سبيل الوصول إلى محبة الرسول

تاريخ الإضافة 2 September, 2024 الزيارات : 23458

إن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة لله عز وجل، فلا يكتمل إيمان العبد إلا بحبه لله ورسوله بدلالة اقتران محبة الله مع محبة رسوله في كثير من الآيات والأحاديث.

اقتران محبة الله ورسوله في الآيات والأحاديث
قرن الله تعالى بين محبته ومحبة رسوله في آيات وأحاديث كثيرة

فمن الآيات :

1- قول الله تعالى: “قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ “التوبة:24

فمحبة الله ومحبة الرسول مقدمة على محبة الأب والابن والزوجة، وعلى محبة الأهل جميعاً، وعلى محبة التجارة، والأموال، والمساكن، لا تستقيم حياة المسلم ولا يستقيم دينه ولا تستقيم عبادته، إلا بهذا التقديم المتضمن كمال الحب والخضوع لأوامر الله ورسوله.

2- قول الله تعالى: ” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ” آل عمران:31

قال الحسن البصري: زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية ، فقال : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) .

وقال ابن القيم رحمه الله: فلما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة. فجاءت هذه الآية.

وأما الأحاديث فمنها :

1- عن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) رواه البخاري.

أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما يعني: أن يقدم محبة الله ومحبة رسوله على محبة نفسه والناس كلهم؛ وذلك لأنه يعرف بأن الله تعالى هو ربه، وهو مالكه، وهو المتصرف فيه؛ فيحبه من كل قلبه. ويعرف –أيضا- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله إلى الأمة، وهو الذي أنقذهم الله به من الضلالة ومن الكفر ومن العصيان، فيحبه –أيضا- من كل قلبه، فيكون بذلك مقدما لمحبة الله ومحبة رسوله على محبة كل شيء.

وإذا أحب الله تعالى أحب عبادته؛ أحب الصلاة والصوم والصدقة، وأحب الذكر والدعاء وقراءة القرآن، وأحب جميع الطاعات، وتلذذ بها، وواظب عليها، وأكثر منها، وكذلك أيضا أحب كل من يحبهم الله. هذه علامة محبة الله.

ومحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- علامتها: أن يتبعه، ويطيعه، ويعمل بكل ما أمره به، وكذلك يقتدي به ويتخذه أسوة؛ لقول الله تعالى: “لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ “وكذلك إذا أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه يكره معصيته والخروج عن سنته.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: إن حلاوة الإيمان لا توجد إلا بتكميل هذه المحبة بثلاثة أمور:

أولاً: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما

وثانياً: تفريع هذه المحبة وهو: أن يحب المرء لا يحبه إلا لله؛ لأن محبة محبوب المحبوب من تمام محبة المحبوب.

والثالث: دفع ضد هذه المحبة، وهي: أن يكره المسلم ضد الإيمان، وهو الكفر كما يكره أن يقذف في النار.

2- وعن أنس أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم، حتى أكون أحب إليه من والده وولده، والناس أجمعين) حديث صحيح.

قال عمر بن الخطاب : يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال صلى الله عليه وسلم: لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك . فقال له عمر : فإنك الآن أحب إليّ من نفسي، فقال: الآن يا عمر

فلا يكتمل إيمان أحدكم حتى أكون أحب إليه، أي: أشد حباً من حب هذا الرجل لولده ووالده والناس أجمعين.

الإنسان منا قد يدعي أنه يحب الله ورسوله أكثر من أي شيء، لكن في الواقع قد يحب أشياء أكثر من الله ورسوله، فعندها يسأل نفسه هل أنا أحب الله ورسوله أكثر أم العمل أم الزوجة أم الولد؟

3- وعن أنس أيضا رضي الله عنه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ !

فقال عليه الصلاة السلام لهذا الرجل: ما أعددت لها؟

قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله .

قال: فأنت مع من أحببت.

قال أنس : ففرحنا يومئذ فرحاً شديداً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أنت مع من أحببت).

نماذج من حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
1- عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت انك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم…} الآية“. قال الشيخ أحمد شاكر في التفسير حسن لغيره، وفي بعض الروايات أن الصحابي اسمه ثوبان

2- وعن عبد الرحمن بن شماسة قال: (دخلنا على عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فحول وجهه إلى الجدار وجعل يبكي طويلاً، فجعل ابنه يقول: يا أبتِ، ألم يبشرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكذا وكذا؟ يهدئ من روعه وبكائه، قال: فالتفت إلينا وقال: إن أفضل ما نعد لهذا اليوم شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، لقد رأيتني على أطباق ثلاث -أي: على ثلاث مراحل من حياتي- لقد رأيتني وما أحدٌ أشد بغضاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مني، ولا أحب إليّ من أن أكون استمكنت منه فقتلته، وإذا مت وأنا على هذه الحال لكنت من أهل النار، فلما أسلمتُ جئت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! ابسط يدك فلأبايعك، قال: فبسط يده، قال: فقبضت يدي، فقال لي: مالك يا عمرو ؟ قلت: أردت أن أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أشترط أن يغفر لي، قال: يا عمرو ، أو ما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله، وأن الحج يهدم ما قبله، وأن الهجرة تهدم ما قبلها، قال عمرو : فما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من النبي صلى الله عليه وسلم، ووالله ما كنت أستطيع أن أُحِد النظر إليه إجلالاً له، ولئن سألتموني أن أصفه لكم لما استطعت؛ لأنني ما كنت أطيق أن أُحِدّ النظر إليه تعظيماً له، فإن مت على هذه الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم حدثت أمور وولينا أشياء يغفر الله لنا) رواه مسلم

3- وفي غزوة أحد لما حدثت المقتلة للمسلمين، وهم قافلون إلى المدينة، قيل لامرأة كانت تنتظر: (مات زوجك….. مات أبوكِ….. مات ولدك….. مات أخوكِ….. ماذا بقي لها؟ فقالت لهم: وماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: هو بخير، قالت: أريد أن أراه!!!

لا تريد خبراً عن زوجها ولا أبيها ولا أخيها ولا عن أي شيء، بل سألت عن المحبوب الأعظم عليه الصلاة والسلام : ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: هو بخير، قالت: أروني إياه، فلما رأته قالت له: كل مصاب بعدك جلل يا رسول الله !!!

جلل :أي صغير لا قيمة له

4- ولما أخرج زيد بن الدثنة (بكسر الدال وتشديد النون)، وكان أسيرا عند قريش وخرجوا به إلى خارج الحرم ليقتلوه وربطوه، قال له أبو سفيان-وكان كافراً-: أنشدك الله ، أتحب أن محمداً الآن مكانك يضرب عنقه وأنك في أهلك؟

قال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وأنا جالس في أهلي.

أي: ليس فقط هكذا، لا، لو أن الرسول تشاكه شوكة، هذا عندي أعظم من أن أقتل أنا، فلو خيرت بين قطع عنقي، وبين شوكة تصيب الرسول، لاخترت قطع عنقي أنا على أن الشوكة تصيب الرسول صلى الله عليه وسلم.

فقال أبو سفيان : ما رأيت أحداً من الناس يحب أحداً، كحب أصحاب محمد محمداً.

5- وفي حديث الحديبية أن عروة بن مسعود قبل أن يسلم بعثه أهل مكة ليتفاوض مع الرسول صلى الله عليه وسلم ويصالحه، فجعل عروة يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه، قال عروة يصف كيف كان وضع الصحابة مع الرسول: فوالله ما تنخم محمد نخامة -النخامة ما يخرج من أقصى الحلق من البصاق- إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه -كل واحد يريد أن يأخذ الزائد من وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم من الماء الذي توضأ بهوإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، ولا يحدون إليه النظر تعظيماً له.

فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم! والله لقد وفدت على كل الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله ما رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله ما إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، ولا يحدون النظر إليه تعظيماً له.

6- حنين الجذع للنبي صلى الله عليه وسلم
كانَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ يصلِّي إلى جذعٍ , إذ كانَ المسجدُ عريشًا ، وَكانَ يخطبُ إلى ذلِكَ الجذعِ ، فقالَ رجلٌ من أصحابِهِ : هل لَكَ أن نجعلَ لَكَ شيئًا تقومُ عليْهِ يومَ الجمعةِ , حتَّى يراكَ النَّاسُ وتسمعَهم خطبتَكَ ؟ قالَ : نعم , فصنعَ لَهُ ثلاثَ درجاتٍ ، فَهيَ الَّتي أعلى المنبرِ ، فلمَّا وضعَ المنبرُ ، وضعوهُ في موضعِهِ الَّذي هو فيهِ ، فلمَّا أرادَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ أن يقومَ إلى المنبرِ ، مرَّ إلى الجذعِ الَّذي كانَ يخطبُ إليْهِ ، فلمَّا جاوزَ الجذعَ ، خارَ حتَّى تصدَّعَ وانشقَّ ، فنزلَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ لمَّا سمعَ صوتَ الجذعِ ، فمسحَهُ بيدِهِ حتَّى سَكنَ ، ثمَّ رجعَ إلى المنبرِ ، وَكانَ إذا صلَّى ، صلَّى إليْهِ ، فلمَّا هدمَ المسجدُ وغيِّرَ , أخذَ ذلِكَ الجذعَ أبيُّ بنُ كعبٍ ، وَكانَ عندَهُ في بيتِهِ حتَّى بليَ ، فأَكلتْهُ الأرضةُ وعادَ رفاتًا. رواه ابن ماجة وحسنه الألباني

ولما روى الحسن البصري هذا الحديث قال: (يا معشر المسلمين! أيكون الجذع أشد حنيناً للنبي صلى الله عليه وسلم منكم؟ خشبة تكون أكثر حنيناً للنبي صلى الله عليه وسلم منكم؟!!!

7- وعن أنس قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال عندنا -أي: نام عند الظهر نوم القيلولة- فعرق عليه الصلاة والسلام في نومه، فجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها -تأخذ من عرق جبين الرسول وتضعه في القارورةفاستيقظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك، نجعله في طيبنا، وإنه أطيب الطيب) الصحيحين

لأن عرق الرسول صلى الله عليه وسلم كان أطيب من جميع أنواع الطيب، كان له رائحة مثل رائحة المسك بل أشد.

8- قصة أبي أيوب مع النبي صلى الله عليه وسلم
عندما دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة مهاجراً؛ فإنه نزل في دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وهذه القصة في صحيح مسلم ، وكان لدار أبي أيوب طابقان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـأبي أيوب بعدما عرض عليه أن يسكن في أعلى البيت: (يا أبا أيوب السُفل أرفق بنا يغشاني أصحابي)، السُفل: أي المكان الأسفل أرفق بنا، بحيث أن أي رجل يريد النبي عليه الصلاة والسلام لا يدخل على بيت أبي أيوب ، ثم يصعد إلى فوق.

قال أبو أيوب : (وكنا نرسل إليه الطعام، فعندما نأكل نسأل من أين أكل؟ فنتحرى موضع أصابعه فنأكل منه، وكذلك إذا شرب نتحرى موضع الشرب فنشرب منه، قال: فأرسلتُ له يوماً طعاماً فيه ثوم فرده ولم تظهر يده فيه، قال: ففزعت، ونزلت، فقلت: يا رسول الله، أحرام هو؟

قال: لا لكني أنُاجى والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، قال أبو أيوب : لا جرم أن أكره الذي تكره).

قال أبو أيوب : (وانكسر لنا إناء، قال: فجففت الماء بلحافي ولحاف امرأتي، وما لنا غيره خشية أن تنزل نطفة من الماء على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لامرأته: انزوي وانزووا جميعاً في ركن البيت حتى لا يمشيان على سقيفة تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح الصباح نشده أن يصعد، وقال: (لا أعلو سقيفةً أنت تحتها)

9- وقال علي بن أبي طالب : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أحبّ إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا وأحبّ إلينا من الماء البارد على الظمأ.

كيف الوصول إلى محبة الرسول ؟
1- اتباعه وطاعته في كل ما أمر به :

قال تعالى : “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم “آل عمران 31

وقال سبحانه: “قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم، وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين”

وقال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )الحجرات 1

والمراد: لا تسبقوا الله ورسوله بقولٍ أو بفعل.وقال ابن عباس (لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة)

وقال جل وعلا في كتابه المبين: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب”

وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم -أنه قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) رواه البخاري

ومعناه أن أمته التي تطيعه وتتبع سبيله تدخل الجنة، ومن لم يتبعه فقد أبى، فاتباعه – صلى الله عليه وسلم -من أسباب محبة الله للعبد، ومن أسباب المغفرة، ومن أسباب دخول الجنة. أما عصيانه ومخالفته فذلك من أسباب غضب الله ومن أسباب دخول النار.

2-توقيره واحترامه وتعظيمه بعد وفاته
قال الله تعالى: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ الفتح: من الآية9 .
يقول ابن تيمية – : ” التعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ، والتوقير : اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال ، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار.

كذلك محبة الرسول صلى الله عليه وسلم تقتضي توقيره عليه الصلاة والسلام واحترامه، وتعظيمه حتى بعد وفاته، وذلك عند ذكره عليه الصلاة والسلام، وعند سماع اسمه وسيرته.

ولذلك كره العلماء رفع الصوت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عند قراءة حديثه وسيرته، وعند سماع القرآن أو تفسيره؛ وكان من سنة السلف أنهم كانوا يخفضون أصواتهم وينصتون عندما تقرأ عليهم الأحاديث.

ولذلك عندما ناظر الخليفة أبو جعفر الأمام مالك قال مالك للخليفة: لا ترفع صوتك يا أمير المؤمنين في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قوماً، فقال:” لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ “الحجرات:2 ، ومدح قوماً فقال:” إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى “الحجرات:3، وذم قوماً فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [الحجرات:4] وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً، فاستكان لها أبو جعفر ، أي نزل عند نصح الإمام مالك.

ولذلك الصحابة كانوا يحترمون الرسول أيما احترام، فكان باب بيته صلى الله عليه وسلم يقرع بالأظافير كما ورد في الحديث الصحيح، حتى باب بيت الرسول ما كانوا يطرقونه طرقاً، كانوا يضربون عليه بالأظافير، انظروا إلى الحساسية المرهفة التي تعامل فيها الصحابة مع نبيهم صلى الله عليه وسلم
– 3    كثرة ذكره صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه والاطلاع في سيرته
ومن علامات محبة رسول الله: كثرة ذكره، أولاً: بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، (من ترك الصلاة عليّ خطئ طريق الجنة) حديث صحيح،

ومن أذكار الصباح والمساء الصلاة عليه عشراً في الصباح وعشراً في المساء، قال – صلى الله عليه وسلم – ” من صلّى عليّ حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة “و ” من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطّ عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات ” صححه الألباني
وبعد ذلك زد كما تشاء، فمن صلى عليه صلاة واحدة صلى الله عليه بها
عشراً.

وكذلك يشمل الإكثار لذكره، الإكثار من الإطلاع على سيرته عليه الصلاة والسلام، وأخباره وصفته ومعيشته وأحواله وأخلاقه.

4- إيثار أمره على هوى أنفسنا :
قال تعالى ” ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ”
من رغب بنفسه أن يصيبه ما أصاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة
من نام عن صلاة الفجر فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة
من أعطى عينه ما تشتهي فأطلقها للحرام فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة
من أهمل لسانه يغتاب وينمّ ويفتري الكذب فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة
من استبدل سماع الأغاني والحرام بسماع القرآن فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة
من طلب مجالس اللاهين وأماكن العصاة وترك دروس العلم فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة
من انشغل بتجارته وماله وأهله عن أداء الفرائض فهو مفضل لنفسه على نفسه الكريمة

من يدّعي حب النبي ولم يفد —– من هديه فسفاهة وهراء
فالـحب أول شرطه وفـروضه ——– إن كان صدقا طاعة ووفـاء

5- قراءة القرآن
لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ” من سرّه أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف ” حسنه الألباني

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الذين يحبون رسول الله حق المحبة، وأن يرزقنا شفاعته، وأن يرزقنا الالتقاء به في جنة الفردوس، وأن يرزقنا الأخذ بسنته صغيرها وكبيرها، ونسأله سبحانه وتعالى أن ينعم علينا وعليكم باتباع طريقة رسول الله ظاهراً وباطناً.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 May, 2024 عدد الزوار : 984 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

أحدث المقالات

“لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ… “

حقوق آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-

فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم

الرد المبين على منكري سنة النبي الأمين

ماذا كتب مايكل هارت عن الرسول في كتابه الخالدون مئة؟

قدر الحبيب النبي عند الرب العلي

لماذا نحتفل بميلاد الرسول ؟

محمد النبي الإنسان

يا محب الرسول عليك بخمسة أمور

“وإنك لعلى خلق عظيم”

الرسول صلى الله عليه وسلم كأنك تراه

جوانب العظمة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-

الرسول القدوة

شمس محمد تسطع على العالم محمد الغزالي

مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة

كيف ربى الرسول أتباعه على العزة والكرامة

بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

الاشتياق إلى النبي للشيخ محمد المنجد

أنت مع من أحببت

ما الحكمة في أن رسول الله كان أميا ؟

كيف ربى الرسول أصحابه ؟

شرح حديث “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان”

سبيل الوصول إلى محبة الرسول

خصائص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

وسراجا منيرا

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ

خصائص النبي محاضرة للشيخ المنجد

 (24) Towards Salvation of the Heart. Part (3)