فقه الجنائز : 6- تغسيل الميت وتكفينه

تاريخ الإضافة 10 أكتوبر, 2023 الزيارات : 10868

يجب تجهيز الميت فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن .

ونبدأ بالغسل :

غسل الميت :

يرى جمهور العلماء أن غسل الميت المسلم فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن جميع المكلفين ، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به ، ولمحافظة المسلمين عليه .

من يجب غسله ومن لا يجب :

يجب غسل الميت المسلم الذي لم يقتل في معركة بأيدي الكفار 

غسل بعض الميت :

واختلف الفقهاء في غسل بعض الميت المسلم . فذهب الشافعي وأحمد وابن حزم إلى أنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ، وقال الشافعي : بلغنا أن طائرا ألقى يدا بمكة في وقعة الجمل (كانت لعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد .  ) ، فعرفوها بالخاتم ، فغسلوها وصلوا عليها ، وكان ذلك بمحضر من الصحابة .

وقال أحمد : صلى أبو أيوب على رجل (بكسر الراء)، وصلى عمر على عظام . وقال ابن حزم : ويصلى على ما وجد من الميت المسلم ، ويغسل ويكفن إلا أن يكون من شهيد .

قال : وينوى بالصلاة على ما وجد منه ، الصلاة على جميعه : جسده وروحه .

وقال أبو حنيفة ومالك : إن وجد أكثر من نصفه غسل وصلي عليه ، وإلا فلا غسل ولا صلاة .

الشهيد لا يغسل :

الشهيد الذي قتل بأيدي الكفرة في المعركة لا يغسل ولو كان جنبا ، وذلك عند المالكية والأصح من مذهب الشافعية ، ورأي محمد وأبي يوسف ، ويشهد لهذا ، أن حنظلة استشهد جنبا فلم يغسله النبي صلى الله عليه وسلم .  

 ويكفن في ثيابه الصالحة للكفن ، ويكمل ما نقص منها ، وينقص منها ما زاد على كفن السنة ، ويدفن في دمائه ، ولا يغسل شئ منها .

وفي ذلك أحاديث :

الاول : عن جابر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” ادفنوهم في دمائهم- يعني يوم أحد – ولم يغسلهم . ( وفي رواية ) فقال : أنا شهيد على هؤلاء ، لفوهم في دمائهم ، فإنه ليس جريح يجرح ( في الله ) إلا جاء وجرحه يوم القيامة يدمي ، لونه لون الدم ، وريحه ريح المسك ” . أخرجه البخاري

الثاني : عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مغزى له ، فأفاء الله عليه ، فقال لا صحابه :هل تفقدون من أحد ؟ قالوا : نعم ، فلانا ،وفلانا ، وفلان ثم قال :هل تفقدون من أحد: ؟ قالوا : لا : قال : لكني أفقد جليبيبا ، فاطلبوه ، فطلب في القتلى ، فوجدوه إلى جنب سبعة قتلهم ، ثم قتلوه ! فأتي النبي صلى الله عليه وسلم ، فوقف عليه فقال : قتل سبعة ثم قتلوه ! هذا مني ، وأنا منه ، ( قالها مرتين أو ثلاثا ) ، ( ثم قال بذراعيه هكذا فبسطهما ) ، قال : فوضعه على ساعديه ،ليس له سرير إلا ساعدي النبي صلى الله عليه وسلم قال :فحفر له ووضع في قبره ، لم يذكر غسلا “. أخرجه مسلم

الثالث :عن عبد الله بن الزبير في قصة أحد واستشهاد حنظلة بن أبي عامر ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن صاحبكم تغسله الملائكة ، فاسألوا صاحبته ” ، فقالت :خرج وهو جنب لما سمع الهائعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لذلك غسلته الملائكة “.أخرجه ابن حبان في صحيحه

الهائعة :هي الصوت الذي تفزع عنه ، وتخاف منه .

قال الشافعي : لعل ترك الغسل والصلاة لان يلقوا الله بكلومهم (جروحهم) لما جاء أن ريح دمهم ريح المسك ، واستغنوا بإكرام الله لهم عن الصلاة عليهم ، مع التخفيف على من بقي من المسلمين ، لما يكون فيمن قاتل من جراحات وخوف

عودة العدو ، رجاء طلبهم وهمهم بأهلهم ، وهم أهلهم بهم .

وقيل : الحكمة في ترك الصلاة عليهم : أن الصلاة على الميت ، والشهيد حي ، أو أن الصلاة شفاعة ، والشهداء في غنى عنها لانهم يشفعون لغيرهم .

الشهداء الذين يغسلون ويصلى عليهم :

أما القتلى الذين لم يقتلوا في المعركة بأيدي الكفار ، فقد أطلق الشارع عليهم لفظ الشهداء ، وهؤلاء يغسلون ، ويصلى عليهم ، فقد غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات منهم في حياته .

وغسل المسلمون بعده عمر وعثمان وعليا ، وهم جميعا شهداء ، ونحن نذكر هؤلاء الشهداء فيما يلي :

 1 – عن جابر بن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله : المطعون  شهيد ، والغرق  شهيد ، وصاحب ذات الجنب شهيد ، والمبطون شهيد ، وصاحب الحرق شهيد ، والذي يموت تحت الهدم شهيد ، والمرأة تموت بجمع شهيدة ” . رواه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح .

المطعون : من مات بالطاعون

 الغرق : الغريق .

ذات الجنب : القروح تصيب الانسان داخل جنبه وتنشأ عنها الحمى والسعال . المبطون : من مات بموت البطن .

 بجمع :بضم الجيم وكسرها، وقد تفتح الجيم وَالضَّمّ أَشْهَر وسكون الميم أي التي تموت عند الولادة

 2 – وعن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” ما تعدون الشهيد فيكم ؟ ” قالوا : يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد . قال : ” إن شهداء أمتي إذا لقليل ” ، قالوا : فمن هم يا رسول الله ؟ قال : ” من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ، ومن مات في الطاعون فهو شهيد ، ومن مات في البطن فهو شهيد ، والغريق شهيد ” . رواه مسلم .

 3- وعن سعيد بن زيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد ” . رواه أحمد والترمذي وصححه .

الكافر لا يغسل :

ولا يجب على المسلم أن يغسل الكافر ، وجوزه بعضهم .

وعند المالكية والحنابلة : أنه ليس للمسلم أن يغسل قريبه الكافر ولا يكفنه ، ولا يدفنه ، إلا أن يخاف عليه الضياع فيجب عليه أن يواريه .

 لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي ، أن عليا رضي الله عنه قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : إن عمك الشيخ الضال قد مات .

قال : ” اذهب فوار أباك ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني ” . قال : فذهبت ، فواريته ، وجئته ، فأمرني فاغتسلت فدعا لي .

هل يغسل أحد الزوجين الآخر؟

اتفق الفقهاء على جواز غسل المرأة زوجها ، قالت عائشة : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه . رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه .

واختلفوا في جواز غسل الزوج امرأته فأجازه الجمهور ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ” رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنازة بالبقيع ، وأنا أجد صداعا في رأسي ، وأقول : وارأساه فقال : بل انا وارأساه ما ضرك لومت قبلي فغسلتك ، وكفنتك ، ثم صليت عليك ودفنتك ” .أخرجه أحمد

 ولما روي من غسل علي فاطمة رضي الله عنها . رواه الدارقطني والبيهقي .

وقال الأحناف : لا يجوز للزوج غسل زوجته ، فإن لم يكن إلا الزوج يممها ، والاحاديث حجة عليهم .

غسل المرأة الصبي

قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير .

صفة الغسل الواجب في غسل الميت :(انظر الشرح بالصور آخر الموضوع)

أن يعمم بدنه بالماء مرة واحدة ولو كان جنبا أو حائضا ، والمستحب في ذلك أن يوضع الميت فوق مكان مرتفع ويجرد من ثيابه ، ورأى الشافعي أن يغسل في قميصه أفضل إذا كان رقيقا لا يمنع وصول الماء إلى البدن لان النبي صلى الله عليه وسلم غسل في قميصه ؛ والاظهر أن هذا خاص به صلوات الله وسلامه عليه فان تجريد الميت فيما عدا العورة كان مشهورا .

 ويوضع عليه ساتر يستر عورته ما لم يكن صبيا ، ولا يحضر عند غسله إلا من تدعوا الحاجة إلى حضوره .

وينبغي أن يكون الغاسل ثقة أمينا صالحا ، لينشر ما يراه من الخير ، ويستر ما يظهر له من الشر .

فعند ابن ماجه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” ليغسل موتاكم المأمونون ” .

وتجب النية عليه ، لأنه هو المخاطب بالغسل ، ثم يبدأ فيعصر بطن الميت عصرا رفيقا ، لإخراج ما عسى أن يكون بها ، ويزيل ما على بدنه من نجاسة ، على أن يلف على يده خرقة يمسح بها عورته فإن لمس العورة حرام ، ثم يوضئه وضوء الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ” ولتجديد سمة المؤمنين في ظهور أثر الغرة والتحجيل ، (وَلَا يُدْخِلُ الْمَاءَ فِي فِمهِ، وَلَا فِي أَنْفِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا أَذَى أَزَالَهُ بِخِرْقَةِ) ثم يغسله ثلاثا بالماء والصابون ، أو الماء القراح ، مبتدئا باليمين ، فإن رأى الزيادة على الثلاث لعدم حصول الانقاء بها أو لشئ آخر غسله خمسا ، أو سبعا ، ففي الصحيح :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” اغسلنها وترا : ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن  “

قال ابن عبد البر : لا أعلم أحدا قال بمجاوزة السبع ، وكره المجاوزة أحمد وابن المنذر .

قال ابن المنذر : إنما فرض الرأي اليهن بالشرط المذكور وهو الايثار ، فإذا كان الميت امرأة ندب نقض شعرها وغسله وأعيد تضفيره وأرسل خلفها ، ففي حديث أم عطية : أنهن جعلن رأس ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة قرون . قلت : نقضنه وجعلنه ثلاثة قرون قالت : نعم .

وعند مسلم : فضفرنا شعرها ثلاثة قرون : قرنيها وناصيتها .

وفي صحيح ابن حبان الامر بتضفيرها من قوله صلى الله عليه وسلم : ” واجعلن لها ثلاثة قرون ” .

قرون : أي ضفائر

فإذا فرغ من غسل الميت جفف بدنه بثوب نظيف ، لئلا تبتل أكفانه ، ووضع عليه الطيب .

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا أجمرتم الميت فأوتروا ” . رواه البيهقي والحاكم وابن حبان وصححاه .

أجمرتم : بخرتم

وقال أبو وائل : كان عند علي رضي الله عنه مسك ، فأوصى أن يحنط به ، وقال : هو فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وجمهور العلماء على كراهة تقليم أظفار الميت وأخذ شئ من شعر شاربه ، أو إبطه أو عانته ، وجوز لك ابن حزم .

واتفقوا فيما إذا خرج من بطنه حدث بعد الغسل وقبل التكفين ، على أنه يجب غسل ما أصابه من نجاسة ، واختلفوا في إعادة طهارته فقيل : لا يجب وهذا مذهب الأحناف والشافعية ومالك .  

وقيل : يجب الوضوء . وقيل : يجب إعادة الغسل .

والاصل الذي بنى عليه العلماء أكثر اجتهادهم في كيفية الغسل ما رواه الجماعة عن أم عطية ، قالت : ” دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال : اغسلنها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك – إن رأيتن – بماء وسدر واجعلن في الاخيرة كافورا ، أو شيئا من كافور ، فإذا فرغتن فآذنني (آذنني : أي أخبرنني ) ”  فلما فرغن آذناه ، فأعطانا حقوه فقال : ” أشعرنها إياه ” . يعني إزاره .

أشعرنها : اجعلنه شعارا ” والشعار ” الثوب الذي يلي الجسد .

” والحقو ” الازار . وهو في الاصل : معقد الازار .

وحكمة وضع الكافور ما ذكره العلماء من كونه طيب الرائحة ، وذلك وقت تحضر فيه الملائكة .

وفيه أيضا تبريد ، وقوة نفود ، وخاصة في تصلب بدن الميت ، وطرد الهوام عنه ومنع إسراع الفساد إليه ، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها .

أجر المغسّل

ولمن تولى غسله أجر عظيم بشرط أن يستر عليه ، ولا يحدث بما قد يرى من المكروه ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ” من غسل مسلما فكتم عليه غفر له الله أربعين مرة ،ومن حفر له فأجنّه (أي أدخله القبر) أجري عليه كأجر مسكن أسكنه إياه إلى يوم القيامة،ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندس واستبرق الجنة “.أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي

 وقد رواه الطبراني في ” الكبير ” بلفظ : ” أربعين كبيرة ” .

استحباب الغسل لمن غسل ميتا :

31 – ويستحب لمن غسله أن يغتسل لقوله صلى الله عليه وسلم ” من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ ” . أخرجه أبو داود

وقال : وظاهر الامر الوجوب لكن جاء ما يبين الاستحباب عن ابن عمر رضي الله عنهما ” كنا نغسل الميت ،فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل ” أخرجه الدار قطني بإسناد صحيح كما قال الحافظ

التيمم للميت :

عند العجز عن الماء ان عدم الماء يمم الميت ، لقوله تعالى : ( فإن لم تجدوا ماء فتيمموا ) ، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” جعلت لي الارض مسجدا وطهورا ” .

وكذلك لو كان الجسم بحيث لو غسل لتهرى . وكذلك المرأة تموت بين الرجال الاجانب عنها ، والرجل يموت بين النساء الاجنبيات عنه . روى أبو داود في مراسيله والبيهقي عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا ماتت المرأة مع الرجال ، ليس معهم امرأة غيرها ، والرجل مع النساء ، ليس معهن رجل غيره ، فإنهما ييممان ويدفنان ، وهما بمنزلة من لم يجد الماء ” . وييمم المرأة ذو رحم محرم منها بيده ، فإن لم يوجد يممها أجنبي بخرقة يلفها على يده .

هذا مذهب أبي حنيفة وأحمد ، وعند مالك والشافعي : إن كان بين الرجال ذو رحم محرم منها غسلها ، لأنها كالرجل بالنسبة إليه في العورة والخلوة .

قال في المروي عن الامام مالك : إنه سمع أهل العلم يقولون : إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها ولا من ذوي المحرم أحد يلي ذلك منها ، ولا زوج يلي ذلك ، يممت ، يمسح بوجهها وكفيها من الصعيد .

وإذا هلك الرجل ، وليس معه أحد إلا نساء يممنه أيضا .

تابع تجهيز الميت

2- الكفن

حكمه : تكفين الميت بما يستره ولو كان ثوبا واحدا فرض كفاية . روى البخاري عن خباب رضي الله عنه قال : هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نلتمس وجه الله ، فوقع أجرنا على الله ، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا ، منهم مصعب بن عمير ، قتل يوم أحد ، فلم نجد ما نكفنه إلا بردة ، إذا

غطينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه ، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه وأن نجعل على رجليه من الاذخر.

الاذخر : حشيشة طيبة الرائحة ، تسقف بها البيوت فوق الخشب .

ما يستحب فيه :

يستحب في الكفن ما يأتي :

1 – أن يكون حسنا ، نظيفا ، ساترا للبدن . لما رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه ” .

 2 – وأن يكون أبيض ، لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” البسوا من ثيابكم البيض فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم ” .

3 – وأن يجمر ، ويبخر ، ويطيب ، لما رواه أحمد والحاكم وصححه عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا ” . وأوصى أبو سعيد وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم : أن تجمر أكفانهم بالعود .

 4 – أن يكون ثلاث لفائف للرجل ، وخمس لفائف للمرأة ، لما رواه الجماعة عن عائشة ، قالت : كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد ليس فيها قميص ولا عمامة .

قال الترمذي : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم .

 قال : وقال سفيان الثوري : يكفن الرجل في ثلاثة أثواب ، إن شئت في قميص ولفافتين ، وإن شئت في ثلاث لفائف .

 ويجزئ ثوب واحد إن لم يجدوا ثوبين .

 والثوبان يجزيان ، والثلاثة لمن وجد أحب إليهم ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق .

 وقالوا : تكفن المرأة في خمسة أثواب .

وعن أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم ناولها إزارا ، ودرعا  ، وخمارا وثوبين.

الدرع : القميص .

 الخمار : غطاء الرأس .

ثوبين : تلف فيهما .

 وقال ابن المنذر : أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب .

 تكفين المحرم :

إذا مات المحرم غسل كما يغسل غيره ممن ليس محرما وكفن في ثياب إحرامه ، ولا تغطى رأسه ولا يطيب لبقاء حكم الاحرام ، لما رواه الجماعة عن ابن عباس قال : بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفه إذ وقع عن راحلته فوقصته ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ” اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تحنطوه  ولا تخمروا  رأسه فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبيا ” .

وقصته : أي دقت عنقه .

في ثوبيه : إزاره ورداءه .

تحنطوه : تطيبوه بالحنوط : وهو الطيب الذي يوضع الميت .

تخمروا : تستروا .

وذهبت الحنفية والمالكية إلى أن المحرم إذا مات انقطع إحرامه ، وبانقطاع إحرامه يكفن كالحلال ، فيخاط كفنه ويغطى رأسه ويطيب .

وقالوا : إن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها فتختص به ، ولكن التعليل بأنه يبعث يوم القيامة ملبيا ظاهر أن هذا عام في كل محرم .

والاصل أن ما ثبت لاحد الافراد من الاحكام يثبت لغيره ، ما لم يقم دليل على التخصيص .

كراهة المغالاة في الكفن :

 ينبغي أن يكون الكفن حسنا دون مغالاة في ثمنه ، أو أن يتكلف الانسان في ذلك ما ليس من عادته . قال الشافعي : إن عليا كرم الله وجهه قال : لا تغال لي في كفن ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب   سلبا سريعا ” . رواه أبو داود وفي إسناده أبو مالك ، وفيه مقال : وعن حذيفة ، قال : لا تغالوا في الكفن ، اشتروا لي ثوبين نقيين .

وقال أبو بكر : اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهم .

قالت عائشة : إن هذا خلق. قال : إن الحي أولى بالجديد من الميت . إنما هو للمهلة.

الخلق : غير الجديد .

” المهلة ” القيح السائل من الميت .

الكفن من الحرير :

 لا يحل للرجل أن يكفن في الحرير ويحل للمرأة ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرير والذهب : ” إنهما حرام على ذكور ، أمتي حل لاناثها ” .

وكره كثير من أهل العلم للمرأة أن تكفن في الحرير لما فيه من السرف ، وإضاعة المال ، والمغالاة المنهي عنها ، وفرقوا بين كونه زينة لها في حياتها ، وكونه كفنا لها بعد موتها .

قال أحمد : لا يعجبني أن تكفن المرأة في شئ من الحرير . وكره ذلك الحسن وابن المبارك وإسحق .

قال ابن المنذر : ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم .

 الكفن من رأس المال :

إذا مات الميت وترك مالا ، فتكفينه من ماله ، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته ، فإن لم يكن له من ينفق عليه ، فكفنه من بيت مال المسلمين ، وإلا فعلى المسلمين أنفسهم . والمرأة مثل الرجل في ذلك . وقال ابن حزم : وكفن المرأة وحفر قبرها من رأس مالها ، ولا يلزم ذلك زوجها ، لان أموال المسلمين محظورة إلا بنص قرآن أو سنة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ” ، وإنما أوجب الله تعالى على الزوج النفقة والكسوة والاسكان ، ولا يسمى في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها الكفن كسوة ، ولا القبر إسكانا .

عرض فيديو


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 365 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم