ورثة الفردوس5- “والذين هم لفروجهم حافظون “قضية ملك اليمين

تاريخ الإضافة 25 يوليو, 2023 الزيارات : 3742

   5- والذين هم لفروجهم حافظون

قضية ملك اليمين

لا يجرؤ أحد أن يدعى أن الرق نظام ابتدعه الإسلام ،ذلك لأن  الرق معروف من قديم الأزل فقد كان السادة والأمراء وأصحاب رءوس الأموال يملكون الكثير من الرقيق بأعداد لا حصر لها

فرغب في إعتاق الرّقاب ابتداء،ً وحفظت أحكام الشريعة حقوق الرقيق التي كانت مهدرة قبل الإسلام، وأبقت لهم حق الأخوة والمواساة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس .. رواه البخاري ومسلم

كان الرق قبل الإسلام له عدة طرق:ـ
1ـ الخطف: ذلك أن ذا القوة كان يأتي على الضعيف فيطغى عليه بقوته ويسخره لخدمته ولم يكن المجتمع وقتها منصفا حتى يردع أمثال هؤلاء

2ـ الأسر: وذلك في الحروب بعد أن ينتصر فريق على آخر فيصبح الأسرى ملكاً لمن أسرهم ويملك عليهم حق البيع والشراء والقتل ولا منازع له في هذا الحق .

3ـ البيع والشراء: فقد كانت لهم أسواق لبيع وشراء العبيد يقف فيها العبد والأمة كسلعة تباع وتشترى ناهيك عن امتهان آدميتهم فى أسلوب البيع والشراء من كشف للعورات وما إلى غير ذلك.

4ـ ولد الأمة:ذلك أن الأمة إذا ولدت ولدا فإنه يعد ملكا لسيدها حتى وإن كانت الأمة متزوجة من رجل حر.

5ـ الهدايا:فكان من الممكن أن يهدي السيد عبدا أو أمة مملوكة له لمن يريد من أصدقائه ولا يملك العبد أو الأمة الاعتراض على ذلك فهو أشبه بمن يهدى آخر حيوانا مثلا.

6- الاسترقاق بالدين : فإذا عجز الفقير عن دفع الدين الذي عليه للغني أعطاه أحد أولاده وفاء للدين الذي عجز عن سداده .

ما هي حقوق العبيد قبل الإسلام؟

بالبحث والتحري في تاريخ العرب والعجم قبل الإسلام لم نقف على أي حقوق تذكر للعبيد والإماء فقد كان من حق السيد أن يتعامل معهم كما شاء وكيفما شاء بل كان من حقه تعذيبهم وقتلهم والاعتداء عليهم وتسخيرهم لخدمته دون أدنى مقابل اللهم إلا قليل الطعام الذي يحصلون عليه

هل غير الإسلام في الرق ؟ مما لا شك فيه أن الإسلام عدل كثيرا من حال الرقيق والعبيد من حيث الحقوق والمعاملة ونذكر الطرق العديدة التى كانت مفتوحة قبل الإسلام لدخول الرقيق وكيف وأن الإسلام حد من تلك الطرق

لماذا لم يلغ الإسلام نظام الرقيق مرة واحدة ؟

كلنا يعلم أن هناك عادات كانت عند العرب قبل الإسلام وهذه العادات حينما يتعود الإنسان عليها سنين طويلة فإنه من الصعب أن يغيرها مرة واحدة وهذا بالضبط ما حدث عند مجئ الإسلام فلهذه الأسباب لم يُلغِ نظام الرقيق في الإسلام جملة واحدة وهى كما يلي:ـ

1- قوة بشرية هائلة : كانت أعداد الرقيق تصل إلى ألوف من المستحيل أن يطلق سراح هذا الجمع الهائل الذين إن أطلقوا في تلك الفترة لأصبحت قوة تدميرية في المجتمع تحمل الفقر والبطالة والكراهية الشديدة لسادتهم الذين ظلموهم وربما حب الانتقام.

2- منهج الإسلام فى التغيير بالتدرج :التدرج في التكاليف بمعنى أن يدفع الناس من العادات البالية الضارة إلى الأخرى التي فيها صلاح المجتمع لكن على التدريج حتى لا ينفر الناس من تعاليمه ،ولأنه من الصعب أن يتحول المجتمع من الشئ إلى نقيضه مرة واحدة لم يكن من السهل أن يطلق سراح العبيد جملة واحدة وإنما كان بالخطوات التالية:ـ

الأولى:شراء العبيد وإعتاقهم : في بداية الإسلام أسلم كثير من العبيد ووقع عليهم ألوان من العذاب من ملاكهم فكان أبو بكر الصديق يقوم بشرائهم وإعتاقهم ابتغاء مرضات الله .

الثانية:غلق عدة أبواب من الرق :

1ـ تحريم استرقاق الحر فحرم على أي إنسان أن يأخذ حرا فيسترقه

قال تعالى فى حديثه القدسي (ثَلَاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يوم الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى منه ولم يُعْطِ أَجْرَهُ

يقول ابن الجوزي :الحر عبد الله فمن جنى عليه فخصمه سيده

2ـ جعل إعتاق الرقبة من الكفارات وجعل تحرير الرقاب كفارة ملزمة للقتل الخطأ، والجماع في نهار رمضان، والظهار، واختيارية لكفارة اليمين.

3ـ إعطاء العبد الفرصة لشراء نفسه أنشأ الإسلام نظاماً جديدا فى الرق يسمى بالمكاتب وهو أن يتفق العبد مع سيده على أن يدفع ثمن نفسه شيئا فشيئا فإذا أتم الثمن فقد أصبح حرا

4ـ أم الولد ذلك أن الجارية إذا ولدت من سيدها ولدا فإنها تصبح حرة من وقت الولادة هي وابنها وينسب هذا الابن إلى أبيه ويرثه بعد موته .

فضيقت أحكام الشريعة مصدر الرق ووسعت مصارفه ووسائل التخلص منه.
إذا فكيف يكون الرق في الإسلام؟ لم يعد للرق إلا باب واحد في الإسلام ألا وهو أسير الحرب فقط ويجوز بيعه وشراؤه ، فقد جاء الإسلام والرق نظام عالمي واسترقاق أسرى الحرب نظام دولي . فما كان يمكن والإسلام مشتبك في حروب مع أعدائه الواقفين بالقوة المادية في طريقه أن يلغي هذا النظام من جانب واحد ، فيصبح أسارى المسلمين رقيقاً عند أعدائه ، بينما هو يحرر أسارى الأعداء . . فجفف الإسلام كل منابع الرق عدا أسرى الحرب إلى أن يتاح للبشرية وضع نظام دولي للتعامل بالمثل في مسألة الأسرى .

وعلى أية حال فقد كان الاسترقاق في الحرب ضرورة وقتية ، هي ضرورة المعاملة بالمثل في عالم كله يسترق الأسرى ، ولم يكن جزءاً من النظام الاجتماعي في الإسلام .

 

ولعلنا نلحظ أن الله سبحانه قال في أكثر من آية التي تتحدث عن كفارة من الكفارات بعتق الرقاب (فمن لم يجد ….) وهذا بيان إلهي أنه سيأتي اليوم الذي لا نجد فيه رقبة نعتقها .

أمثلة مشرقة لكيفية معاملة العبيد في المجتمع المسلم :

‏في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم‏ ‏”أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلما ؛ كان فكاكه من النار ، يجزئ كل عضو منه عضوا منه . “صححه الألباني

و‏عن ‏ ‏أبي مسعود الأنصاري ‏ ‏قال ‏كنت أضرب غلاما لي فسمعت من خلفي صوتا يقول اعلم ‏أبا مسعود ‏ ‏لله أقدر عليك منك عليه فالتفت فإذا هو النبي ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ ‏فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله قال أما إنك لو لم تفعل ‏ ‏للفعتك ‏ ‏النار ‏ ‏أو لمستك النار » سنن أبي داود

‏ زيد بن حارثة

زيد بن حارثة وكان طفلا حين سبي واشتراه حكيم بن حزام ، فأهداه إلى عمته خديجة، فوهبته للرسول.

وظل والده يبحث عنه، حتى علم أنه عند النبي فذهب سريعا يعرض عليه فداء ولده .

فأجابهم قائلا :ادعوا زيدا، وخيروه، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء، وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء. 

وخيره الرسول فقال زيد: (ما أنا بالذي أختار عليك أحدا)… فأمسك الرسول بيد زيد، وخرج به إلى فناء الكعبة، ونادى: (اشهدوا أن زيدا ابني … يرثني وأرثه ،كل هذا قبل البعثة .

وبعد الهجرة أرسله على رأس جيش فيه الأنصار والمهاجرون في سرية مؤتة ، فاستشهد ،

وولى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش ، وفيه أبو بكر وعمر ولما تكلم الناس في تولية غيره قال أبو بكر أيوليه رسول الله وأعزله أنا ومضى الجيش إلى طريقه ، واستأذن أسامة في تخلف عمر لحاجته إليه فأذن له وخرج يودع الجيش وهو ماش وأسامة راكب فقال أسامة يا خليفة رسول الله إما ركبت وإما نزلتُ ؟ فقال والله لا ركبت ولا نزلت، وما على أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله. وما كان ذلك إلا لتثبيت المساواة عمليا في نفوس المسلمين بعد تثبيتها بالأقوال.

اسمعوا وأطيعوا

في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال : “اسمعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ، ما أقام فيكم كتاب الله تبارك وتعالى” رواه البخاري

فأعطى الموالي بذلك الحق في أرفع مناصب الدولة ، وهو ولاية أمر المسلمين .

حتى أن عمر قال وهو يستخلف : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً لوليته .

ويضرب عمر مثلاً آخر من الأمثلة الرائعة على احترام الموالي ؛ فكان يقول أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا (يقصد بلال بن رباح ) .

إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ

ولما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى أذّن على ظهر الكعبة، فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنًا؟! وقال سهيل بن عمرو: إن يُرد الله شيئًا يغيره، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئًا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا، فأقرّوا، فأنـزل الله تعالى : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات 13 وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء.

أبو ذر و غلامه :

عن ‏ ‏المعرور بن سويد ‏ ‏قال لقيت ‏ ‏أبا ذر ‏ بالربذة ‏ ‏وعليه ‏ ‏حلة ‏ ‏وعلى غلامه ‏ ‏حلة ‏ ‏فسألته عن ذلك فقال إني ساببت ‏ ‏رجلا ‏ ‏فعيرته بأمه فقال لي النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ :

(‏ ‏يا ‏ ‏أبا ذر ‏ ‏أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم ‏ ‏خولكم ‏ ‏جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما ‏ ‏يغلبهم ‏ ‏فإن كلفتموهم فأعينوهم )

عبد الرحمن ابن أبزى :

وهو مولى نافع بن عبد الحارث ، كان نافع مولاه استنابه على مكة حين تلقى عمر بن الخطاب إلى عسفان ، فقال له : من استخلفت على أهل الوادي ؟ يعني مكة ، قال : ابن أبزى ، قال : ومن ابن أبزى ؟ قال : إنه عالم بالفرائض ، قارئ لكتاب الله . قال : أما إن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- قال : إن هذا القرآن يرفع الله به أقواما ، ويضع به آخرين

جبلة بن الأيهم :

جاء جبلة بن الأيهم ملك غسان إلى المدينة في زمن عمر في فرسان من قومه يريد الإسلام وبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ رداءه أعرابي كان في المطاف فلطمه جبلة فشكاه إلى عمر فسأل جبلة فأقر فقال عمر: القصاص: لطمة بلطمة فقال جبلة: أنا ملك وهو سوقة، قال إن الإسلام سوى بينكما، قال أنظرني إلى الغد فلما كان الليل خرج مع قومه مرتداً إلى بلده.

أنت حر لوجه الله تعالي :

يروي عن زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما أن غلامه كان يصب له الماء بإبريق مصنوع من الخزف فوقع الإبريق علي رجل زين العابدين فانكسر و جرحت رجله و نزف منها الدم فقال الغلام علي الفور :
يا سيدي: يقول الله تعالي ( والكاظمين الغيظ ) .
فقال زين العابدين : لقد كظمت غيظي!!
قال الغلام : ويقول (والعافين عن الناس )
فقال زين العابدين : عفوت عنك !!
قال الغلام :ويقول تعالي : (و الله يحب المحسنين).
فقال زين العابدين : أنت حر لوجه الله تعالي.
أعتقد أنه بعد ذكر هذه المواقف فلا تعليق سوي (عرفت فالزم ) .

أمنت غضبك فتكاسلت :

نادى الإمام علي على خادمه بصوت عال عدة مرات ولم يجبه
وعندما خرج وجده مستلقياً بالقرب منه (أي سمع نداءه) 
قال له : ما منعك من إجابتي إذ سمعتني ؟
قال الخادم : أمنت غضبك فتكاسلت
قال الإمام علي : إذا ساءت أخلاقنا حسنت أخلاق عبيدنا … وإذا حسنت أخلاقنا ساءت أخلاق عبيدنا … ولكن لا سبيل إلى أن تسوء أخلاقنا .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم