الرسول القدوة

تاريخ الإضافة 15 سبتمبر, 2023 الزيارات : 20920

يقول الله  سبحانه وتعالى -( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )- [الأحزاب/21]

والأسوة الحسنة يقصد بها : أنه كان خير مثال يحتذى لتطبيق منهج الله .

فالله تعالى أنزل المنهج وهو القرآن وبعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم هاديا ومعلما ، فكان خير تطبيق لهذا المنهج .

كثير من المناهج والنظريات والأفكار والمبادئ تبقى حبرا على ورق لأنك لا تجد من يطبقها ، لا تجد من يبعث فيها الروح فتتحول من كلمات إلى واقع مرئي ، فتبقى المبادئ والأفكار حبرا على ورق لأنها مجرد كلمات كتبت في لحظة من لحظات الترف الفكري أو الوطنية الزائدة ….أو ما شابه ذلك .

أما منهج الله وهو القرآن فإن الله  سبحانه وتعالى أرسل رسولا بشرا يطبق هذا المنهج ويعلمه للناس ويربيهم عليه ، ولذلك امتن الله  سبحانه وتعالى على عباده فقال  -( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون )- [البقرة/151]

القدوة وبشرية الرسول صلى الله عليه وسلم :

والبعض حينما يتكلم عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم يحاول أن ينزع منه صفة البشرية ، وكأنه يريد بذلك أن يرفع قدر النبي  صلى الله عليه وسلم بفصله عن بني البشر وهذا خطأ كبير ، فإن أي مخلوق خلقه الله لا يتفاضل عند الله  سبحانه وتعالى بعنصره الذي خلق منه ، وأول من فعل ذلك إبليس لعنه الله حينما علا على أمر الله ، وتجبر ، ورفض أن يسجد لآدم كما أمره الله وقال في حيثيات رفضه  -(  أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )- [الأعراف/12] فحينما نقول إن النبي  صلى الله عليه وسلم خلق من نور ، أو لم يكن بشرا كسائر البشر ، أو انه كان إذا مشى لم يكن له ظل ، وهذه الأمور أشبه بالأوهام من أن تكون حقائق ، وهذا كله لا يرفع من قدره ، إنما يرفع قدر النبي  صلى الله عليه وسلم  أن نعلم أنه بشر مثلنا شرفه الله بالوحي  -( قل إنما أنا بشر مثلكم )- [الكهف/110] فهو بشر مثلنا يأكل ويشرب وينام ويتحرك ويمشي ويصح ويمرض و…الخ ،لكن مع بشريته فإن الله قد شرفه بالوحي(يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) الكهف110

فقدر الله أن يكون النبي  صلى الله عليه وسلم بشرا لتتحقق فيه القدوة ، فيصلي النبي صلى الله عليه وسلم  ويقول : ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” يصلي الفرائض ، ويتنفل في قيام الليل حتى تتورم قدماه ، ولما يعاتب أو يراجع في ذلك يقول : “أفلا أكون عبدا شكورا “

فكان  صلى الله عليه وسلم قدوة مرئية متحركة يراها الناس فلا تجد شيئا في حياته  صلى الله عليه وسلم ، ولا قولا قاله بعيدا عن هذا المنهج الرباني “القرآن” ، فكان  صلى الله عليه وسلم خير معلم وخير مطبق لمنهج الله – سبحانه وتعالى – وربى أصحابه على هذا المنهج حينا بعد حين ، وكان مع هذا كله يتحلى  صلى الله عليه وسلم بالصبر وبالحلم والرفق والرحمة ، لم يكن جبارا عنيدا ، ولم يكن ظالما غليظا ، إنما كان معلما رحيما  صلى الله عليه وسلم .

إذن وصف النبي بالبشرية هذا وصف لا ينقص من قدره  صلى الله عليه وسلم ،  ونزع هذا الوصف من النبي  صلى الله عليه وسلم هو نزع لمعنى الاقتداء به  صلى الله عليه وسلم  ، حتى أن هناك نغمة سمعتها كثيرا من البعض : وهل نحن مثل النبي ؟  وهل سنكون مثل النبي أو نلحق به ؟

وكأن النبي  صلى الله عليه وسلم جاء بشيء مستحيل أن يطبق ، أو يفعّل ، فرسول الله بشر يطبق منهج الله ، وأصابه ما يصيب البشر من الأعراض البشرية ، ولما أراد بعض الصحابة عمل بعض الطفرات في العبادة حينما جاؤوا يسألون عن عبادته صلى الله عليه وسلم ، فلما أُخبروا بها كأنهم تقالّوها فقالوا: أين نحن من النبي -صلى الله عليه وسلم- ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً!!!

فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني )

أسرع طرق التربية القدوة :

لماذا جعل الله القدوة في نبينا  صلى الله عليه وسلم ؟علماء التربية يقولون : إن التربية بالقدوة أسرع طريقة من طرق التربية لأن الناس يفهمون بعيونهم أكثر من آذانهم، لما ترى موقف عملي متجسد أمامك الكل يتساوى في الرؤية ، الكل يرى ، لكن حينما تتكلم فالناس يتفاوتون في الوعي والإدراك لما قيل ولما يسمع .

فجعل الله  سبحانه وتعالى التربية بالقدوة في شخص نبينا  صلى الله عليه وسلم بهذا الشكل ، والاستجابة العاجلة تأتي أكثر من الكلام ،إذا أمرت ابنك بأمر وأنت أبعد ما تكون عنه ستجد فيه تباطؤا أو رفضا داخليا لما أمرته به ،وإذا رآك لما أمرته به فاعلا له تجده سريع الاستجابة ، فكان  صلى الله عليه وسلم بهذا الشكل.

 ومن علامات القدوة في رسولنا  صلى الله عليه وسلم أنك تجد فيه قدوة لجميع الأشكال والأطياف في المجتمع ، فهو قدوة لليتيم الذي نشأ وقد فقد أباه، وقدوة للفقير الذي عانى من الفقر قدر ما عانى في حياته  صلى الله عليه وسلم ،وهو قدوة للغني الذي أعطاه الله فأغناه فكان يجعل غناه خيرا يفيض على كل من حوله ، وهو قدوة للأب والجد و الزوج ، وقدوة للإمام والمعلم والقائد …..

ولذلك  سبحان الله العظيم أي واحد يقتدي بأي مربي أو شيخ تجد القدوة في ناحية واحدة ، في العلم الفلاني تتعلم على يديه مهنة أو صنعة ، لكنه لا يكون قدوة لك في العبادة ، أو يكون قدوة في العبادة ، ولا يكون قدوة في الحياة ، لأنها قدوة قاصرة محدودة ، أما رسولنا  صلى الله عليه وسلم فقد جعله الله قدوة عامة لكل المؤمنين ، فتجد جوانب القدوة متحققة في جوانب حياته كلها  صلى الله عليه وسلم ،ولذلك عصم الله نبينا من الزلل والخطأ ليتحقق التطبيق العملي للمنهج بقوله : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) [النجم3/4] أحيانا الإنسان يغضب ويكره ويصيبه بعض العوارض البشرية فمع الغضب أو الكره أو بعض الضغوط ، تصدر منه بعض الأقوال والأفعال السيئة بسبب ما حدث ، لكن النبي  صلى الله عليه وسلم في الرضا والغضب مؤيد بوحي السماء ، لا يخطئ ولا يتعمد الخطأ لماذا ؟

حتى يكون المنهج المتحرك أو القدوة المتحركة لكتاب الله  سبحانه وتعالى ، يقول  عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ ، وَقَالُوا : أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ ، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ ؟ فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَوْمَأَ بِإِصْبَعِهِ إِلَى فِيهِ وَقَالَ : ” اكْتُبْ فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلا حَقٌّ ” 

القدوة بعد صلح الحديبية :

من الأمثلة على هذا الأمر أن النبي  صلى الله عليه وسلم خرج في ألف وأربعمائة مسلم، متجهين إلى مكة للقيام بعمرة وعلم النبي استعداد قريش للقتال وبعد مفاوضات أسفرت عن اتفاق سُمِّيَ بصلح الحديبية ، يقضي بأن تكون هناك هدنة بين الطرفين لمدة عشر سنوات، وأن يرجع المسلمون إلى المدينة هذا العام فلا يقضوا العمرة إلا العام القادم…. وغيرها من الشروط.

و لما تم الصلح بين النبي- صلى الله عليه وسلم – ومشركي قريش قام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: ( يا أيها الناس انحروا واحلقوا )،  فما قام أحد،  ثم اعاد الكلام ثلاث مرات ، فما قام رجل ، فرجع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فدخل على أم سلمة فقال: ( يا أم سلمة ! ما شأن الناس؟ قالت: يا رسول الله قد دخلهم ما قد رأيت، فلا تكلمن منهم إنساناً، واعمد إلى هديك حيث كان فانحره، واحلق فلو قد فعلت ذلك، فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم -لا يكلم أحدا حتى أتى هديه فنحره ثم جلس فحلق، فقام الناس ينحرون ويحلقون ).

 وفي هذا الموقف التأكيد على أهمية القدوة العملية، فقد دعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أمر وكرره، ومع ذلك لم يستجب أحد لدعوته، فلما أقدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الخطوة العملية التي أشارت بها أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ تحقق المراد، فالقدوة العملية أجدى وأنفع، خاصة في مثل هذه المواقف .

القدوة في اخلاقه :

وكان النبي  صلى الله عليه وسلم قدوة محبوبة لين الجانب بالمؤمنين رؤوف رحيم كما قال الله له ”  -( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك  )- [آل عمران/159]

وكلنا يعرف قصة الأعرابي الذي تبول في المسجد فقال النبي  صلى الله عليه وسلم  ” دعوه واهريقوا عليه سجلا من ماء “فقال الرجل بعد الصلاة ” اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا ” فقال النبي  صلى الله عليه وسلم ضاحكا ” لقد تحجرت واسعا ” أي ضيقت ما وسعه الله (يقصد رحمة الله ) وخصصت به نفسك دون غيرك .

والآخر الذي سمع من يعطس فشمته في الصلاة وهومعاوية بن الحكم السُّلمي، وقد حكى ذلك بنفسه فقال : بينا أنا أُصلِّي مع رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذ عَطَس رجلٌ من القوم، فقلتُ: يرحمك الله، فرماني القومُ بأبصارهم، فقلت: واثُكل أُمِّياه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلمَّا رأيتهم يُصمِّتونني، لكنِّي سكت، فلمَّا صلَّى رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فبأبي هو وأمي، ما رأيتُ معلِّمًا قبلَه ولا بعدَه أحسنَ تعليمًا منه، فو الله ما كَهَرني ولا ضَرَبني ولا شتمني، قال: (إنَّ هذه الصَّلاةَ لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنَّما هو التسبيحُ والتكبير، وقراءة القرآن)

والمواقف كثيرة جدا ، في حلمه  صلى الله عليه وسلم  حينما يأتي أحد الأعراب ، والأعراب سكان الصحراء فيهم جفاوة وقساوة في الطبع فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ، فجبذه  بردائه جبْذَةً شديدةً، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثَّرت بها حاشية البُرْد مِن شدَّة جَبْذَته، ثمَّ قال: يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ ضحك، ثمَّ أمر له بعطاء)

وهذا الذي فعه الأعرابي فيه سوء أدب كبير في حق أي شخص عادي ، فما بالنا برسول الله  صلى الله عليه وسلم ومكانته  صلى الله عليه وسلم .

بالمؤمنين رؤوف رحيم :

فكان حليما رفيقا بأمته ، ومن ذلك ما ورد عن عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ نَفْسٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ، مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ»، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟ »، فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لِأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ»

بل كان النبي  صلى الله عليه وسلم يبين شوقه إلينا قبل أن نراه ويرانا فقد كان جالسا في أصحابه يوما فقال ‏‏: وددت أني قد رأيت إخواننا) فقالوا : يا رسول الله ألسنا بإخوانك قال : ( بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض ) فقالوا : يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال : ( أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله) قالوا : بلى يا رسول الله قال :  ( فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض…”

والمعنى لو أن رجلا عنده ( خيل غر )الغرة بياض في جبهة الفرس ( محجلة ) من التحجيل وهو بياض في ثلاثة قوائم من قوائم الفرس  ( في خيل دهم ) جمع أدهم والدهمة السواد ( بهم ) الذي لا يخالط لونه لون آخر اي أنها سوداء شديدة السواد.

( قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين ) والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه أمته صلى الله عليه وسلم .

( وأنا فرطهم ) أنا من اسبقهم على الحوض .اللهم اسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا .

فكان معلما نعم المعلم ، وكان رفيقا نعم الرفيق ، وكان حبيبا للقلوب نعم الحبيب  صلى الله عليه وسلم .

ولذلك أقول : إن حبنا لرسول الله هو أن نتحول من عاداتنا السيئة إلى أن نتابعه في عاداته الطيبة .

أن نتحول من البدعة إلى السنة ومن المعصية إلى الطاعة ، ومن الجهل إلى العلم ، أن نعتز ونفخر بديننا وانتمائنا لهذا الدين العظيم كما علمنا الرسول  صلى الله عليه وسلم (ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار).

فحبنا لرسول الله أن تكون محبته مقدمة على أي حب ، واتباعنا له  صلى الله عليه وسلم هو اتباع بحب ، نحن لا نتابع رسول الله مضطرين أو كارهين ، بل نتابعه محبين مختارين ، ومع حبنا وتعلقنا برسول الله فإنا نتابعه في كل أثر من آثاره ونقتدي به ، حتى كلمة القدوة في اللغة تحمل هذا المعنى ، فالقدو هو : الخطو ، فمن يقتدي بفلان يعني يتابع خطواته خطوة خطوة ، يمشي على خطاه في أثره ، فأنا مقتد بالنبي يعني على خطى النبي  صلى الله عليه وسلم ، ويظهر أثر ذلك في أخلاقك ومعاملاتك .

ونحن من السهل علينا أن ندبج القصائد وأن نلقى الأشعار والكلمات والخطب الرنانة لتهييج العواطف ، لكن الأثر العملي لأي كلام هو ما بعده ، أنت تحب رسول الله  صلى الله عليه وسلم فكم تكون درجة اتباعك له واقتدائك به وتخلقك بأخلاقه ، هذا هو الأثر الذي نقول عنه أنك من هذه الأمة وأنك على أثره  صلى الله عليه وسلم تتابع .

حينئذ أنت ترتقي لدرجة مرافقة النبي  صلى الله عليه وسلم في الجنة كما قال الله : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )- [النساء/69]

وسأل رجل النبيَّ – صلى الله عليه وسلم-  فقال: متى الساعةُ؟ قال: وما أعددتَ لها؟ قال:يا رسول اللهِ، ما أعددت لها كثيرَ صيام، ولا صلاة، ولا صدقة، ولكنِّي أحبُّ اللهَ ورسولَه ، فقال: أنتَ مع مَن أحببتَ، قال أنس: فما فرحنا بشيء فَرَحَنا بقول النبيِّ – صلى الله عليه وسلم-: أنتَ مع مَنْ أحببتَ، قال أنس: فأنا أُحِبُّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمرَ، وأرجو أن أَكونَ معهم بحُبِّي إِياهم، وإِن لم أعمَلْ أعمَالَهُم» .

خلاصة الخطبة :

خير مثال لحبنا لرسول الله  صلى الله عليه وسلم واقتدائنا به أن نكون للناس حولنا مثله قدوة في الخير نرشد الناس إلى الخير ، ونعلمهم الخير ، وأن يكون المسلم فاعلا مؤثرا في كل مكان ينزل به ،

فكما كان رسول الله هاديا ومبشر ونذيرا فكن أنت على أثره هاديا ومبشر ونذيرا،

وكما كان رسول الله رحمة مهداة فكن أنت أيضا رحمة للناس ،

وكما كان بالمؤمنين رؤوف رحيم ، كن أنت أيضا بالمؤمنين رؤوف رحيم ،

كما كان يقول خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي كن أنت أيضا كذلك .

وهذا أمر يطول وفيما ذكرنا كفاية .

نسأل الله أن يرزقنا صدق محبته وصحة الاقتداء به وأن يعيننا على تتبع أثره وأن يتوفنا الله وهو راض عنا اللهم آمين .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 356 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم