فقه الصلاة 12- مكروهات الصلاة

تاريخ الإضافة 4 يونيو, 2023 الزيارات : 5451

مكروهات الصلاة

مكروهات جمع مكروه ، وهو لغة ضد المحبوب .

واصطلاحاً ما طلب تركه طلباً غير جازم

يكره للمصلي أن يترك سنة من سنن الصلاة المتقدم ذكرها (هنا ) 

ويكره له أيضا ما يأتي:

(1) العبث بثوبه أو ببدنه إلا إذا دعت إليه الحاجة فإنه حينئذ لا يكره:

فعن معيقب قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال: (لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لابد فاعلا فواحدة: تسوية للحصى) رواه الجماعة.

وعن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى) أخرجه أحمد وأصحاب السنن.

(2) التخصر في الصلاة 

فعن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاختصار في الصلاة .الصلاة:

رواه أبو داود وقال: يعني يضع يده على خاصرته، والخَصْرُ: وَسَطُ الإِنسان

(3) رفع البصر إلى السماء:

فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم) رواه مسلم

(4) النظر إلى ما يلهي:

فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام (كساء من صوف ونحوه فيه خطوط طولية) فقال: (شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم واتوني بأنبجانيته) رواه البخاري ومسلم.

والانبجانية : كساء غليظ له وبر ولا خطوط فيه (سادة)،  وأبو جهم كان قد أهدى النبي صلى الله عليه وسلم الخميصة ، وطلب أنبجانيته بدلها جبرا لخاطره.

وروى البخاري عن أنس قال: كان قرام (ستارة) لعائشة سترت به جانب بيتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أميطي قرامك، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي) .

(5) تغميض العينين:

كرهه البعض وجوزه البعض بلا كراهة، والحديث المروي في الكراهة لم يصح.

قال ابن القيم: والصواب أن يقال: إن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهناك لا يكره التغميض قطعا والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة.

(6) الإشارة باليدين عند السلام:

فعن جابر بن سمرة قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس، إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يقول: السلام عليكم السلام عليكم) رواه النسائي وغيره وهذا لفظه.

الشمس: بضم الشين والميم جمع شموس، النفور من الدواب.

(7) تغطية الفم والسدل:

فعن أبي هريرة قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه) .رواه الخمسة والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.

والسدل هو لبس العباءة من غير إدخال اليدين في كمها.

(8) الصلاة بحضرة الطعام:

فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء) رواه أحمد ومسلم.

قال الجمهور: يندب تقديم تناول الطعام على الصلاة إن كان الوقت متسعا وإلا لزم تقديم الصلاة. وقال ابن حزم وبعض الشافعية: يطلب تقديم الطعام وإن ضاق الوقت.

وعن نافع أن ابن عمر كان يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وإنه يسمع قراءة الإمام. رواه البخاري.

قال الخطابي: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها منه فيدخل المصلي في صلاته وهو ساكن الجأش لا تنازعه نفسه شهوة الطعام فيعجله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها.

(9) الصلاة مع مدافعة الأخبثين ونحوهما مما يشغل القلب:

لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث لا تحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم ولا ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن، فإن فعل فقد دخل (حكمه حكم الداخل بلا إذن) ولا يصلي وهو حاقن حتى يتخفف) .

وقوله : فيخص نفسه بالدعاء دونهم :هذا في الدعاء الذي يجهر فيه الإمام ويشارك فيه المؤتمون، بخلاف دعاء السر الذي يخص به الإمام نفسه فإنه لا يكره.

وهو حاقن: أي حابس للبول

وعند أحمد ومسلم وأبي داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يصلي أحد بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان) .

(10) الصلاة عند مغالبة النوم:

عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نعس أحدكم فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإنه إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه) رواه الجماعة.

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع) رواه أحمد ومسلم.

وهو عام فى صلاة الفرض والنفل ، لكن محله في الفرض إذا لم يخش خروج الوقت . وحمله مالك وجماعة على نفل الليل ، لأنه محل النوم غالباً .

(11) تشبيك الأصابع وفرقعتها:

لحديث علي رضي الله عنه مرفوعاً: (لا تقعقع أصابعك، وأنت في الصلاة) رواه ابن ماجة

(12)التزام مكان خاص من المسجد للصلاة فيه غير الإمام:

فعن عبد الرحمن بن شبل قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير) رواه أحمد

وحكمة النهى عنه أنه قد يؤدى إلى الشهرة والرياء والسمعة،  وفيه الحرمان من تكثير مواضع العبادة التي تشهد له يوم القيامة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : ) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( فقال : أتدرون ما أخبارُها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . فقال : هو أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، تقول : عمل يوم كذا كذا وكذا فهذه أخبارها . أخرجه أحمد

( وورد ) في تفسير قوله تعالى : ( فَمَا بَكَتْ عَليْهمُ الَّسماءُ وَأْلأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ) الدخان : آية 29 ، أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء . ” قال ” عبَّاد بن عبد الله : سأل رجل علياً . هل تبكى السماءُ والأرضُ على أحد ؟ فقال : إنه ليس من عبد إلا له مُصلّى فى الأرض وَمصعد عمله من السماء. وإن آلَ فرعونَ لم يكن لهم عمل صالح فى الأرض ولا عمل يصعد في السماء ثم قرأ الآية. أخرجه ابن حاتم

ما حكم وضع مدخنة البخور أمام المصلين في المسجد ؟

لا حرج في ذلك ، ولا يدخل هذا فيما ذكره بعض الفقهاء من كراهة استقبال النار ، فإن الذين قالوا بكراهة استقبال النار عللوا هذا بأنه يشبه المجوس في عبادتهم للنيران ، فالمجوس لا يعبدون النار على هذا الوجه وعلى هذا فلا حرج من وضع حامل البخور أمام المصلي ، ولا من وضع الدفايات الكهربائية أمام المصلي أيضاً  .

(13) كفت الشعر والثوب في الصلاة

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( أمرتُ أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوباً ولا شعراً ) .أخرجه : مسلم

وفي الصحيحين: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كفت الشعر والثوب)، وفي رواية: (عن عقص الشعر في الصلاة)، والكفت: هو الجمع والضم، ومنه قوله تعالى : ( ألم نجعل الأرض كفاتا ) أي نجمع الناس في حياتهم وموتهم

والنبي عليه الصلاة والسلام كان يطيل شعره حتى يبلغ منكبيه، فإذا كان ذلك من المسلم فإنه إذا طال على هذا النحو فكلما أراد أن يركع أو أن يسجد جمع شعره وطرحه في الخلف حتى يتسنى له أن يسجد على الأرض وأن يباشر الأرض بجبهته، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، وكما جاء النهي في الثوب جاء في الكم وفي الإزار، كلما هم المرء أن يركع أو يسجد جمع ثوبه بين فخذيه أو كفت بمعنى: جمع وضم إزاره أو بنطلونه وكذلك الكم، فنهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فهذا معنى كفت الشعر والثوب والنهي عنه، وبالإجماع هذا النهي نهي تنزيه أي: كراهة تنزيهية، ومن خالف ذلك لا حرمة عليه.

وهذا في حق الرجال دون النساء ، لأن شعرهن عورة يجب ستره . فإذا نقضته استرسل وربما تعذر ستره فتبطل صلاتها . وأيضاً فى نقضه للصلاة مشقة عليها

قال النووي : اتفق العلماء على النهى عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه ، أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك . فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء ، وهو كراهة تنزيه . فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته

وسئل ابن عثيمين : ما حكم تشمير الكم في الصلاة ؟

فأجاب فضيلته بقوله :إن كفه لأجل الصلاة فإنه يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم 🙁 أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ، ولا أكفّ ثوباً ولا شعراً ) وإن كان قد كفه من قبل لعمل قبل أن يدخل في الصلاة ، أو كفه لكثرة العرق وما أشبه ذلك فليس بمكروه .اهـ

وظاهر تبويب البخاري : يدل على أن النهي عنده عن كف الثياب مختص بفعل ذلك في الصلاة نفسها ، فلو كفّها قبل الصّلاة ، ثم صلى على تلك الحال لم يكن منهيا عنه .

وهذا قول مالك ، قال : إن كان يعمل عملا قبل الصلاة فشمر كمه أو ذيله ، أو جمع شعره لذلك فلا بأس أن يصلي كذلك ، كما لو كان ذلك هيئته ولباسه ، وإن فعل ذلك للصّلاة ، وأن يصون ثوبه وشعره أن تصيبهما الأرض كُره ، لأن فيه ضربا من التكبر وترك الخشوع .

(14) وتكره القراءة في الركوع والسجود:

لحديث ” ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف السِّتارة والناسُ صفوف خلف أبى بكر فقال : يأيها الناس إنه لم يبقَ من مبشرات النبوةِ إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترُى له . وإنى نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً . فأما الركوع فعظموا الرب فيه . وأما السجود فاجتهدوا فى الدعاء فقمِن أن يُستجاب لكم . أخرجه مسلم

وحكمة النهى عن القراءة في الركوع والسجود ، أنهما حالة ذل وانكسار ظاهراً فلا يتناسبان مع عظمة القرآن .

(15) الإقعاء في الصلاة  :

وهو قسمان :

الأول وضع يديه وأليتيه على الأرض ونصب ساقيه وفخذيه (وهو مكروه) تحريماً اتفاقاً ” لقول ” أبى هريرة نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة : عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب . والتفاتٍ كالتفاتِ الثعلب . أخرجه أحمد والبيهقى والطبرانى في الأوسط بسند حسن

( الثانى ) وضع ألْيتيه على عقِبيه وركبتيه على الأرض حال الجلوس بين السجدتين . وهو غير مكروه بل مستحب عند الشافعية وبعض الحنفية وجماعة من السلف والخلف ” لقول ” طاووس : قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين في السجود فقال : هي السنة قلنا : إنا لنراه جفاء بالرجل فقال ابن عباس : هى سنة نبيك صلى الله عليه وسلم . أخرجه أحمد ومسلم

(16) ويكره – عند الحنفية ومالك – التنكيس في القراءة :

وهو أن يقرأ في الركعة الثانية سورة أو أية قبل التي قرأها في الأولى ، كأن يقرأ في الركعة الأولى ( الغاشية ) وفى الثانية ( الأعلى )

( وقد ) سئل ابن مسعود عمن يقرأ القرآن منكوساً فقال : ذلك منكوس القلب ذكره ابن قدامة

( وقالت ) الشافعية والحنابلة : إنه خلاف الأولى ( قال ) ابن قدامة : والمستحب أن يقرأ في الركعة الثانية بسورة بعد السورة التي قرأها في الركعة الأولى .

فإن قرأ بخلاف ذلك فلا بأس به قال أحمد لما سئل عن هذه المسألة : لا بأس به . أليس يُعلّم الصبي على هذا ؟

وقال البخاري : وقرأ الأحنف بالكهف في الأولى وفى الثانية بيوسف أو يونس ، وذكر أنه صلى مع عمر الصبحَ رضي الله عنه بهما.

وقد نكّس النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز ،قال حذيفة : صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلتُ : يركعُ عند المائة ثم مضى . فقلتُ يصلى بها في ركعة فمضى . فقلت يركع بها فمضى . ثم افتتح النساء فقرأها ، ثم افتتح آل عمران فقرأها مترسِّلا ، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح ، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوَّذ ، ثم ركع فجعل يقول : سبحان بى العظيم ، وكان ركوعُه نحواً من قيامه . ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمدُ ، ثم قام قياماً طويلا قريباً مما ركع ، ثم سجد فقال : سبحان ربى الأعلى . فكان سجوده قريباً من قيامه . أخرجه مسلم

(17) ويكره للمصلى تكرير الفاتحة كلاً أو بعضاً :

عند الحنفيين والشافعي لعدم وروده . فإن كرّرها سهواً سجد للسهو ، وكذا إن كرّرها عمداً عند الشافعية ، ويأثم عند الحنفيين وعليه إعادة الصلاة لرفع الإثم .

وقال الحنابلة : يكره تكرارها في ركعة ، لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه . وفى إبطال الصلاة بتكريرها قولان .

( وقالت ) المالكية : يحرم تكريرها عمداً ولا تبطل به الصلاة ، وإن كررها سهواً سجد للسهو .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 365 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم