الأعمال التي يعادل ثوابها أجرالحج

تاريخ الإضافة 11 يونيو, 2023 الزيارات : 10737

الأعمال التي يعادل ثوابها أجرالحج

كلما جاء موسم من مواسم الحج، وانطلقت أفواج الحجيج طائعة ملبية، ارتفعت حرارة المشاعر، لأولئك الذين احترقت قلوبهم شوقا إلى بيت الله الحرام، وسالت دموعهم وهم يرون الحجاج يطوفون ويلبون، هذا الصنف من الناس تعلقت قلوبهم ببيت محبوبهم، فكلما ذكر لهم ذلك البيت حنوا، وكلما تذكروا بعدهم عنه أنوا.

علم الله هذا من حالهم فمنّ عليهم بأعمال تثلج صدورهم، وتطفئ نار الشوق والحنين إلى بيت رب العالمين، فشرع لهم من الأعمال ما يعطيهم به أجر الحجاج والعمار، وإليكم طرفا من هذه الأعمال

أولاً: نيَّة الحج والعُمرة نيَّة خالصة صادقة لله تعالى:

فالمسلم عندما ينوي الحجَّ بنيَّة صادقة خالصة، ولم يذهبْ بعُذْرٍ، فإنَّ الله تعالى يكتب له أجْرَ الحَج؛ فعندما رجَعَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، ودنا من المدينة، قال: “إنَّ بالمدينة لرجالاً ما سِرْتُم مسيرا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلاَّ كانوا معكم؛ حَبَسَهُم المَرَضُ”. وفي رواية: “حَبَسَهم العُذْرُ”. وفي رواية: “إلاَّ شَارَكُوكم في الأجْرِ”. رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر، واللفظ له.

هؤلاء الذين وصفَهم الله -جل وعلا- بقوله: (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) [التوبة: 92].

صدَقوا في الطلب؛ فأُعطوا الأجْرَ، وذلك فضل الله يُؤتيه مَن يشاء.

يا راحلين إلي البيت العتيق لقد      سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا

إنا أقمنا على عذر وعـن قدر        ومن أقـام على عذر فقـد راحـا

وفي الحديث عن أَبي كَبْشة عمرو بن سعد الأَنْماري -رضي الله عنه- أنَّه سَمِع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “ثلاثة أُقسمُ عليهنَّ، وأُحَدِّثُكم حديثًا فاحْفَظوه : ما نَقَصَ مالُ عَبْدٍ مِن صَدَقةٍ، ولا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمة صبَرَ عليها، إلاَّ زَادَه الله عِزًّا، ولا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسألةٍ إلاَّ فتَحَ الله عليه بابَ فَقْرٍ -أو كلمة نحوها-

وأُحَدِّثُكم حديثًا فاحْفَظوه، قال: إنَّما الدنيا لأربعةِ نَفَرٍ:

عَبْد رَزَقَه الله مالاً وعِلمًا، فهو يَتَّقِي فيه رَبَّه، ويَصِل فيه رَحِمَه، ويَعْلَمُ لله فيه حَقًّا، فهذا بأفضَلِ المنازل،

وعَبد رَزَقه الله عِلْمًا، ولَمْ يَرْزُقْه مالاً، فهو صادِقُ النِّيَّة، يقول: لَوْ أنَّ لِي مالاً، لَعَمِلتُ بِعَمَلِ فُلانٍ، فهو بنيَّتِه، فأجْرُهما سَوَاءٌ،

وَعَبْد رَزَقَه الله مالاً، ولَمْ يرْزُقْه عِلْمًا، فهو يَخْبِط في مَاله بغَير عِلْمٍ، لا يَتَّقِي فيه رَبَّه، ولا يَصِل فيه رَحِمَه، ولا يعْلَم لله فيه حقًّا، فهذا بأَخْبَثِ المنازِل،

وعَبْد لَمْ يَرْزُقْه الله مالاً ولا عِلْمًا، فهو يقول: لَوْ أنَّ لِي مالاً، لَعَمِلْتُ فيه بعَمَلِ فُلاَنٍ، فهو بنِيَّتِه، فوِزْرُهما سَوَاءٌ”. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

فهنيئًا لكلِّ مَن أخْلَص نيَّته لله تعالى وفاز بأجْر الحَج والعُمرة.

ثانيا / التطهر في البيت ثم الخروج إلى أداء صلاة مكتوبة له ثواب الحجة ، والخروج إلى صلاة الضحى له ثواب العمرة:

روى أبو داود وصححه الألباني من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ‏( من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ومن خرج إلى ‏ ‏تسبيح ‏ ‏الضحى لا ‏ ‏ينصبه (لا يخرجه )‏ ‏إلا إياه فأجره كأجر المعتمر وصلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما ‏ ‏كتاب ‏ ‏في ‏ ‏عليين)

توضيحات حول الحديث:

قوله صلى الله عليه وسلم ( فأجره كأجر الحاج المحرم ) له ثلاثة تفسيرات:

1 –أي كامل أجره ، بأن يأخذ ثواب الحاج المحرم.

-2 أي كأجر الحاج المحرم من حيث أخذه ثوابا على كل خطوة يخطوها ، فالماشي إلى المسجد والحاج كلاهما لهما ثواب على كل خطوة يخطوهما ، وإن اختلف الثواب بينهما.

-3 أنه مثل الحاج المحرم من حيث أن له ثوابَ الصلاة من أول خروجه من بيته حتى عودته ، وإن لم يكن يصلي في كل الوقت ، كما أن للحاج ثوابَ الحج من أول خروجه إلى عودته ، وإن لم يكن في شعائر الحج طوال هذه الفترة.

قوله ( تسبيح الضحى ) أي صلاة الضحى.

قوله (ينصبه ) بضم الياء أي يتعبه ، وبفتحها أي يقيمه.

وقد ذهب بعض العلماء إلى استحباب صلاة الضحى في المسجد أخذا بهذا الحديث ، وعدوها من الاستثناءات في أفضلية صلاة التطوع في المنزل ، وذهب اّخرون إلى عدم ذكر المسجد في الحديث فتحصل الفضيلة بأدائها في أي مكان.

– قوله ( كتاب في عليين ) كناية عن رفع درجتها وقبولها(منقول من عون المعبود بتصرف)

 عندما يخرج المسلمون من بيوتهم متطهرين لأداء الصلاة المكتوبة في جماعة في المسجد وفي وقت واحد، فإن ذلك يشبه  خروج الحجيج من بيوتهم متوجهين بقلوبهم وأبدانهم إلى البيت المعظم لأداء مناسك الحج.

وعندما يجتمع الحجاج صغيرهم وكبيرهم لا تجد فرقا بين هؤلاء وأولئك ، كذلك في الصلاة -صلاة الجماعة- يجتمع الغني والفقير، والأميروالمأمور، والصغير والكبير.. وهكذا؛ فيشعر الناس بأنهم سواء.

ثالثا / الخروج إلى المسجد لتعلم العلم أو تعليمه:

 عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته) رواه الطبراني وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء إسناده جيد

رابعا / صلاة الصبح في جماعة ثم الجلوس في المصلى لذكر الله إلى طلوع الشمس ثم صلاة ركعتين:

لما رواه الترمذي وحسنه الألباني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ‏من صلى ‏ ‏الصبح ‏ ‏في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة ‏ ‏تامة تامة تامة).

ومعنى الحديث أن من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله بتلاوة القرآن أو مدارسة العلم الشرعي أو الذكر إلى وقت الشروق ثم بعد ذلك صلى ركعتي الضحى بعد الشروق باثنتي عشر دقيقة -كما ضبطها الفلكيون-، وله أن يصليها خارج المسجد إلى ما قبل الظهر بسبع دقائق كان له هذا الأجر العظيم.

هذا وقد أفتى الشيخ ابن باز بأن المرأة التي تصلي في بيتها منفردة ثم تقعد تذكر الله في مكان صلاتها أن لها نفس الأجر لأنها لا يجب عليها الجماعة.

خامسا / أداء الواجبات الشرعية واجتناب المحرمات و الكف عن أكل الحرام

قال ابن رجب في اللطائف (أداء الواجبات كلها أفضل من التنفل بالحج والعمرة وغيرهما ، فإنه ما تقرب العباد إلى الله تعالى بأحب إليه من أداء ما افترض عليهم)

وقال:( كف الجوارح عن المحرمات أفضل من التطوع بالحج وغيره(

ولعله بذلك يشير إلى قول النبي الله صلى الله عليه وسلم (اتق المحارم تكن أعبد الناس(

قال ابن رجب : ( قال بعض السلف : ترك دانق مما يكرهه الله أحب إلى من خمسمائة حجة نافلة )الدانق : سدس الدرهم.

سادسًا: برُّ الوالدين:

أخرَجَ أبو يَعْلى بسند جيِّدٍ أنَّ رجلاً جاء إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وقال: إنِّي أشتهي الجهادَ ولا أقدر عليه، قال: “هل بَقِي مِن والديك أحدٌ؟!”، قال: أُمِّي، قال: “قابل الله في برِّها، فإذا فعلتَ فأنتَ حاجٌّ ومُعْتَمِر ومُجاهد”. حسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء .

سابعا /عمرة في رمضان

عن أم معقل الأسدية أنَّها قالت يا رسولَ اللهِ إني أُريدُ الحجَّ وجملي أعْجَفُ فما تأمرُني قال : (اعتمرِي في رمضانَ فإنَّ عمرةً في رمضانَ تعدلُ حجَّةً) صححه الألباني في إرواء الغليل.

وهذا في الأجر لكنها لا تغني عن حج الفريضة.

ثامنا / صلاة في مسجد قباء بالمدينة النبوية
فعن سهل بن حنيف ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :” من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة ” رواه أحمد والترمذي والنسائي ، وهو صحيح

تاسعا / التسبيح والتحميد والتكبير في أدبار الصلوات المكتوبة : 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ ‏”‏ذهب أهل الدثور(الأموال) بالدرجات العلى، والنعيم المقيم‏:‏ يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال‏:‏ يحجون، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون‏.‏

فقال‏:‏ ‏”‏ألا أعلمكم شيئًا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم‏؟‏

قالوا‏:‏ بلى يا رسول الله،

قال‏:‏ ‏”‏تسبحون، وتحمدون، وتكبرون، خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين .

قال أبو صالح الراوي عن أبي هريرة، لما سئل عن كيفية ذكرهن، قال‏:‏ يقول‏:‏ سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، حتى يكون منهن كلهن ثلاثًا وثلاثين‏.‏ ‏‏‏(‏متفق عليه‏‏‏)‏‏.‏

وزاد مسلم في روايته‏:‏ فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا‏:‏ سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، وفعلوا مثله‏؟‏ فقال رسول الله‏:‏ ‏”‏ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء‏”‏‏.‏

عاشرا /من جھز حاجا أو خلفه في أھله :

“من جھز غازیا أو جھز حاجا أو خلفه في أھله أو فطر صائما كان له مثل أجورھم من غیر أن ینقص منأجورھم شيء ” صحیح الترغیب والترھیب

قصة عن عبد الله بن المبارك :

يُروى عن عبد الله بن المبارك (رحمه الله) أنه خرج مرة إلى الحج، فاجتاز ببعض البلاد، فمات طائر معهم،، فأمر بإلقائه على مزبلة، وسار أصحابه أمامه وتخلف هو وراءهم، فلما مر بالمزبلة إذا جارية قد خرجت من دار قريبة منها، فأخذت ذلك الطائر الميت، فكشف عن أمرها وفحص، حتى سألها، فقالت: أنا وأختي هاهنا، ليس لنا شيء إلا هذا الإزار، وقد حلت لنا الميتة، وكان أبونا له مال عظيم، فظلم وأخذ ماله وقتل. فأمر ابن المبارك برد الأحمال، وقال لوكيله: كم معك من النفقة؟ فقال: ألف دينار. فقال: عد منها عشرين دينارا تكفينا إلى مرو، وأعطها الباقي، فهذا أفضل من حجنا في هذا العام، ثم رجع. (البداية والنهاية لابن كثير، ج 13، ص611: (

تقول بعض الروايات: حين عاد الحجيج ذهب ابن المبارك ليهنئهم بسلامه العودة، فقالوا له: نهنئك أنت يا ابن المبارك فقد كنت معنا في كل موقف وعند كل نسك!! فقال لهم هل رأيتموني؟ فيقولون له: نعم لقد هيأ الله سبحانه وتعالى ملكا على صورتك فحج عنك جزاء صدقتك على اليتامى.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 367 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم