قوانين السعادة
(29) الأمنيات الخمس قبل الموت

وقع بيدي ملخص لكتاب ألفته ممرضة من استراليا تدعى ” بروني وير ” التي عملتْ مدة اثنتي عشرة عاما في رعاية المرضى كبار السن الذين اقتربوا من الموت ويحتاجون لرعاية خاصة ، وكانت خلال هذه الفترة تسأل كل واحد منهم في أيامه الأخيرة هذا السؤال :
ما أكثر شيء ندمتم عليه في حياتكم؟
وجمعتْ مئات الإجابات من مئات المرضى الذين شهدتْ لحظاتهم الأخيرة فلاحظتْ أن هناك خمسة أمور تكررتّ كثيرا يقول هؤلاء المغادرون للحياة أنهم ندموا عليها فجمعتها ونشرتها في كتابٍ حظي بانتشارٍ واسع.
فتعالوا بنا لنرى هذه الأمنيات الخمس، والحكمة ضالة المؤمن .
الأمنية الأولى / كنت أتمنى لو ملكت الشجاعة لأعيش الحياة التي أردتها لنفسي، لا التي أرادها الآخرون لي.
للأسف البعض منا يؤثّر عليه دائما رأي الناس فيه ، ماذا قال الناس ؟ وماذا سيقول الناس ؟حتى إن البعض منا ربما يمتنع عن عمل من الأعمال خوفا من كلام الناس ، وربما يعمل عملا من الأعمال حتى لا يقول الناس إنه لم يفعل كذا …فهذا الحرص الكبير على إرضاء الناس يعكر صفو الحياة ، خاصة الحياة الزوجية تقول الزوجة لزوجها : لا بد من فعل كذا وإلا فإن الناس سيقولون علينا كذا ، الرجل لا يريد، والمرأة تريد خوفا من كلام الناس ، أريد أن أعمل كذا لكن الأهل سيقولون كذا ، الأصدقاء سيقولون كذا ، فهذا واقع نعيشه للأسف دون أن نشعر أننا تحت ضغط المجتمع وماذا قال الناس؟ وماذا سيقول الناس ؟ فيصيبنا ما يصيبنا من إرادات مزيفة وقرارات فيها مجاملة للمجتمع الذي حولنا ، سبحان الله العظيم !!!
(وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )
تبنى النبي ﷺ زيد بن حارثة وكان يدعى زيد بن محمد ، فلما أبطل الله التبني أراد إبطال ما ترتب عليه من تشريع جاهلي: وهو أن زوجة المتبني لا يجوز لمن تبناه أن يتزوجها ، وبين الله لنبيه ﷺ أن زيدا سيطلق زوجته زينب وأن النبي ﷺ سيتزوجها إبطالا لهذا التشريع الجاهلي ، والنبي ﷺ كبشر مثلنا كان يخشى من كلام الناس وردة فعلهم ، كيف لرسول الله أن يتزوج بزوجة ابنه الذي تبناه ؟ وهنا يقول الله تعالى لنبينا : ( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) [الأحزاب/37] هذا أدب لنا في شخص نبينا ﷺ.
ولما جاء البعض وقال للمؤمنين: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عمران: 173-174]
فأنا لا أخشى الناس فيما يرضي الله لا أهاب قرارا فيه مرضاة لله حتى لا يقول الناس كذا….
وقد ورد في الحديث ( مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ )
تحقيق الكمال الأخلاقي :
لو تأمل كل واحد منا حياته لرأى أنه لن يصل في مرحلة من مراحل حياته إلى الكمال الأخلاقي أو الكمال في الشخصية لأن تحقيق الكمال لأي إنسان لا يستطيعه أحد لأننا بشر ؛ فالكمال لله وحده ، كلنا بشر فينا نقص ، وهذا النقص أراده الله ليكمل بعضنا الآخر ، قال تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: 32]
أنا فيّ نقص أنت تكمله وهذا فيه نقص الآخر يكمله، وهكذا تدور عجلة الحياة ، لكن الشخصيات المثالية التي تحمل هم الناس هي التي تتعب كثيرا ، وربما يمتنع عن العمل خشية الناس ، أو يعمل العمل إرضاء للناس ، إنما عليك قبل كل ذلك أن ترضي الله .
ألخص الكلام في هذه المسألة وأقول :
أولا / إذا عملت خيرا فليكن لله لا لوجه الناس ؛ حتى لا تقع في الرياء المحبط للعمل .
ثانيا / إذا تركت الشر فاتركه لله وليس من أجل الناس .
ثالثا / لا تقف موقف شبهة ابتعد عن مواطن الشبهات كما قال النبي ﷺ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )
أو بين ما يزيل اللبس عند الناس حولك كما حدث للنبي ﷺ عندما كان مُعْتَكِفًا فَأَتتهُ زوجته صفية بنت حيي تزوره لَيْلاً .فقام النبي ﷺ ليردها لبيتها وَلم يكن مَسْكَنُهَا فِي حجرات زوجات الرسول بالمسجد إنما كانت في دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ – فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ معها ﷺ أَسْرَعَا . فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: عَلَى رِسْلِكُمَا . إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ . فَقَالا : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ : إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ . وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا .)
نعم بعد ذلك سيوسوس لهما الشيطان من هذه التي كانت مع الرسول ؟ وإلى أين يذهب معها ؟ ولماذا خرج من المسجد وهو معتكف ؟ قطع النبي هذه الوساوس بقوله إنها صفية زوجتي .
رابعا / احترام أعراف الناس وتقاليدهم في الأحوال المختلفة وعاداتهم في الفرح والزواج وفي المناسبات المختلفة فيما لا معصية فيه لله -سبحانه وتعالى – وهذا يكون في العائلات والقرى المختلفة فاحترام العرف الذي تعارف عليه الناس فيما لا معصية فيه لله .
أما ما سوى ذلك فكن كما تريد لا كما يريد الناس .
الأمنية الثانية / أتمنى لو أني لم أعمل بهذه الكثرة
بعض الناس عمله هو كل حياته يسيطر عليه لدرجة كبيرة جدا يعمل داخل البيت وخارج البيت يعمل بالليل والنهار ، حتى وهو في بيته لا يلتفت لا لبيته ولا لأولاده ولا لزوجته، ينقطع عن أصدقائه وعن الدنيا ، فإذا تكلمت معه يقول : أنا مشغول جدا ، أنا ما عندي وقت لأي شيء ، أنا كذا وكذا
أي نعم مطلوب منا الهمة العالية والطموح والجدية في الحياة، لكن هذا لا يعني أن يكون على حساب صحتك من ناحية ، وأن تكون منقطعا عن أهلك وأولادك من ناحية أخرى ، لماذا تعمل كثيرا ؟
حتى تكتسب مالا لراحة أهلك وأولادك ، وماذا بعد ؟
ماذا إذا خسرت أولادك لعدم وجودك بينهم ، وخسارتهم للدفء الأسري ، أولادك لا يجدونك ، زوجتك لا تجدك ، من الذي يعوض مكانك في البيت وقد غيبت نفسك ؟
وقديما قال الشاعر أحمد شوقي رحمه الله :
ليسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن *** هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا
إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ *** أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا
هذا هو اليتيم الذي أبواه أحياء ولكنهما مشغولان عنه فلا يجدهم .
الدنيا لن تنتهي فعليك بالتوازن :
الإسلام علمنا التوازن بين عمل تتكسب به، وعبادة لربك، وعلاقة بأهلك ومن حولك .
وهذا ما تعلمناه من سلمان -رضي الله عنه- حينما قال لأخيه أبي الدَّرداء : إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فأتى النَّبيَّ ﷺ فذكر ذلك له، فقال النَّبي “ﷺ: صدق سلمان)
وقال النبي ﷺ لعبد الله بن عمرو بن العاص صم وأفطر ، وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لعينك عليك حقّـاً ، وإن لزوجك عليك حقّـاً ، وإن لزورك عليك حقّـاً .
ومعنى ( لزورك ) : أي ضيوفك الذين يزورونك.
فالمطلوب من المسلم التوازن في كل شيء ، فإن لم تستطع فقارب واسأل الله السداد لكن لا تغيب نفسك وتنغمس في الدنيا ، ثم لا تفيق إلا وأنت قد أصبت بمرض ألزمك الفراش، بسبب العمل المتواصل، أو ربما تجد آخر ضاع أبناؤه وصاروا بعيدا عنه، أو أن زوجته صارت تشعر بالنفور منه، كل هذا آفة من آفات العمل المتواصل دون التفات للأمور الأخرى .
وفي القرآن الكريم لما أوصانا الله بالدعاء قال : ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 200-201]
فذم صنفا يدعو للدنيا فقط، وليس في دعائه للآخرة حظ ولا نصيب.
ومدح الصنف الآخر الذين يدعون لدنياهم وأخراهم فقال: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [البقرة: 202]
فالدنيا لن تنتهي والعمل لن ينتهي ، أولادك سيكبرون وأنت بعيد عنهم ، وسيكون هنالك تعكير دائم في حياتك الزوجية ، وسيمضي بك العمر وأنت ما زلت مشغولا دون أن تشعر .
الأمنية الثالثة /أتمنى لو حافظت على علاقتي بأصدقائي
الإنسان بطبعه كائن اجتماعي لا يستطيع أن يعيش وحده، ومن أشد العقوبات العقوبة بالحبس الانفرادي فيسجن الشخص ويعزل عن الناس، لأن هذا فيه ألم نفسي كبير ، فأنت تحب أن تندمج مع الناس، وتكون معهم ، وأن تتواصل ، وأن يكون هناك من تحبه وتحرص عليه تفرح لفرحه وتحزن لحزنه.
والحرص على كسب الأصدقاء وتقوية العلاقة بهم هذا أمر تعلمناه في ديننا والحمد لله قال تعالى : ( إنما المؤمنون إخوة ) [الحجرات/10] وعلمنا أيضا: ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) [الصف/4]
والمقصود هنا بالبنيان المرصوص أن الحجر بجانبه حجر ما الذي يمسكهما معا ؟ الملاط أو المونة أو اللاصق ، هذا اللاصق في هذا البناء الذي يحبه الله هو الأخوة في الله ، الصداقة الصحيحة الحقيقية التي لا ترتبط بتجارة، ولا رحم، ولا دنيا، إنما حب في الله، وتقوية للصداقة مع الأصدقاء، أن تكون دائم السؤال عنهم بلا انقطاع ، وتتفقد أحوالهم ، وتشاركهم في أفراحهم وتواسيهم في أحزانهم ، وأن تكون في حاجتهم ، وأن تنصح صديقك لله ، فصديقك من صدَقك(بفتح الدال) لا من صدّقك(بتشديد الدال)، أن تلتمس له العذر فلا تسيء الظن به ،أن تعلم أن صديقك بشر يصيب ويخطئ فمن طلب صديقا بلا عيب عاش وحيدا .
الأمنية الرابعة / كم أتمنى لو ملكت الشجاعة للتعبير عن مشاعري
خلقنا الله عندنا مشاعر حب وكره ، هذه المشاعر جعلها الله في القلب منها ما هو لا إرادي ومنها ما هو بأسباب عديدة ، لكن هنا نتكلم عن التعبير عن المشاعر، البعض بخيل في هذه المسألة ، لا يستطيع أن يعبر عن هذه المشاعر ويظن أنها ضد رجولته وكبريائه وأن ذلك سينقص من شخصيته بين الناس وهذا خطأ .
لما دخل أحد الأعراب الأقرع بن حابس على النبي ﷺ وهو يقبل صبيانه قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا !!
هل أثنى النبي ﷺ على هذه الصفة وقال له أنت رجل قوي صلب ؟ كلا إنما قال له : (وما أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك ؟ من لا يرحم لا يرحم) عد النبي ﷺ هذه صفة ذميمة لأن التعبير عن المشاعر لا يعاب الإنسان به إنما يعاب حينما يكون حجرا جامدا متبلد المشاعر، فيكون أشبه بحجر لا مشاعر فيه ولا أحاسيس ولا تعبيرات سبحان الله العظيم !!!
ومواقع التواصل الاجتماعي اخترعوا فيها الرموز التعبيرية (Emoji) لتحريك من لا يريد كتابة ما يشعر به أو من لا يجيد التعبير عن مشاعره ، فالتعبير عن المشاعر يثري العلاقة بينك وبين من حولك .
سأل عمرو بن العاص النبي -“ﷺ–أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : عَائِشَةُ ، قُلْتُ : مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا .
والنبي ﷺ لم يبخل أن يعبر عن مناقب من حوله ، والذي نهينا عنه في المدح أن تمدح الرجل بما ليس فيه ، لكن إذا ذكرته بما فيه فهذا لا بأس به ، فقال لأشج عبد القيس “إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ، وَالأَنَاةُ”
وقال :{أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياءً عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ وأفرضهم زيد، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة}
وقال : (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي)
واستأذنتْ هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله ﷺ وكان صوتها يشبه صوت خديجة، فتحرك قلبه ﷺ لذلك- فقال : اللهم هالة بنت خويلد، فأخذت الغيرة عائشة فقالت :ما كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب ثم قال: “والله ما أبدلني خيرا منها، امنت بي إذ كفر الناس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد دون غيرها”
فالتعبير عن المشاعر مطلوب ، لا تبخل أن تخبر زوجتك عن مشاعرك ، وتخبر أولادك عن حبك لهم ، واحتضانهم وإشعارهم بأبوتك وإشعار الأم لأولادها بحنان الأمومة هذا كما يقول علماء التربية له أثر نفسي كبير في العناية والتربية بالأبناء ، واخلط الأوامر والتوجيهات بالرحمة وهذا أمر لا يستطيعه أحد كالأبوين .
في العلاقات بيننا ما المانع أن تعبر عن مشاعرك ؟
عن أنس رضي الله عنه ، ” أن رجلا ، قال : يا رسول الله ، إني أحب فلانا . قال : ” فأخبرته ؟ ” قال : لا . قال : ” قم فأخبره ” . قال : فلقيه ، فقال : إني أحبك في الله يا أخي . فقال : أحبك الذي أحببتني له ” .
بالله عليك لو جئتك وقلت لك يا فلان أنا أحبك في الله ، هل تحزن أم تفرح؟ التعبير عن المشاعر يسبب سعادة وألفة وتقوية للعلاقات مع من حولنا ، فلا ينبغي أن نكتم مشاعرنا أو البخل بها ، هذه المسألة لا تكون إلا لإنسان جامد القلب وهذه صفة لا يتصف بها المسلم
الأمنية الخامسة /أتمنى لو كنت تركت نفسي لتكون أكثر سعادة.
السعادة شيء جميل ولحظات تكاد أن تختطف منا سريعا ، لكن الإنسان فينا أحيانا عنده موضوع التطلع إلى المفقود فتقل سعادته أنعم الله عليك بنعمة من النعم ، فيأتيك الشيطان ليقول لك : لكن فيها كذا وكذا .
كان أحدهم يقود سيارته فحدث اصطدام مع سيارة أخرى فيقول طوال اليوم أذكر المشهد وأحزن لذلك، وبينما أنا كذلك سألت نفسي يعني أنا حزين على هذه الإصابة في السيارة ولم أفرح أن الله أنعم علي بسلامتي ، لماذا لم أذكر هذه النعمة أني والحمد لله بخير ؟ غيري كان من الممكن أن يكون الآن بالمستشفى أو أصابه مكروه أو عنده إعاقة ، أصبت نعم ولكن الله سلمني ثم النعمة الأخرى أن السيارة ستعالج ما المشكل الآن ؟
أنعم الله عليك بنعمة الأولاد نعمة عظيمة يفتقدها غيرك ، لكن الأولاد ابني فلان تاعبني وابني فلان دراسيا كذا وكذا… فاحمد الله على نعمة الأولاد ولا تنس الدعاء ( وأصلح لي في ذريتي) [الأحقاف/15]
نعمة الزوجة أو نعمة الزوج :
ومن المسائل المتكررة عندنا نحن الرجال أن نتفكه بذم النساء والنساء أيضا تتفكه بذم أزواجهن ، لماذا ؟
ما من إنسان منا إلا وفيه حسنات وسيئات سلبيات وإيجابيات فنعم زوجتي فيها سلبيات لكن هذه سلبيات لا تكن هي العنوان الأساس والرئيس في حياتك الزوجية .
كذلك أختاه زوجك فيه سلبيات لكن فيه ايجابيات وله حسنات فلماذا نكدر صفو سعادتنا بالسخط وعدم الرضا، وتكبير الصغير، وتضخيم السلبيات على أنها أساس الحياة الزوجية ؟السعادة أن ترضى دائما تقنع دائما تحمد الله وتشكره قال تعالى : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) [إبراهيم/7]
السعادة أن تحب الخير لغيرك، فإذا أحببت الخير لغيرك كان ذلك والحمد لله سببا لزيادة سعادتك ، إذا أسعدت نفسك فهي سعادة لشخص ، إذا أسعدت أسرة فإن سعادتك تزيد أضعافا إذا أسعدت مجموعة من الفقراء أو الأيتام أو المرضى فسعادتك تتضاعف أكثر وأكثر ، فما بالك لو أسعدت أمة كم تكون سعادتك ؟
في دراسات عديدة تؤكد أن من أكبر علاجات الاكتئاب النفسي مساعدة الفقراء والمحتاجين وزيارة المرضى ، هذا علاج للاكتئاب لأنك حينما ترسم البسمة على وجه من أمامك فالجزاء من جنس العمل ، يجعله الله سعادة في قلبك ، لا إله إلا الله .
فلماذا نتعس أنفسنا ونتعب من حولنا ودائما نرى نصف الكوب الفارغ ويصيبنا الهم والحزن ، فارقوا النكد ولا تفتحوا له الأبواب مرحبين به ، وانظر إلى نصف الكوب الملآن وليس الفارغ .
هذه هي الأمنيات الخمس أردت مدارستها مع إخواني قبل أن نتمنى، ولا نستطيع تحقيق شيء منها.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى .