ماذا قدم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- للعالم ؟
عندنا سؤال يطرح نفسه، وهو:
ماذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم للعالم؟
وهذا سؤال دائمًا يُطرح عند الكلام عن الذين يُسمّون بالعباقرة والقادة والمصلحين والمنظّرين، لكن الفارق بين هؤلاء وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله جاء بمبادئ وقيم ليطبّقها، لا لينظّر بها أمام الناس، فالنظريات، والأقوال المأثورة، والفلسفات تُسطّر في الكتب، ثم يحاكيها وينقلها بعض التلاميذ، لتصبح جزءًا من التراث المعروف لدى البشرية، أو ثقافة موروثة من خلال الثقافات الكثيرة جدًا للبشرية.
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنهج مستمد من الله عز وجل، فكان المعلم الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، رب العالمين: قال تعالى: “وعلمك ما لم تكن تعلم، وكان فضل الله عليك عظيمًا” [النساء، الآية رقم 113.]
فجاء منهج الله تعالى على يد نبيه صلى الله عليه وسلم حينما ابتعثه، فغيّر وجه الدنيا، بل وغير مجرى التاريخ.
وسأشير في هذا اللقاء إلى بعض اللمحات، وإلا فإن الموضوع طويل ويحتاج إلى كلام كثير:
الأمر الأول: تحرير العقول من الخرافة ودعوتها إلى التوحيد:
هل تتخيّلون أن البشرية انحدرت إلى مدى أن الرجل كان ينظر إلى حجر فيعجبه فيعبده، والعياذ بالله؟
والأعجب من ذلك أنه يعتقد أن هذا الحجر قادر على أن يستمطر به السماء، وأن يشفي المرضى، بل والأعجب أنه يستشيره! نعم، كانوا يستشيرون الأحجار والآلهة (أو التماثيل بالمعنى الأدق) في أمورهم، وربما وافقت الأحجار أو لم توافق حسب زعمهم.
وكان جل عرب الجزيرة يعبدون الأصنام ويصنعونها من كل شيء حتى من الأشياء التافهة، يصور لنا بعض ذلك أبو رجاء العطاردي- رضي الله عنه- ، وكان قد أسلم في حياة رسول الله لكنه لم يره (يقال عنه تابعي مُخضرم)، فيقول كما في صحيح البخاري وغيره “كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الْآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً (كومة أو كثبة) مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ..”
ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القرطبي قوله ” إن أهل الجاهلية كانوا يعملون الأصنام من كل شيء حتى أن بعضهم عمل صنمه من عجوة (تمر) ثم جاع فأكله”
جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليحرر هذه العقول من الخرافة والوهم، ولذلك تجد الكثير من آيات القرآن الكريم تحث على التأمل والتفكر والتعقل، فلا ينبغي لك، أيها الإنسان، وقد آتاك الله هذا العقل لتفهم به وتستوعب الأمور، وسخّر لك ما في السماوات وما في الأرض، أن تعبد مخلوقًا هو أقل منك، بل إذا دعوته، لا يسمعك، ولا ينفعك، ولا يضرك!!!
وقد عادت هذه الجاهلية في بعض صورها الآن، فنجد انتشارًا لما يسمى بالطاقة الحيوية، (وهذه تحتاج منا إلى خطبة خاصة)، لأن هذا الأمر أصيب البعض بالهوس به، وصارت له دورات معتمدة، وطبعًا نصابون كثر في هذا الموضوع، وهناك بعض الأحجار (الكريمة) في الخواتم التي تُلبس، يدّعي البعض أنها تعطي طاقة لكذا، وتنفع في كذا، وتجلب الحظ، والمفروض أن تعتقد أن لكل شيء حولك طاقة، وفي طاقة سلبية وطاقة إيجابية، وأن تقترب من هذا وتبتعد عن ذاك، وقد أصاب الناس هذا، الهوس بثوب جميل حضاري والاعتقاد بهذه الأشياء هو نوع من أنواع الشرك، حيث تعتقد أن هذه الجمادات تضر أو تنفع.
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليجعل بني آدم عبيدًا لله وحده، لا يعبدون غيره سبحانه وتعالى.
ثانيا/ تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة:
في الجاهلية، كان الظلم الاجتماعي والعنصرية والتمييز الطبقي أمرًا شائعًا؛ الأغنياء يظلمون الفقراء، والأقوياء يسلبون حقوق الضعفاء، وكانت النساء والأطفال من الفئات المستضعفة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ، ليعالج كل هذا؛ فلم يجعل التفاضل بين الناس بناءً على نسبهم إلى أسرهم، كالأسر الحاكمة أو الأسر التي كانوا يعتقدون أنها تحظى بمدد من الإله، كما كانوا يعتقدون في بعض الحكام، أو أن هؤلاء نواب الرب في الحكم، أو أن لهم الحق في الحياة وغيرهم ليس له ذلك الحق، بل يموت من أجل أسياده.
جاء الإسلام ليلغي هذه الطبقية المقيتة الحاقدة، فلا يعلو أحد على أحد، لا لنسبه ولا لجنسه ولا للونه، وإنما التفاضل عند الله بالتقوى، والتقوى أمر قلبي لا يطلع عليه إلا الله، فالتقوى ليست عمامة كبيرة نلبسها، ولا لحية طويلة نعفيها، ولا عباءة بشكل معين نرتديها، وإنما التقوى ها هنا (وأشار صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات)، أي أمر لا يطلع عليه إلا الله، فلا يعلو أحد على أحد.
وهدم النبي صلى الله عليه وسلم بناء الجاهلية حجرًا حجرًا، وأرسى دعائم الإسلام الصحيحة، فقال في خطبة الوداع: “يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد. ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى.”
وبين لنا صلى الله عليه وسلم، أسلوبا قويما في معاملة الضعفاء، والعبيد في المجتمع؛ فقال: “لا يقولنَّ أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: فتاي وفتاتي.رواه البخاري ومسلم.
ولما رُؤي أبو ذر رضي الله عنه يلبس حُلة (أي زيًّا جميلاً مثل البدلة الآن، ملابس تُلبس في المناسبات)، وعلى غلامه مثلها، تعجّب الناس من ذلك، فالعبد عادةً لو وجد خرقة يستر بها عورته كان ذلك جيدًا، فما بالنا برؤية أبي ذر وعبده يلبسان نفس الحُلة تمامًا؟ فقالوا له: “يا أبا ذر، ألبست غلامك كما تلبس؟” قال: “إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فألبسوهم مما تلبسون، وأطعموهم مما تطعمون، ولا تكلفوهم فوق ما يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم)،”
انظروا، إخواني، إلى هذه المبادئ الإنسانية العالية؛ كيف يتعامل المسلم مع خادمه؟ كيف يتعامل معه بهذه الإنسانية التي لا تميز أحدًا على أحد؟ يلبس مما يلبس، ويأكل مما يأكل، سبحان الله!!
وبين أبو ذر رضي الله عنه موقفًا آخر حدث له، فقال: “لقد عيّرتُ رجلًا فقلت له يا ابن السوداء،” فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعيّرته بأمه؟” رغم أن الرجل الذي خاطبه أبو ذر كان فعلاً أسود ووالدته سوداء، لكن هذا القول كان يُقال على سبيل التعيير والانتقاص، فقال النبي: “إنك امرؤ فيك جاهلية، أعيّرته بأمه؟”
وقد ورد في بعض الروايات أن الشخص المعني كان بلالًا، وهذا خطأ كما أشار الحافظ ابن حجر في شرحه على البخاري، فلم يكن بلالًا، بل كان رجلاً آخر عيّره أبو ذر، كما كانت عادة أهل الجاهلية.
فهدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأنفس بناء الجاهلية البغيض المقيت، ليجعل الناس سواءً بين يدي الله سبحانه وتعالى، يقف الناس جميعًا صفوفًا بين يدي الله، لا تمييز لأحد على أحد، ولا يُقدَّم إلا من سبق، ليس هناك صفوف محجوزة لأصحاب الأموال الأكثر، أو للشهادات الأعلى، بل يقف الناس بين يدي الله لا فضل لأحد على أحد، ويذهب الناس للحج بزيٍّ واحد ونداء واحد: “لبيك اللهم لبيك”، فلا يتميز أحد على أحد، هذه هي القيم الحضارية التي جاء بها الإسلام.
قصة سورة عبس:
بلغ الأمر، يا إخواني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجالس مجموعة من سادة مكة يدعوهم إلى الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطمع في إسلامهم؛ لأنهم إذا أسلموا سيكون في ذلك عزة وقوة للمسلمين، وجاء الأعمى عبد الله بن أم مكتوم، وأقول “أعمى” اعتذارًا له، لأنه لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرَ من يجالس، وهو يقول لرسول الله: “علمني مما علمك الله،”
النبي صلى الله عليه وسلم لم يصرف هذا الرجل بكلمة غليظة، لم يقل له: “اذهب عنا” أو “ليس هذا وقتك” أو “ابتعد،” لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أي شيء غليظ، فقط، عبس النبي، أي كشر إشارة إلى أنه أصابه الضيق من ورود عبد الله بن أم مكتوم في هذا الوقت بالذات، لأن هؤلاء السادة الأغنياء إذا رأوا عبد الله بن أم مكتوم، قد يقومون عن النبي صلى الله عليه وسلم، كانت هذه طبيعة المجتمع العنصري، أن الغني لا يجلس في مجلس فيه الفقير، أن الغني له طعامه، والفقير له طعامه، والغني له مجلسه، والفقير له مجلسه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أصابه الضيق فقط لأن ابن أم مكتوم جاء في الوقت غير المناسب، السؤال هو: هل رأى عبد الله بن أم مكتوم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعبس أو يكشر؟ كلا، لم يره.
هل أسمعه النبي صلى الله عليه وسلم ما يكره؟ كلا، لم يسمعه شيئًا، ماذا حدث؟
أنزل الله قرآنًا يُتلى ليعلمنا في شخص نبينا صلى الله عليه وسلم كيف نتعامل مع الناس: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وَمَا عَلَيۡكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى) [عبس:1:10]
ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لابن أم مكتوم إذا رآه: “مرحبًا بمن عاتبني فيه ربي،” هل رأيتم رسالة سامية هذا السمو العجيب؟
الله جل في علاه ينزل قرآنًا يُتلى في شأن أعمى عبس النبي في وجهه، وهو لم يرَ وجه النبي صلى الله عليه وسلم، سبحان الله!
ثالثا / إكرام المرأة وإعطاؤها حقوقها:
من اللمحات التي تميز بها النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته إكرام المرأة، وقضية المرأة دائمًا ما نجد أعداء الإسلام يتربصون بها، ويثيرون الجدل حول التشريعات التي نزلت بسبب المرأة، مثل الحجاب والميراث، وهذه أمور يُعاد إثارتها كل حين، وهم يعلمون أن أظلم الناس للمرأة هم أصحاب الحضارة المادية التي جعلت المرأة سلعة تُستغل في كل شيء.
أما الإسلام، فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم في مجتمع كان قتل البنات فيه وهن صغار مكرمة، وتربيتهن معرة، مجرد أن يسمع الرجل أنه رزق بأنثى، يظل وجهه مسودًا من الحزن، وهو كظيم، جاء الإسلام ليكرم البنت الصغيرة، فقال: “من عال جاريتين فأحسن تأديبهن كن له جُوارًا من النار،” وجعل لها حق اختيار الزوج بعد أن كانت مُكرهة على الزواج بمن يشاء وليها أن يزوجها منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “البكر تستأذن، وإذنها صماتها، والثيب أحق بنفسها،” وأكرمها زوجة، فكان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله،” وأكرمها أماً، حيث قال الله تعالى: “ووصينا الإنسان بوالديه،” وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: “من أحق الناس بحسن صحبتي؟” قال: “أمك،” قالها ثلاثًا، ثم قال: “أبوك،”
فبعد أن كانت المرأة تعتبر شيئًا حقيرًا بلا قيمة، كما يُقال “سقط المتاع” – أي الشيء الذي لا يُلتفت إليه إذا سقط منك أثناء حمل الأغراض – كان المجتمع الجاهلي ينظر إلى المرأة على أنها “سقط المتاع”، كانوا يقولون إن “نصرها بكاء وبرها سرقة”، لأنهم كانوا لا يعطون الميراث إلا لمن حمل السيف وركب الخيل، جاء الإسلام ليكرم المرأة ويرفع قدرها، ويجعل لها بين المجتمع مكانة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، جاء الإسلام ليجعل الرجل قوّامًا على المرأة، قوامة رشد ومسؤولية وإنفاق، لا قوامة قهر أو جبر أو إكراه.
القضية معقدة، والكلام فيها كثير، لكنني أُشير إلى بعض النقاط واللمحات، أتذكر أنني قرأت قصة لامرأة أمريكية أسلمت، قالت: “والله، وددت لو علمت جميع الأمريكيات كيف يعامل الإسلام المرأة، فما رأيت دينًا يكرم المرأة كتكريم الإسلام للمرأة،” سبحان الله!!
رابعا/ نشر الأخلاق الفاضلة والقيم الإنسانية:
من الملامح التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم لهذا العالم: الأخلاقيات في كل شيء، الإسلام شرع أخلاقيات حتى في القوة العسكرية، فيما يُسمى “أخلاقيات الحرب”، وشرع أخلاقيات في الاقتصاد، وأخلاقيات في التجارة، وأخلاقيات في التعامل بين الناس، سواء كانوا جيرانًا، أو إخوة، أو شركاء، أو حكامًا ومحكومين، هناك تشريعات لكل هذه الأمور وتفصيلات كثيرة، نظم الإسلام كل كبيرة وصغيرة.
قضى الإسلام على الفساد الاقتصادي المتمثل في الربا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا وإن كل ربا موضوع، وأول ربا أضع ربا العباس تحت قدمي،” بدأ بعمه، سبحان الله!
وحرّم الغش، وحرّم الاحتكار.
وحرّم ما كان جاريًا في المجتمع من أن القوي يأكل مال الضعيف ويستغله ويستعبده، منع كل هذا.
حتى في الحروب نرى أن هناك قوانين للتعامل في الحروب، على عكس ما نراه ونسمعه من الحضارة الغربية قديمًا وحديثًا، في الحروب التي تجري هنا وهناك، نرى مدى الوحشية والعنف، والقتل وسفك الدماء بدون أي رادع أو ضابط.
وهناك من يفزع لجرح شخص واحد (لأنه غربي)، ولا يفزع لمقتل المئات والآلاف (طالما أنهم عرب أو مسلمين)، فلا بأس.
وعلى الهامش، أقول: أنا أعلم أن هناك جدالًا كبيرًا الآن حول ما يجري في لبنان، وأعلم أن الإخوة السوريين لهم وجهة نظرهم بالنسبة لحزب الله وما فعله في سوريا، ولكن أقول: إن هذه الحرب الآن لم تفرق بين ظالم ومظلوم، وبين جاني، ومجني عليه، الحرب الآن والتهجير لآلاف السكان، وقبل نصف ساعة من الآن كان هناك هجوم على الضاحية الجنوبية ببيروت، إنها حرب تأكل اليابس والأخضر يا إخواني، تهجير مئات الآلاف وقتل الآلاف من الأطفال والنساء المفزوعين، لا أحد يختلف على هذا الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه الآلة العسكرية الغاشمة التي وُضعت بيد هؤلاء المعتدين الظالمين، الذين لا رادع لهم، كنا في الماضي نسخر من الدول العربية عندما كانوا يشجبون ويستنكرون، ونقول: “هذا ما يستطيعون فعله” والآن، لا شجب ولا استنكار، بل صمت تام على الموضوع وكأن الأمر تم تحت سمعهم وبصرهم وبمباركتهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذا هو الإنسان حينما يطغى بلا دين ولا تقوى ولا معرفة بالله، ولا حتى احترام لأي قيم إنسانية، أما النبي صلى الله عليه وسلم، فعندما رأى امرأة مقتولة، أنكر على أصحابه، وقال: “ما كانت هذه لتقاتل!” أنكر عليهم أن يقتلوا امرأة، لأن المرأة لا تحمل سيفًا ولا تواجه، هذه امرأة عزلاء، لا سلاح لها.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “وُجِدَتِ امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان.” رواه مسلم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه إذا انطلقوا في غزو أو قتال، قائلاً: “لا تقتلوا امرأة، ولا طفلًا، ولا شيخًا كبيرًا، ولا تقطعوا شجرة”
وأرسى الإسلام أخلاقيات حضارية حتى في جو الحروب، جو القوة والقتال، فجعل هناك أخلاقيات حتى في التعامل مع الأسرى، فيقول الله تعالى: “ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا”
وهكذا، إخواني، نجد أن هناك أمورًا تفرد بها الإسلام وجاء بها ليحمل الخير لهذه البشرية الضائعة التائهة، التي تعاني من الخراب والمذابح والمجازر والمجاعات والنزاعات، وعلاجها إنما هو في رسالة السماء التي جاء بها خير الأنبياء، الذي جاء ليرد الناس من عبادة الأحجار إلى عبادة الله الواحد القهار”
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبدل حالنا إلى خير حال، وأن يأخذ بنواصينا إليه، وأن يلطف بإخواننا في كل مكان، اللهم آمين”
خلاصة الخطبة:
- فضل الرسول صلى الله عليه وسلم على العالم: جاء بمبادئ وقيم ليطبقها وليس للتنظير بها، وقام بتغيير وجه الدنيا والتاريخ من خلال منهج مستمد من الله.
- تحرير العقول من الخرافة: حرر النبي العقول من عبادة الأصنام والخرافات، ودعاهم إلى التوحيد والتفكر في خلق الله.
- تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة: ألغى الإسلام الطبقية والعنصرية، وأكد أن التفاضل بالتقوى وليس بالنسب أو اللون.
- إكرام المرأة وإعطائها حقوقها: رفع الإسلام من مكانة المرأة، فأعطاها حقوقها، وألغى ممارسات الجاهلية التي كانت تظلمها.
- نشر الأخلاق الفاضلة: شرع الإسلام أخلاقيات في مختلف نواحي الحياة، بما في ذلك الحرب، الاقتصاد، والتجارة. حرّم الربا، الغش، والاحتكار.
- نشر الأخلاقيات في الحروب: الإسلام وضع قوانين حتى في أوقات الحروب، حيث منع قتل النساء، الأطفال، والشيوخ، ووضع معايير للتعامل مع الأسرى.
- الحاجة إلى رسالة الإسلام: في ظل الحروب والنزاعات الحالية، لا نجاة للبشرية إلا من خلال العودة إلى القيم الإسلامية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.