الرسول صلى الله عليه وسلم كأنك تراه
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر كما قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌمثلكم ) ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن بشراً عادياً ، فمبلغ العلم أنه بشر ولكنه خير خلق الله كلهم ، وهذا هو الفارق أنه صلى الله عليه وسلم يوحي إليه من ربه جل وعلا .. وهذه هي التي رفعت قدره .. وأعلت شأنه .. ورفعت مكانته عند الله جل وعلا وعند الخلق .
وكل مسلم صادق يحلو له ذكر الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم .. ويحلو له أن يتصوره وأن يتخيله وأن يعيش بقلبه من خلال كتب الأثر .. مع وصف الحبيب …. وما صفة وجهه ؟ وما صفة شعره ؟ وما صفة لحيته ؟ وما صفة مشيته ؟……الخ
قال ثابت البناني لأنس بن مالك رضي الله عنه : [ أعطني عينيك التي رأيت بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أقبلها ].
و عن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا انا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت ) رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح
فتعالوا بنا نَصفُ المصطفى صلى الله عليه وسلم كما نقل ذلك لنا صحابته رضوان الله عليهم ، فكما نُقلت إلينا سنته ، نُقِل إلينا أيضا وصفه وصفته صلى الله عليه وسلم .
وجه النبي صلى الله عليه وسلم :
عن البراء رضى الله قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنه خلقاً ليس بالطويل البائن ولا بالقصير ) رواه البخاري
وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهر اللون ) رواه البخاري . أي: أبيض مستنير مائل إلى الحُمرة
وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على الأرض رجل رآه غيري . قيل له : كيف رأيته ؟ قال : أبيض مليحاً مُقصَّداً ) رواه مسلم
وكان على بن أبى طالب يصف النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : ( فكان في وجهه تدوير ) رواه الترمذي
وعن عبد الله بن كعب قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن تبوك قال : فلمَّا سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه . رواه البخاري
وعن جابر بن سمرة والحديث حسن بشواهده أنه قال :رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة أضحيان ( أي في ليلة مقمرة ) فجعلت أنظر إليه ، وأنظر إلى القمر ، أنظر إلى النبي ، وأنظر إلى القمر ثم قال : فو الله لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في عيني أحسن من القمر . أخرجه الدارمى والبيهقى
وعن الربيع بنت معوذ رضى الله عنها : قيل لها صفى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ربُيِّع . قالت : لو رأيت النبي صلى الله عليه وسلم لقلت أن الشمس طالعة . أخرجه الدارمى والبيهقى
وما أحسن ما قيل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه**** ثمال اليتامى عصمة للأرامل
– ثمال: مطعم، عصمة: مانع من ظلمهم
ومن مجموع هذه الآثار الصحيحة نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس وجها كالقمر ليلة البدر .. أبيضاً مليحاً ، في وجهه تدوير ، أزهر اللون أي أبيض مستنير مائل إلى الحمرة إذا سُرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر .. الله أكبر .. هذا وجه الحبيب ..
اللهم صلى عليه واجمعنا به في الجنة .
شعر النبي صلى الله عليه وسلم:
كان شعره كما يصفه علي رضي الله عنه : ليس بالسبط ولا الجعد القطط :أي ليس مسترسلاً كشعر الأوربيين ولا جعداً كشعر السودان ، يصل إلى أنصاف أذنيه حيناً ويرسله أحياناً فيصل إلى شحمة أذنيه أو بين أذنيه وعاتقه، وغاية طوله أن يضرب منكبيه إذا طال زمان إرساله بعد الحلق، وبهذا يجمع بين الروايات الواردة في هذا الشأن، حيث أخبر كل واحدٍ من الرواة عما رآه في حين من الأحيان.
قال الإمام النووي: (هذا، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه (أي بالكلية) في سني (سنين)الهجرة إلا عام الحديبية ثم عام عمرة القضاء ثم عام حجة الوداع).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر الرأس راجله) أخرجه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد)، أخرجه البخاري ومسلم.
وسدل الشعر : إرساله
و (يفرقون) مفرق الرأس : وسطه ، وفرق الشعر أي جعله فرقتين
والناصية هي مقدم الرأس .
وكان يبدأ في ترجيل شعره من الجهة اليمنى، فكان يفرق رأسه ثم يمشط الشق الأيمن ثم الشق الأيسر.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترجل غباً، أي يمشط شعره ويتعهده من وقت إلى آخر.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره، أي الابتداء باليمين، إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل- أخرجه البخاري
عن قتادة رحمه الله قال : ( سألت أنساً رضي الله عنه عن شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : شعر بين شعرين ، لا رجِلٌ ولا جَعدُ قططٌ كان بين أذنيه وعاتقه . رواه البخاري
شعر رجل : إذا لم يكن شديد الجعودة ، ولا شديد السبوطة .
وفى رواية : ( كان رَجِلاً وليس بالسَّبِطِ ولا الجعد ، بين أذنيه وعاتقه )
وفى أخرى : كان يضرب شعره منكبيه ، وفى رواية أبى داود : كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شحمة أذنيه ، وفى رواية : إلى أنصاف أذنيه .
وعن عائشة رضى الله عنها قالت : ( كنت اغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء ، وكان له شعر فوق الجُمَّة ودون الوفرة ) صححه الألباني في صحيح سنن أبو داود
والوفرة : الشعر الواصل إلى شحمة الأذن .
والجُمَّة : الشعر الواصل بين المنكبين .
إذن نرى من مجموع هذه الآثار أن شعر النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالسَّبِط أي الناعم شديد النعومة ولا الجعد أي الخشن ، وكان شعره صلى الله عليه وسلم يضرب منكبيه وكان يسدله ثم فَرَقَه صلى الله عليه وسلم
وكان في شعره عشرين شعرة بيضاء كما جاء في صحيح مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت : ( مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثلاثة والستين ولم يكن في شعره إلا عشرين شعرة بيضاء )
وكان يقول صلى الله عليه وسلم ( شيَّبَتنى هود ، والواقعة ، والمرسلات ، وعمَّ يتساءلون ، وإذا الشمس كورت ) صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي
وعن جرير بن عثمان رحمه الله قال : إنه سأل عبد الله بن بُسْرٍ قال : أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شيخاً ؟ قال : كان في عَنْفَقَتِه شعراتً بيض ) رواه البخاري
والعنفقة هي ما تحت الشفة السفلي .
صفة جبينه :
كان صلى الله عليه وسلم واسع الجبين أي ممتد الجبين طولاً وعرضاً، والجبين هو غير الجبهة، هو ما اكتنف الجبهة من يمين وشمال، فهما جبينان، فتكون الجبهة بين جبينين. وسعة الجبين محمودة عند كل ذي ذوق سليم.
وقد صفه ابن أبي خيثمة فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين، إذا طلع جبينه بين الشعر أو طلع من فلق الشعر أو عند الليل أو طلع بوجهه على الناس، تراءى جبينه كأنه السراج المتوقد يتلألأ.
حاجيبه :
من وصف هند بن أبي هالة له : ” كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فخماً مفخماً ….أزج الحواجب سوابغ في غير قَرَن ، بينهما عرق يدره الغضب ( الحاجب الأزج المقوس الطويل الوافر الشعر )
أما عين النبي صلى الله عليه وسلم :
فكان أدعج العينين أي كان صلى الله عليه وسلم مشرب العينين بحمرة، وقوله مشرب العين بحمرة: هي عروق حمر رقاق وهي من علاماته صلى الله عليه وسلم التي في الكتب السالفة. وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتي سواد الحدقة، ذات أهداب طويلة – أي رموش العينين – ناصعتي البياض وكان صلى الله عليه وسلمشديد سواد العينين إذا رأيته من بعيد تظن أنه مكتحل .
عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوس العقبين ، ضخم القدمين )
قيل لسماك : ما ضليع الفم ، قال عظيم الفم ، قيل : وما أشكل العينين ؟ قال طويل شق العين . قيل ما منهوس العقب ؟ قال قليل لحم العقب . رواه مسلم
وعن جابر بن سمرة قال : ( …. وكنت إذا نظرتُ إليه قلت : أكحل العينين ، وليس بأكحل صلى الله عليه وسلم . رواه الترمذي بسند حسن
وكان يكتحل بالإثمد كل ليلة في كل عين ثلاثة أطراف عند النوم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما – والعين النجلاء الواسعة الحسنة والدعج: سبق معناه .
رموش العينين :
عن على رضى الله عنه قال في وصف النبي صلى الله عليه وسلم :(….أدعج العينين ، أهدب الأشفار ( الذي شعر أجفانه كثير مستطيل )
وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها أخرجه البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق.
أنفه صلى الله عليه وسلم :
يحسبه من لم يتأمله صلى الله عليه وسلم أشماً ولم يكن أشماً وكان مستقيماً، أقنى أي طويلاً في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته والأرنبة هي ما لان من الأنف يعنى أسفل الأنف .
صفة خديه :
وكان صلى الله عليه وسلم سهل الخدين ليس فيهما تجاعيد أو غيره .
عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده – أخرجه ابن ماجه وقال مقبل الوادي: هذا حديث صحيح
فم المصطفى صلى الله عليه وسلم :
تقدم حديث جابر بن سمرة أنه صلى الله عليه وسلم كان ضليع الفم أي واسع الفم ، والعرب تمدح بذلك وتذم صغر الفم وقيل واسع الفم من البلاغة فإذا كان الرجل ضليع الفم يكون بليغاً مفهوماً .
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشنب مفلج الأسنان). أخرجه البغوي في شرح السنة.
الأشنب: هو الذي في أسنانه رقة وتحدد.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم (أي واسع الفم) جميله، وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم ختم فم.
وكان صلى الله عليه وسلم وسيماً أشنب – أبيض الأسنان مفلج أي متفرق الأسنان، بعيد ما بين الثنايا والرباعيات- أفلج الثنيتين – الثنايا جمع ثنية بالتشديد وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت، والفلج هو تباعد بين الأسنان – إذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، – والمقصود من التشبيه ما يخرج من فمه من أحاديثه الشريفة وكلامه الجامع لأنواع الفصاحة والهداية .
صفة ريقه :
لقد أعطى الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه وسلم فيه شفاء للعليل، ورواء للغليل وغذاء وقوة وبركة ونماء، فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف من مريض فبرىء من ساعته بإذن الله.
فقد جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يعطاها ، فقال صلى الله عليه وسلم:
أين علي بن أبي طالب؟
فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه.
قال: فأرسلوا إليه.
فأتي به وفي رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي، فجئت به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرىء كأنه لم يكن به وجع).
ومما يروى في عجائب غزوة أحد، ما أصاب قتادة رضي الله عنه بسهم في عينه قد فقأتها له، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تدلت عينه، فأخذها صلى الله عليه وسلم بيده وأعادها ثم تفل بها ومسح عليها وقال (قم معافى بإذن الله) فعادت أبصر من أختها، فقال الشاعر :
اللهم صل على من سمى ونمى **** ورد عين قتادة بعد العمى
لحيته :
وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية كانت لحيته تملأ صدره صلى الله عليه وسلم ، فعن البراء بن عازب قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعاً ، عريض ما بين المنكبين كث اللحية ، تعلوه حمره ، جُمته إلى شحمة أذنه ، لقد رأيته في حُلَّةِ حمراءَ ، ما رأيت أحسن منه ) سنن الترمذى
وكانت عنفقته بارزة (الشعر تحت الشفة السفلى)، وحولها كبياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها، أخرجه أبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق وابن أبي خيثمة في تاريخه.
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: (كان في عنفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرات بيض). أخرجه البخاري.
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: (لم يختضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان البياض في عنفقته). أخرجه مسلم.
شاربه :
لم يصف الصحابة لنا صفة شاربه صلى الله عليه وسلم ؛ لكن الذي تدل عليه بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقص شاربه ويأخذ منه، ففي سنن النسائي والترمذي عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يأخذ شاربه فليس منا. وصححه الألباني.
ولعل المؤلفين في الشمائل قد اكتفوا بالأحاديث التي وردت بالأمر بقص الشارب والأخذ منه ، وذكر ابن القيم أن من هديه صلى الله عليه وسلم قص الشارب.
والله أعلم.
صفة عنقه :
رقبته كان فيها طولا، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (كان عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبريق فضة)، أخرجه ابن سعد في الطبقات والبيهقي.
صفة منكبيه :
كان صلى الله عليه وسلم أشعر المنكبين (أي عليهما شعر كثير)، واسع ما بينهما، والمنكب هو مجمع العضد والكتف. والمراد بكونه بعيد ما بين المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر مع الإشارة إلى أن بعد ما بين منكبيه لم يكن منافياً للاعتدال. وكان كتفاه عريضين عظيمين
صفة خاتم النبوة :
وهو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضر اللون، وفي رواية أنه كان أحمراً، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده. والحقيقة أنه لا يوجد تدافع بين هذه الروايات لأن لون الخاتم كان يتفاوت باختلاف الأوقات، فيكون تارة أحمراً وتارة كلون جسده وهكذا بحسب الأوقات. ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضة الحمامة، وورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه وسلم الأيسر.
وقد عرف سلمان الفارسي رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخاتم.
فعن عبد الله بن سرجس قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزاً ولحماً وقال ثريداً. فقيل له: أستغفر لك النبي؟ قال: نعم ولك، ثم تلى هذه الآية: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) محمد/19. قال: (ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى عليه خيلان كأمثال الثآليل)، أخرجه مسلم.
قال أبو زيد رضي الله عنه: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترب مني، فاقتربت منه، فقال: أدخل يدك فامسح ظهري، قال: فأدخلت يدي في قميصه فمسحت ظهره فوقع خاتم النبوة بين أصبعي قال: فسئل عن خاتم النبوة فقال: (شعرات بين كتفيه)، أخرجه أحمد والحاكم وقال (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي.
كفيه :
كان صلى الله عليه وسلم رحب الراحة (أي واسع الكف) كفه ممتلئة لحماً، غير أنها مع غاية ضخامتها كانت لينة أي ناعمة.
قال أنس رضي الله عنه: (ما مسست ديباجة ولا حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وأما ما ورد في روايات أخرى عن خشونة كفيه وغلاظتها، فهو محمول على ما إذا عمل في الجهاد أو مهنة أهله، فإن كفه الشريفة تصير خشنة للعارض المذكور (أي العمل) وإذا ترك رجعت إلى النعومة.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً.
قال: وأما أنا فمسح خدي. قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار). أخرجه مسلم
وكان صلى الله عليه وسلم رحب القدمين والكفين كما تقدم من حديث جابر بن سمرة وعن أنس وأبى هريرة قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم القدمين ، حسن الوجه ، لم أر بعده مثله )
وفى رواية عن أنس : ( ضخم اليدين ، لم أر قبله أو بعده مثله )
وفى أخرى : كان ضخم الرأس والقدمين ، لم أر بعده ولا قبله مثله . رواه البخاري
وعن أنس رضي الله عنه وفى قال :ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم . صحيح البخاري
وأخرج الشيخان عن أنس قال : ” ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ” .
عظامه :
وكان صلى الله عليه وسلم ضخم الكراديس كما في حديث علىّ ، والكراديس كل عظمتين التقتا فى مفصل : فهو كردوس والجمع كراديس ، نحو الركبتين والمنكبين والوركين .
صدره :
كان أشعر المنكبين والذراعين وأعالي الصدر دقيق المسربة وهى الشعر الدقيق من الصدر إلى السرة كالقضيب .
وكان صلى الله عليه وسلم بين كتفيه خاتم النبوة كزر الحجلة ، وكبيضة الحمامة .عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال : ( ورأيت الخاتم عند كتفيه مثل بيضة الحمام ، يشبه جسده .رواه مسلم
بطنه :
وكان صلى الله عليه وسلم : سواء البطن والصدر دون ارتفاع أو انخفاض بينهما (ليس له كرش)
صفة إبطيه :
كان صلى الله عليه وسلم أبيض الإبطين، وبياض الإبطين من علامة نبوته إذ إن الإبط من جميع الناس يكون عادة متغير اللون. قال عبد الله بن مالك رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين يديه (أي باعد) حتى نرى بياض إبطيه). أخرجه البخاري. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه). أخرجه أحمد وقال الهيثمي في المجمع رجال أحمد رجال الصحيح
مشيته :
وكان صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما تطوى له الأرض ويجدَّون في لحاقه وهو غير مكترث .
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : ( ما رأيت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجرى في وجهه ، قال : وما رأيت أحداً أسرع فى مشيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكأنما الأرض تطوى له ، كنا إذا مشينا معه نجهد أنفسنا ، وإنه لغير مُكْتَرِث ) أخرجه الترمذي
وفي حديث علي : (… شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما يمشى من صبب ، إذا التفت التفت معاً … ) رواه الترمذي بسند حسن
شثن الكفين والقدمين : أي أنهما يميلان إلى الغلظ ، والقصر ، ويحمد ذلك في الرجال ؛ لأنه أشد لقبضهم ويذم في النساء .
فدلت هذه الأحاديث وأمثالها أن مشيته صلى الله عليه وسلم فيها قوة مع تواضع بلا ضعف ولا كبر ، والصبب : الموضع المنحدر من الأرض، وذلك دليل على سرعة مشيه مع قوة.
وقال ابن عباس: أَراد به أَنه قويّ البدن، فإِذا مشى فكأَنه يمشي على صَدْر قدميه من القوة .
إذًا فقد كانت مشيتُه صلى الله عليه وسلم مفعمة بالحيوية والنشاط والهمة مع القوة وتتابع الخطي الثابتة الرزينة بلا توقف ولا عجلة ولا اختيال أو تبختر، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع رجليه من الأرض رفعًا بائنًا بقوة، ويمشي صلى الله عليه وسلم كأنما يصعد موضعًا عاليًا، وهذا الوصف دليل على التواضع والمثابرة وعلو الهمة أيضًا، والنشاط والتفاؤل .
التفاته :
وكان إذا التفت التفت جميعاً ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم كان لا ينظر من طرف عينه وهذه من علامات التواضع ، فكان صلى الله عليه وسلم خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء .
كلامه:
أما كلامه صلى الله عليه وسلم فتدبر ما تقول أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضى الله عنها : قالت : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث لو عَدَّهُ العادّ لأحصاه ) رواه البخاري
وفى سنن الترمذى قالت رضى الله عنها : ( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ، ولكنه كان يتكلم بكلام يُبِّينُهُ ، فصل ، يحفَظُهُ من جلس إليه )
عرقه :
أما عرقه صلى الله عليه وسلم فتدبر ما يقوله أنس رضى الله عنه :
يقول أنس : كان صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم ، فينام على فراشها وليست فيه . قال : فجاء ذات يوم فنام على فراشها ، فأتيت ، فقيل لها : هذا النبي صلى الله عليه وسلم نائم في بيتك على فراشك ؟
قال : فجاءت وقد عرق ، واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش . ففتحت عتيدتها ، فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها ، ففزع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما تصنعين يا أم سليم ؟ فقالت : يا رسول الله ، نرجو بركته لصبياننا ، قال أصبت .
وفى رواية قالت ( هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو أطيب الطيب ) رواه البخاري
قوله : ( ففتحت عتيدتها ) شيء كالصندوق الصغير ، تجعل المرأة فيه ما يعز من متاعها .
وأخرج الإمام أحمد والبيهقى عن على بن أبى طالب قال : (كان العرق في وجهه صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ)
وصف أم معبد :
لما هاجرالرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه إلى المدينة، مرعلى خيمة امرأة عجوز تسمى (أم معبد)، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتطعم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نفد زادهم وجاعوا.
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
قالت: شاة خلفها الجهد والضعف عن الغنم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بها من لبن؟
قالت: بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً فاحلبها!!!
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمى الله جل ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رجليها، ودرت، فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا (أي شبعوا)، ثم شرب آخرهم، ثم حلب في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها.
وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق عنزاً يتمايلن من الضعف، فرأى اللبن، فقال لزوجته: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب ولا حلوب في البيت!، فقالت: لا والله، إنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا…..
فقال أبو معبد: صفيه لي يا أم معبد!!!
فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلج الوجه (أي مشرق الوجه)، لم تعبه نحلة (أي نحول الجسم) ولم تزر به صقلة (أنه ليس بناحلٍ ولا سمين)، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دعج (أي سواد)، وفي أشفاره وطف (طويل شعر العين)، وفي صوته صحل (بحة وحسن)، وفي عنقه سطع (طول)، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر)، أزج أقرن (حاجباه طويلان ومقوسان ومتصلان)، إن صمت فعليه الوقار، وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلو المنطق، فصل لا تذر ولا هذر (كلامه بين وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصين، فهو أنضر الثلاثة منظراً، وأحسنهم قدراً، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه)، لا عابس ولا مفند (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخرافة)، فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
حديث حسن قوي أخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
ورضي الله عن حسان بن ثابت إذ قال :
وأحسن منك لم تر قط عيني *** وخير منك لم تلد النساء
خلقت مبرءاً من كل عيب … كأنك قد خلقت كما تشاء
كيف أرى النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤيا ؟
ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.”
فإذا رأى المسلم النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بأوصافه الثابتة في السنة فقد رآه حقيقة .
أما ما هي الأسباب التي تجعل الشخص يراه في المنام؟
فالأمر متوقف على طاعة الله ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلما كان الإنسان أتقى لله وأكثر اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان توقع رؤياه للنبي صلى الله عليه وسلم أكثر احتمالاً من غيره، كذلك الإكثار من الصلاة والسلام على النبي ليلاً، ونهارًا، ولا يلزم من عدم الرؤية له عدم صلاح الشخص، ولا يلزم أيضاً من شدة التقوى والمتابعة رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم، فالأمر في النهاية توفيق من الله تعالى، وفضل من الله يؤتيه من يشاء. والله أعلم.
طريقة تجعلك ترى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام :
ذهب رجل إلى أحد الشيوخ فقال له :: كيف أرى الرسول صلى الله عليه وسلم في منامي ؟؟
فقال الشيخ :اذهب اليوم إلى بيتك .. وكل بالغداء وجبة سمك وأكثر من وضع الملح في الوجبة .. ولا تشرب الماء أبدا .. وعلى العشاء كذلك وجبة سمك وأكثر الملح فيها .. وإياك ثم إياك أن تشرب الماء .
وذهب الرجل إلى بيته فتغدى سمك وتعشى سمك وأكثر من الملح .. ولكنه بدأ يشعر بالعطش .. تذكر كلام الشيخ واستطاع المقاومة .. وعندما ذهب إلى فراشه شعر بالعطش كذلك .. وحدث نفسه في أن يشرب الماء أو لا يشرب ولكن خشي أن لا يرى النبي صلى الله عليه وسلم .. وأمضى ليلته بالتقلب في الفراش مقاوما شعور عطشه … حتى غلبه النوم .
وعند الصباح استيقظ وذهب إلى الشيخ .. وقال له : لقد فعلت كل ما طلبت مني أن افعله .. ولكن لم أر الرسول صلى الله عليه وسلم في منامي !!!
فقال له الشيخ: وماذا رأيت في منامك ؟؟
قال :: لقد رأيت السماء تمطر ماء والأرض تنبع ماء .. ورأيت الماء في كل مكان يتدفق من حولي .. ولكني ما رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم كما أخبرتني؟!!!
فقال له الشيخ : نعم يا بني صدقت وصدقت نيتك فصدقت رؤيتك ، ولو صدقت محبتك لرأيت رسول الله .