ما هي علامات قبول العمل الصالح؟

تاريخ الإضافة 9 أبريل, 2024 الزيارات : 485

ما هي علامات قبول العمل الصالح؟

انقضى شهر رمضان المبارك وكان شهر فيه خير وبركة.

فالحمد لله أن بلغنا الله رمضان، والحمد لله أن وفقنا وأعاننا فيه على الصيام والقيام.

نسأله – سبحانه وتعالى- أن يتقبله منا، وأن يجعل أعمالنا الصالحة كلها خالصة لوجهه الكريم.

 وبعد رمضان يأتينا السؤال: ما هي علامات قبول العمل الصالح؟ 

 للإجابة على السؤال الأول: ما هي علامات قبول العمل الصالح؟

أولا / نسأل الله القبول:

المسلم حينما يؤدي عملا لله- عز وجل- فالشرف والعز له أن يتقبل الله منه، قال تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) [المائدة 27]

 ولما سألت عائشة رضي الله عنها النبي- صلى الله عليه وسلم- عن هذِهِ الآيةِ: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) قالت عائشةُ: أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرِقونَ قالَ لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ ويتصدَّقونَ، وَهُم يخافونَ ألا تُقبَلَ منهُم أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)

كما قلنا في بداية الشهر حينما يهادينا ملك من الملوك بهدية فهذا شرف لنا أن يرشحنا لهذه الهدية وأن نقبلها هذا شرف لنا، لكن إذا حدث العكس أن واحدا منا شخص عادي يهدي الملك فلان هدية، فالشرف لي إن قبلها فالملك لا يحتاج إلى جوائز ولا إلى هدايا ولا إلى مناصب رفيعة ولا شهادات فهو الملك، فهنا حينما أقوم بطاعة من الطاعات فشرف لي أن قبلها مني ملك الملوك- جل جلاله-

 ولذلك نلاحظ أن الخليل إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حينما كان يرفع القواعد من البيت مع ولده إسماعيل وهذا عمل عظيم وشرف كبير كانا يقولا: (ربنا تقبل إنك أنت السميع العليم)

فالمسلم بعد هذا الشهر الكريم وما وفقه الله فيه من عمل صالح يرجو من الله القبول، فلا يصيبه عجب بعمله فيقول أنا اكتفيت، أو أنا بذلت أقصى ما في وسعي في رمضان لله، إنما يرجو من الله القبول.

 وقد اغتر إبليس بنفسه حتى بلغ به العجب إلى أن رد الأمر على الله، نسأل الله عافيته.

ثانيا/ مواصلة الطاعات:

 فرمضان كان مدرسة لنتعلم فيها الكثير من الطاعات، ما شاء الله، والله كان فيه خير عظيم، صيام بالنهار وصلاة تراويح ودروس وخواطر، ودعاء وصدقة وصلة الرحم وتلاوة القرآن والكلمة الطيبة والبذل والعطاء…. يعني طاعات وطاعات وطاعات.

 فكنا نتربى في هذه الأيام والليالي على معنى العمل الصالح والطاعات الكثيرة.

 أي نعم لن نكون كرمضان لكن سنداوم لن ننقطع، الفتور شيء طبيعي شيء صحي ليس شيئا مرضيا، لما شخص يبذل جهدا كبيرا في عمل حتى يتمه، فإذا أتمه أخذ قسطا من الراحة فلا بأس بهذا.

كما قال النبي: (إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ، ولكلِّ شرَّةٌ فَتْرَةٌ، فمنْ كانْ فترتُه إلى سنتِي فقدِ اهتدى، ومنْ كانتْ إلى غيرِ ذلكَ فقدْ هلكَ)

(لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ) يعني حدة ونشاط.

(ولكل شرة فترة) فتور يعني كسل وتراخ، شيء من الراحة.

 فالمسلم ينشط في العبادةِ أوَّلًا، ثمَّ تَسكُنُ شِرَّتُه وتَفتُرُ عَزيمتُه؛ لذا أمَرَ بهذا: “فمَن كان فَترتُه”، أي: فمَن كانت فَترةُ خُمولِه وضَعفِه، “إلى سُنَّتي فقد اهْتَدى”، وسُنَّةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هي الاقتصادُ والتَّوسُّطُ، مع المُداومةِ والإخلاصِ للهِ، وعدَمِ الرِّياءِ والسُّمعةِ، “ومَن كانت إلى غيرِ ذلك فقد هلَكَ”؛ لأنَّ مَن سلَكَ غيرَ هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهو مِن الهالكينَ. وأريد أن أقول لإخواني إن الكثير منا يحلق في المثالية ويريد أن يدرك كل شيء أو لا شيء، يعني ما زال عالقا في اذهاننا أن من علامات قبول رمضان أن أصلي أحد عشر ركعة كل ليلة وأن أصوم الاثنين والخميس وأن اقرأ جزءا من القرآن …

هذا كان في موسم من مواسم الطاعة ومن الطبيعي جدا أن تنشط وأن تبذل أقصى ما في وسعك، لكن هنا تعال إلى قول النبي (خير العمل أدومه وإن قل)

كنت تستطيع في رمضان أن تصلي أحد عشر ركعة خلف الإمام وتجدها سهلة خفيفة لماذا؟

 لأن الطاعة في الجماعة تخف، لكن أنت مع نفسك، داوم على ما تلتزم به، يعني بعد ركعتي سنة العشاء هل تستطيع أن تداوم على ركعتي قيام ليل؟

الرسول سهلها لنا جدا فقال: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، عشر آيات يعني بسورتي الفلق والناس.

ما المانع أن تقرأ ربعا من القرآن يوميا؟

إذا كانت لي ختمة او ختمتين في رمضان فلتكن لي ختمات بعد رمضان، كل شهر كل شهرين يعني كل ثلاثة أشهر، اقرأ ما تيسر اسمع القرآن، يتعلق قلبي بكتاب الله- عز وجل-.

 صلاة الجماعة، انا اعلم أن الإخوة يشتغلون بالنهار صلاتي الظهر والعصر من الصعوبة أن يكن هنا بالمسجد ما عدا نهاية الاسبوع لكن ممكن أحدد لنفسي ثلاث صلوات المغرب والعشاء والفجر إن شاء الله في جماعة، والآن نحن في وقت النهار يمتد ما شاء الله المغرب صارت بعد الثامنة والعشاء بعد التاسعة والنصف، يعني صار في سهولة في الأمر، فما المانع أن ألزم نفسي بهذه الصلوات في جماعة؟ في المسجد بدل من أن أصليها بالبيت،

وعندنا أمور من البر والخير كثيرة من الممكن أن نفعلها، لكن الواحد يضع العقدة في المنشار كما نقول، ويقول: إما أن أفعل كل شيء وإما لا شيء، فيترك كل شيء، كلا، الرسول نهانا عن هذه المثالية المضيعة للأعمال ولما دَخَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسجد فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقالَ: ما هذا الحَبْلُ؟ قالوا: هذا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ.

 وقال: (خير العمل أدومه وان قل)

وقالت عائشة: (كان عمل رسول الله ديمة) يعني دائما

فهكذا إخواني نأخذ الأمور بالتدرج، فإذا فعلت ذلك فأنت- بإذن الله- على الطريق الصحيح.

 ولذلك كان سلفنا الصالح يقولون: إن من علامات قبول الحسنة تجدد الحسنة بعدها، ومن شؤم المعصية تجدد المعصية بعدها.

وكانوا يقولون: ” ما من حسنة إلا ولها أخوات، وما من سيئة إلا ولها أخوات”

فنحن بفضل الله بعد هذه الحسنات والطاعات في رمضان نواصل بفضل الله الطاعات، لا أتنازل عن الفرائض لأنها هي الشيء الأكيد المفروض على، ثم أبذل ما في وسعي من الحسن أو النوافل رغبة في رحمة الله وفضله ومثوبته- سبحانه وتعالى-

وقد سن لنا رسول الله سنة بعدية وهي صيام الست من شوال، قال: (من صام رمضان ثم اتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)

ثالثا/ عبادات السر:

 عبادات السر معناها أن يكون لك حال مع الله في بيتك وفي خلوتك…

فتصلي ركعتين في ظلمة الليل حيث لا يراك أحد إلا الله

تتصدق صدقة مخفية حيث لا يعلمها ولا يعلم أنك تصدقت إلا الله

تغيث الملهوف تعين المحتاج

تفعل هذه الأعمال المخبوءة التي لا يطلع عليها أحد إلا الله فتربي في نفسك معنى الاخلاص، فتعمل لله لمرضاة الله وتستحضر قول الله تعالى : (وكان الله شاكرا عليما)

بعض الناس يقول : أنا أفعل لفلان كذا لأنه فعلا معي كذا، وإذا لم يفعل إذن لا يستحق، سأفعل مع زوجتي كذا لأنها فعلت كذا، طيب إذا لم تفعل لا تستحق!!!

 كلا ليس هذا هو المبدأ، أنت تعامل الله، انت لا تعامل الناس بعمل طيب صالح نظير المكافأة، أنت تعامل الناس كما أمرك الله، وتتلقى من الله، فإن تلقيت ثناء وحمدا من الناس فتلك عاجل بشرى المؤمن، أما إذا تلقيت ذما أو لا مبالاة أو أن وجودك مثل عدمك عند الناس فأنت تعامل الله- سبحانه وتعالى-، لا تتوقف عن فعل الخير هذا مبدأ كثير من الناس الآن، أصل الارحام الذين يصلونني، أساعد صديقي الذي ساعدني، أجامل فلان الذي جاملني، زوجتي لم تفعل إذن أنا لا أفعل، هي بخلت فأنا أبخل..

كلا بل نبذل الإحسان وعمل الخير لله- عز وجل-، فإن كان هناك كلمة طيبة أو رد جميل- جزاك الله خيرا-، وان لم يكن فأنا أريد الأجر خالصا من الله- سبحانه وتعالى-

فينبغي للمسلم الحرص على أن تكون له خبيئة من عمل صالح لا يعلم بها غيره؛ لقول نبي الله صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل. رواه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وفي شرح صحيح البخاري لابن بطالأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لبلال: حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة؟ قال: ما عملت عملا أرجى عندي، أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. قال المهلب: فيه دليل أن الله يعظم المجازاة على ما ستر العبد بينه وبين ربه، مما لا يطلع عليه أحد، ولذلك استحب العلماء أن يكون بين العبد وبين ربه خبيئة عمل من الطاعة، يدخرها لنفسه عند ربه، ويدل أنها كانت خبيئة بين بلال وبين ربه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يعرفها حتى سأله عنها. انتهى.

وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها إذا أرسلت إلى قوم بهدية تقول لمن ترسله: “اسمع ما دعوا به لنا؛ حتى ندعو لهم بمثل ما دعوا ويبقى أجرنا على الله”. 

 وكان الحسن البصري يقول: اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم.

 هذه تربية على بذل الاحسان وفعل المعروف والعبادة في السر.

فهذه أبرز العلامات لقبول العمل الصالح.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 ديسمبر, 2024 عدد الزوار : 13941 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع