فقه البيوع 8- الربا

تاريخ الإضافة 18 أغسطس, 2023 الزيارات : 3620

فقه البيوع 8- الربا

أولًا تعريف الربا:
الربا في اللغة بمعنى الزيادة، ومنه قول الله تعالى: (فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) [الحج: 5] يعني زادت الأرض بظهور النبات فيها.

وأما في الاصطلاح الشرعي: فالربا هو الزيادة أو التأخير في أموال مخصوصة.

ثانيا/ الحكم التكليفي للربا:
الربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، بل هو من كبائر الذنوب ومن السبع الموبقات، بل إن الله تعالى لم يؤذن بالحرب ولم يعلن الحرب على أحد من العصاة سوى آكل الربا، بل إن الربا محرم في كل الشرائع لقوله تعالى: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ)[النساء: 161] يعني أنه كان محرمًا في الشرائع السابقة، ولم يكن محرم في الإسلام فحسب.

والأدلة على تحريم الربا متعددة في الكتاب والسنة منها قول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) [البقرة: 275]
ومنها قول الله تعالى في سورة البقرة: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [البقرة: 275].

يقول الإمام السرخسي رحمه الله: إن الله تعالى ذكر لآكل الربا خمسًا من العقوبات في هذه الآيات:
العقوبة الأولى: هي” المحق” في قوله: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [البقرة: 276].
والثانية: هي” التخبط” في قوله: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [البقرة: 275].
والثالثة: هي” الحرب” في قوله: (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة: 279].
والرابعة: هي” الكفر” يعني لمن استحله وذلك في قوله: (وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة: 278].
وقوله سبحانه في آخر آيات الربا: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة: 276].
والخامسة: هي” الخلود في النار” يعني لمن استحله، وذلك في قوله: (وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 275]

ومن الأدلة على تحريم الربا من السنة:
ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال: قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، وَذَكَرَ مِنْهَا آَكِلُ الْرِبَا)
وجاء في صحيح مسلم عن جابر (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ)

ومن استحل الربا فإنه كافر؛ لأن أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، لكن الذي يكفر هو الذي يستبيح الربا من أصله لكن لو استباح شخص معاملة مصرفية قال: هذه المعاملة المصرفية جائزة، أو قال: الفوائد البنكية جائزة؛ لأنها ليست من الربا فهنا لا يكفر، لماذا؟ لأنه ما أنكر الربا، وإنما أنكر أن تكون تلك المعاملة من الربا، وإن كان عامة العلماء يرون أن هذه المعاملة من الربا، لكن مقولته تلك لا تستوجب أن يحكم عليه بالكفر.

ثالثا/ أنواع الربا:

الربا في الشريعة على نوعين: (ربا ديون، وربا بيوع )

أما ربا الديون فهو محرم تحريم مقاصد.
وأما ربا البيوع فهو محرم تحريم وسائل.

وقد جرى غالب الفقهاء المتقدمين على ذكر أنواع للربا دون تمييز بين العقود التي يدخلها، بمعنى أنهم يقولون: بأن الربا يكون في الزيادة (وهو ربا الفضل)، وفي التأجيل (وهو ربا النسيئة)، ولا يفرقون بين وقوعها في البيع وفي الدين، مع أن هناك فرقا بين الربا الذي يقع في البيع، والربا الذي يقع في الدين، كما سيتبين ذلك إن شاء الله.

نبدأ بالنوع الأول وهو ربا الديون:
فربا الديون هو الذي يكون في المداينات يكون محله المداينات التي بين الناس؛ يعني في عقد دين.

وهو على قسمين:
القسم الأول: الزيادة في الدين عند حلول أجله:
يعني أن يقرض شخص آخر مبلغًا من المال، أو يبيعه سلعة بالأجل فإذا حلَّ وقت استيفاء الدين وقت السداد والمدين غير قادر على السداد، قال للدائن: أنظرني، أعطني مهلة شهر، شهرين، وأزيدك في الدين، هذه المسألة يسميها أهل العلم مسألة: زدني … يعني كأن الدائن يقول للمدين: زدني في الدين وأعطيك مهلة، هذه هي أبشع صور الربا وأقبحها، وهي التي كان يتعامل بها العرب في الجاهلية ونزل القرآن بتحريمها، يقول قتادة رحمه الله: ربا الجاهلية – الذي كان سائدًا عندهم في الجاهلية – أن يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى، فإذا حل الأجل وجاء وقت السداد ولم يكن عند صاحبه قضاء زاد؛ يعني المدين، وأخر عنه؛ يعني أعطاه مهلة.

القسم الثاني: من أقسام ربا الديون، هو: ما يعرف بربا القروض:
فربا القروض المراد به: القرض بشرط أن ينتفع المقرض؛ يعني القرض بفائدة مشروطة على المقترض، فهذه الزيادة مشروطة ابتداء بخلاف القسم الأول فإن الزيادة متى تشرط؟ عند حلول الأجل، لكن في هذا القسم من البداية يقول: أعطيك مئة ألف بشرط أن تردها مثلًا مئة وعشرة، أو يقول: أعطيك مئة ألف وتردها مئة ألف، ولكن تعمل عندي أسبوعا بلا مقابل، أو يقول: أعطيك مئة ألف وتردها مئة ألف بشرط أن تعيرني سيارتك لمدة أسبوع، فقد تكون الفائدة زيادة في المال، فأي فائدة مشروطة في القرض فإنها تكون من ربا القروض.

وقد كان هذا الربا أيضًا موجودًا عند العرب في الجاهلية؛ يقرض الرجل الآخر مبلغًا من المال ويشترط عليه فائدة.

وأما حديث (كُل قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبَا) فضعيف جدًا، لكن الأمة أجمعت على قبوله، وجاء حديث أصح منه وهو ما جاء في السنن عن النبي -صلى الله عليه وسلم – أنه قال (لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ ) بمعنى : أنه لا يجوز أن يجمع مع قرض بيعًا؛ لئلا يكون ذلك حيلة إلى الزيادة في القرض.

فمثلًا: لو قال زيد لخالد: أقرضك عشرة آلاف وتردها كما هي عشرة آلاف، لكن بشرط أن تبيعني سيارتك بخمسة آلاف ، هذه المعاملة محرمة، لماذا؟ لأنه من المحتمل أن تكون هذه السيارة قيمتها مثلًا سبعة آلاف، وهو اشتراها بخمسة آلاف، فربح ألفين ريال بدلًا من أن يجعلها في القرض جعلها في البيع، فلذلك نهى النبي -صلى الله عليه وسلم – عن كل ما هو ذريعة إلى الزيادة في القرض فكيف إذا كان سيأخذ زيادة في القرض صريحة؟ فهذا نص في تحريم الزيادة في القرض.

النوع الثاني من أنواع الربا: وهو ربا البيوع.
وربا البيوع هو الذي يكون في المعاوضات والمبادلات التجارية؛ يعني ليس محله الديون، وإنما محله تجارة ومبادلة تجارية، فهذا يسمى ربا البيوع.
ربا البيوع على نوعين: ربا الفضل وربا النسيئة.

ربا الفضل:
أن يزيد في مبادلة مال ربوي بجنسه، مثل: أن يبدل مثلًا عشرين جرامًا من الذهب بثلاث وعشرين جرامًا من الذهب، فهنا المعاملة محرمة لما فيها من ربا الفضل.
ربا النسيئة:
يعني التأجيل، بمعنى أنه يؤجل لا يتحقق التقابض فيما يجب فيه التقابض شرعًا وسنبين الأشياء التي يجب فيها التقابض شرعًا مثل أن يبدل مثلًا ذهب بفضة ويؤجل، مثلًا يقول: هذه عشرين جرام ذهب تعطيني بدلًا منها مثلًا مائتي جرام من الفضة بعد أسبوع، هذه المعاملة أيضًا محرمة لما فيها من التأخير فيما يجب فيه التقابض شرعًا.

ربا البيوع يختلف عن ربا الديون في أمرين:
الأمر الأول: أن ربا الديون محرم تحريم مقاصد، بخلاف ربا البيوع فإنه محرم تحريم وسائل، يعني الأصل في تحريم الربا والمقصود الأساسي هو تحريم ربا الديون؛ لأن ربا الديون في الحقيقة يشتمل على الزيادة والتأجيل، بخلاف ربا البيوع فإنه قد يشتمل على الزيادة فقط أو يشتمل على التأجيل فقط، فإذا اشتمل على الزيادة مع التأجيل أصبح من ربا الديون الذي هو محرم تحريم مقاصد.

الفارق الثاني بينهما: أن ربا الديون يجري في جميع الأموال بلا استثناء، ولا بتخصص أموال ربوية، بخلاف ربا البيوع فإنه يجري في أنواع محددة من الأموال سنبينها بعد قليل إن شاء الله، أما ربا الديون فإنه يجري في كل شيء.

هل الربا يجري في الأوراق النقدية؟

وهذا فيه رد على من يبيح الآن الفوائد المصرفية التي في البنوك ويقول: إن الريالات والدولارات والأوراق النقدية هذه لا يجري فيها الربا أصلًا، ليست ملحقة بالذهب ولا بالفضة، والنبي -صلى الله عليه وسلم – حدد الأموال الربوية في ستة أصناف (الذهب والفضة والبر والتمر والشعير والملح) وليس منها الجنيهات ولا الريالات ولا الدولارات ولا غيرها من الأوراق النقدية، فلماذا يكون الربا في هذه الأوراق النقدية؟
فنقول: أصلًا الربا الذي يجري في البنوك في الحقيقة ليس من ربا البيوع وإنما هو من ربا الديون لأن النظام البنكي قائم على المداينات ديون وربا الديون يجري في كل الأموال بلا استثناء حتى ولو كان في التراب فإنه يجري فيه ربا الديون، والأدلة على ذلك ما يلي:

الدليل الأول: أن الربا الذي نزل القرآن بتحريمه وهو ربا الديون كان في الإبل، والإبل ليست من الأموال الربوية ولا هي ملحقة بالأموال الربوية، فهذا يدل على أن ربا الديون يجري في كل شيء، بما أنه دخل في الإبل أصبحت الإبل يجري فيها الربا فكذلك يجري ربا الديون في كل الأموال، والدليل على أن الربا الذي كان في الجاهلية كان في الإبل ما جاء عن زيد بن أسلم قال: إنما كان ربا الجاهلية في التضعيف وفي السن، يكون للرجل فضل دين فيأتيه إذا حل الأجل فيقول: تقضيني أو تزيدني، فإن كان عنده شيء قضاه وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك.

فهذا الربا الذي كان عند العرب في الجاهلية في الإبل، والإبل من المعلوم أنها ليست من الأموال الربوية التي يجري فيها ربا البيوع، فهذا يدل على أن ربا الديون كان يجري في كل الأموال.

الدليل الآخر على أن ربا الديون يجري في كل الأموال: إجماع الأمة على أن كل قرض جر نفعًا فهو ربا، أيًا كان المال المقرض فإنه يجري فيه الربا، وممن حكى الإجماع على أن كل قرض جر نفعًا فهو ربا يعني في كل الأموال بلا استثناء، ممن حكى الإجماع على ذلك: ابن حزم والنووي وابن تيمية والقرطبي، يقول القرطبي رحمه الله: أجمع المسلمون نقلًا عن نبيهم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا ولو كان قبضة من علف.

يعني في أي مال كان، وهذه في الحقيقة نقطة مهمة؛ لأن الآن نسمع يا للأسف كثير ممن في قلوبهم هوى متبع يطرحون هذه الشبهة، ويقولون: إن الأوراق النقدية هذه لا يجري فيها الربا أصلًا لأنها ليست بذهب ولا فضة، ولا هي ملحقة بالذهب ولا بالفضة، وأن العلة في الذهب والفضة هي الوزن وليست العلة ثمنية، فنقول: هذه الشبهة مردودة عليكم لأن الربا الذي يجري في البنوك هو في الحقيقة ربا دين أو بيع؟ ربا ديون وربا الديون يجري في كل الأموال بإجماع العلماء بلا استثناء.

إذن عرفنا أن ربا الديون يجري في كل الأموال، أما ربا البيوع في أي الأموال يجري؟

الأموال التي يجري فيها ربا البيوع:

الأصل في ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت أن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ)

قال أهل العلم: إن هذا الحديث هو الأصل في الأموال التي يجري فيها ربا البيوع، فالنبي -صلى الله عليه وسلم – ذكر في هذا الحديث ستة أصناف، واتفق العلماء على أن الأصناف المذكورة في الحديث تنقسم إلى نوعين:

النوع الأول: الذهب والفضة.

النوع الثاني: (البر(القمح) والتمر والشعير والملح)

ثم اختلفوا في العلة الربوية، ما العلة في الذهب والفضة؟
يعني النبي -صلى الله عليه وسلم – لما ذكر الذهب والفضة هل المراد بالحديث الذهب والفضة فحسب أم يلحق بهما ما هو مثلهما في العلة؟
هذا محل خلاف بين أهل العلم:
1- منهم من قال: إن العلة فيهما هي الوزن.
2- ومنهم من قال: إن العلة فيهما هي الجنس.
3- ومنهم من قال: الدنانير وزن والجنس.
4- ومنهم من قال: إنها مطلق الثمنية.

والمختار من هذه الأقوال: أن العلة في الذهب والفضة هي الثمنية.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم – ذكر الذهب والفضة لأنهما كانا الأثمان في ذلك الوقت التي تستخدم للتبادل، وعلى هذا كل ما يشبه الذهب والفضة في هذه العلة فإنه يجري به الربا، ويكون حكمه كحكمهما.

ما هي الأثمان المستخدمة الآن؟
وأي شيء يستخدم كثمن أي وسيطا للتبادل التجاري، ويكون مقبولًا في المبادلات التجارية، فمثل الذهب والفضة الآن الأوراق النقدية المعاصرة كلها ملحقة بالذهب والفضة فيجري فيها ربا البيوع كما يجري في الذهب والفضة مثل: الريالات، الدولارات، والجنيهات على اختلاف أنواعها، ، فكل العملات في الحقيقة بما أنها أثمان فهي ملحقة بالذهب والفضة، وكل عملة تعتبر جنسًا مستقلًا بذاتها، فالريال جنس، الدولار الأمريكي جنس، الدولار الكندي جنس، الجنيه المصري جنس، الجنيه الإسترليني جنس، الليرا اللبنانية جنس، الليرا التركية جنس، وهكذا كل عملة مصدرة من بلد تعتبر جنسًا مستقلًا بذاتها، كما أن الذهب يعتبر جنسًا، فكذلك الريال يعتبر جنسًا، الذهب يعتبر جنسًا بأنواعه المختلفة قد يكون ذهب عيار أربعة وعشرين، قد يكون ذهب عيار واحد وعشرين، قد يكون ذهب عيار ثماني عشر، كلها جنس واحد ، مثله أيضًا الدولار جنس واحد سواء كان دولارا على هيئة ورقة نقدية أو كان دولارا على هيئة شيك، أو كان دولارا معدنيًا، أو كان دولارا قيديًا، مقيد في البنك كحساب في البنك، كلها تعتبر جنس واحد، تعتبر جنسًا واحدًا، كما أن الذهب جنس واحد لأنواع مختلفة فكذلك الأوراق النقدية.

ننتقل إلى النوع الثاني الذي يشمل بقية الأصناف الواردة في الحديث وهي: (البر والتمر والشعير والملح)

ما العلة الجامعة لهذه الأصناف الأربعة؟
هذا محل خلاف أيضًا بين أهل العلم:
1- منهم من قال: إن العلة هي الكيل.
2- ومنهم من قال: إن العلة هي الطعم.(ورد بفتح الطاء وضمها بمعنى مصدر الأكل الذي يتذوق)
3- ومنهم من قال: إن العلة هي الطعم والجنس.
4- ومنهم من قال: إنها الكيل والجنس.

1- مذهب الشافعي في القديم، ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وجماعة أن والعلة في الأصناف الأربعة هي الطعم مع الكيل أو الوزن. فكل مطعوم مكيل أو موزون فإنه يجري فيه الربا، ويدل على ذلك:

1-أن هذه الأمور الأربعة مطعومة مكيلة.
2-ما روي البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ: أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا، فَقَالَ: إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ، فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا، وَقَالَ فِي المِيزَانِ مِثْلَ ذَلِكَ.
أي أن الربا يجري في الموزونات كما يجري في المكيلات.

3-ما روى مسلم عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامَهُ بِصَاعِ قَمْحٍ، فَقَالَ: بِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيرًا، فَذَهَبَ الْغُلَامُ، فَأَخَذَ صَاعًا وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ، وَلَا تَأْخُذَنَّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، قَالَ: وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ.
فمجموع هذه الأحاديث يدل على أن العلة في الأصناف الأربعة: الطُّعْم، مع الكيل أو الوزن.
فإذا كان الطعام مكيلا ، أو موزونا : جرى فيه الربا، ولا يشترط أن يكون مدخرا.

وعلى هذا فلا يجري الربا في الخضروات ولا في الفاكهة التي تباع عدا، كالبطيخ والرمان والبيض ونحو ذلك. ويجري في الألبان والأدهان ، لأن كل المائعات مكيلة.
كما لا يجرى في مكيل أو موزون لا يطعم. فلابد من اعتبار الأمرين، لأن الكيل وحده، أو الوزن وحده، لا يقتضي وجوب المماثلة، كما أن الطعم وحده لا تتحقق به المماثلة، لعدم المعيار الشرعي فيه، وإنما تتحقق المماثلة في المعيار الشرعي الذي هو الكيل والوزن.

القولُ الثَّاني: علَّةُ الرِّبا في الأصْنافِ الأرْبَعةِ في رِبا الفَضلِ الاقْتياتُ والادِّخارُ، وفي رِبا النَّسيئةِ الطُّعمُ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ، واختيارُ ابنِ القيِّمِ
الأدلَّةُ:
أولًا: منَ السُّنَّةِ
عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثلًا بمِثلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اختلَفَتْ هذه الأصْنافُ، فبِيعوا كيف شِئْتُم، إذا كان يدًا بيَدٍ )
وَجهُ الدَّلالةِ:
الحديثُ يدُلُّ على أنَّ العلَّةَ هي الطُّعمُ المَوْصوفُ بالاقْتياتِ والادِّخارِ؛ لأنَّه لو كان المَقصودُ الطُّعمَ وَحْدَه لاكْتَفى بالتَّنْبيهِ على ذلك بالنَّصِّ على واحدٍ مِن تلك الأرْبعةِ الأصْنافِ المذكورةِ، فلمَّا ذكَرَ منها عَددًا عُلِمَ أنَّه قصَدَ بكلِّ واحدٍ منها التَّنبيهَ على ما في مَعْناه، وهي كلُّها يَجمَعُها الاقْتياتُ والادِّخارُ.

ثانيًا: أنَّ الحكمةَ مِن تَحْريمِ الرِّبا إنَّما هو ألَّا يَغبِنَ بعضُ النَّاسِ بعضًا، وأنْ تُحفَظَ أمْوالُهم، فوجَبَ أنْ يكونَ ذلك في أُصولِ المَعايِشِ، وهي الأقْواتُ

والأقرب والله أعلم ما ذهب إليه المالكية من أن العلة في هذه الأصناف الأربعة هي: الاقتيات والادخار، ومعنى كونها قوتًا أي أن البنية الجسمية تقوم بها بهذا النوع من الطعام، يعني من الممكن أن يعتمد عليها الإنسان، يعني ليست من الأطعمة الكمالية أو الترفيهية، وإنما هي قوت يعتمد عليها، ومعنى كونها مدخرة يعني أنها قابلة للادخار لفترة طويلة.
والنبي -صلى الله عليه وسلم – ذكر أربعة أصناف: (البر والتمر والشعير والملح) كل هذه كانت قوتًا على عهده والملح يصلح به القوت، فلذا ألحق بها.

بناء على ذلك فعند مبادلة أي مال بمال حتى نسلم من الربا هناك خمس احتمالات عند مبادلة الأموال بعضها ببعض:

الحالة الأولى: أن تكون المبادلة هي مبادلة مال ربوي بمال ربوي من جنسه، بمال ربوي من نفس الجنس:

ففي هذه الحال يشترط شرطان من هذا الحديث:

الشرط الأول: التقابض في الحال يدًا بيد.

والشرط الثاني: التساوي، فإن كانا موزونين فأن يتساويا في الوزن، وإن كانا معدودين فأن يتساويا في العدد، وإن كانا مكيلين فأن يتساويا بالكيل، فمثلًا لو أبدلنا ذهب قديم بذهب جديد، الآن الذهب هل هو من الأموال الربوية؟ مال ربوي أبدل بمال ربوي من جنسه، شخص ذهب إلى الدكان يريد أن يستبدل ذهبًا قديمًا عنده بذهب جديد من الصائغ، ماذا يشترط في هذه الحال؟ يشترط شرطان:
أولًا: لابد أن يكون يدًا بيد فورًا؛ سلم وتستلم، ما تعطيه الذهب القديم ثم تقول: سآتي غدًا وآخذ الذهب الجديد، لا، لابد من التقابض في الحال وأن يكون يدًا بيد؛ لقوله (يدًا بيد)

رأي ابن تيمية وابن القيم في استبدال الذهب القديم بالجديد:
ورد النهي النبوي عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نسيئة أو متفاضلًا في عدة أحاديث؛ منها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وغيره أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ إلّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ولا الفِضّةَ بالفِضّةِ إلّا مِثْلًا بمِثْلٍ، ولا تُفَضِّلُوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبِيعُوا مِنها غائِبًا بناجِزٍ» رواه البخاري وأحمد واللفظ له؛ وذلك لعلة النقدية وكونهما أثمانًا (وسيطًا للتبادل).

الشرط الثاني: التساوي في الوزن؛ تعطيه عشرين جرامًا وتأخذ عشرين جرامًا؛ لأن الذهب من الموزونات، إن كان مكيلًا لو كان من الأشياء المكيلة مثلًا تمر سكري بتمر برقي مثلًا، يريد أن يبدل تمر بتمر، الآن مال ربوي بمال ربوي من نفس الجنس، ماذا يشترط؟

شرطان: التقابض، والتساوي في الكيل، يعني مثلًا خمسة بخمسة
لو كان في المعدودات ريالات ورقية بريالات معدنية، مئة ريال ورقي بمئة ريال معدني، الآن مال ربوي بمال ربوي من جنسه يشترط ماذا؟ شرطان:
الأول: التقابض؛ أن يكون يدًا بيد.
والثاني: التساوي؛ مئة ريال بمئة ريال وهكذا.

حكم استبدال الذهب القديم بالجديد:

ذهبت طائفة من أهل العلم على رأسها شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم. إلى ارتباط حكم الربا في الذهب والفضة بالثمنية، فإن زالت بالصنعة مثلا لم يجر فيهما الربا، ومبنى هذا الرأي على أن الثمنية هي العلة، ومتى فقدت فقد حكم الربا. وأن الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، وهذا يقتضي كون العلة المستنبطة تعود على حكمها بالإبطال كالمنصوصة، فيدور الحكم معها وجودا وعدما.

قال ابن القيم: (وأما الدراهم والدنانير، فقالت طائفة: العلة فيهما كونهما موزونين، وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، ومذهب أبي حنيفة . وطائفة قالت: العلة فيهما الثمنية. وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى. وهذا هو الصحيح بل الصواب) وما دامت العلة هي الثمنية، فالحكم يدور معها.

وجاء في الاختيارات لابن تيمية: (ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد في مقابلة الصنعة سواء كان البيع حالا أو مؤجلا ما لم يقصد كونها ثمنا. انتهى)[الاختيارات ص127].

ويقول ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين: (الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وبين سائر السلع، وإن كانت من غير جنسها، فإن هذه بالصناعة قد خرجت عن مقصود الأثمان، وأعدت للتجارة، فلا محذور في بيعها بجنسها.)[إعلام الموقعين ج2ص 108]

وبناءً على ما سبق: فإن رأي شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم فيه تيسير وتخفيف -وخاصة في هذا الزمن- مع ما عمت به البلوى، فلا مانع شرعًا من شراء الذهب المصوغ وبيعه بثمنٍ: كلّه أو بعضه آجلٌ، كما يجوز استبدال الذهب الجديد منه بالقديم مع دفع ثمن الصناعة، وهذا يجوز في حق التاجر البائع، كما يجوز في حق المشتري أيضًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

الحالة الثانية: أن يبدل مال ربوي بمال ربوي من غير جنسه لكنه يتفق معه في العلة الربوية:

مثلًا: أن نبدل ذهبًا بفضة، الآن الذهب جنس أبدل بجنس آخر مختلف عنه وهو الفضة، لكن العلة واحدة فيهما وهي الثمنية، ففي هذه الحال يشترط شرط واحد وهو التقابض، ولا يشترط التساوي، فبأي سعر أو بأي كمية جرى العقد فيصح، فيشترط شرط واحد وهو التقابض في الحال.

ومثله: لو أبدل دولارات بريالات جنس بجنس آخر مختلف الآن، فهنا لا يشترط التساوي يجوز أن يصرف الريالات بالدولارات بأي سعر سواء كان بسعر اليوم أو بسعر يتفقان عليه أو بسعر أقل أو أكثر مما هو سائد في السوق، بأي سعر يتم، لكن أهم شيء أن يتم التقابض في الحال،

ومثله أيضًا: لو أبدل برًا بتمر، الآن البر جنس والتمر جنس آخر، لكن كلاهما علته الربوية واحدة وهي الاقتيات والادخار فيشترط شرط واحد وهو: التقابض.

هل يجوز بيع الذهب بالتقسيط؟ أو ببطاقة الائتمان (MASTER CARD)
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالفضة إلا إذا تم قبض الذهب والفضة في مجلس العقد ، ولا يجوز تأجيل شيء من الثمن ، ولا يجوز أيضاً تأخير استلام الذهب .
فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم .
والأوراق النقدية تأخذ حكم الفضة في هذا ، فلا يجوز بيع الذهب بالنقود مع تأخير استلام الذهب ، أو تأجيل بعض الثمن .
جاء في قرار ” مجمع الفقه الإسلامي ” التابع لمنظمة ” المؤتمر الإسلامي ” ما نصه :
“بخصوص أحكام العملات الورقية : أنها نقود اعتبارية ، فيها صفة الثمنية كاملة ، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما”. انتهى من مجلة المجمع (العدد الثالث ج3 ص 1650) .
يشترط في بيع الذهب والفضة، إذا بيعا بذهب أو فضة أو نقود: حصول القبض في المجلس؛ لما روى مسلم عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.
والنقود (العملات) حكمها حكم الذهب والفضة في ذلك.
والشراء ببطاقة الحسم الفوري أو (بطاقة السحب من الرصيد) (Debit Card) يحصل به القبض حكما؛ إذ يدخل المبلغ إلى رصيد البائع في الحال، ولو تأخرت رسالة الإعلام بخصم المبلغ.
جاء في “المعايير الشرعية”، ص20: “يجوز شراء الذهب أو الفضة أو النقود ببطاقة الحسم الفوري” انتهى.
وجاء فيها ص26: “إن الشراء ببطاقة الحسم الفوري: فيه تقابض حكمي معتبر شرعا، فإذا تسلم المشتري الذهب أو الفضة أو العملات المشتراة، واستخدم البطاقة، ووقع على قسيمة الدفع لحساب الجهة القابلة للبطاقة: حصل القبض الحكمي؛ تخريجا على قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي الذي نص على أن القيد الحسابي يعتبر قبضًا حكميا.
وبذلك يتحقق الشرط الشرعي للتعامل بالبطاقة في شراء الذهب أو الفضة أو العملات، وهو التقابض” انتهى.
أما عن السؤال الثاني: هل يجوز شراء الحلي المصنوعة من الذهب والفضة من بطاقة الفيزا
لا بأس بذلك. والأصل أن الذهب والفضة الخالصين لا يصح شراؤها إلا يدًا بيد، وحيث إن إيصال البطاقة الصادر من العميل والموقع عليه في قوة النقد، فقد أفتى بجواز شراء الذهب والفضة به جماعة من أهل العلم المعاصرين.

الحالة الثالثة: أن يبدل مال ربوي بمال ربوي من جنس آخر يختلف عنه في العلة الربوية:

مثل أن يبدل مثلًا ذهب بتمر، أن تكون المبادلة بين ذهب وتمر، ففي هذه الحال لا يجري ربا البيوع مطلقًا، لا يشترط تقابض ولا تساوي، لا يشترط أي شرط، فيجوز أن يشتري مثلًا التمر بذهب ولا يسدد له في الحال وبأي سعر يشتريه؛ لعدم اشتراط التقابض ولا التماثل، ومثله أيضًا لو اشترى التمر بريالات: الآن الريالات جنس والتمر جنس آخر، لكن اختلفت العلة الربوية، فيجوز أن يشتري التمر مثلًا بالأجل ما يسدد لا بعد سنة لا يشترط تقابض، ولا يشترط أيضًا تساوي، يعني بأي سعر له أن يشتري التمر، إذًا: هذه هي الحال لثالثة.

الحال الرابعة: أن تكون المبادلة بين مال ربوي ومال غير ربوي أصلًا، ليس من الأموال المذكورة في الحديث:

مثال:هل السيارة من الأثمان؟

لا، إذًا: هي ليست ملحقة بالذهب ولا بالفضة، هل هي تقتات وتدخر؟ كلا، إذًا: هي ليست من الأموال الربوية فعلى ذلك لا يشترط لا تقابض ولا تماثل، يجوز أن يشتري السيارة بالتقسيط؛ لأنه لا يجري فيها ربا البيوع لا يجري في هذه المعاملة ربا البيوع.

 

 الحالة الخامسة والأخيرة: أن تكون المبادلة بين مال غير ربوي ومال غير ربوي، مالين غير ربويين أصلًا.
مثل: كتاب بكتاب، سيارة بسيارة، يبدل مثلًا سيارة مثلًا (مرسيدس) بثلاث سيارات (هوندا) مثلًا يصح؟ نعم يصح، لماذا؟

لأن السيارات أصلًا ليست من الأموال الربوية فلا يشترط تقابض، ولا يشترط تماثل، ومثل أيضًا الثياب والمنازل، والفرش، والفواكه أيضًا: لو أبدل مثلًا صندوقين طماطم مثلًا بصندوق واحد من الطماطم، أو صندوق من البرتقال بصندوقين من البرتقال أو التفاح كلها هذه جائزة لأنها لا يجري فيها لا ربا الفضل ولا ربا النسيئة.

إذًا: هذه هي خمس حالات، إذا اختل واحد من الشروط السابقة التي أشرنا إليها، كشرط التقابض الذي أشرنا إليه قبل قليل وقع المتعاقدان في ربا النسيئة، وإن اختل شرط التساوي الذي أشرنا إليه قبل قليل وقع العاقدان في ربا الفضل.

بقي لنا في موضوع الربا أن نتكلم عن معاملات البنوك والمصارف وهذا موضوعنا في درس مقبل إن شاء الله.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 280 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم