من دروس الهجرة : لماذا يعادون الإسلام ؟
هجرة الرسول حدث غير مجرى التاريخ:
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ذلكم الحدث الكبير الذي غير مجرى التاريخ .
بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته بمكة يدعو الناس لعبادة الله وحده لا شريك له لا عبودية إلا له – سبحانه و تعالى – فكان ما كان من اضطهاد وابتلاء وتضييق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه الكرام فكانت الهجرة بعد ثلاثة عشر عاما من البعثة .
هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان خروجا من الضيق إلى السعة ومن الاستضعاف إلى التمكين والانطلاق في آفاق الأرض كلها ، ولو لم تحدث هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما جلسنا مجلسنا هذا ولاوقفت في مكاني هذا .
هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق بالخير الذي يحمله ، والنور الذي جاء به لينتشر في مشارق الأرض ومغاربها ، فما بقيت بقعة على وجه الأرض الآن إلا وفيها مسلمون ، وهذا كله من فضل الله جل وعلا .
والنبي -صلى الله عليه وسلم- بشر بهذا الانتشار فقال : “إن الله زوى لي الأرض وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها “
زوى لي الأرض (جمع وضم فيما يشبه مجسم الكرة الأرضية )
وهكذا الإنسان على المستوى الشخصي يكره التغيير والانتقال ، ويكره أمورا كثيرة تحدث في حياته ثم مع مرور الوقت يرى أن ما حدث له كان خيرا كبيرا لكن حكمة الله تعالى ألا تطلع على هذا الخير ابتلاء واختبارا .
ونعلم أنه قال لمكة : ” إنك أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلى نفسي ” ورغم هذا خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان ما كان من انتشار الإسلام .
فالإنسان منا واثق بربه في كل ما يجري عليه من مقادير وأمور ، وإن كنت تجهل الحكمة فهذا هومحل الاختبار ، لكنك بإيمانك تملك التسليم والرضا لله جل وعلا .
عبادة الأمل :
ولذلك مع التضييق والابتلاء كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعبد لله بعبادة الأمل ، وبث هذا الأمل في نفوس اتباعه لما جاء خباب بن الأرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسِّدٌ بردةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصرُ لنا، ألا تدعو الله لنا، قال: «كان الرجلُ في من قبلكم يُحفَرُ له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالمنشار، فيُوضَع على رأسِه، فيُشقُّ باثنتين، وما يصدُّه ذلك عن دينِه، ويُمشَط بأمشاطِ الحديد ما دون لحمِه من عَظْم أو عصَب، وما يصدُّه ذلك عن دينِه، والله ليُتمنَّ هذا الأمرَ حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللهَ أو الذئبَ على غنمِه، ولكنكم تستعجلون»”. ومعنى متوسِّد: ملتفٌّ بثيابِه، أو عَباءته.
ومعنى تستنصرُ لنا: تطلب لنا النُّصرةَ من الله عن طريق الدعاء والابتهال إلى الله.
حينما نسمع الأخبار حاليا ليس فيها شيء يسرّ مذابح وقتلى وفواجع ونزاعات عرقية ، وحروب أهلية ، والصراع على الحكم ، ومصائب كثيرة، ودماء تسيل …. فترى بقلبك كمدا وغما لما تراه ، وترى مستقبلا مظلما يائسا لا يبشر بخير، لكن أقول هذا هو الفارق بين الإيمان القوي والإيمان الضعيف ، فالمؤمن القوي يعلم أنه عليه أن يسعى وليس عليه تحقيق النتائج .
اليقين في الله وعدم اليأس :
هل نتخيل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي خرج من مكة مستضعفا معه عدد قليل من المسلمين بالإضافة لإخوانهم بالمدينة كان عددهم ألف وخمسمائة نفس فقط !!!هل تتخيل أن هؤلاء كانوا سببا في تغيير وجه العالم ، سبحان الله العظيم !!!
خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة وهو على يقين من ربه أن هذا الأمر سيتمه الله وسينتشر في المشارق والمغارب ، هذا ما قاله رسول الله لسراقة بن مالك ، حينما تابعه ليحصل على جائزة قريش لمن يأتيهم برسول الله حيا أو ميتا قال له رسول الله بكل يقين : “ارجع ولك سواري كسرى ” في هذا المشهد وهو يخرج من مكة متخفيا تطارده أمة بأكملها ليأتوا به حيا أو ميتا وفي هذا الوقت وهذا الضيق والشدة يقول لسراقة : “ارجع ولك سواري كسرى ” هذا يقين الواثق بموعود ربه يقين لا يتزعزع .
فأنت أيها المسلم حينما ترى ما يحدث وما هو كائن وما سيكون تعمل تتحرك بإيجابية بما آتاك الله في حدود القدرات والإمكانات المتاحة ، لكن لا تيأس أبدا وتستبشر خيرا أن الملك بيد الله يدبره ؛ لا بيد غيره ، كل هذه مقادير وأسباب ابتلاءات ….سنن لله – سبحانه و تعالى – تجري
سبب أغلب النزاعات اختلال ميزان العدل :
ولاحظوا أن أغلب هذه النزاعات ليست بيد غيرنا فحسب ؛ بل بيدنا نحن فالصراع على الحكم في بلادنا العربية والإسلامية سببه ما نراه الآن من طغيان الأنا وحب الذات ، والنزاعات الأهلية والحروب العرقية السبب فيها إلغاء الآخر ، لا أريد إلا صوتي أنا فقط .
لو تأملنا بلد مثل كندا فيها ما فيها من كل الطوائف والأعراق والأجناس أتباع الملة الواحدة فيهم ما فيهم من المذاهب والفرق والتيارات وتتسع كندا للجميع ، ما رأينا حربا أهلية ولا رأينا نزاعا عرقيا ولا رأيناأي شيء مما نراه في نفس الأماكن التي جاء منها هؤلاء لماذا ؟
لأن هناك فرق بين حق القوة وقوة الحق ، أنا وأنت مهما اختلفنا لو أن لنا مرجعية قانونية نرجع إليها هنالك مساواة وعدل الكل يكون وقافا لأن العدل يسع الجميع،لكن لما تكون المسألة حق القوة أفرض رأيي بالقوة والسطوة والقتل وهذه الأمور كلها أكيد طبعا سيتجه الناس للقوة وحمل السلاح ويفرض رأيه ويسترجع حقه كما يراه هو بالقوة .
فلما تجد ظالما من الظلمة يجند كل أجهزته لتعبيد الناس له ، وتركيع الناس له ماذا تريد ؟
لما يقف شاب في مرحلة الجامعة أمام قاض ظالم بتهمة سرقة مدرعة ماذا تريد من هذا الشاب أن يفعل بعد ذلك ؟
ولما قال له القاضي أنت متهم بسرقة مدرعة من الجيش ، قال الشاب ساخرا أنت تعلم صعوبة الحياة والحصول على لقمة العيش فسرقتها لأشتغل عليها كسيارة أجرة !!! ماذا يفعل شاب بمدرعة ؟!!
عندما تحاكم ثلاثة بنات بحمل سلاح آر بي جيه في سن الثامنة عشر …ماذا تريد ؟
عندما يسعى رجل الدين الفاسد لتبرير ما عليه الحاكم الظالم من إثم وبغي وعدوان وقتل وسفك للدماء …. ماذا تتوقع أن يحدث ؟
عندما تجد على الجهة الأخرى من يذبح الناس ويستحل دماءهم باسم الجهاد وباسم الدين ، ويفجر ويدعس بالسيارات والشاحنات في الأسواق ومحطات الباص والمترو باسم الدين …..والدين من كل هذا براء .
فحينما يسع العدل الجميع ويعلو صوت الحق والمساواة بين الجميع ستجدالأمن والأمان ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لما أرسل الصحابة إلى الحبشة كان أبرز صفة بينها رسول الله لملك الحبشة قال : اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك لا يظلم عنده أحد ، هذه ميزة بينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأرض يهاجر إليها المسلمون فرارا بدينهم .
لماذا كانوا يعادون الإسلام ؟
أكبر سبب لعداء قريش للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه هو أنه جاء ليعبد الناس لله وحده ، وأن يتساوى الجميع في ظل المجتمع الذي يحكم بالعدل والمساواة ،فلا يعلو أحد على أحد ولا يقال سيد وعبد ، سيد له كافة الحقوق في الحياة ، وعبد لا حق له في الحياة عُودي الإسلام بهذا السبب .
والمشركون ما كان عندهم غيرة قاتلة على الأصنام والإيمان بها بقدر ما كان حرصا على شهواتهم ، وأوضح ذلك بكلام للشيخ الشعراوي رحمه الله الذي قال : إنهم كانوا يقولون بعبادة الأصنام وتقديس الآلهة والسجود لها والذبح لها ، قالت الآلهة ، حرمت الآلهة ، والسؤال هنا : هل هذه الآلهة تتكلم ؟ كلا ،هل هذه الآلهة تشرع ؟ كلا هل هذه الآلهة ترسل رسولا يبين للناس مراد الآلهة منها ؟ كلا .
إذن هم الناطق الرسمي باسم الآلهة الخرساء التي لا تتكلم ، الآلهة هي الستار الذي من ورائه يبررون الظلم والحرص على الشهوات والسيادة وتقديسهم من قبل العبيد الذين يستعبدونهم ويستذلونهم ، ولا مانع من وجود بعض المطبلين والمزمرين والمنافقين حتى يكون هنالك ما يشبه البروباجندا لهذا السياق ، فلما يأتي الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يقولون عنه أنه جاء بالحق ، جاء لتحريرك أنت أيها العبد من ذلّك وعبوديتك ، لن يقولوا جاء ليسوي بين السيد والعبد فالناس سواسية بين يدي الله عز وجل ، كلا ، إنما كانوا يقولون : إن محمدا يسب آلهتنا ومقدساتنا ، وما كان عليه آباؤنا …..
محمد ساحر يفرق بين الابن وأبيه والزوج وزوجته ….. محمد كاهن شاعر مجنون محمد كذا وكذا….
وكل هذا زيف هم أول من يدري أنهم كذابين ، لكن المقصود من هذا أن يبقى العبيد عبيدا أطول فترة ممكنة .
كانوا على يقين أنه رسول الله لكن ستار الشهوات الذي يستدرون به ذل عبيدهم والقرابين التي تقدم إليهم والسيادة التي يحرصون عليها أدى إلى معاداتهم لرسول الله ، لا تقديسا لحق ولا حرصا على آلهة ولا عادات آباء إنما كان معاداة لهذه المساواة التي جاء بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- حرص من أول يوم على هذه المسألة : العدالة والمساواة ، يدخل الناس في الإسلام سواسية ، الكل سواء لدرجة أن التربية نضجت في الصحابة إلى أبعد مدى فكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: ” أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا” يقصد بلال بن رباح -رضي الله عنه- هذه ما كانت تخرج من فم عمر وهو في الجاهلية ، أن يقول عن بلال الذي كان عبدا حبشيا سيدنا .
فجاء الإسلام ليعزز مكانة الجميع ، الكل سواسية أمام الله ، من أراد أن يعلو فليعلُ عند الله بالتقوى ، أما بين الناس فأنت واحد منهم لا علو لك ، لا دافع يدفعك لأن تظلم أو تقتل أو تستذل الناس ، ولذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حريصا على إبراز هذا المعنى عند فتح مكة أمر بلالا أن يعلو ظهر الكعبة ويؤذن ، وتخيلوا العقلية القرشية أن أحدهم قال يومها : الحمد لله أن مات أبي قبل هذا اليوم !! يعني هو بالنسبة له يوما أسودا ، طيب ما هي المشكلة عندك ؟ المشكلة هي أن بلال العبد يصعد على ظهر الكعبة ويؤذن !!! لماذا لا يصعد شريف من أشراف قريش ، هذه هي وجهة النظر .
ولا ننس هذه الحادثة وهي أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالُوا : وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟! ) ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )
لهذا يعادى الحق أصحاب الشهوات الذين يسترزقون من وراء شهواتهم ، الذين يغازلون الناس في شهواتهم ويستعبدونهم ويستذلونهم لا يريدون لهذا الحق أن ينتشر ولا أن يعلو أو يعرف ، فيأتي التشويه والخصام والعداوة والتضييق والابتلاء والقتل والاستيلاء على الأموال إلى غير ذلك.
ولذلك فإن ورقة بن نوفل لما ذهب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع خديجة إليه وهو بالمناسبة ابن عم خديجة ذهب إليه بعد رؤيته -صلى الله عليه وسلم- لجبريل في غار حراء ، قال له ورقة : ليتني كنت حيا ، ليتني كنت جذعا ( يعني شابا حديث السن ) قال: ليتني كنت جذعا إذ يخرجك قومك .
قال : أو مخرجي هم ؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة يعيش مع قومه محبوبا ، حتى لقبوه بالصادق الأمين وفجأة يعادونه؟ فقال النبي مستنكرا أو مخرجي هم ؟ قال ورقة : ما جاءأحد بمثل ما جئت به إلا عودي .
نعم هذه سنة وطن نفسك عليها ( ما جاءأحد بمثل ما جئت به إلا عودي ) سبحان الله العظيم!
فشاء الله -سبحانه وتعالى- أن يخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن يدعو الناس للهدى ودين الحق فكان أول من ترصد له عمه والتفاصيل معروفة في أحداث السيرة .
الشاهد أن العداء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وللإسلام يتركز في أمرين :
الأول : من يحقق الغنائم والمكاسب من وراءالباطل ؛ فحتما ولا بد أن يعادي الحق ، فالدود لا يعرف إلا العيش على الجيف ، والخفافيش لا تحب إلا الظلام .
الأمر الثاني : الجهل بالدين ، من لا يعرف الإسلام حق المعرفة يعاديه ، فمن جهل شيئا عاداه ، وهذا الصنف المستعبد المستذل متأثر بما يمليه عليه أسياده الذين يريدون بقاء الاستعباد لهؤلاء .
فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ليحرر هؤلاء الجهلة المستعبدين من جهلهم ويحرك العقول ، واقرأوا القرآن المكي دائماالخطاب لتحريك العقل -( قل أرأيتم )- [الأنعام/46] و -( أفلا تعقلون )- [البقرة/44] -( أفلا تسمعون )- [القصص/71]
وهكذا تكرار لهذه المعاني كأني أقول لك : ألا تفهم أما عندك عقل تستعمله ؟
لماذا ألغيت عقلك لماذا هذا الجمود ؟ هل أنت حائط أو جماد ؟
القرآن يحرك الناس بهذا الشكل لا تجعل غيرك يفكر بالنيابة عنك ، لا تجعل سيدا يصيرك عبدا دائما …. افهم إعقل تدبر .
فكان الأمر هنا تحرير العقل من الجمود والتبعية والتقليد ثم الاستقلال في التفكير ولذلك أختم بكلمة ربعي بن عامرحينما قال لرستم قائد جيش الفرس حينما سأله قبل معركة القادسية قائلا : مالذي جاء بكم ؟ قال : الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
تعريف الناس بالإسلام:
درس آخر هام من دروس الهجرة ألا وهو تعريف الناس بالإسلام، الكثير من الناس ضحية تزييف الوعي وتشويه الصورة والتضليل حتى لا يتبع الناس الحق ولا يرون الإسلام ونحن لا نريد أن يدخل الناس في الإسلام جميعا ؛إنما نريد البيان والإيضاح ، والهداية بيد الله ، قال تعالى -( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )- [آل عمران/64] كونوا على الحياد لا تصادقوا الإسلام ولا تعادوه ( فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )- [آل عمران/64]
وهذه مرحلة هامة جدا وهي أن يصل الناس لإدراك أن الإسلام ليس عدوا لهم ، وأنه نور الله، من أراد أن ينتفع بهذا النور فليدخل فيه ومن لم يرد أن ينتفع به فلا يعاديه ، قال تعالى : ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )- [الكهف/29] والإسلام لم ولن ينتشر بالقوة كما زعم المغرضون ، ولو كان الإسلام قد انتشر بحد السيف كان أولى بذلك رب العباد سبحانه أن يكره الناس على الدين ، ولا يسمى حينئذ إكراه إنما أقول أن يخلقهم لا يعرفون إلا الإيمان به من أقدر على ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه الصحابة يكرهون الناس بحد السيف تؤمن أو تقتل ؟
هذا لم يحدث ولن يحدث مستقبلا لأن العقيدة شيء باطني قلبي لا يفرض أبدا بالقوة ، أو باغراءات مادية أو مالية ، لا يفرض بالإرهاب والتقتيل والتحريق .
تنصر ويريد الذهاب للحج :
وقد ذكرت من قبل قصة أحد الدعاة ذهب إلى أندونيسيا قال إن التنصير فيها على قدم وساق ، وحدث أنهم استدعوا الرئيس المسؤول عن التنصير في العالم احتفالا بمجموعة من المسلمين تنصروا وحصل كل واحد منهم على ثلاثين ألف دولار ، فقال هذا الرجل لأحدهم من باب جر الكلام ماذا تفعل بالثلاثين ألف دولار ؟ قال سأحج هذا العام !!!
فهذه عقيدة هل ستغيرها بالأموال حتى لو ثلاثين ألف دولار ولا بمليون ولا بأكثر -سبحان الله العظيم –
فلا تفرض العقيدة بالاغراء والمال أو بالإكراه ، لأن العقيدة ما انعقد عليه القلب
ليس هناك فرض لمعاني أو مباديء أو إيمان أو أيدولوجية بالقوة
هذا ليس لباس تلبسه أو طعام تأكله ؛ هذا اعتقاد مجموعة قناعات وتصورات ومفاهيم ؛ لا تفرض بالقوة ، فالإسلام كدين لم ولن يفرض بالقوة ولا يروج له بالتفجيرات والاعتداءات والفتاوى العوراء والجهات المشبوهة التي تسمي نفسها بأسماء رنانة وشعارات براقة ويقولون نحن حماة الإسلام وأنصار الإسلام والجهاد ….. والآن داعش في طريقها إلى التبخر، سبحان الله العظيم !
فاعرفوا دينكم وتمسكوا به ، وادع الناس إلى الدين بالأخلاق والسلوك واتقان العمل بأن تكون مسلما سفيرا لدين في كل مكان تحل فيه فتكون سفير ورسول هداية لغيرك لا تكن فتنة لغيرك ، لا تكن سببا لكراهة الإسلام لا تكن بحرصك على الخير سببا لكره الناس في الدين، كن دائما كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلقه القرآن وكان يقول : “إنما أنا رحمة مهداة ” ويقول : “بعثت بالحينيفية السمحة ” وكان يقول : “لم أبعث لعانا .”