قصة واقعية : مائدة الفقير ومائدة الغني

تاريخ الإضافة 21 فبراير, 2022 الزيارات : 2333
قصة واقعية : مائدة الفقير ومائدة الغني
قال شيخ الشام حسن حبنّكه الميداني-رحمه الله- :
كنتُ عائدًا إلى بيتي قبل المغرب بساعة في يومٍ من أيّام رمضان ، فاستوقفني رجلٌ فقيرٌ من الذين يتردّدون على درس البيت والمسجد تردُّدَ الزائر ، سلّم عليّ بلهفةٍ أدْمَعت عيني ، وقال لي:
أسْتَحـلِفكَ بوجه الله أن تَفْطر عندي اليوم ..
يقول الشيخ : عقدتْ لساني لهفته ، وطوّقت عنُقي رغبتُه ، وأشرق في قلبي وجهٌ .
استحلفني به فقلتُ له : يا أخي الأهل بانتظاري وظروفي لا تسمح … ولكن ْ!! يقول الشيخ : وجدتُ نفسي أتبعه إلى بيته الذي لا أعرف مكانه ، ولا أعرف ظرْفه في هذا الوقت الحرج من موعد الإفطار!!
وصلنا إلى بيته ، فإذا هو غرفةٌ ومطبخٌ وفناءٌ مكشوفٌ صغير على سطحٍ اشتراه من أصحابه ، وله مدخلٌ ودرجٌ خاص من الخشب لا يحتمل صعود شخصين ، فخشباته تستغيثُ من وهَنٍ خلَّفَهُ بها الفقرُ والقِدَم ..
كانت السعادةُ تملأ قلب هذا الرجل ، وعباراتُ الشكر والامتنان تتدفّق من شفتيه ، وهو يقول :
شوف سيدي : هذا البيت مِلكي (الملك لله) لا أحد له عندي فرنك .
شوف سيدي : الشمس تشرق على غرفتي الصبح وتغرُب من الجهة الثانية ، وهنا أقرأ القرآن عند الفجر وقبل المغيب ، وزوجتي الله يرضى عليها تجلس على هذا الشبّاك وتدعو الله لي ، والله يا سيدي كأني أسكن في الجنّة !!
يتابع الشيخ ويقول : كل هذا يجري على مسامعي وأنا أصعد على الدرج بحذر خشْيَةَ السقوط !!
لحظات ، ووصلنا إلى الغرفة فجلست ، وذهب الرجل إلى زوجته
سمع الشيخ صوتاً خافتاً من صاحب الدار يقول لزوجته : جهزي الفطور الشيخ حسن حبنّكه سيفطر عندنا !!
وصوت زوجته تقول : ما عندي أكل غير فول ، ولم يبق على أذان المغرب إلاّ نصف ساعة ، ولا شيئ عندنا نطبخه ولو عندنا فالوقت لا يكفي!!
سمع الشيخ هذا الحوار ، جاء صاحب الدار ، فقال له الشيخ :
يا أخي لي عندك شرط ، أنا أفطر مع أذان المغرب على ماء ومعي التمر ، ولا آكل إلاّ بعد نصف ساعة من الأذان ، بعد ما أهضم التمر والماء ، وأصلّي وأُنهي وِرْدي اليومي ، ولا آكل إلاّ فول مدمّس وبطاطا.
فقال الرجل : أمرك سيدي .
فقال الشيخ : إذن دعني الآن لأختلي مع ربّي .
وتمّ ما أراده الشيخ ، وأفطر عنده ثم غادر .
يقول الشيخ: لقد اخترت البطاطا ، لأنها زادُ الفقراء وأحسبها عندهم ، وقد خرجتُ وكلّي سعادةٌ وبهجة ، وقد أحببتُ الدنيا من لسان هذا الرجل ، الذي ما نَزَلَتْ من فمه عباراتُ الثناء والحمد على نعم الله ، وعلى هذا البيت الذي ملّكَهُ الله إيّاه ، وهذه الحياة الجميلة التي يتغنّى بها !!
يقول الشيخ : ثم دُعيت بعد أيام مع مجموعةٍ من الوجهاء
على الإفطار عند أحد التجّار الأثرياء ، وكان من الذين أنعم الله عليهم بالمال والجاه والأولاد والحسب والنسب..
وكانت الدعوة في مزرعةٍ فخمة فيها مما لذّ وطاب يتوسّطها منزل أقرب ما يكون للقصر يطلُّ على مسبحٍ ومرْبَط خيل فيه نوادر الخيل الأصيلة!
يقول الشيخ: أفطرنا عند الرجل وأثناء المغادرة ، انفرد صاحب الدعوةِ بي ، وشكى لي من ضيق الحياة وهموم التجارة ، ومتاعب الأولاد وسوء طباع زوجته ، وطمع من حوله به ، وكَثرَةِ المصاريف لإرضاء الجميع .
وسأَمِه من هذه الحياة، ورغبته بالموت ليتخلّص من هذه الهموم!!
يقول الشيخ : من باب منزل صاحب الدعوة إلى باب السيارة ، سَوَّدَ هذا الرجل الدنيا في عيوني ، وأطبق عليَّ صدري وأنفاسي
فنظرتُ إلى السماء بعد أن ركبتُ السيّارة ، وأنا أقول في قلبي:
الحمد لله على نعمةِ الرضا ، فليست السعادةُ بكثيرٍ ندفع ثمنه!!
ولكن السعادةُ حُسنُ صِلَةٍ بالله ورضىً بما قَسَمَ الله عز وجل ..


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 351 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم