السنن المهجورة: (29) الغسل والتجمل والسواك والتطيب يوم الجمعة

تاريخ الإضافة 7 مارس, 2025 الزيارات : 7

(29) الغسل والتجمل والسواك والتطيب يوم الجمعة

يستحب لكل من أراد حضور صلاة الجمعة أو مجمع من مجامع الناس سواء كان رجلا أو امرأة، أو كان كبيرا أو صغيرا، أن يكون على أحسن حال من النظافة والزينة: فيغتسل ويلبس أحسن الثياب ويتطيب بالطيب ويتنظف بالسواك، أما من لم يرد الحضور فلا يسن الغسل بالنسبة له، لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء) قال النووي رواه البيهقي بهذا اللفظ بإسناد صحيح.

متى يبدأ وقت استحباب غسل الجمعة؟

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الغسل يبدأ من فجر يوم الجمعة، واستدلوا بأن الأخبار علقته باليوم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى) فلا يجزئ قبله.

وتقريبه من ذهابه إلى الجمعة أفضل؛ لأنه أبلغ في المقصود من انتفاء الرائحة الكريهة، ولو تعارض الغسل والتبكير فمراعاة الغسل أولى لأنه مختلف في وجوبه

وقد جاء في ذلك عدة أحاديث منها:

1 – عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ويلبس من صالح ثيابه، وإن كان له طيب مس منه) رواه أحمد والشيخان.

2- وعن ابن سلام رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر يوم الجمعة: (ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته) (المهنة: الخدمة) رواه أبو داود وابن ماجه.

3- وروى البيهقي عن جابر أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد يلبسه في العيدين والجمعة.

4- وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام). رواه مسلم.

قال النووي: قال العلماء: معنى المغفرة له ما بين الجمعتين وثلاثة أيام أن الحسنة بعشر أمثالها، وصار يوم الجمعة الذي فعل فيه هذه الأفعال الجميلة في معنى الحسنة التي تجعل بعشر أمثالها، قال بعض أصحابنا: والمراد بما بين الجمعتين من صلاة الجمعة وخطبتها إلى مثل الوقت من الجمعة الثانية حتى تكون سبعة أيام بلا زيادة ولا نقصان ويضم إليها ثلاثة فتصير عشرة اه.

5- وعن أوس بن أوس قال: قال رسول الله: {من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع، ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها.} قال الألباني صحيح، وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على مسند الإمام أحمد: إسناده صحيح  

قوله – صلى الله عليه وسلم – (غسل واغتسل): روي غسل بتخفيف السين، وغسل بتشديدها، روايتان مشهورتان وفسرت بعدة تفسيرات أشهرها اثنين:

أحدها: الجماع ويقال: غسّل امرأته إذا جامعها.

والثاني: غسّل رأسه ثم غسل باقي جسمه؛ وإنما أفرد الرأس بالذكر؛ لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن ونحوه، وكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون ويؤيده رواية لأبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم (وبكر وابتكر): راح في الساعة الأولى و(ابتكر): أدرك باكورة الخطبة، وهي أولها.

وقيل: معناهما واحد كرره للتأكيد والمبالغة.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ومشى ولم يركب) نفي الركوب بالكلية؛ لأنه لو اقتصر على (مشى) لاحتمل أن المراد وجود شيء من المشي ولو في بعض الطريق، فنفى ذلك الاحتمال، وبين أن المراد مشى جميع الطريق، ولم يركب في شيء منها.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ودنا واستمع) فهما شيئان مختلفان، وقد يستمع ولا يدنو من الخطبة، وقد يدنو ولا يستمع فندب إليهما جميعا.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (ولم يلغ) معناه ولم يتكلم لأن الكلام حال الخطبة لغو.

6- عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر) رواه البخاري ومسلم

ما هو مقدار( الساعة) الواردة في الحديث؟ وهل هي ستون دقيقة؟

جاءت لفظة ( ساعة ) في كتاب الله تعالى ، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي كلام الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم ، والأئمة من بعدهم ، وليس المراد بها قطعا الساعة بمعناها العرفي الحديث ، وهي ( ستون دقيقة ) ؛ لأن الساعة بهذا المقدار لم تكن تعرف في زمانهم ، والساعة في وضعها الحالي لم تكن مصنوعة أصلا ، فلا اليوم كان مقسما على أربع وعشرين ساعة ، ولا الساعة كانت محسوبة بالدقائق ، بل إن معنى ( الساعة ) في أكثر استعمالاتها هي بمعنى: ( الجزء من النهار ) ، أو ( الجزء من الليل )، وقد تطول أو تقصر ، بحسب السياق والمراد في استعمالها ، كما أنها تطلق تلك اللفظة على ( القيامة ) ، وقد جمع المعنيان في سياق واحد ، وذلك في قوله تعالى ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة ) الروم/ 55 ، فلفظة ( الساعة ) الأولى بمعنى : القيامة ، والآخر بمعنى : الجزء من الزمان  .

وبناء على ذلك يتبين أن الساعة المقصودة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة الجمعة، وما يشبهه: أن المراد بها: جزء من الوقت، وقد يقصر ذلك الجزء، أو يطول، ويعرف ذلك من خلال سياق الحديث، فساعة الاستجابة يوم الجمعة قصيرة الزمن، ووقت ساعة الاستجابة كل ليلة أطول منه.

والأحاديث بنصوصها، وفهمها يدلان على ذلك:

أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يقللها) رواه البخاري ومسلم

(بيده يقللها) أي: يبين أنها لحظة، لطيفة، خفيفة

ب. عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة). رواه مسلم

وهكذا يعرف قصر الزمان وطوله في معنى لفظ الساعة، ففي آية سورة الروم يدل معناها على سنوات!، وفي بعض الأحاديث والآثار تدل على زمان يسير جدا، نحو: فسكت ساعة، وأطرق ساعة، ولبث ساعة، وما يشبه ذلك من السياقات.

وورد تقسيم النهار إلى اثنتي عشرة ساعة، في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يوم الجمعة ثنتا عشرة – يريد: ساعة – لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئا إلا أتاه الله عز وجل فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر) صححه الألباني في” صحيح أبي داود”.

قال الحافظ ابن رجب – رحمه الله –: وظاهر الحديث: يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعة، مع طول النهار، وقصره، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعة وعشرين ساعة؛ فإن ذلك يختلف باختلاف طول النهار، وقصره.” فتح الباري” لابن رجب (5 / 356).

وأما بخصوص حديث الذهاب إلى الجمعة في الساعة الأولى، والثانية، إلى الخامسة، وأجر كل واحدة منها: فيقسم الزمان من طلوع الشمس إلى الزوال خمسة أجزاء، ويكون كل جزء هو المراد بالساعة، وقد تطول مدتها عن الستين دقيقة، وقد تقصر، بحسب طول النهار، وقصره، كما سبق توضيحه.

وذهب مالك إلى أنها أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال وبعده، وقال قوم هي أجزاء ساعة قبل الزوال.

وقال ابن رشد: وهو الأظهر لوجوب السعي بعد الزوال.

فمن أجل الطاعات، وأفضل القربات؛ إحياء سنن خير البريات، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهي من الأجور المتتابعات؛ والسدود المانعات للبدع والمحدثات.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 يناير, 2025 عدد الزوار : 14019 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

فقه الصيام

شرح مدارج السالكين