الأحاديث القدسية : 12- “النظر إلى وجه الله الكريم”

تاريخ الإضافة 8 يوليو, 2023 الزيارات : 13615
 أعظم نعيم أهل الجنة النظر إلى وجه الله الكريم
عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) رواه مسلم
هذا الحديث فيه بيان لأعظم نعيم أهل الجنة، ألا وهو النظر إلى وجه الله الكريم، والمؤمن عندما ينظر إلى شيء من صنع الله في الأرض فإذا السعادة تفيض من قلبه على ملامحه، فيبدو فيها الوضاءة والنضارة.
فكيف بها حين تنظر إلى ذات الله العلية سبحانه جل في علاه.
والسر في ذلك أن روح الإنسان تستمتع أحياناً بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أو النفس، تراها في القمر بدرا، أوفي الليل الهادئ، أو نسمات الفجر، أو الظلال والخضرة في البساتين، أو أمواج البحر، أو في جنة خضراء … إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود.. فتفيض بالسعادة، وتتوارى عنها هموم الحياة، وما فيها من ألم وغم وحزن….
فكيف بها وهي لا تنظر إلى جمال صنع الله ؛ بل إلى العلي الأعلى خالق هذا الجمال؟ قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} القيامة/22-23، ومالها لا تكون ناضرة وهي إلى جمال ربها تنظر؟
والكلام على رؤية الله تعالى ينقسم إلى قسمين:
أولاً: رؤية الله تعالى في الدنيا:
رؤية الله تعالى في الدنيا مستحيلة، دل َّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع: –
فمن الكتاب:
موسى يقول رب أرني أنظر إليك:
قال تعالى: “وَلَمَّا جَاءَ موسى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي ولكن انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسى صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ” (143) الأعراف
“وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا “ تشوق إلى رؤية اللّه، فقَالَ “رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ اللَّهِ لَنْ تَرَانِي” أي: لن تقدر الآن على رؤيتي، فإن اللّه تبارك وتعالى أنشأ الخلق في هذه الدار على نشأة لا يقدرون بها، ولا يثبتون لرؤية اللّه.
وأراد الله سبحانه أن يوضح لموسى الأمر بعملية واقعية فقال : ” لن تراني ” ولكن حتى أطمئنك أنك مخلوق بصورة لا تمكنك من رؤيتي “ولكن انظر إلى الجبل”، والجبل مفروض فيه الصلابة، والقوة، والثبات، والتماسك؛ “فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي”، فسيمكنك أن تراني. فالجبل بحكم الواقع، وبحكم العقل، أقوى من الإِنسان، وأصلب منه وأشد“فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا” والدكُّ هو الضغط على شيء من أعلى ليسوَّي بشيء أسفل منه أي انهال مثل الرمل، “وَخَرَّ موسى صَعِقًا “حين رأى ما رأى  فتبين له حينئذ أنه إذا لم يثبت الجبل لرؤية اللّه، فموسى أولى أن لا يثبت لذلك، واستغفر ربه لما صدر منه من السؤال، الذي لم يوافق موضعا و لذلك قَالَ موسى ” سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ” أي: تنزيها لك، وتعظيما عما لا يليق بجلالك تُبْتُ إِلَيْكَ من جميع الذنوب، وسوء الأدب معك وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي: جدد عليه الصلاة والسلام إيمانه، بما كمل اللّه له مما كان يجهله قبل ذلك.
ومن السنة:
حديث النواس بن سمعان في ذكر الدجال وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:” اعلموا أن أحداً منكم لن يرى ربه حتى يموت” رواه مسلم.
وأجمع العلماء على أن الله عز وجل لا يراه أحد في الدنيا بعينه، ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم، ولو كان الله جل وعلا يُرى في الدنيا أي لو كان ذلك حاصلاً لأحد من العباد لحصل لكليم الله تعالى موسى حين سأل ربه ذلك، فالحاصل أن رؤية الله في الدنيا ممتنعة بإجماع العلماء.
هل رأى الرسول ربَّه تبارك وتعالى ليلةَ الإسراء؟
هل رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – ربه؟
هذه المسألة فيها قولان لأهل العلم:
القول الأول : أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يرَ ربَّه في ليلة المعراج:

وهو قول جمهور الصحابة؛ منهم: عائشة، وأبو هريرة، وابن مسعود، وإليه ذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو الراجح – والله أعلم – لحديث أبي ذر قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم هَلْ رأيتَ ربَّكَ؟ قال: “نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ”، وفي رواية: “رأيتُ نوراً”.

قوله: (فقال: نور أنى أراه؟): وفي رواية لمسلم: (فقال: رأيت نورًا)، قال النووي: قوله – صلى الله عليه وسلم -: (نورٌ أنَّى أراه)، هو بتنوين (نور)، وبفتح الهمزة في (أنَّى) وتشديد النون المفتوحة، (أَراه) بفتح الهمزة، هكذا رواه جميع الرواة في جميع الأصول والروايات، ومعناه: حجابه نورٌ، فكيف أراه؟ قال الإمام أبو عبدالله المازري: الضمير في (أراه) عائد على الله – سبحانه وتعالى – ومعناه: أن النور مَنعنِي من الرؤية، كما جرت العادة بإغشاء الأنوار الأبصار، ومنعها من إدراك ما حالتْ بين الرائي وبينه، وقوله: (رأيت نورًا)؛ معناه: رأيت النور فحسب، ولم أرَ غيره.
ومِمَّا يؤكّد عدمَ رُؤْيَةِ النبيّ ربَّه بعينيه ليلة الإسراء:حديثُ أبي موسى؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهار وعَمَلُ النَّهارِ قبل عَمَلِ اللَّيْلِ، حجابه النور -وفي رواية أبي بكر: النَّار- لو كَشَفَهُ لأحرقتْ سُبُحاتُ وجْهِه ما انتهى إليه بصرُه من خَلْقِه”.
وقد رُوِيَ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ رأى ربَّه، ولكنَّ هذه الروايات المُطْلَقَةَ رُوِيَتْ مقيَّدةً بِرُؤْيَةِ القَلْبِ؛ فقد روى مسلمٌ عنِ ابن عباس قال: “رآهُ بفُؤَادِه مرَّتَيْنِ”. 
وعن مسروق قال: كنتُ متَّكئاً عند عائشةَ فقالت: يا أبا عائشة، ثلاثٌ مَنْ تَكلَّمَ بِواحدةٍ منهنَّ فقد أعظم على الله الفِرْية، قلتُ: ما هنَّ؟ قالت: مَن زَعَم أنَّ محمَّدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد أعظم على الله الفِرية، قال: وكنت متكئا فجَلَسْتُ، فقلتُ: يا أم المؤمنين أنظِريني ولا تعجليني، ألم يقُلِ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ} [التكوير: 23]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]! فقالت: أنا أوَّل هذه الأُمَّةِ سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “إنَّما هو جبريل لم أرَهُ على صورته التي خُلِق عليها غَيْرَ هاتين المرَّتين، رَأَيْتُه منهبطاً من السماء سادّاً عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض”، فقالت: أَوَلَمْ تسمع أنَّ الله يقول: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ}؟ [الأنعام: 103] أولم تسمع أن الله يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}؟ [الشورى: 51].
القول الثاني : أن النبي – صلى الله عليه وسلم – رأى ربَّه ليلة المعراج: 
وهو ثابت عن ابن عباس، وأنس، وإليه ذهب عكرمة، والحسن، والربيع بن سليمان، وابن خزيمة، وكعب الأحبار، والزهري، وعروة بن الزبير، ومعمر، والأشعري، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ورجَّحه النووي؛ مستدلين بقوله – تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13]. قلت: والاستدلال بالآية فيه نظر؛ لأن المراد بالرؤية في الآية رؤية جبريل – عليه السلام – وهذا ما قاله قتادة، والربيع بن أنس،ومن الممكن أن يقال: إن مَن أثبت الرؤية، فهو محمول على الرؤية القلبية، كما هو ثابت عن ابن عباس – رضي الله عنه – قال: “رآه بقلبه”، وفي رواية: “رآه بفؤاده مرتين”، وهذا ما رجَّحه ابن حجر، وهو ظاهر كلام ابن تيمية، حيث قال: “والألفاظ الثابتة عن ابن عباس – رضي الله عنه – هي مطلقة، أو مقيدة بالفؤاد، تارة يقول: رأى محمدٌ – صلى الله عليه وسلم – ربَّه، وتارة يقول: رآه محمدٌ، ولم يثبت عن ابن عباس – رضي الله عنه – لفظ صريح بأنه رآه بعينه”
إذن الثابت أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يرَ ربه تعالى ببصره في ليلة المعراج، وإنما رآه بفؤاده، ولم ير بعينيْهِ إلا النور، وهو قول أكثر أهل السنة.
ثانياً: رؤية الله تعالى في الجنة:
باتفاق أهل السنة والجماعة أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، ورؤية الله في الجنة أعظم نعيم أهلها.
ورؤية المؤمنين لربهم في الجنة دلَّ عليها الكتاب والسنة والإجماع:
الأدلة من القرآن :
1- قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} القيامة/22-23
أي أن وجوه المؤمنين تكون حسنة بهية مشرقة مسرورة بسب نظرها إلى وجه ربها كما قال الحسن رحمه الله : ” نظرت إلى ربها فنضرت بنوره “.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: “(وجوه يومئذ ناضرة ) قال : من النعيم ( إلى ربها ناظرة ) قال تنظر إلى وجه ربها نظراً .
2- وقال جل شأنه: (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) ق/35
 فالمزيد هنا هو:” النظر إلى وجه الله عز وجل. ” كما فسره بذلك على وأنس بن مالك رضي الله عنهما
 
3- وقال سبحانه: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) يونس/26
فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
فإذا علمت أن أهل الجنة لا يعطون شيئاً فيها أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم جل وعلا تبين لك مدى الحرمان، وعظيم الخسران، الذي ينتظر المجرمين الذين توعدهم الله بقوله: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) المطففين/15 نسأل الله السلامة والعافية.
ومن جميل ما يروى عن الشافعي ما ذكره عنه الربيع بن سليمان ـ وهو أحد تلاميذه ـ: قال: حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها: ما تقول في قول الله عز وجل: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)؟ فقال الشافعي: ” لما أن حجب هؤلاء في السخط، كان في هذا دليلٌ على أن أولياءه يرونه في الرضى ”
 
وأما أدلة السنة فهي كثيرة جداً، فمنها :
1- ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله: ” هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ ” قالوا : لا يا رسول الله . قال : ” هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ ” قالوا: لا . قال : ” فإنكم ترونه كذلك …الحديث “.
 
وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ ( لا تَضَامُّون أَوْ لا تُضَارُّونَ ) عَلَى الشَّكّ وَمَعْنَاهُ : لَا يَشْتَبِه عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِض بَعْضكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَته . ولا يلحقكم في رؤيته مشقة أو تعب . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ مختصرا من شرح مسلم.
 
2- وفي الصحيحين أيضا من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته ” .
 
والتشبيه الذي في الأحاديث هو تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أننا كما نرى الشمس في اليوم الصحو في غاية الوضوح ، ولا يحجب أحد رؤيتها عن أحد رغم كثرة الناظرين إليها ، وكما نرى القمر مكتملا ليلة البدر وهو في غاية الوضوح ، لا يؤثر كثرة الناظرين إليه على وضوح رؤيته فكذلك يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة بهذا الوضوح والجلاء ، وليس المقصود من الأحاديث تشبيه المرئي بالمرئي ـ تعالى الله ـ فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
 
3- وعَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئاً أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبِيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ. فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ”. وفي رواية: ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الآيَةَ: ? لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى? وَزِيَادَةٌ ? رواه مسلم.
 
أسباب رؤية الله تعالى:
1- أن يسأل العبدُ ربَّه النظرَ إلى وجهه الكريم: لحديث عمار بن ياسر وفيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومنه:” وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ” الحديث رواه أحمد والنسائي والحاكم.
 
2- المحافظة على صلاتي الفجر والعصر: لحديث جرير بن عبدالله الذي تقدم قال: كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال:” إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ” متفق عليه، والمقصود بهما صلاة الفجر والعصر.
تفسير: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)
للعلماء في تفسيرها قولان :
القول الأول :﴿ لا تدركه الأبصار ﴾ في الدُّنيا لأنَّه وعد في القيامة الرُّؤية بقوله: ﴿ وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ﴾ والمُطلق يحمل على المقيد،إذن فالمعنى لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ.
القول الثاني : أَنَّ الْإِدْرَاكَ غَيْرُ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ هُوَ الْوُقُوفُ عَلَى حقيقة الشَّيْءِ وَالْإِحَاطَةُ بِهِ وَالرُّؤْيَةُ الْمُعَايَنَةُ،  فَنَفَى الْإِدْرَاكَ مَعَ إِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ، فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَجُوزُ أن يرى من غير إِدْرَاكٍ وَإِحَاطَةٍ كَمَا يُعْرَفُ فِي الدُّنْيَا وَلَا يُحَاطُ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه: 110]، فَنَفَى الْإِحَاطَةَ مَعَ ثُبُوتِ الْعِلْمِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَا تُحِيطُ بِهِ الْأَبْصَارُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: كَلَّتْ أَبْصَارُ الْمَخْلُوقِينَ عَنِ الْإِحَاطَةِ بِهِ.
وَقوله: وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ، أي: لا يخفى على الله شَيْءٌ وَلَا يَفُوتُهُ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :” وحينئذ فتكون الآية دالَّة على إثبات الرؤية ، وهو أنه يُرى ولا يُدرك ، فيُرى من غير إحاطة ولا حصر ، وبهذا يحصل المدح ؛ فإنه وصفٌ لعظمته أنه لا تدركه أبصار العباد وإن رأته ، وهو يدرك أبصارهم ، قال ابن عباس – وعكرمة بحضرته – لمن عارض بهذه الآية : ” ألست ترى السماء ؟ ” . قال : بلى ، قال : ” أفكلها ترى ؟ ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (16/88) .
وهذا القول الثاني هو الراجح .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 356 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم