من السنن الإلهية: قانون القضاء والقدر
الحافظ ابن كثير صاحب التفسير المشهور، له كتاب اسمه البداية والنهاية، كان يؤرخ فيه للأحداث من بداية الخلق إلى قرب وفاته -رحمه الله عليه-. فكان يقول: “وفي سنة كذا وُلد فلان، تُوفي فلان، جرت المعركة الفلانية”، يذكر عدة أحداث.
أنا أتخيل لو أردنا أن نحصر الأحداث فقط في عام 2024 لاستغرقت كتابًا ككتاب البداية والنهاية. هذه الأحداث المتوالية الكثيرة جدًا، المفصلية في تاريخ أمم وشعوب وأقوام، حينما يتابعها كل واحد منا بدون وعي وبصيرة ونور من الله، يُصاب بالإحباط.
كمية أحداث يومية، أسبوعية، شهرية، سنوية، لا يستطيع العقل البشري تحملها.
أنت عندك خدمة الأخبار العاجلة مثلًا على الهواتف: مقتل وإصابة العشرات، انفجار أدى إلى كذا، إطلاق عدة صواريخ في المكان الفلاني، انفجار القنابل، حدوث زلزال، بركان، انقلاب، صراع.
أحداث لحظية تتكرر، تتكرر، وأنت ترى كل هذا، وترى المآسي والمجاعات والمستشفيات في غزة، والأطفال الذين يبكون من الجوع، والمرضى الذين لا يجدون العلاج.
كل هذا إن سمعته وشاهدته بدون وعي وبصيرة وزاد إيماني، تُصاب بالإحباط!!
ولذلك أنا دائمًا أوصي إخواني أن نتلو القرآن، لأنه زاد المؤمن في هذه الفتن، لتفهم عن الله عز وجل.
تكلمنا في عدة خطب سابقة عن السنن الإلهية لندرك سنن الله تعالى في الكون وفي الخلق والتدبير.
اليوم، إن شاء الله تعالى، نتكلم عن سنة الله في القضاء والقدر.
تعريف القضاء والقدر:
للتقريب: لو عندنا قاضٍ من قضاة الدنيا يجلس على منصة القضاء فيصدر الحكم، هذا اسمه: قضاء.
وتنفيذ الحكم اسمه قدر، هذا خلاصة ما قاله العلماء.
ولله المثل الأعلى، قضى الله بسابق علمه بكذا، وقدر الله يقع على ما قضاه الله وقدره.
ولذلك أنت كمسلم أول قانون تعتقده -وهذا ركن من أركان الإيمان- أن كل شيء بقدر الله.
القانون الأول: كل شيء يحدث بقدر الله لا يغيب عن الله عز وجل.
قال تعالى: “ألا له الخلق والأمر” سورة الأعراف 54.
وقال تعالى: “وما ربك بغافل عما تعملون” سورة النمل 93.
وقال تعالى: “إنا كل شيء خلقناه بقدر” سورة القمر 49.
وقال تعالى: “ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير” سورة الحديد 22.
فكل ما يحدث يحدث بقدر الله وبتدبير الله تحت سمعه وبصره وإحاطة علمه، قال تعالى: ” تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير” [سورة الملك: 1]
القانون الثاني: أقدار الله تعالى لا تخلو من حكمة:
ليس هناك أمر رباني ولا قضاء ولا تشريع من أوامر ربنا جل في علاه إلا ولله فيه حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، والعبد غير مطالب بأن يعرف كل شيء يدور في الكون.
الإعلام يتتبع التحليلات وما يدور في الكواليس كواليس السياسة، وكواليس الحدث الفلاني، والأسرار التاريخية التي تُذاع لأول مرة بعد خمسين سنة وهذه الأشياء تكتشفها على مهل فيما بعد… لكن الذي لا يغيب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض وأحاط بكل شيء علما هو الله.
والذي لا يتحرك ساكن ولا يسكن متحرك إلا بعلمه هو الله عز وجل .
إذا فلا تخلو أقدار الله من حكمة ولذلك أنا أكرر دائما من سوء الأدب مع الله أن تقول يا رب ليه كده؟ أو يا رب أنت ساكت ليه ؟ على ما يحدث في غزة ؟ سبحانه جل جلاله ” لا يسأل عما يفعل وهم يسألون” [سورة الأنبياء 23]
أنت من أنت؟ حتى تسأل الله؟
الله فعال لما يريد جل جلاله… أنت كمسلم إذا فهمت الحكمة فقل: اللهم لك الحمد جلّى وأوضح لك الحكمة، وإن جهلتها تسلم لله سبحانه وتعالى.
يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم معلما : (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإذا أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم
هذا هو التسليم لأمر الله، والثقة فيما يجريه الله تعالى من أقدار نافذة؛ رغم أنف الجميع.
قد يكون الأمر في ظاهره شرا والله تعالى يجري من ورائه خيرا لا تحيط به علما.
من كان يتوقع قبل أكتوبر 2023 ما حدث يوم سبعة أكتوبر من كان يتوقع هذا؟
بل الأمس القريب من كان يتوقع ما حدث في سوريا ؟
حتى الثوار أنفسهم لم يكونوا يتوقعون أن النظام سينهار بهذه السهولة وبهذه السرعة كانوا منذ سنة 2020 يعدون أنفسهم لعمل شيء اسمه رد العدوان لأن الميليشيات التابعة لبشار الأسد والشيعة كانت تستهدفهم فقالوا رد العدوان
كان عندهم إدلب شبه مستقلة كأنها دولة مصغرة فجهزوا أنفسهم لرد العدوان فلما خرجوا لرد العدوان لم يجدوا أحدا أمامهم كانت القوات متناثرة فانهار كل شيء استمروا حتى حلب دخلوا حماة دخلوا دمشق الأبواب مفتوحة ومشرعة سبحان الله!!!
فمن كان بخاطره أو توقع هذا أو كما يفعلون في بعض القنوات المنجمون والنصابون والمخرفون يقول لك هذه السنة فيها كذا ويحصل كذا
هذا كله كذب في كذب لأن أقدار الله تليق بجلاله تليق بعظمته لا تخطر ببال أحد.
لو أن رجلًا حاول أن يبرمج خطة استراتيجية أو رؤية مستقبلية من سنة 2015 إلى 2025 سيعجز لأن كم التغيرات التي حدثت كبير جدا…
فلله تقدير يليق بجلاله سبحانه وتعالى، وأنت كمسلم مهمتك الثقة في الله والتسليم لأمر الله عبادتك الأخذ بالأسباب حسب الطاقة والوسع لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ثم اترك الأمور يدبرها من بيده الأمر.
قدر الله الخفي بقصة موسى والخضر:
نحن نقرأ كل جمعة سورة الكهف؛ من ضمن القصص في سورة الكهف قصة موسى والخضر:
ركب موسى مع الخضر في سفينة فقام الخضر بعمل خرق في السفينة؛ نبي الله موسى نبي مكلف بالشريعة (التوراة) يرى أن هذا إفساد في الأرض فأنكر عليه أن يفعل ذلك وقال له : (لقد جئت شيئًا إمرًا ) شيء عظيم، لكن قدر الله الخفي يبين لنا أن هناك ملكًا ظالمًا يغتصب السفن من أصحابها، وهؤلاء قوم مساكين يتعيشون من هذه السفينة، فلو أنه أحدث فيها هذا العيب لأعرض عنها هذا الملك، ودامت السفينة لأصحابها ، ويصلحون العيب لا بأس (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبًا)[الكهف:79]
لا أدري هل علم هؤلاء المساكين أصحاب السفينة بما فعله الخضر وحقيقته أم لا؟ ولا أدري هل سلموا لأمر الله وآمنوا وصدقوا به أم لا؟
لكن هذا هو قدر الله… فقد يجعل من الشر اليسير حجبًا لشر كبير.
قصة شاب نجا من الموت:
الدكتور راتب النابلسي حكى هذه القصة العجيبة قال كان عندنا بريف دمشق شاب يدرس في كلية الطب بجامعة دمشق كان شابًا ذكيًا فطنًا لكنه كان ضعيف البنية فركب مرة من قريته إلى الجامعة في دمشق العاصمة فاستوقفه السيارة شبيح (رجل طويل البنية عريض المنكبين يرهب الناس بقوته وكان هؤلاء من ضمن النظام التابع لبشار الأسد لهتك الحرمات والاستيلاء على أموال الناس وأعراضهم كما كان الحال عندنا بمصر كانوا يسمونهم المواطنون الشرفاء المهم هذا تاريخ أسود الله المستعان)
فهذا الشبيح أوقف السيارة وقال للسائق هل عندك مكان؟ قال: لا.
ففتح الباب فرأى هذا الشاب ضعيف البنية فاحتقره وقام بحمله من مكانه ورمى به خارج السيارة بمنتهى الكبر، هذا طبعًا موقف فيه قهر وظلم يعني علشان أنا ضعيف البنية أرمى هكذا؟ فبكى هذا الشاب بكاء مريرًا والظلم يا إخواني صعب فيه قهر للنفوس، ثم قام ومسح دموعه وانتظر سيارة أجرة أخرى وركب السيارة ليذهب إلى جامعته … وبعد خمسة كيلومترات تفاجأ أن السيارة التي أنزله منها الشبيح اصطدمت بسيارة في الاتجاه المعاكس واحترقت بمن فيها!!!
إذن هذا الشبيح جعله الله تعالى سببًا لنجاة هذا الشاب من موت محقق لأن له حياة .
فهذا ظلم تعرض له الشاب لكن الله حجب عنه شرًا كبيرًا فلعله كان من الموتى في هذا الحادث.
إذن خرق صغير ولا تذهب السفينة.
المشهد الثاني يا إخواني والثالث هل أبوي الغلام الذي علم الله أنه سيشب يوم يشب كافرًا علموا بهذه القصة الغلامين اليتيمين اللذان كان لهما كنز تحت الحائط وقام الخضر بإعادة بناء الجدار للحفاظ على الكنز هل علموا بذلك؟
ما كانوا يعلمون …هذه آيات الله في القرآن ويظهرها الله لنا .
مشهد قتل الغلام مشهد قدر الله الخفي أنت لا تدري ماذا في المستقبل؟
مشهد المحافظة على الكنز: التقوى تنفع الذرية .
يرسل الله رسول بني إسرائيل موسى عليه السلام ويرسل الخضر وهو على الراجح نبي من أنبياء الله للحفاظ على كنز هذين الغلامين لأن أباهما كان صالحًا هذا قدر الله الخفي ؛ فالله سبحانه وتعالى له تدبير يليق بجلاله مهمتك كمسلم أن تسلّم لله
وما عجزت أنا عنه لو وقع علي ظلم شعرت بالضعف بالكرب بالشدة ألجأ إلى الله( أمن يجيب المضطر إذا دعاه )
هناك عبادات لله في الرخاء وعبادات لله في الشدة أول عبادات الشدائد هي اللجوء إلى الله متى تلجأ إلى الله باكيًا مخلصًا مخبتًا نادمًا تائبًا إلا في ساعة الكرب والشدة؟
المشركون على نجاسة ما يفعلون من شرك وعبادة لغير الله ساعة الشدة والكرب لما يحاط بهم في البحر ويأتيهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم هلكة حينئذ يخلصون إلى فطرتهم دعوا الله مخلصين له الدين كما بين تعالى : “هو الذي يسيركم في البر والبحر حتىٰ إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هٰذه لنكونن من الشاكرين”(سورة يونس الآية 22).
فهناك عبادة في الشدة عند شدة الألم تقول يا رب عند شدة الكرب تقول يا رب
قصة حدثت بسجن صيدنايا:
أنا سمعت الأسبوع الماضي قصة كلها العجب يا إخواني أحد الإخوة وسجن صيدنايا يروون عنه العجائب الآن قال إن الحراس أحبوا أن يعاقبوهم فمنعوا عنهم الماء ثلاثة أيام حتى أشرفوا على الموت ثلاثة أيام بدون أي طعام أو شراب عقاب… وطبعًا لا يفرق معهم أن يموتوا أويعيشوا أو يمرضوا … هؤلاء السجناء بالنسبة لهم ولا شيء -حسبنا الله ونعم الوكيل- فقال فألهمني الله تعالى أن أقول لإخواني تعالوا نصلي صلاة الاستسقاء
فبعضهم قال يعني يا شيخ فلان يعني استسقاء إيه ونحن في الطابق العاشر تحت الأرض يعني الاستسقاء صلاة نصليها لنُزِل المطر من السماء يعني شوف الإجرام سجن فيه عشرة طوابق تحت الأرض… والله الحديث عن هذا السجن حديث مرير اللهم ارحم الشهداء واجبر بخاطر الأهل الذين فقدوا ذويهم وأهليهم واشف المرضى اللهم آمين
قال: فألهمني الله أن نصلي صلاة الاستسقاء فقال أحدهم يا شيخ فلان يعني نحن تحت الأرض بكم طابق وأنت هتصلي صلاة استسقاء؟ من أين يأتينا المطر؟ قال له: والله هكذا ألهمني الله هل عندك حل؟
تعالوا نصلي صلاة الاستسقاء… وصلوا في الزنزانة صلاة الاستسقاء ودعوا الله برغبة وتضرع ولجوء …. يقسم بالله أنه رأى الماء ينساب من تحت باب الزنزانة لا يدرون من أين يأتي فشربوا جميعًا وارتووا من هذا الماء ما يعينهم في أيامهم المقبلة من أين جاء الماء من الله الذي لا يعجزه شيء ولا يغيب عنه شيء.
ففي عبادات في الشدة أنت لن تستطيع أبدًا أن تدرك معناها ومعنى اللطف الإلهي، وكيف أن هناك من عاش في جهنم الدنيا هذه ونجا … نعم نجا وعاش سبحان الله العظيم !!!
إنه لطف الله كما قال أصحاب الكهف: ﴿وإذ ٱعۡتزلۡتموهمۡ وما یعۡبدون إلا ٱلله فأۡوۥۤا۟ إلى ٱلۡكهۡف ینشرۡ لكمۡ ربكم من رحۡمتهۦ ویهیئۡ لكم منۡ أمۡركم مرۡفقࣰا﴾ [الكهف 16]
الشيخ أبو إسحاق الحويني في السجن:
الداعية المشهور الشيخ أبو إسحاق الحويني ذكر أنه لما دخل السجن جاءهم في بعض الزيارات برتقال فلما أمسك البرتقالة يقشرها، فأحد القدامى قال له: كل ما يأتي في الزيارة هنا يؤكل.
قال مستحيل قال كل ما يأتي هنا يؤكل… البرتقال يؤكل والقشر يؤكل… ليس هناك شيء يُرمى ثم أخذ واحدة وأكل فلما أكلت استطبت طعمها وأكلتها وبقينا على هذا القانون أي شيء يأتي يؤكل ما في قشر يُرمى ما في زبالة…. وفرج الله عنهم وخرجوا.
فقال فأتى أهلي ببرتقال وبدأوا في تقشيره قلت: لا أنا متعود أن آكله بقشره!!
قالوا : مستحيل لا والله كل فترة السجن كنا نأكل البرتقال بقشره.
فقدموا له واحدة قال والله ما استسغتها أبدًا من شدة مرارتها، فعلمت أن هذا من لطف الله في السجن.
فالله تعالى له لطف خفي ليزداد تعلق المؤمنين به جل في علاه.
سيدة جزائرية تبكي وحدها في مطار جدة
سيدة جزائرية بعد أدائها للمناسك بمكة وانقضاء مدة البقاء فيها انتقلت مع الفوج المرافقة له إلى مطار جدة ، لكن وهي في المطار تاهت وانقطعت عن الفوج الذي كانت معه وحاولت عبثا أن تصل إليهم ولكن دون جدوى حتى وصلت إلى الشرطة بالمطار وبعد البحث في الأوراق وجدوا أن طائرتها قد اقلعت !!!
فانهمرت الدموع من عينيها …. ماذا تفعل ؟ وهي هنا وحيدة لا تعرف احدا ؟!!!
وجلست في إحدي صالات الانتظار حتى يبحثوا في امرها أو أن يجدوا لها بديلا
وجلست المرأة تبكي وتشتكي إلى الله !!!
وفي الطريق بين جدة والجزائر والطائرة بين السماء والأرض إذا بالطيار يسمع صوتا غريبا فخاف أن تتطور الأمور إلى ماهو أسوأ ؛ مما اضطره إلى الرجوع إلى مطار جدة في هبوط طارئ.
وحتى يتم عمال الصيانة عملهم قام موظفو المطار بإدخال المسافرين إلى إحدى صالات الانتظار ومن عجيب قدر الله أن أدخلوا الركاب نفس الصالة التي كانت تنتظر فيها السيدة الجزائرية!!! وكانت تجلس حزينة تشتكي حالها إلى الله !!!
ترى كيف كانت دهشتها حين رأتهم أمامها ؟
ظنت أنها في حلم !
فكبرت فرحا الله أكبر الله أكبر الله أكبر!!!
وعندما حضر المهندسون لكشف الخلل قالوا:إن الطائرة سليمة ولا يوجد أي مشكلة
سبحان الله !!! توقف كل شيء……أعلنت حالة الطوارئ من أجلها…..عادت الطائرة من الطريق لأجلها …..تعطل أكثر من 200 راكب لأجلها….حضر المهندسون واحتار عمال الصيانة لأجلها !!!
أي دمعة تلك التي رفعتها إلى السماء؟!!!
أي يقين كان يحمل قلبها وهي تشكو حالها إلى الله ؟!
وأي كفين امتدتا إلى الله ؟!
قال تعالى : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ )النمل 62
إذا في أقدار صعبة في الدنيا لأنها دار الابتلاء دار التكليف تواجه ما تواجه من شدة وصعوبة لكن قوة الإيمان، وسلاحك الأقوى هو الإيمان بالله عز وجل، واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى؛ فهو لا يخيب الله من دعاه لا يخيب الله من وقف ببابه- سبحانه جل في علاه- لا يرد أحدا أتاه أبدا لا يرد أحدا خائبا أبدا.
فأنت كمسلم تستسلم لله علمت الحكمة من قدره أم جهلت الحكمة قل: ( قدر الله وما شاء فعل) و ( إنا لله وإنا إليه راجعون)
هذا هو حال المسلم وهذا هو إيماننا بالله
لكن لو أن أحدهم كان مقصرا ومضيعا وبعيدا عن الله عز وجل ومفرطا في الأخذ بالأسباب، ثم يقول هي السنة كذا …وهذه الجامعة نحس… أنا معمول لي عمل (سحر) أنا لابسني شيطان أنا عندي مس أنا عندي خربطة في رأسي أنا أنا …….. ويبقى هكذا في مكانه منتظر شيخ سره باتع يخرج له الشياطين التي برأسه هذا هو حال بعض المسلمين للأسف، وحال بعض البلهاء الذين يصدقون من يزعمون أنهم يعرفون الغيب أو المستقبل.
احذروا النصابين والكذابين:
هناك من يعتقد أن الأيام مؤثرة بأسمائها أو التواريخ مؤثرة بأسمائها ، الناس طالعين سنة 2025 نحن عندنا هذا الشهر شهرعظيم مبارك !!!
لم أيها الفيلسوف؟ لأن فيه خمسة جمع، وهذه معجزة لم تحدث من قبل!! الله أكبر!!
عندنا هذا العام 25 رجب الموافق 25 يناير 2025 هذا سر كبير!!! ما هو السر في ذلك؟ ولا حاجة … أي حاجة في أي حاجة المهم أن نروج للتفاهة.
لا التواريخ ولا الأزمان فاعلة ولا الشوارع ولا البيوت ولا المباني ولا الحيطان فاعلة بشيء الذي يجري الأمور هو الله، والعبد يتعاطى الأسباب ثم لتكن الأمور كما أرادها الله، إنما لا الرقم خمسة ولا الرقم سبعة ولا أي رقم له تأثير خاص؛ فالأمور تجري بمقادير.
هل تعتقدون أن الله العظيم جل جلاله يجعل الكون بهذه التفاهة والسطحية التي يفكر بها هؤلاء؟
في زمن الذكاء الاصطناعي وما نحن مقبلون عليه لا يزال هؤلاء يفكرون في جلب الحظ بعملة معدنية أو بجلدة يلبسها في يده أو سلسلة يلبسها في رقبته!!!
هذا كله يعني يحتاج إلى مراجعة في العقل ،ويجب أن نعلم أن التعلق بهذه الأشياء شرك والعياذ بالله.
إنسان يتعلق بعملة فيها صورة ملك والجهة الثانية رقم العملة… ماذا ستغير هذه العملة في السماوات والأرض؟
ماذا ستغير في أحداث العالم؟ هذه بلاهة والله.
والبعض يقول هذا خاتم في فص من حجر كريم!!
يا أخي الحبيب الله يرضى عليك كلمة حجر كريم ليس معناها أن فيه سر من الأسرار؛ كلا، حجر كريم لأن الحجارة تملأ الشوارع لكن هذا حجر له قيمة جمالية فسموه حجر كريم؛ فهو كريم في قيمته فقط!!
لكن الأحجار لا تؤثر بشيء؛ الذي يفعل ويدبر ويجري الأمور هو الله،وهذا هو توحيد الربوبية، إنما أنت تعتقد أيها الأبله أن العالم يسير في فلك الخاتم الذي تلبسه أو أن الفأل والحظ يأتي بالحجرأو بالفص الذي ترتديه هذا والله يا إخواني عجب في عجب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الخلاصة:
- كل شيء يجري في هذا الكون بقدر الله.
- علم الله تعالى محيط بكل ذرة فما يتحرك ساكن ولا يسكن متحرك إلا بعلمه.
- أقدار الله تعالى لا تخلو من حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها.
- المؤمن يأخذ بالأسباب توكلًا على الله ويستسلم ويرضى بقضاء الله.
- وإذا رأى الأمور على خلاف ما أدرك فإن إيمانه بالله يقتضي أن يسلم لله قدر الله وما شاء فعل .
- (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ) فإذا أعجزك أمر فالْجَأ إلى ربك فأنت مع ضعفك قوي بالله.
- لما خاف موسى من السحرة قال له الله: (لا تخف إنك أنت الأعلى) فأنت الأعلى بالله الأقوى بالله المنصور بالله عز وجل .
- في كربك في شدتك عندك عبادات أعظمها اللجوء إلى الله يجري الله من آياته ما فيه العون والمدد .
- لا ينبغي للمسلم أن يحمل تقصيره أو فشله على شماعة القضاء والقدر.
- كذلك لا يعتقد أن هناك أشياء مؤثرة كالتاريخ أو اليوم أو اسم الطريق الذي يمشي فيه أو ما شابه ذلك من الخزعبلات التي يروجونها في الإعلام.
- اليقين أن الأمور تجري بمقادير وفق حكمة الله تعالى والذي كلفنا به هو العمل والسعي ولله الأمر من قبل ومن بعد.