حكم الجمع بين المغرب والعشاء في الصيف بكندا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعيش في فانكوفر اقصى غرب كندا وتوقيت الصلاة في الصيف المغرب في شهر يونيو ويوليه خاصة شاق حيث ان المغرب يكون 9.30 مساء والعشاء الآن 10.50 مساء ويكون بعد ذلك 11.45 مساء والفجر الان 3.30 صباحا وسيكون 2.45 صباحا بعد ذلك فزوجي يجد صعوبة في صلاة العشاء فاذا صلاها في وقتها لا يستطيع الاستيقاظ لصلاة الفجر وحاولنا مرات عديدة ان يستيقظ قبل الفجر بقليل ليصلي العشاء ثم الفجر ولا يستطيع فهل يجوز له الجمع بين المغرب والعشاء خلال هذة الفترة من السنة ام لا وجزاكم الله خيرا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وحياكم الله وأسأل الله أن يجعلك وزوجك أهل بيت صالحين .
أما بالنسبة لسؤالك فالجواب :
الصلاة فريضة لها مواقيتها المحددة، كما قال تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}النساء:103.
وقد عرفت مواقيت الصلوات الخمس بالسنة النبوية العملية، وتواترت بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
فكل صلاة من الصلوات الخمس لها وقتها المعين، الذي لا يجوز أداؤها قبله بحال، ولا يجوز تأخرها عنه إلا لعذر، وإلا كان من أخرها آثما.
ولكن من يسر هذا الدين وواقعيته: أن شرع الجمع بين الصلاتين: في الظهر والعصر، وفي المغرب والعشاء، تقديما وتأخيرا، لبعض الأسباب، منها: السفر، كما ثبت ذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ومنها: الجمع للمطر، ومثله: الوحل، وأشد منه: الثلج، وكذلك الريح الشديدة، ونحو ذلك من عوارض المناخ والطبيعة، التي يترتب عليها الحرج وشدة المشقة إذا صليت كل صلاة في وقتها.
ومنها: الجمع للحاجة والعذر، في غير سفر ولا خوف ولا مطر، بل لرفع الحرج والمشقة عن الأمة، كما في حديث ابن عباس الآتي بعد.
ومن إعجاز هذا الدين: أن يجد المسلم في نصوصه ما يتسع لحوادث الأزمنة، ومستجدات العصور، التي لم يكن يعرفها الناس ولا يتوقعونها في أزمانهم.
نجد هذا فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر.
وفي رواية: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم -بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، بالمدينة، من غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته.
وهذا التعليل من حبر الأمة ابن عباس، يعني: أنه أراد أن يوسع على الأمة وييسر عليها، ولا يوقعها في الحرج والضيق، فما جعل الله في هذا الدين من حرج، بل يريد الله بعباده اليسر، ولا يريد بهم العسر.
والحديث واضح صريح على مشروعية الجمع للحاجة، وقد رواه أيضا أبو داود والنسائي والترمذي في سننهم.
وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح): وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقا، لكن بشرط ألا يتخذ ذلك عادة، وممن قال به: ابن سيرين، وربيعة، وأشهب، وابن المنذر، والقفال الكبير، وحكاه الخطابي عن جماعة من أهل الحديث[أنظر: فتح الباري: وتحفة الأحوذي:1/558 شرح الحديث (187).] انتهى.
وعلى كل حال عندنا حديث صحيح لا مطعن في صحته، رواه ابن عباس وقد علله بما علله به، وهذا كله يفيدنا في الجواب عن السؤال المذكور ، وهو جواز الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في كندا في فترة الصيف حين يشتد تأخر وقت العشاء إلى منتصف الليل في بعض المناطق ، مع اقتراب وقت صلاة الفجر ، والناس يطالبون بالذهاب إلى أعمالهم في الصباح الباكر،وكذلك أبناءنا من الطلبة صغارا أو كبارا ؛ فكيف نكلفهم السهر لأداء العشاء في وقتها، وفي ذلك حرج وتضييق عليهم، وهو مرفوع عن الأمة بنص القرآن، وبما قاله راوي حديث الجمع بين الصلاتين في الحضر: ابن عباس رضي الله عنهما.
بل يجوز الجمع في تلك البلاد في فصل الشتاء أيضا، لقصر النهار جدا، وصعوبة أداء كل صلاة في وقتها للعاملين في مؤسساتهم، إلا بمشقة وحرج، وهو مرفوع عن الأمة.
إذن فلك ولزوجك والحالة هذه أن تصليا المغرب والعشاء جمع تقديم ثم تصليا الفجر في وقته وتتهيآن ليومكما للعمل أو الدراسة .
وفقنا الله لما يحب ويرضى
* الفتوى مقتبسة من الشيخ القرضاوى باختصار يسير من كتابه فقه الأقليات .