هل ضعف العبادة من علامات النفاق؟
لقد أكرمنا الله تعالى بشهر رمضان، وكنا في حالة إيمانية راقية، نسمات طيبة وطاعات متجددة وروحانيات عالية، وإقبال على الله- عز وجل-، ونشاط في العبادة، ولو سألت أي واحد منكم هل تتمنى أن تكون السنة كلها رمضان؟ لقال نعم، بهذه الحالة الإيمانية، أحب أن ألقى الله- عز وجل-.
الواقعية في الإسلام:
ومع هذه الروح وهذه الأمنيات فإنه ينبغي أن نوضح أمرا، وهو أن ديننا دين واقعي، لا يحلق عاليا في آفاق المثالية، ولا يبتعد عن الواقع الذي نعيشه ونحياه، فلا أقول مستحيلا لكن أقول صعب على الإنسان الذي خلق في هذه الدنيا أن يداوم على حالة إيمانية واحدة طوال السنة كما كان في رمضان، والله- عز وجل- الذي خلق وهو أعلم بمن خلق هو الذي قال ذلك، قال: ﴿عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ﴾ [البقرة: 187] علم الله- عز وجل- أن النفس تغلب الإنسان، وأنه قد يفعل شيئا لا يستطيع له دفعا إلا بشدة وصعوبة.
وقال تعالى: ﴿عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ﴾ [المزمل: 20]
وقال: ﴿ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ﴾ [الأنفال: 66]،
وقال: ﴿يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا﴾ [النساء: 28]
لسنا ملائكة:
فالله- عز وجل- لم يخلقنا ملائكة لا نعرف إلا طاعته، فنحن لسنا بمعصومين ولسنا عندنا القدرة على نشاط دائم في العبادة طوال العام كحالتنا في رمضان، وهذا دأبه- صلى الله عليه وسلم- كما يروى ابن عباس (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ) إذن في رمضان كان الرسول يزيد من الجود والإنفاق.
وعائشة رضي الله عنها تقول: (كان النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأخيرة من رمضان شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله) وهذا إشارة إلى أنه كان يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيرها.
إذن هذا شيء طبيعي لأن البعض يتهم نفسه بالنفاق أنه بعد رمضان ما فعل شيئا، كنت في رمضان صيام وصلاة وقرآن وذكر وكذا وكذا بعد رمضان مر أسبوع الآن وأنا أقل بكثير مما كنت عليه ومما كنت أطمح!!
نقول لك: هكذا كان نبينا- صلى الله عليه وسلم- كان يجتهد في رمضان مالا يجتهد في غيره، ثم بعد ذلك يعود إلى وضعه الأصلي،
لو بقيتم على حالكم لصافحتكم الملائكة :
وهذه المسألة أرقت حنظلة- رضي الله عنه- وكان مِن كُتَّابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقالَ: كيفَ أَنْتَ يا حَنْظَلَةُ؟ قالَ: قُلتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قالَ: سُبْحَانَ اللهِ! ما تَقُولُ؟ قالَ: قُلتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتَّى كَأنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِن عِندِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هذا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حتَّى دَخَلْنَا علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قُلتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يا رَسُولَ اللهِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَما ذَاكَ؟ قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتَّى كَأنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِن عِندِكَ، عَافَسْنَا الأزْوَاجَ وَالأوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنْ لَوْ تَدُومُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ علَى فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
( لو بقيتم على حالكم لصافحتكم الملائكة ) فالذي يدوم على حالة العبادة بأقصى جهد وبأقصى قوة لا ينقطع هم الملائكة وأنتم لستم ملائكة، فالملائكة لا تنام، الملائكة لا تأكل لا تشرب، الملائكة ليس فيهم ذكور ولا إناث ولا زواج ولا أولاد ولا معاش ولا كل هذه الفتن التي نتعرض لها، فقال لو بقيتم على حالكم لصافحتكم الملائكة، وبما أنكم لستم ملائكة لن تداوموا على هذه الحالة الإيمانية الراقية.
(ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ساعة وساعة، ساعة وساعة) أي ساعة فيها إقبال على الله، وهمة في العبادة ورقي في الطاعة، وساعة تنشغل فيها بمعاشك وحياتك وتجارتك وعملك أو دراستك وأولادك هذا لا يعيبك كمسلم ولا ينقص من مكانتك عند الله، وليس نفاقا ولا ضعف إيمان ولا ما شابه ذلك.
وليس المقصود بساعة وساعة أن تعبد الله ساعة، ثم تعصيه ساعة أخرى، وإنما المقصود: ساعة تصلي فيها بين يدي الله، وساعة أخرى تقضي فيها أمورك الدنيوية وِفْق ما أحله الله عز وجل، وقال ابن عثيمين: “يعني ساعة للرب عز وجل، وساعة مع الأهل والأولاد، وساعة للنفس حتى يعطي الإنسان لنفسه راحتها، ويعطي ذوي الحقوق حقوقهم”.
لكل عمل شرة:
وبين لنا رسول الله في حديث آخر هذه الحالة الطبيعية لأي مسلم فقال: (إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ، ولكلِّ شرَّةٌ فَتْرَةٌ، فمنْ كانْ فترتُه إلى سنتِي فقدِ اهتدى، ومنْ كانتْ إلى غيرِ ذلكَ فقدْ هلكَ)
لكل عمل شرة: يعني حدة ونشاطا.
ولكل شرة فترة: بعد النشاط يأتي الفتور، يأتي وقت الراحة، قال فمن كانت فترته إلى سنة فقد أفلح، ومن كانت فطرته إلى غير ذلك فقد هلك لأن مَن سلَكَ غيرَ هَدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهو مِن الهالكينَ.
إذا يا إخواني هذه حالة طبيعية لأي مسلم، في رمضان في نشاط وهمة في العبادة، وبعد رمضان يقل هذا النشاط، إذا ما هو الحل؟
الحل هو أنك بعد رمضان لا شك أنك اكتسبت عادات طيبة، وتعودت على عبادات عظيمة جدا، فخير العمل أدومه وإن قل.
خطوط حمراء في العبادة:
أول شيء لأي مسلم هناك خطوط حمراء لا تنازل عنها، يعني ما في كلام الآن على مسلم يتنازل عن الفرائض، الفرائض هذا كلام مفروغ منه، يعني ليس هناك مسلم يقول: سأصلي أربع صلوات من خمسة، هذا ليس كلام محل نقاش الفرائض هي الفرائض بلا نقص، لأن هذا إلزام من الله لعباده، المحرمات هي المحرمات لا فصال فيها، الكلام هنا على العبادات التطوعية النوافل، هذا هو الذي نتكلم عنه، إذا فأنا عندي خطوط حمراء لا تنازل عنها أبدا، وعندي باب أو ميدان للاجتهاد في العبادة ألزم نفسي به.
ما هو الورد الذي أحافظ عليه من القرآن؟
في رمضان ختمت القرآن مرة واثنين أو ثلاثة، طيب وبعد رمضان؟
نقبل المصحف ونضعه في مكانه، لماذا لا تجعل لك وردا؟ ولو كل شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة شهرا تختم ختمة، ما المانع؟
لماذا نقطع صلتنا بالقرآن الكريم؟
الآن الهواتف الذكية إذا فتحت تطبيق القرآن يفتح لك الصفحة التي توقفت عندها، ما في أشكال، وأنا دائما اتخذ شعارا وهو( فاقرءوا ما تيسر من القرآن)، عندي ثلاث دقائق انتظر إقامة الصلاة افتح المصحف، انتظر شيئا في مواصلة في عيادة طبية، في أي مكان، افتح المصحف، لو قرأت صفحة أنا الفائز، ( فاقرءوا ما تيسر من القرآن)
مسألة أني أجلس واقرأ جزءا كاملا هذه قد لا تتيسر للكثير، لكن يتيسر لي في هذه الدقائق الخاطفة أن أقرأ ما تيسر من القرآن، فإذا بي أجد أني في نهاية اليوم قرأت حزبا وأنا لا أشعر، قرأت حزبا- سبحان الله-
إذا لم تقرأ فاسمع، اسمع القرآن، وهكذا كثير من العبادات.
قيام الليل، قيام الليل يبدأ من المغرب إلى الفجر، وورد في قوله تعالى: (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون)، قال أنس بن مالك في تفسيرها يصلون بين المغرب والعشاء.
لا أقول لك استيقظ قبل الفجر بساعة الآن مع تأخر وقت العشاء ودخول الفجر مبكرا، فالقيام في فصل الصيف صعبا، إنما أقول لك من الممكن أن تتنفل بين المغرب والعشاء، صلاة قيام الليل نعم، والنبي سهلها علينا قال: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين)، واظب على ركعتين بعد سنة العشاء بعشر آيات، سورتا الفلق والناس أحد عشر أية، الأمر سهل يا إخواني، لكن المهم المواظبة فخير العمل أدومه وان قل.
الأمر ليس مستحيلا لكنه ممكن:
بعضنا يبغي أنه يكون في أعلى القمة في العبادة، هذه لن تأتي مرة واحدة، يا أخي ليس هناك من يقفز من الشهادة الابتدائية إلى الدكتوراه، إنما يبدأ يتدرج واحدة واحدة، فإذا اعتادت نفسه العبادة طلبت الزيادة.
في رمضان كان هناك إماما يصلي بنا كانت هناك جماعة تشجع، كان هناك إيمانيات عالية ثم بعد ذلك يجد الواحد نفسه لا يصلي حتى ركعتين بعد العشاء، نقول لك هذا طبيعي.
أنت كنت تتعلم كيف تقيم الليل وأن الأمر سهل يسير، ليس مستحيلا لكنه ممكن، ممكن تقرأ جزءا ليس مستحيلا تصلي قيام ليل ليس مستحيلا، لكن داوم فخير العمل أدومه وإن قل، وكما يحكى عن النبي أنه كان عمله ديمة، يعني دائما، صلوات ربي وسلامه عليه.
إذا يا إخواني لا بد وأن تجعل لنفسك حدا لا تتنازل عنه في ورد قرآني في قيام ليل في محافظة على أذكار الصباح والمساء في صدقة أسبوعية أو يومية أو شهرية لا تقطع أي عبادة كنت تكون بها في رمضان، فرمضان بداية للهداية وليس نهاية للعبادة.
الشيطان يزهدك في العبادة:
الشيطان يدخل لك من هذا المدخل، ويقول لك طوال شهر رمضان تصلي الفجر أول ليلة العيد راح عليك الفجر، أنت أصلا فاشل، الذي كنت تفعله في رمضان ولا شيء، راح عليك الفجر، فهذا من علامات الشقاء وأن الله لم يتقبل عباداتك في رمضان… أنت الآن في أسبوع واحد لم تصل إلا مرتين بالمسجد، ثم يوسوس لك: الأفضل أنك تصلي في البيت، صلاة الفجر في المسجد صعبة جدا، موضوع أنك تقيم الليل وعندك عمل عشر ساعات في اليوم وتبذل مجهودا … في رمضان القادم- إن شاء الله- صل قيام الليل.
هل أنت عندك وقت أصلا تلتفت لشيء غير عملك غير أنك تستريح من عناء اليوم وأيضا تقرأ قرآن؟؟!!!
فالشيطان مهمته أن يحبطك أن ييأسك أن يزهدك في العبادة، فإذا جاءت شهوة أو حان وقت شيء من الأشياء التي فيها اللغو وجدت في نفسك همة وإقبالا وتزيينا من الشيطان.
نقول كلا، لا بد وأن تحافظ على علاقتك بالله لا تنقطع أبدا.
حافظ على علاقتك بالله:
هناك مسألة دقيقة جدا انتبهوا لها:
حافظ على علاقتك بالله، بقاء العلاقة بين العبد وربّه، بمعنى: أن يطيعه العبد فيُؤجر، ويذنب فيستغفر، وينعم عليه فيشكر، ويقتّر عليه فيدعوه ويطلب منه، ويضيّق أكثر فيلجأ ويضطر، وهكذا، إذا أمرك بأمر تطيعه، وإذا عصيت الله استغفره وتب إليه، العلاقة لا تنقطع بالله أبدا.
في الحديث القدسي: (إنَّ عَبْدًا أذْنَبَ ذَنْبًا – فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ فاغْفِرْ لِي، فقالَ رَبُّهُ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، فقالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ آخَرَ، فاغْفِرْهُ فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا، قالَ: قالَ: رَبِّ أذْنَبْتُ – آخَرَ، فاغْفِرْهُ لِي، فقالَ: أعَلِمَ عَبْدِي أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذُ بهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاثًا، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ.) رواه البخاري
إذن أنا إذا وقعت في المعصية لا أنقطع عن الله بل أتوب إليه واستغفره وأتعبد له بعبادة التوبة والاستغفار، فكما يحب الله المحسنين من عباده فإنه يحب أن يعفو عن المسيئين جل جلاله.
والنبي قال: (ما منْ عبدٍ مؤمنٍ إلا ولهُ ذنبٌ، يعتادُه الفينةُ بعدَ الفينةِ، أو ذنبٌ هوَ مقيمٌ عليهِ لا يفارقُهُ، حتى يفارقَ الدنيا، إنَّ المؤمنَ خلقَ مُفَتَّنًا، توابًا، نسيًّا، إذا ذُكِرَ ذَكَرَ)
مفتنا: عرضة للفتن، بالخير والشر فتنة المال النساء الأولاد الحياة المعاش، كل هذا فتن.
فالدنيا دار فتن، دار فتن، لكن مع هذه الفتن لا تقطع صلتك بالله، فعبادتك وأنت بعد المعصية عبادة التوبة والاستغفار.
توابا: تقع في الفتنة فتكون في الطريق في أمان الله عندك هدف تسير إليه، زلت قدمك، أصابك أي أمر جعلك تقع، ماذا تفعل؟
هل تقعد في مكانك تندب حظك العسر؟
أبدا، ستقوم، وستنفض التراب عن ثيابك وتكمل في طريقك، هكذا المسلم، يتعرض لفتن لعثرات يتعرض لزلات لكنه ينفض التراب عن نفسه ويقوم ويكمل في طريقه إلى الله- عز وجل-
نسيا: كأبينا آدم، هذه الموعظة لها مفعول، بعد أيام ستنسى، تحتاج إلى موعظة أخرى وثالثة ورابعة، فإذا نسيت تتذكر، أنا وصلت إلى قناعة أن مجال المنبر ليس مجالا للتعليم فقط، إنما الهدف الأول منه التذكير بالله، تزكية الأنفس ترقية الإيمان، كلما هبطت بطارية الإيمان تأتي الجمعة لتقوم بعمل شحن لهذه البطارية، إعادة شحن لهذه البطارية حتى تقوى على مواجهة الحياة، (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض)، لماذا أمر الله أن تتوقف الدنيا ساعة الجمعة؟
(فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) لأن سماع الخطبة تنقية وتزكية للنفس مرة أخرى عملية تطهير إعادة تزكية تنفعك طوال الأسبوع.
ومن الناس من عنده مقدرة أن يحضر دروسا أو يسمع دروسا، وآخر بالكاد يصلي الجمعة، فهذا حظه من الموعظة والتذكرة، فالجمع تذكرة، تتلاشى بها سلبيات الحياة، فتن الحياة، نقص الإيمان، ضعف الإيمان، فالمؤمن كما وصفه النبي خلق مفتتا، توابا نسيا، ولكنه إذا ذكر تذكر اللهم اجعلنا من الذين تنفعهم الذكرى.
إذن يا إخواني لكل وقت عبادة، لا تقطع علاقتك بالله أبدا، في حال الأوامر أنت طائع لله، وفي حال المعصية أنت تائب إلى الله، وفي حال النعم أنت شاكر حامد لله- عز وجل-، لا تقطع صلتك بالله، صلتك بالله لا تنقطع حتى الممات، حتى وإن أحسست أنك بعدت عن الله- عز وجل- فاسلك وسائل وأسباب القرب والعودة، إذا استوحشت من طريق فاستعن بالله.
ولم أجد عونا على هذا الأمر خيرا من دعوة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- التي علمها لمعاذ بن جبل لما قال له يا معاذ والله أني لأحبك، فلا تدع أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
اسأل الله جل وعلا أن يجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين اللهم آمين