فقه الصلاة 13- مبطلات الصلاة

تاريخ الإضافة 4 يونيو, 2023 الزيارات : 3850

تبطل الصلاة ويفوت المقصود منها بفعل من الأفعال الآتية:

(1 و 2) الاكل والشرب عمدا:

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا أن عليه الإعادة ، وقالت الشافعية والحنابلة: لا تبطل الصلاة بالأكل أو الشرب ناسيا أو جاهلا، وكذا لو كان بين الأسنان دون الحمصة فابتلعه ، وكذا في صلاة التطوع عند الجمهور لان ما أبطل الفرض يبطل التطوع .

وقال ابن المنذر في الإجماع (ص 4): ” وأجمعوا على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب واستثنى المذهب من ذلك فيما لو شرب يسيراً في نفل عمداً فإنه لا يبطل الصلاة ؛ فلو أن إنساناً يصلي أي نافلة ثم شرب ماءً متعمداً لكنه يسير في النفل فإنه يُعفى عن ذلك ولا يبطل الصلاة.

واستدلوا:

1- بما روي أن ابن الزبير كان يطيل النفل وربما عطش فشرب يسيراً وهو أثر أخرجه ابن المنذر في الأوسط وإسناده ضعيف لأنه جاء من طريق هشيم بن بشير الواسطي وهو مدلس لم يصرح بالسماع.

2- قالوا: لأن النفل أخف من الفرض بدليل أن هناك أركاناً كالقيام واستقبال القبلة في السفر مثلاً تسقط بالنفل دون الفرض، وربما يحتاج الإنسان إلى ما يشجعه على النافلة فسمح له بالشرب يسيراً.

والقول الثاني: أنه لا يُعفى عن يسير الشرب في النفل عمداً كما لا يُعفى في الفرض وهو قول أكثر أهل العلم.

وعللوا ذلك: أن الأصل تساوي الفرض والنفل إلا بدليل ولا دليل على التفريق.

(3) الكلام عمدا في غير مصلحة الصلاة:

فعن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام، رواه الجماعة.

وعن ابن مسعود قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا: يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا؟ فقال: (إن في الصلاة لشغلا) أي مانعا من الكلام ، رواه البخاري ومسلم.

فإن تكلم جاهلا بالحكم أو ناسيا فالصلاة صحيحة، فعن معاوية بن الحكم السلمي قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم.

فقلت: واثكل أماه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت (أي أرادوا أن أسكت فأردت أن أكلمهم لكني سكتّ) .

فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فو الله ما كهرني (ما انتهرني) ولا ضربني ولا شتمني قال: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) رواه أحمد ومسلم.

فهذا معاوية بن الحكم قد تكلم جاهلا بالحكم فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة.

وأما عدم البطلان بكلام الناس فلحديث أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لم تقصر ولم أنس) فقال: بل

قد نسيت يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحق ما يقول ذو اليدين؟) قالوا: نعم.

فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين. رواه البخاري ومسلم.

وجوز المالكية الكلام لإصلاح الصلاة بشرط ألا يكثر عرفا وألا يفهم المقصود بالتسبيح.

وقال الأوزاعي: من تكلم في صلاته عامدا بشئ يريد به إصلاح الصلاة لم تبطل صلاته.

وقال في رجل صلى العصر فجهر بالقرآن فقال رجل من ورائه: إنها العصر، لم تبطل صلاته.

(4) العمل الكثير عمدا:

وقد اختلف العلماء في ضابط القلة والكثرة، فقيل: الكثير هو ما يكون بحيث لو رآه إنسان من بعد تيقن أنه ليس في الصلاة، وما عدا ذلك فهو قليل.

وقيل: هو ما يخيل للناظر أن فاعله ليس في الصلاة.

وقال النووي: إن الفعل الذي ليس من جنس الصلاة إن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف وإن كان قليلا لم يبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط.

ثم اختلفوا في ضبط القليل والكثير على أربعة أوجه ثم اختار الوجه الرابع فقال: (وهو الصحيح المشهور) وبه قطع المصنف والجمهور أن الرجوع فيه إلى العادة، فلا يضر ما يعده الناس قليلا كالإشارة برد السلام، وخلع النعل، ورفع العمامة، ووضعها ولبس ثوب خفيف ونزعه، وحمل صغير ووضعه، ودفع مار ودلك البصاق في ثوبه وأشباه هذا.

وأما ما عده الناس كثيرا كخطوات كثيرة متوالية وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة.

قال: ثم اتفق الأصحاب على أن الكثير إنما يبطل إذا تولى فإن تفرق بأن خطا خطوة، ثم سكت زمنا، ثم خطا أخرى، أو خطوتين، ثم خطوتين بينهما زمن إذا قلنا لا يضر الخطوتان وتكرر ذلك مرات كثيرة حتى بلغ مائة خطوة فأكثر، لم يضر بلا خلاف.

قال: فأما الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في سبحة أو حكة أو حل أو عقد فالصحيح المشهور أن الصلاة لا تبطل به وإن كثرت متوالية، لكن يكره.

وقد نص الشافعي رحمه الله: أن لو كان يعد الآيات بيده عقدا لم تبطل صلاته، لكن الأولى تركه.

(5) ترك ركن أو شرط عمدا وبدون عذر:

لما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي الذي لم يحسن صلاته: (ارجع فصل فإنك لم تصل) ، وقد تقدم.

قال ابن رشد: اتفقوا على أن من صلى بغير طهارة أنه يجب عليه الإعادة، عمدا كان ذلك أو نسيانا.

وكذلك من صلى لغير القبلة عمدا كان ذلك أو نسيانا.

وبالجملة فكل من أخل بشرط من شروط صحة الصلاة وجبت عليه الإعادة  .

ويرى الحنفية والحنابلة أنه يباح له قطع الصلاة لو خاف ضياع مال له ولو كان قليلا أو لغيره أو خافت أو تألم ولدها من البكاء أو فار القدر أو هربت دابته ونحو ذلك.

(6) التبسم والضحك في الصلاة:

نقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصلاة بالضحك.

قال النووي: وهو محمول على من بان منه حرفان.

وقال أكثر العلماء: لا بأس بالتبسم، وإن غلبه الضحك ولم يقو على دفعه فلا تبطل الصلاة به إن كان يسيرا، وتبطل به إن كان كثيرا، وضابط القلة والكثرة والعرف.

(فائدة) لا تبطل الصلاة بأفعال القلب وتفكيره في غير أعمالها ما لم يصحبها فعل الجوارح ، فمن رتب في فكره  كلاماً أو عملا ولم يتكلم ولم يفعل، لا تفسد صلاته، لكنه خلاف الأولى .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 346 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم