فنحن لن نستطيع أن نقوم بحاجات أنفسنا كلها ولن نستغني أبداً عن الله عز وجل ، ولذلك تعلمنا أننا في كل ركعة من ركعات الصلاة نقول لرب العزة :
ما قصرت عنه همتك وقدراتك فكِله إلي الله ….. بل كِل الأمور كلها لله عز وجل.
حينما يركن الإنسان إليّ نفسه سيجد الضعف والعجز والتعب، ويجد من نفسه المرض والضغط والعصبية والغضب لأن كل واحد منا له طاقة .
لما قال نبي الله لوط ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إليّ ركن شديد ) قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ) يقصد الله عز وجل
والركن الشديد معناه أن الإنسان مع ضغط الأمور ، أو الأمور التي يعجز هو عنها يميل فيحتاج إلى من يركن إليه ليسنده ليعيده إلى وضعه الأصلي فأنا هنا ضعفت لم أستطع هذا الأمر ؛ فآوي إليّ ركن شديد إلي الله تبارك وتعالي .
جعل الله تعالى خلقنا مبنيا علي الحاجة أنت لا تستطيع أن تستقل بنفسك عن أي شيء أنت بطبعك محتاج ….. محتاج الي الطعام والشراب والتنفس والراحة إلى العمل والرزق والمال و…..الخ
أمور وحاجيات كثيرة جعلها الله فينا نتحرك ونسعي ونعمل لكن مع كل هذا نضعف ولا نستطيع أن نحقق كل شيء ، فعلمنا الله أن نلجأ إليه فنحن الفقراء المحتاجون إليه ، وهو الغني الذي لا حاجة له سبحانه وتعالي ، وهوالغني الذي لا تنفد خزائنه، وهو الغني الذي لا يصيبه مثل ما يصيبنا فلا يمرض ولا يتعب ولا يعجز ولا يضعف ولا يشيخ – سبحانه جل جلاله – له صفات الجلال والكمال .
ياحي ياقيوم : توسل إلى الله سبحانه وتعالى باسميه (الحي والقيوم) والحي سبحانه هو الذي لا بداية لوجوده، ولا آخرية لوجوده، فهو الأول كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ليس قبله شيء وهو الآخر ليس بعده شيء.
الواحد فينا ربما لا يقوم إلا علي أسرة من أربعة أو خمس أفراد، وعنده ما عنده من المشاكل والضغوطات والأعباء ، فما بالك إذا كان مسئول عن شركة أو دولة ، فما بالك برب العزة جل وعلا وهو مالك السماوات والأرض سيحانه وتعالي ، ومع هذا لا يعجزه ذلك ، ولا يضعف… هو لا يحتاج إلى من يعينه ولا إلى من ينصره، ولذلك أنت تتوسل إلى الله بحياته وقيوميته ” ياحي يا قيوم ” .
والقيومية دالة علي كمال الأفعال ، أي أنه قائم علي أمر السماوات والأرض لا يخفي عليه شيء ، ولا تغيب عنه مثقال ذرة، ولا يحتاج إلى أعوان ولا أنصار ولا إلى أولياء ، ولا من يمدونه فهو الغني جل في علاه .
وفِي آل عمران ( الله لا إله إلا هو الحي الْقَيُّوم ) ، وفِي طه ( وعنت الوجوه للحي الْقَيُّوم )
فرحمة الله وسعت كل شيء وسعت المؤمن والكافر وسعت الانس والجن والبهائم حتي إن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها مخافة أن تطأه ) وهذا من رحمة الله عز وجل التي بثها في الخلق جميعاً .
فأنا أتوسل إلى الله ( ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله)
ومبالغة في التعبير يقول:
ومشهور علي الألسنة (ولا أقل من ذلك) وهذا ليس من كلام النبي لكن هناك رواية أخري ( لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا لأحد من خلقك ) معناه اجعلني غنياً بك متوكلاً عليك لا أخشي ولا أخاف وأنا في جنابك يارب .
حينما يستعصي النوم علي بعض الناس منا يصل إلى درجة من الضغط النفسي تصل إلى الجنون !!!
هل هناك أعظم ملكاً من نبي الله سليمان ؟
لماقيل لقارون : (أحسن كما أحسن الله إليك ) قال: ( إنما أوتيته علي علم عندي) هذه مهارة وعلم وخبرة وأنا (businessman) بزنس مان كبير …. فلما خسف الله به وبداره الأرض ( ما كان له من فئه ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين )
فرعون في عز قوته وصولجانه غرق هو وجنوده لا نفعهم ولانفعوه!!!!
سبحان الله وكانوا من قبل مستكبرين مفسدين في الأرض ( واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون )
ثم أهلكه الله هو وجنوده فما كان له من ناصر وما كان له من منقذ ….والأمثلة كثيرة .
قصة شقيق الشيخ أيمن سويد :
الشيخ أيمن سويد يقول كان لي أخ فصيح اللسان ومع صغر سنه كان حافظ لكتاب الله خطيباً مفوهاً فأصابه بعض الشيء من الإعجاب بنفسه والعجب مرض خطير ،إبليس لما أعجب بنفسه قال لله : (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) والعجب معناه أن الإنسان يري أن ما عنده ليس عند غيره وأنه الفلتة وأنه الموهوب المبدع وليس هناك غيره ، وأنه الملهم الوحيد ولكن الذي أعطاك هو الله .
يقول فكان هذا الأخ علي مافيه من صغر السن والفصاحة والبيان ، وكان يحب لعب كرة القدم ؛ فذات مرة في أحد المباريات جاءت كرة عالية فاستقبلها برأسه ، وكانت ضربة شديدة فوقع في الأرض … أغمي عليه ….
يقول : فلما أفاق أخي كأن الذاكرة قد محيت تماما ً !!!
انتبه وجعل ينظر إلى من حوله لما حكي لأخيه من بعد قال : من أنا ؟ ومن هؤلاء ؟ من الذي أتي بي إلى هنا ؟
لاشيء يذكره مطلقاً لا اسمه ولا هيأته ولا صفته واستمر الحال علي هذا الأمر عدة دقائق، وهو في حيرة مشلول الفكر، لا يتذكر شيء وبدأت الذاكرة تعود حيناً فحين ….فبكيت بكاءًا شديداً وعلمت أن هذا درس لا أنساه .
أن تكون حافظ للقرآن وفصيح وبليغ ولاعب كرة أعطاك الله ما أعطاك قادر علي أن يسلبه منك في لحظة .
درس للجميع سبحان الله!!!
قصة أحد الأطباء المشاهير في الطب البديل:
أحد الأطباء المشهورين في الطب البديل في عالمنا العربي يقول نجحت في حياتي في علاج كثير من الأمراض ، وجاءني الكثير ممن يعانون من الأمراض سنين طويلة وبوصفتي الطبية وبعلمي وخبرتي شفاههم الله علي يدي …. وصرت أُطلب بالهاتف من هنا وهنالك نحتاجك هنا وهنا.
فعظمت علي نفسي أنا إنسان هام جدا لأن المرضي يحتاجون الي …
المرضي يجدون في وصفاتي وفي علاجي الشفاء والراحة ….
فقال : داخلني ما داخلني من الإعجاب بالنفس .
وسبحان الله أصابه شيء من الإجهاد والتعب فذهب إلى المستشفي وقام ببعض الفحوصات فقال له الطبيب : عندك سرطان !!! قال سرطان ؟؟؟ نعم
فقال فما الحل ؟
قال له الطبيب: لن تعيش أكثر من ستة أشهر!!!
تخيلوا مع قمة المجد والشهرة والغني لن تعيش أكثر من ستة أشهر !!!
قال فركنت إلى ربي ، وعلمت أنها رسالة من الله !!!
يامن ادعيت أنك هنا وهناك تصف العلاج لهذا وهذا اشف نفسك !
قال فركنت إلى الله أخذت بالأسباب.
آخذ جلسات الكيماوي ، ومع خبرتي بالطب البديل أعالج نفسي …… ثم لازمت صلاة الليل في السحر مافاتتني ليلة طوال هذه الأشهر إلا وأنا بين يدي ربي قبل الفجر أسجد بين يديه وأبكي .
يقول : سبحان الله وبعد الجلسة الثالثة قمنا بالفحوصات فتعجب الطبيب وقال ليس هناك أي أثر لأي سرطان!!!
وهو حي يرزق إلى الآن …. وهذه القصة لها أكثر من خمس سنوات أو أكثر .
فسبحان الله هو طبيب مشهور فالله قال له : ياطبيب اشف نفسك أنفع نفسك !!
لكن نحن فقراء إلى الله نحن عندنا علم لوصف الدواء لكن ليس عندنا قدرة علي الشفاء سبحان الله !!!
قصة شيخ في خطبة جمعة :
حتي في مجال عملي أحد الشيوخ ذكر لي هذه القصة قال : كان هناك افتتاح مسجد سيحضر فيه العديد من القيادات والمسئولين وهناك اهتمام إعلامي وشعبي بهذا الأمر قال فاختاروني لأداء الخطبة لفصاحتي وبلاغتي ، فقلت : أنا سأقوم بتحضير خطبة يكون فيها حديث الناس وحرصت علي إبراز نفسي وعلي أن أخاطب في الناس ما يثنوا علي به بعد ذلك .
ثم كان يوم الخطبة فلما صعدت ووقفت أمام الناس وقلت : الحمدلله رب العالمين….. مُحي من رأسي كل شيء …..
قال : أقسم بالله أني حاولت أن أتذكر سورة الفاتحة ما تذكرتها وتصببت عرقاً مع ملابسي وعمامتي وهيأتي ……. وأنا لا أستطيع أن أكمل كلمة بعد الحمد لله رب العالمين انظر إلى الناس وينظرون إليّ ماذا أفعل ؟
فقلت :هذا أبلغ درس لي من الله حتي لا أركن إلى نفسي وأغتر بما أعطاني فاعتذرت وقلت : أنا أشعر بعارض كبير يمنعني من مواصلة الكلام ولذلك أرشح الشيخ فلان أن يكمل الخطبة …. ونزلت.
وما إن قَعَدت لأستمع إلى خطبة زميلي حتي رجعت الخطبة كلها في ذهني وكأن شيء لم يكن.
الشاهد يا إخواني ( وما بكم من نعمة فمن الله )
لا تركن إلى نفسك لا تعتمد علي نفسك.
لاتظن أنك بما أعطاك الله خلاص استغنيت عن الدنيا أنا عندي وأنا أملك وأنا لي …
إلغ الأنا، أنت بالنسبة إليّ الله لا شيء، من أنت بالنسبة إليّ رب العزة ذي الجلال؟!
فهنا دائماً يا إخواني مع الضغوطات وكثرة الأعباء وكثرة المشاغل ومع كل هذا اسأل الله أن يعينك أن يقويك أن يذهب عنك الضعف بقوته ،أن يذهب عنك العجز بقدرته ، أن يذهب عنك الفقر بغناه ، أن يذهب عنك الذل بعزته .
أنت عبد لله فلا تدعن أن تقول في صباحك ومساؤك:
( ياحي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين )
* ألقيت هذه الخطبة بمركز الجسر بمدينة لافال بكندا يوم الجمعة الموافق 29/6/2018