كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب
العلامة أبو بكر محمد بن خلف الشهير بابن المزربان المحولي المتوفي سنة 409 هـ ألف كتابا جميلا سماه ” فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب ” وذكر فيها من الحكايات والأخبار ما تدل على أن هذا الحيوان في تصرفاته قد يفوق كثيرا من بني الإنسان، ومن هذه الأخبار ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قتيلا، فقال صلى الله عليه وسلم: ” ما شأنه “؟ قالوا: إنه وثب على غنم بني زهرة، فأخذ منها شاة، فوثب عليه كلب الماشية فقتله، فقال صلى الله عليه وسلم: ” قتل نفسه، وأضاع ديته، وعصى ربه، وخان أخاه وكان الكلب خيراً منه ” . فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب، ابن المزربان ص 4.
ورأى عمر بن الخطاب أعرابيا يسوق كلبا فقال ما هذا معك فقال يا أمير المؤمنين نعم الصاحب إن أعطيته شكر وإن منعته صبر قال عمر نعم الصاحب فاستمسك به.
ورأى ابن عمر رضي الله عنه مع أعرابي كلبا فقال له ما هذا معك قال من يشكرني ويكتو سري قال فاحتفظ بصاحبك. فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب، ابن المزربان ص 4.
وقيل لرجل يذم صديقا له ويمدح كلبا تخيرت من الأخلاق ما يفي عن الكلب فأنشد:
فإن الكلب مجبول * * * على النصرة والذب
وفي يحفظ العهدا * * * ويحمي عرصة الدرب
ويعطيك على اللين * * * ولا يعطي على الضرب
ويشفيك من الغيظ * * * وينجيك من الكرب
فلو أشبهته لم تك * * * كانونا على القب
وقال أبو عبيدة قيل هذا الشعر في رجل من أهل البصرة خرج إلى الجبانة ينتظر ركابه فاتبعه كلب له فطرده وضربه وذكر أن يتبعه ورماه بحجر فأدماه فأبى الكلب ألا أن يتبعه فلما صار إلى الموضع وثب به قوم كانت لهم عنده طائلة وكان معه جار له وأخ فهربا عنه وتركاه وأسلماه فجرح جراحات كثيرة ورمى به في بئر وحثوا عليه بالتراب حتى واروه ولم يشكوا في موته والكلب مع هذا يهر عليهم وهم يرجمونه فلما انصرفوا أتى الكلب إلى رأس البئر فلم يزل يعوي ويبحث بالتراب بمخالبه حتى ظهر رأس صاحبه وفيه نفس يتردد وقد كان أشرف على التلف ولو يبق فيه إلا حشاشة نفسه ووصل إليه الروح فبينما هو كذلك إذ مر أناس فأنكروا مكان الكلب ورأوه كأنه يحفر قبرا فجاؤوا فإذا هم بالرجل على تلك الحال فاستخرجوه حيا وحملوه إلى أهله .
فزعم أبو عبيدة أن ذلك الموضع يدعى بئر الكلب وهذا الأمر يدل على وفاء طبعي وإلف غريزي ومحاباة شديدة وعلى معرفة وصبر وكرم وغناء ومنفعة تفوق المنافع.. فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب، للمزرباني ص 6.
وللتنبيه: الحديث الذي أوحى للعلامة باسم الكتاب هو حديث ضعيف.