الحياء خلق الإسلام

تاريخ الإضافة 11 يناير, 2023 الزيارات : 6051

الحياء خلق الإسلام

نعيش اليوم مع خلق من أهم الأخلاق ؛ خلق مؤثر في الفرد والأسرة والمجتمع.

خلق كلما تمسكنا به… زاد المجتمع طهرا ونقاء، وكلما بعدنا عنه زادت المشاكل في المجتمع.

إنه خلق الحيــاء

قال ابن القيِّم: (خُلق الحَيَاء مِن أفضل الأخلاق وأجلِّها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا، بل هو خاصَّة الإنسانيَّة، فمَن لا حياء فيه، فليس معه مِن الإنسانيَّة إلَّا اللَّحم والدَّم وصورتهما الظَّاهرة، كما أنَّه ليس معه مِن الخير شيء)

 فما هو الحياء؟

الحياء في اللغة هو الحشمة، ضد الوقاحة ، وهو انقباض وانزواء وانكسار يعتري المرء عند خوف ما يعاب به.

وهو مشتق من الحياة، ولذا قال بعض البلغاء : حياة الوجه بحيائه، كما أن حياة الغرس بمائه ، وقالوا:” أكمل الناس حياة أكملهم حياء”.

وشرعا: هو صفة وخلق يكون في النفس، فيبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق كل ذي حق.
وقيل هو: تغيُّر وانكسار يعتري الإنسان مِن خوف ما يُعَاب به ويُذَمُّ، ومحلُّه الوجه .

هل هناك فرق بين الخجل والحياء؟

نعم هناك فرق بين الخجل والحياء؛ فالخجل يعرّفه علماء النفس بأنه: ارتباك نتيجة موقف، كسؤال المعلم للطالب؛ فتجد الطالب يخجل ولا يستطيع عرض رأيه بوضوح، فالخجل ناتج عن جبن ، عن خوف… فالشخصية الخجولة شخصية ضعيفة… ولكن الحياء عكس ذلك تماما، لأن الحياء ناتج عن شخصية قوية، شخصية تستشعر قيمتها فهي كريمة تستعلي أن تفعل القبائح.

، ولهذا يُقَال: فلانٌ يستحي في هذا الحال أن يفعل كذا، ولا يقال: يخجل أن يفعله في هذه الحال؛ لأنَّ هيئته لا تتغيَّر منه قبل أن يفعله، فالخَجَل ممَّا كان والحَيَاء ممَّا سيكون.

التَّرغيب في الحَيَاء

 الحياء في القرآن الكريم

1- قال تعالى: وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26] فُسِّر لباس التَّقوى بأنَّه الحَيَاء كما رُوِي عن الحسن   .
2- قال تعالى: فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 25].

وهذه الآية تتحدَّث عن حياء الابنة، حين جاءت إلى موسى عليه السَّلام تدعوه إلى أبيها ليجزيه على صنيعه، فجاءت إليه تمشي على استحياء  وتأمل قوله تعالى: {تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} وكأن الحياء قد تمكن منها، وتمكنت منه، وهو تعبير قرآني يصور حالة المرأة وما هي عليه من أدب جم، وخلق فاضل، وسمت كريم، وأعظم ما في خلق المرأة حياؤها، وهكذا تكون المرأة المسلمة.

3- وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ[الأحزاب:53].
قال ابن كثير: (قيل: المراد أنَّ دخولكم منزله بغير إذنه، كان يشُقُّ عليه ويتأذَّى به، لكن كان يكره أن ينهاهم عن ذلك مِن شدَّة حَيَائه عليه السَّلام، حتى أنزل الله عليه النَّهي عن ذلك)  .
وقال الشَّوكاني: (أي:يسْتَحْيِي أن يقول لكم: قوموا، أو اخرجوا)  .

ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة

1- عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ ممَّا أدرك النَّاس مِن كلام النُّبوَّة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) رواه البخاري .

معنى قوله (النُّبوَّة الأولى) أنَّ الحَيَاء لم يزل أمره ثابتًا، واستعماله واجبًا منذ زمان النُّبوَّة الأولى، وأنه ما مِن نبيٍّ إلَّا وقد نَدَب إلى الحَيَاء وبُعِث عليه، وأنَّه لم ينسخ فيما نسخ مِن شرائعهم، ولم يُبَدَّل فيما بُدِّل منها.

2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستُّون- شعبة، أعلاها: قول: لا إله إلَّا الله. وأدناها: إماطة الأذى عن الطَّريق. والحياء شعبة مِن الإيمان) رواه مسلم  .

معنى قوله: (الحَيَاء شعبة مِن الإيمان) أنَّ الحَيَاء يقطع صاحبه عن المعاصي ويحجزه عنها، فصار بذلك مِن الإيمان ، وإنَّما أفرد صلَّى الله عليه وسلَّم هذه الخصلة مِن خصال الإيمان في هذا الحديث، وخصَّها بالذِّكر دون غيرها مِن باقي شعب الإيمان؛ لأنَّ الحَيَاء كالدَّاعي إلى باقي الشُّعب، فإنَّ صاحب الحَيَاء يخاف فضيحة الدُّنْيا والآخرة فيأتمر وينزجر، فلمَّا كان الحَيَاء كالسَّبب لفعل باقي الشُّعب؛ خُصَّ بالذِّكر ولم يذكر غيره معه.

3-  وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (الحَيَاء لا يأتي إلَّا بخير) .

معناه أنَّ مَن استحيا مِن النَّاس أن يروه يأتي الفجور ويرتكب المحارم، فذلك داعيةٌ له إلى أن يكون أشدَّ حياءً مِن ربِّه وخالقه، ومَن استحيا مِن ربِّه فإنَّ حياءه زاجرٌ له عن تضييع فرائضه وركوب معاصيه .

– وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استحيوا مِن الله حقَّ الحياء. قال: قلنا: يا رسول الله إنَّا لنستحيي، والحمد للَّه. قال: ليس ذاك، ولكنَّ الاستحياء مِن الله حقَّ الحياء: أن تحفظ الرَّأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتتذكَّر الموت والبِلَى، ومَن أراد الآخرة، ترك زينة الدُّنيا، فمَن فعل ذلك، فقد استحيا مِن الله حقَّ الحياء) رواه الترمذي وحسنه الألباني .

قوله: (استحيوا مِن الله حقَّ الحَيَاء). أي: حياءً ثابتًا ولازمًا صادقًا، أي: اتَّقوا الله حقَّ تقاته.

ويدخل فيه حفظ السَّمع والبصر واللِّسان مِن المحرَّمات، وحفظ البطن وما حوى، يتضمَّن حفظ القلب عن الإصرار على ما حرَّم الله، ويتضمَّن أيضًا حفظ البطن مِن إدخال الحرام إليه مِن المآكل والمشارب، ومِن أعظم ما يجب حفظه مِن نواهي الله عزَّ وجلَّ اللِّسان والفرج .

( أن تحفظ الرَّأس). أي: عن استعماله في غير طاعة الله، بأن لا تسجد لغيره، ولا تصلِّي للرِّياء، ولا تخضع به لغير الله، ولا ترفعه تكــبُّرًا.

(وما وعى). أي: جمعه الرَّأس مِن اللِّسان والعين والأذن عمَّا لا يحلُّ استعماله.

(وتحفظ البطن). أي: عن أكل الحرام.(وما حوى). أي ما اتصل اجتماعه به مِن الفرج والرِّجلين واليدين والقلب، فإنَّ هذه الأعضاء متَّصلة بالجوف، وحفظها بأن لا تستعملها في المعاصي، بل في مرضاة الله تعالى.

(وتتذكَّر الموت والبِلَى). بكسر الباء، مِن بَلَى الشَّيء إذا صار خَلِقًا متفتِّتًا، يعني تتذكَّر صيرورتك في القبر عظامًا بالية.

(ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدُّنْيا). فإنَّهما لا يجتمعان على وجه الكمال حتى للأقوياء، لأنَّهما ضرَّتان، فمتى أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى.

مواقف وأقوال السَّلف والعلماء في الحَيَاء

1- حياء عثمان بن عفَّان رضي الله عنه:عُرِف عثمان رضي الله عنه بشدَّة الحَيَاء، حتى أنَّ الملائكة كانت تستحي منه، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه، أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدَّث، ثمَّ استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوَّى ثيابه – قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد – فدخل فتحدَّث، فلمَّا خرج، قالت عائشة: دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثمَّ دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك، فقال: ألا أستحي مِن رجل تستحي منه الملائكة)  

2- حياء عائشة رضي الله عنها: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أدخل بيتي، الذي دُفِنَ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي، فأضع ثوبي، فأقول إنَّما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفِنَ عمر معهم، فو الله ما دخلت إلَّا وأنا مَشْدُودَةٌ عليَّ ثيابي؛ حَيَاءً مِن عمر) رواه أحمد

3- قال عمر رضي الله عنه: (مَن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه، ومَن قلَّ ورعه مات قلبه).

4- وقال الفضيل بن عياض: (خمسٌ مِن علامات الشَّقاوة: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلَّة الحَيَاء، والرَّغبة في الدُّنْيا، وطول الأمل).

5- وقال أبو عبيدة النَّاجي: سمعت الحسن يقول: (الحَيَاء والتَّكرُّم خصلتان مِن خصال الخير، لم يكونا في عبد إلَّا رفعه الله عزَّ وجلَّ بهما).

6- وقال أبو عثمان: مَن تكلَّم في الحَيَاء ولا يستحي مِن الله عزَّ وجلَّ فيما يتكلَّم به، فهو مُستَدرَج.

7- وقيل: مِن علامات المستحي: أن لا يُرَى بموضع يُسْتَحَيا منه.

8- وسئل أحد الصالحين عن معنى الحياء من الله، فقال: الحياء من الله يكون في ثلاث خصال:
أن تستشعر دوام إحسانه عليك مع إساءتك وتفريطك.
وأن تعلم أنك بعين الله في متقلبك ومثواك.
وأن تذكر وقوفك بين يدي الله ومساءلته إياك عن الصغيرة والكبيرة.

9- وكان الرَّبيع بن خُثَيم مِن شدَّة غضه لبصره وإطراقه يَظُنُّ بعض النَّاس أنَّه أعمى، وكان يختلف إلى منزل ابن مسعود عشرين سنة، فإذا رأته جاريته قالت لابن مسعود: صديقك الأعمى قد جاء، فكان يضحك ابن مسعود مِن قولها، وكان إذا دقَّ الباب تخرج الجارية إليه فتراه مطرقًا غاضًّا بصره  .

أقسام الحَيَاء

 ينقسم الحَيَاء باعتبار محلِّه إلى قسمين:

1- القسم الأوَّل: حياء فطريٌّ: وهو الذي يُولَد مع الإنسان متزوِّدًا به، ومِن أمثلته: حياء الطِّفل عندما تنكشف عورته أمام النَّاس، وهذا النَّوع مِن الحَيَاء منحة أعطاها الله لعباده.

2- والقسم الثَّاني: حياء مكتسب: وهو الذي يكتسبه المسلم مِن دينه، فيمنعه مِن فعل ما يُذَمُّ شرعًا، مخافة أن يراه الله حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره.

صور الحياء

من صور الحياء المحمود:

1- الحَيَاء مِن الله: وذلك بالخوف منه ومراقبته، وفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه، وأن يستحي المؤمن أن يراه الله حيث نهاه، وهذا الحَيَاء يمنع صاحبه مِن ارتكاب المعاصي والآثام؛ لأنَّه مرتبطٌ بالله يراقبه في حِلِّه وترحاله.

2- الحَيَاء مِن الملائكة: وذلك عندما يستشعر المؤمن بأنَّ الملائكة معه يرافقونه في كلِّ أوقاته، ولا يفارقونه إلَّا عندما يأتي الغائط، وعندما يأتي أهله.

3- الحَيَاء مِن النَّاس: وهو دليلٌ على مروءة الإنسان؛ فالمؤمن يستحي أن يؤذي الآخرين سواءً بلسانه أو بيده، فلا يقول القبيح ولا يتلفَّظ بالسُّوء، ولا يطعن أو يغتاب أو ينم، وكذلك يستحي مِن أن تنكشف عوراته فيطَّلع عليها النَّاس ، و من الحياء أن يعرف لأصحاب الحقوق منازلهم ومراتبهم، فيؤتي كل ذي فضل فضله. فالابن يوقر أباه، والتلميذ يحترم المعلم، والصغير يتأدب مع الكبير. فلا يسوغ أن يرفع فوقهم صوته، ولا أن يجعل أمامهم خطوة.

ومِن صور الحَيَاء المذموم:

1- الحَيَاء في طلب العلم: إذا تعلَّق الحَيَاء بأمر دينيٍّ، يمنع الحَيَاء مِن السُّؤال فيه أو عرضه في تعليم أو دعوة، فإنَّ ممَّا ينبغي حينها، رفع الحرج، ومدافعة هذا الحَيَاء الذي يمنع مِن التَّحصيل العلمي أو الدَّعوة إلى الله سواءً عند الرِّجال أو النساء ،فقد ورد أنَّ أمَّ سليم رضي الله عنها (جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنَّ الله لا يستحيي مِن الحقِّ، فهل على المرأة مِن غسلٍ إذا احتلمت؟ قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء. فغطَّت أمُّ سلمة -تعني وجهها- وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة؟! قال: نعم، تَرِبَت يمينك، فيمَ يشبهها ولدها) رواه البخاري ومسلم .
وأخرج ابن ماجة في سننه والبخاري تعليقا، عن عائشة رضي الله عنها قالت: “نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ “

وعن مجاهد، قال: (إنَّ هذا العلم لا يتعلَّمه مستحٍ ولا متكبِّرٍ)

2- الحَيَاء مِن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر:

الحَيَاء لا يمنع المسلم مِن أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، قال تعالى: وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53].

بل الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر سمة مِن سمات هذه الأمَّة، كما قال عزَّ وجلَّ: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [آل عمران:110].

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مع شدَّة حيائه، لم يثنه ذلك عن قول الحقِّ، ويتبيَّن ذلك في موقفه مع أسامة بن زيد رضي الله عنهما، حينما أراد أن يشفع في حدٍّ مِن الحدود، فلم يمنعه حياؤه صلى الله عليه وسلم مِن أن يقول لأسامة في غضب: أتشفع في حدٍّ مِن حدود الله؟! ثمَّ قام فاختطب، ثمَّ قال: إنَّما أهلك الذين قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحدَّ، وايم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمَّد سرقت لقطعت يدها) رواه البخاري ومسلم .

عمر والمرأة

وخطب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – مرة فعرض لغلاء المهور، فقالت له امرأة: أيعطينا الله

وتمنعنا يا عمر؟ الم يقل الله عز وجل: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] فلم يمنعها الحياء أن تدافع عن حق نسائها، ولم يمنع عمر أن يقول معتذرا: كل الناس أفقه منك يا عمر

3- فعل أمر نهى عنه الشَّارع: فمَن دفعه حياؤه إلى فعل أمرٍ نهى عنه الشَّارع، أو إلى ترك واجب مرغوب في الدِّين فليس حييًّا شرعًا، وإنَّما هذا يعتبر ضعفًا ومهانة ، فليس مِن الحَيَاء أن يترك الصَّلاة الواجبة بسبب ضيوفٍ عنده حتى تفوته الصَّلاة. وليس مِن الحَيَاء أن يمتنع الشَّخص مِن المطالبة بالحقوق التي كفلها له الشَّرع  .

مِن مظاهر قلَّة الحَيَاء
1- المجاهرة بالذُّنوب والمعاصي وعدم الخوف مِن الله:

في الصحيحين عن أَبي هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ».

2- التَّلفُّظ بالألفاظ البذيئة والسَّيِّئة التي تجرح الآخرين:

في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ – أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ – اتِّقَاءَ فُحْشِهِ».

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ ». أخرجه الترمذي وابن حبان والبيهقي

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ، وَالْمُتَفَحِّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ هِيَ الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ دَعَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ» أخرجه أحمد ابن حبان.

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ ». أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة.
3- كلام الرَّجل مع غيره بالأسرار الزَّوجية والأمور الخاصَّة التي تحصل بينه وبين زوجته :

فمن قلة الحياء إِفْشَاء مَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَال الْوِقَاعِ، فَإِنَّ إِفْشَاءَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُل وَزَوْجَتِهِ حَال الْجِمَاعِ أَوْ مَا يَتَّصِل بِذَلِكَ حَرَامٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها)  .

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الرجال فقال« هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ؟قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلتُ كذا ، فعلتُ كذا ؟ قال : فسكتوا ، قال : فأقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟

فسكتنَ ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها فقالت : يا رسول الله إنهم ليتحدثون ، وإنهن ليتحدثن فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ فقال : إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيتْ شيطاناً في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه.  «رواه أبو داود  وصححه الشيخ الألباني


4- كشف العورات و عدم سترها.

فقد أخرج أحمد وأصحاب السنن عن بَهْز بن حَكيم عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ القَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا تُرِيَنَّهَا»، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» حسنه الألباني.

5- إيذاء الناس؛ في دينهم وفي طرقاتهم:

كرمي الزبالة في الطرقات ، أو التبول والتغوط في الطرقات وأماكن جلوس الناس في المتنزهات ، في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ». قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الَّذِى يَتَخَلَّى في طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ في ظِلِّهِمْ ».


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 277 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم