وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ

تاريخ الإضافة 2 سبتمبر, 2024 الزيارات : 2089

مع قول الله جل وعلا : ” وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ”

 كان هذا الخطاب لصحابة رسول الله الكرام رضوان الله عليهم، وقد كان فيهم رسول الله يعلمهم ويرشدهم، ويبلغ عن الله عز وجل رسالاته ، وقد جعله الله تعالى  نورا ونبراسا ورحمة وهداية للعالمين، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنا نتساءل :

هل ما زال فينا رسول الله؟

نعم ما زال رسول الله باق بسنته، باق بما علمنا، باق بما بينه لنا كما قال صلى الله عليه وسلم: (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.)  رواه ابن ماجة وصححه الألباني ،والمحجة البيضاء : هي جادة الطريق

وكما قال صلى الله عليه وسلم : (تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه ) رواه الحاكم وصححه الالباني .

 معنى أشهد أن محمدا رسول الله :

أنا كمسلم حينما يبلغني حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن من لوازم الإيمان به صلى الله عليه وسلم أن تسمع لكلامه وكأنه هو بنفسه الذي يقوله لك ، وكأنك ترى رسول الله بعينيك يقول لك كذا وكذا. …

وهذا معنى الشهادة؛ فأنت حينما تشهد في شيء يستدعي منك الحضور والرؤية يعني مثلا أنت هنا الآن في المسجد تشهد هذه الخطبة، أنت موجود جسدا وروحا تسمع وترى بخلاف لو رأيت هذه الخطبة مسجلة مثلا فأنت ترى فقط، فأنت هنا شهيد تشهد وتحضر وترى ؛ إذن أنت في يقين لما تسمع وترى.

فمعنى (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله )  أن اليقين بأنه لا معبود بحق إلا الله بلغ عندك مرحلة الرؤية وأن اليقين بأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغ عندك مرحلة اليقين…. فلا ذرة شك في أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولذلك نحن نقول شهادة حق نلقى عليها الله.

وحينما أسمع ( يا أيها الذين آمنوا) فأنا أشهد أن الله يكلمني، أن الله يناديني فأسمع له جل وعلا.

وحينما أسمع قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم  أضغي السمع وأنتبه لما يقول.

وقد تعلمنا من سورة الحجرات الأدب مع رسول الله حيا بخفض الصوت عنده ومن الأدب بعد وفاته خفض الصوت عند سماع القرآن (عدم التشويش على القرآن) وعند استماعنا إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،وعند جلوسنا بين يدي العلماء ورثة الأنبياء الذين يبلغون لنا وحي الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى  : (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ)[الحجرات 2]

هذا من لوازم أشهد أن محمدا رسول الله، فحينما يبلغك: إن الله يأمر بكذا، أو إن الله ينهى عن كذا، أو من فعل كذا كان أجره كذا وكذا فلأنك تشهد أن محمدا رسول الله، أنت تسمع وتطيع ؛ وهذا من الإيمان بالغيب ؛ والإيمان بالغيب أن تؤمن بما لم تره عينك، أن تؤمن وتوقن بأن ما وعد الله به وعداً حقاً وأن ما وعدنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدا صدقا لا يتبدل ولا يتغير.

” واعلموا أن فيكم رسول الله”

 فلا يعني طول الزمان والانقطاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وحي الله قد انتهى وانقطعت صلتنا به أو أن كلامه صلى الله عليه وسلم لم يصلنا منه شيء صحيح كما يقول بعض الجهلة؛ كلا كلا فقد صح عندنا من كلامه صلى الله عليه وسلم الكثير وبلغنا من سنته ، ومن أوامر الله تعالى ونواهيه على لسان نبيه الكثير والكثير.

فأنا حينما يبلغني حديث صحيح أعلم أن فينا رسول الله.

أعلم أنه باق بما علمنا، باق بأخلاقه، باق بقدوته.

فالقدوة لا تموت بموت صاحبها إنما باقية ببقاء منهجه ببقاء فكرته.

وفكرة رسول الله ومنهجه، دين الحق الذي جاء به يدين به أكثر من مليار و سبعمائة مليون مسلم، يدينون بهذا الدين.

“إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ”  :

في بداية الدعوة لما مات جميع أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذكور قال قائلهم من كفار مكة إن محمدا صار أبتر … والأبتر هو من لا يعيش له أولاد من الذكور، فبين الله تعالى :”إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ”.

الكوثر نهر في الجنة وعد الله به نبينا صلى الله عليه وسلم، له حوض ممتد في أرض المحشر تشرب منه أمته صلى الله عليه وسلم، تأتي الأمة كلها من أول مؤمن آمن برسول الله إلى آخر مؤمن على وجه هذه الأرض يشربون بيده صلى الله عليه وسلم إظهارا لهذا المعنى أن الذي سبّك وقال عنك إنك أبتر هو الأبتر.

من القائل؟

وعلماؤنا المفسرون لم يصلوا إلى قول قطعي في الذي سب رسول الله هذا السب…. فهو أبتر مقطوع الذكر، لا ذكر له أبدا.

إنما رسول الله أكثر الأنبياء تابعا فقال : (أنا أكْثَرُ الأنْبِياءِ تَبَعًا يَومَ القِيامَةِ، وأنا أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجَنَّةِ.)رواه مسلم

وأمته أكثر الأمم دخولا إلى الجنة فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِفَكَبَّرْنَا.

فَقَالَ:  أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ .فَكَبَّرْنَا.

فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ .فَكَبَّرْنَا” رواه البخاري ومسلم .

وورد ما يشير إلى أن هذه الأمة ثلثا أهل الجنة.

عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَهْلُ الجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ ) رواه الترمذي (2546)، وقال: ” هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ “.

كيف يعرف رسول الله أمته يوم القيامة ؟

في جنازة أحد الأنصار جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فقال : وددت لو أني لقيت إخواني!!!

قالوا : أو لسنا إخوانك يا رسول الله !!

قال : أنتم أصحابي، إخواني قوم آمنوا بي ولم يروني.

قال قائلهم  : يا رسول الله كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك ؟

قال : أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر محجلة وسط خيل دهم بهم أكان يعرف خيله؟

والمعنى : (رجل عنده خيل دهم بهم يعني سوداء شديدة السواد، الفرس الأدهم والليل البهيم هذه من صفات الظلمة يعني يقصد أن ليس فيها إلا السواد. في وسطها خيل تتميز ببياض في وجوهها وقوائمها. هل يستطيع أن يميز بين هذه وتلك؟)

قال : أرأيتم لو أن رجلا له خيل غر محجلة وسط خيل دهم بهم أكان يعرف خيله؟  قالوا بلى يا رسول الله.

قال فكذلك أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء.

الله أكبر! الله أكبر!

هنيئا لكم يا أصحاب الوجوه المتوضئة، هنيئا لكم يا أصحاب الأيدي المتوضئة حينما تقدمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعرفنا إلا بهذه العلامة…. “فإن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض.”

( يسبقنا إلى حوضه صلى الله عليه وسلم ليستقبلنا.)

 اللهم أفرح بنا قلب نبينا. اللهم أوردنا حوضه. اللهم اسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبدا.

هذا الحوض يا إخواني أخبر النبي عنه أنه مسيرة شهر. إخواننا الذين يسافرون مثلا يعني إلى ( شلالات نياغرا) كم تأخذ في السيارة مثلا سبع ساعات أو ثماني ساعات؟… حوض الرسول مسيرة شهر.. سبحان الله !!! كيزانه كعدد نجوم السماء، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم…. مربع الشكل قال (زواياه سواء)  فيرد من آمن من هذه الأمة برسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عليه بهذه العلامة المميزة: الغرة البياض في الوجه والتحجيل البياض في الأيدي والأرجل من آثار الوضوء فيعرفك رسول الله صلى الله عليه وسلم  (تعال تعال اشرب ) فإذا شربت كانت شربة هنيئة مريئة لا تظمأ بعدها أبدا…. وقال صلى الله عليه وسلم ( ليردن علي أقوام على الحوض فتردهم الملائكة ) كما يحدث مثلا حينما يمنع الإنسان من المرور في بعض الطرق… يقال لك حول الإتجاه إلى كذا. فيأتي هؤلاء تحجبهم الملائكة فيشير النبي صلى الله عليه وسلم أتركوهم فتقول الملائكة ( لا تدري ما أحدثوا بعدك.) … هؤلاء ظلموا، هؤلاء فجروا، هؤلاء فعلوا وفعلوا.

قال :  فأقول : ( سحقا سحقا.)

“بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ” :

إذن الشاهد في قوله تعالى :  “واعلموا أن فيكم رسول الله…”. أن رابطتنا برسول الله لم تنته ولم تنقطع.

رابطتنا برسول الله قائمة، رابطتنا وشوقنا وحبنا و تعلق قلوبنا برسول الله صلى الله عليه وسلم دائما لا ينقطع…

“وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ ۚ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ…. “. فقد كان رحيما بأمته كما وصفه الله تعالى : “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ “.

كان حريصا صلى الله عليه وسلم على أن يأخذ بأيدي كل من حوله إلى هداية الله…. كان يضيق صدره كما وصفه الله عز وجل، كان يضيق صدره بكلامهم، يدعوهم إلى النجاة ويدعونه إلى النار…. يأخذ بنواصيهم إلى الخير ويريدون به الشر…. سبوه وآذوه فما زاد على قوله : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.)

 كان صلى الله عليه وسلم يدعو لأمته في صباحه ومسائه…. كان يدعو لهم في كل حاله…. أي إنسان منا أول ما يحمل يحمل هم أولاده، يحمل هم أهله ؛ لكن سبحان الله الرسول كان يحمل هم أمة بأكملها…

وكما يحكي عبد الله بن عمرو بن العاص (والحديث في صحيح الإمام مسلم ) قام ليلة كاملة يردد قول الله تعالى حكاية عن إبراهيم :” رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ ۖ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” وقول الله جل وعلا حكاية عن عيسى : ” إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “. قال يا ربي وماذا عن أمتي؟

بكى رسول الله. إبراهيم يدعو لأمته وعيسى يدعو لأمته فماذا عن أمتي؟

بكى رسول الله ليلة كاملة يردد هاتين الآيتين ويردد هذا الدعاء ، فأوحى الله تعلى إليه (أمر جبريل أن ينزل إليه) قال : (أخبره يا جبريل بأنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك.)

دعاء النبي لعائشة ولأمته ؟

ودعا رسول الله يوما لعائشة رضي الله عنها قال : اللهم اغفر لعائشة ما قدمت وما أخرت وما أسرت وما أعلنت فضحكت عائشة،( فرحت فرحا شديدا لأن الرسول يدعو لها بهذا الدعاء) فضحكت عائشة حتى سقط رأسها في حجرها.

فقالرسول الله : أسرك دعائي؟

قالت وكيف لا يسرني دعاءك يا رسول الله.

قال والله إني لأدعو به في كل صلاة لأمتي.

طبت حيا وميتا يا رسول الله ! يدعو لنا صلى الله عليه وسلم، (بالمؤمنين رؤوف رحيم ) صلى الله عليه وسلم.

 يا رب أمتي، يا رب أمتي :

حتى في أشد ساعات الموقف العظيم بين يدي الله عز وجل، لما كل الأنبياء يخافون من هيبة وجلال رب العالمين. كلهم يقول نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري. حتى يأتي العباد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم …. يقول : ( فانطلق، فأسجد تحت العرش، فيفتح الله علي بمحامد يعلمنيها، فيقول الله جل وعلا لنبيه ومصطفاه يا محمد ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطى، (إسأل ما شئت واطلب الشفاعة فيمن شئت.)  فلا يزيد صلى الله عليه وسلم على قوله:

 يا رب أمتي، يا رب أمتي.

في هذا الموقف العظيم، لا يسأل لأبنائه أو لأهله أو لخاصته، يسأل لأمته (يا رب أمتي) فيقول الله جل وعلا يا محمد أدخل من لا حساب عليهم من أمتك من الباب الأيمن من الجنة وهم شركاء الأمم فيما سوى ذلك من الأبواب. والذي نفسي بيده ما بين المصراعين  من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر. (المصراعين أحد جُزْأيه ؛ دَرْفَة ، وهما مصراعان أحدهما إلى اليمين والآخر إلى اليسار)

لا إله إلا الله! لا إله إلا الله!

 فكان صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم. كان لا ينس أبدا هذه الرحمة التي كانت سمة من سماته في تعامله مع كل من حوله.

فيا إخواني لم تنقطع الصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم…. الصلة باقية…. هذا كتاب الله بيننا ، هذه سنته صلى الله عليه وسلم بيننا ، هذه أخلاقه فينا ، هذه القدوة فيه صلى الله عليه وسلم ليست قدوة مثالية خيالية ؛ لا نستطيع أن نقتدي بها وليست شيئا مستحيلا إنما شيئا ممكنا أن نكون نسخة من منهجه ومن سنته ومما جاء به.

لا أريد يا إخواني أن يكون حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كلام عاطفي ثم بعد ذلك نحن في واد وسنته صلى الله عليه وسلم في واد.

لا ينبغي أبدا أن يكون الإنسان منا معارضا لشرعه أو مخالفا لهديه ثم يقول يا حبيبي يا رسول الله !!!

والله تعالى قال :” قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ “.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا حب نبيه وحب سنته والموت على ملته وأن يحشرنا إلى الجنة في زمرته وتحت لوائه، اللهم آمين.

خلاصة معنى قوله تعالى : “واعلموا أن فيكم رسول الله …”

يعني أنه فيكم يا صحابته في حياته وفيكم يا من تأتون بعد بما أوحى الله تعالى إليه من كتاب وبما علمه من سنة وعلمكم إياها.

فيكم فتأدبوا معه ووقروه وعظموه صلى الله عليه وسلم واسمعول لأمره ،قال تعالى : (وإن تطيعوه تهتدوا)

وقال صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى.)  من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني هو الذي رفض، هو الذي لا يريد أن يدخل الجنة سبحان الله. “

وقوله تعالى : (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ …)

جعل الله صفة في حبيبنا ومصطفاه صلى الله عليه وسلم أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وأنه حريص على أن يهتدي الناس. لم يأت لعانا، لم يأت سفاكا للدماء. لم يأت لأن ينتقم ممن آذوه أو عاندوه. لم يأت أبدا لهذا ولا لذاك إنما كان يقول : “لم أبعث لعانا وإنما أنا رحمة مهداة.”

ولما أتاه الطفيل بن عمرو الدوسي وهو من اليمن قال يا رسول الله إن دوسا (قبيلته) قد أبطأت علي ، لا يريدون الإسلام، فادع الله عليهم. فرفع رسول الله يده حتى بان بياض إبطيه (مبالغة في الدعاء) وقال: اللهم اهد دوسا وائت بهم، اللهم اهد دوسا وائت بهم.

سبحان الله! سبحان الله العظيم!

ولما آذوه ورموه بالحجارة صلى الله عليه وسلم بعد رحلة الطائف التي ذهب إليها ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، كان صلى الله عليه وسلم قد أصابه ما أصابه…. رموه بالحجارة، سبوه وسلطوا عليه العبيد والسفهاء يؤذونه صلى الله عليه وسلم…. وعلى الرغم من هذا لما جاءه ملك الجبال يستأمره أن يطبق عليهم الأخشبين، قال عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئا…. إذا كان هؤلاء هلكوا، فالحمد لله لكن لا نعدم الخير ممن وراءهم.

ألا تكون فينا هذه الصفة يا إخواني؟

أن يكون في قلوبنا رحمة لمن حولنا…. أن يكون في قلوبنا رحمة بيننا وبين من نعيش معهم؟ ألا يكون المسلم في أي مكان أذى لغيره أو عنوانا للسوء … إنما يكون صاحب الخلق، أن يكون صاحب المروءة، أن يكون صاحب الشهامة، أن يكون صاحب اللسان الطيب، أن يكون ممن يتقنون عملهم، أن يتميز بما تميز به رسول الله الصادق الأمين، أن يكون رحمة للناس، رحمة في عمله، رحمة في مواصلاته، رحمة في جيرانه، رحمة في أقاربه، رحمة مع أولاده، رحمة مع زوجته، رحمة مع أرحامه، رحمة في كل من حوله. يلتمس بين الناس كيف يأخذهم إلى الله سبحانه وتعالى، كيف يهديهم إلى الله عز وجل.

وكما علمنا رسول الله:” إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم.”

كن كما كان رسول الله بالمؤمنين رؤوف رحيم.

كن كما قال الله عنه : ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ “.

إنما أنا رحمة مهداة.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1020 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع