المقدمة
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ النبي المصطفى، المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد/
يشرف الإنسان بشرف من يتحدث عنه؛ فعندما يتحدث عن ملك من الملوك تراه يتيه فخرا وشرفا لرفعة وشأن من يتحدث عنه، فما بالنا ونحن نتحدث عن المصطفى ﷺ فشرفنا أعظم شرف وفخرنا أعظم فخر.
وما أطيب أن يكتب المسلم عن حبيبنا وقرة عيوننا وشفيعنا يوم الدين ليعبر عن بقاء صلتنا برسول الله ﷺ، تلك الصلة التي ينبغي أن تجمع بين الاتباع والاقتداء، مع استحضار سيرته العطرة وأخلاقه العظيمة والحرص على العمل بسنته المطهرة، لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
وقد جاءت المؤلفات الكثيرة على مرّ العصور لتعرِّف الناس بسيرة رسول الله ﷺ، وتكشف لهم عن دقائق حياته، وتدلهم على هديه وشمائله، وتقرّبهم من شخصه الشريف علماً وحالاً؛ فأردت أن أشارك بهذا الكتاب الذي بين أيدينا:
(سبيل المحبين لأشرف الأنبياء و المرسلين)
راجيا من الله تبارك وتعالى أن أنال شرف الحديث عن الحبيب ﷺ، وإحياء ذكراه في القلوب، وغرس محبته في النفوس، وتربية الأجيال على الاقتداء به والاعتزاز بسيرته، فيكون هذا الكتاب دليلاً للمحبين، وسبيلاً للسالكين، ليتعرفوا على حبيبهم ونبيهم كأنهم يرونه أمام أعينهم، فيزدادوا به حبًا، ويلتزموا بمنهجه عملًا وسلوكًا.
وقد تم جمع مادته من مجموعة خطب منبرية أعدت وألقيت في شهر ربيع الأول طوال سنوات عديدة، وتصلح أن تكون خطباً جاهزة للأئمة والخطباء، ومادة نافعة للباحثين والدارسين، ومعيناً تربوياً للأسرة والمعلم والمربي.
وقد صيغت الخطب بلغة سهلة قريبة من القلب، تجمع بين الجزالة والوضوح، وبين الاستشهاد بالآيات والأحاديث وبين الترغيب والترهيب، مما يجعلها خطبا أو خواطر نافعة خاصة للدعاة والخطباء وطلبة العلم.
أهداف هذا الكتاب:
- تعميق معرفة المسلم برسوله ﷺ: إذ يتعرّف القارئ على صفاته الخَلقية والخُلقية، وعلى مكانته وفضائله، فيزداد حبه وتقديره له.
- غرس المحبة والاقتداء به ﷺ: فالخطبة المؤثرة تبعث في القلب مشاعر الشوق لرؤية النبي ﷺ، والرغبة في اتباع سنته والالتزام بهديه.
- تيسير مهمة الخطباء والدعاة: حيث يجد الإمام مادة مرتبة جاهزة للخطبة، غنية بالأدلة والآثار، مما يخفف عنهم عناء البحث والتجميع.
- التربية الأسرية والتعليمية: فالآباء والمربون يمكنهم الاستفادة من مضامين الكتاب لغرس محبة النبي ﷺ في نفوس الأبناء، وتعليمهم أخلاقه وسننه بطريقة عملية مؤثرة.
- إحياء السيرة في الواقع المعاصر : فالكتاب لا يكتفي بذكر الماضي، بل يجعل من سيرة النبي ﷺ منطلقاً لمعالجة قضايا المسلمين اليوم، كضرورة الاعتزاز بالهوية، ومواجهة التيارات الفكرية الوافدة، وتربية الأجيال على الثبات.
وخلاصة القول: إن هذا الكتاب فيه جهد دعوي تربوي، ويقدّم لمحات من السيرة النبوية في ثوبٍ وعظي عملي، يسهُل على المسلم أن يعيشه ويعمل به؛ فهو يقرّب القلوب من رسولها، ويجدّد الصلة بهديه وسنته، ويربّي جيلاً يعرف قدر نبيه ويعيش حياته على نوره.
أسأل الله تعالى أن يتقبل هذا العمل مني، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجعله صدقة جارية لوالديّ، وأن ينفع به المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يرزقنا شرف الاقتداء بالحبيب المصطفى ﷺ، وشرف الاجتماع به في دار كرامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لتحميل الكتاب اضغط هنا
سبيل المحبين لأشرف الأنبياء والمرسلين
