلمة أخذ صحيفة وكتبها . قال: ياخالد ، ترى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : أن خالد رجل عاقل . لو أنه من هؤلاء الناس السفهاء قلنا غبي لا يدري ما الإسلام ولا يعرف مصلحته . لكن خالد رجل عاقل .كيف يفوته الإسلام . لو جاءنا لأكرمناه .

وصل الكتاب إلى خالد -رضي الله عنه- . أقبل بالكتاب حتى دخل المدينة على النبي -صلى الله عليه وسلم- .فلما رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- قادما من بعيد ، تبسم في وجهه حتى أقبل إليه ، ثم دخل في الإسلام .وأول ما جلس قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : الحمد لله الذي هداك . قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير . ثم أسلم -رضي الله عنه- وكان له ما كان في الإسلام .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم