فضائل مدينة بيت المقدس

تاريخ الإضافة 10 أكتوبر, 2023 الزيارات : 7229
فضائل مدينة بيت المقدس
 معنى الاسم :
مدينة ” بيت المَقْدس ” بفتح الميم وسكون القاف، تعني: المكان المطهر من الذنوب، واشتقاقه من القُدْس أو القدس – بسكون الدال المهملة وضمّها– وهو الطهر والبركة، والتقديس هو التطهير والتبريك وتنزيه الله تعالى عما لا يليق بذاته العليّة عزّ وجلّ.
أما اسم المدينة في اللغة العبرانية فهو ” أورشليم ” ومعناه: بيت الرب، وهذا الاسم ذو دلالة واضحة على تقدس المدينة في الديانتين: اليهودية والنصرانية .
ونلاحظ أن اسم ” بيت المقدس ” يطلق على المدينة المقدسة ” القدس الآن ” تارة بشكل عام، في إشارة إلى أن البقعة كلها مقدسة، وهذا تأكيد على الآية الكريمة﴿ الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ﴾ [الإسراء: 1]؛ وقد يشار إلى المسجد الأقصى بعموم لفظ بيت المقدس في بعض الكتابات، وهذا عائد إلى عدم التفريق في الضبط والتشكيل بين المَقدس والمُقَدَّس، فالأولى تطلق على المدينة ” بيت المقدس ” والثانية تطلق على المسجد ” البيت المُقَدَّس “.
ما ورد في فضلها :
 ورد ذكرها في عدة  آيات من القرآن الكريم منها :
ما ذكره الله تعالى في سورة الإسراء:﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ الإسراء : 1
والبركة حول المسجد الأقصى تقتضي باللازم أن يكون هو مباركاً ومكانه مباركاً، و معنى البركة فيه وحوله مباركته بالأنهار والأشجار والزروع والثمار.
وقال السيوطي في تعليقه عليها : “فلو لم يكن لبيت المقدس من الفضيلة غير هذه الآية لكانت كافية، وبجميع البركات وافية لأنه إذا بورك حوله فالبركة فيه مضاعفة؛ لأن الله تعالى لما أراد أن يعرج بنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم إلى سمائه جعل طريقه عليه تبياناً لفضله، وليجعل له فضل البيتين وشرفهما، وإلاّ فالطريق من البيت الحرام إلى السماء كالطريق من بيت المقدس إليها”
وقوله تعالى: ﴿ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ﴾ الأنبياء: 71
ذكر ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الأرض المباركة هي بيت المقدس لأن منها بعث الله أكثر الأنبياء وهي كثيرة الخصب والنمو عذبة الماء.
ومنها قوله تعالى لبني إسرائيل: ﴿ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ المائدة: 21 فالأرض المقدسة هي بيت المقدس.
ومن السنة :
وردت أحاديث كثيرة في بيان هذه الفضائل منها :
1-  عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي مسجد وُضع في الأرض أوّل؟ قال : “المسجد الحرام” قال: قلت: ثم أيّ؟ قال “المسجد الأقصى” قلت: كم كان بينهما ؟ قال: أربعون سنة ” متفق عليه .
 
أشار الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري إلى أن ابن الجوزي ذكر في قول النبي صلى الله عليه وسلم : “أربعون سنة” إشكالاً لأن إبراهيم عليه السلام بنى المسجد الحرام وسليمان عليه السلام بني بيت المقدس وبينهما أكثر من ألف سنة ثم أجاب ابن الجوزي عن هذا الإشكال بقوله : وجوابه أن الإشارة إلى أول البناء ووضع أساس المسجد وليس إبراهيم عليه السلام أول من بنى الكعبة ولا سليمان عليه السلام أول من بنى بيت المقدس، ثم قال ابن الجوزي : “فقد روّينا أن أول من بنى الكعبة آدم ثم انتشر ولده في الأرض فجائز أن يكون بعضهم قد وضع بيت المقدس ثم بنى إبراهيم الكعبة”.
ثم ذكر ابن حجر قول القرطبي : إن الحديث لا يدل على أن إبراهيم وسليمان عليهما السلام لما بنيا المسجدين ابتدأ وضعهما لهما، بل ذلك تجديد لما كان أسّسه غيرهما، أي آدم عله السلام.
وقد رجح الحافظ ابن حجر قول ابن الجوزي وجعله أوجه من غيره، وذكر دليل وجاهته بقوله : “وقد وجدت ما يشهد له ويؤيد قول من قال : إن آدم عليه السلام هو الذي أسّس كّلاً من المسجدين، فذكر ابن هشام في كتاب التيجان أن آدم عليه السلام لمّا بني الكعبة أمره الله تعالى بالسير إلى بيت المقدس وأن يبنيه فبناه ونسك فيه، وبناء آدم للبيت مشهور”.
 
2-  عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم إلى المدينة نزل على أجداده – أو قال : أخواله – من الأنصار ، وأنه صلّى قِبل بيت المقدس ستة عشر شهراً – أو سبعة عشر شهراً – وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أوّل صلاة صلاّها العصر، وصلّى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمرّ على أهل مسجد وهم راكعون فقال : أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل مكة فداروا كما هم قِبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قِبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلمّا ولّى وجهه قِبل البيت أنكروا ذلك .وهو حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه .
 
وهذا الحديث يبيّن أن بيت المقدس والمسجد الأقصى هو قبلة المسلمين الأولى لمدة سنة وأربعة أشهر تقريباً حيث تم تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة كما في قوله تعالى : “قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي الْسَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيُنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُم فَوَلُّواْ وُجُوهَكُم شَطْرَه ..” البقرة : 144
 
3-  عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “أُتيت بالبّراق – وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه – قال : فركبت حتى أتيت بيت المقدس، قال : فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن، فقال جبريل – عليه السلام – اخترت الفطرة، ثم عَرَجَ بنا إلى السماء ..”جزء من حديث طويل. وهو حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه .
 
وهذا الحديث يبيّن مكانة المسجد الأقصى بالنسبة للمسجد الحرام وذلك من خلال الربط بين هذين المسجدين المقدسين بهذه الرحلة العظيمة وهي رحلة الإسراء والمعراج التي كانت تسرية وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما كان يعانيه ويلاقيه من كفار قريش من صدّ عن سبيل الله تعالى وتكذيب له وإيذاء وتعذيب له ولأصحابه الكرام رضوان الله عليهم خاصة بعد وفاة زوجه خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب آنذاك وهما نصيراه من البشر.
 
4- عن أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بيت المقدس ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى هو ، وليوشكن أن يكون للرجل مِثْل شطن فرسه من الأرض حيث يَرى منه بيت المقدس  خير له من الدنيا  جميعاً ” . رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني كما في  السلسلة الصحيحة  والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة ، فتكون الصلاة في المسجد الأقصى بمائتين وخمسين صلاة .
 
وأما الحديث المشهور أن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة : فضعيف . انظر ” تمام المنة ” للشيخ الألباني رحمه الله ( ص 292 ) .
5- عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن سليمان بن داوود عليه السلام سأل الله ثلاثاً فأعطاه اثنتين ونحن نرجو أن تكون الثالثة؛ فسأله حكماً يصادف حكمه فأعطاه الله إياه، وسأله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، فنحن نرجو أن يكون الله عزّ وجل قد أعطاه إياه”. أخرج الإمام أحمد وهو حديث صحيح.
 
6- عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرّهم من خالفهم – إلا ما أصابهم من لأواء – حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك” قالوا : يا رسول الله وأين هم ؟ قال : “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”. وهو حديث صحيح.
 
ومعنى “اللأواء” أي الشدة وضيق المعيشة، ومعنى “أكناف بيت المقدس” : أي نواحيها وما حولها. ومعنى “أكناف بيت المقدس” أي المدن والقرى والضواحي المحيطة بها، وقيل : هي فلسطين، وقيل : بلاد الشام.
7- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ( تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا )


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 280 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم