مع قوله تعالى: “فأزلهما الشيطان”

تاريخ الإضافة 21 نوفمبر, 2024 الزيارات : 22

مع قوله تعالى: “فأزلهما الشيطان”

 

 الآيات في قصة آدم عليه السلام فيها معاني كثيرة نتدبرها.

سنتكلم عن العداوة التي نشأت بين إبليس وآدم.
آدم لم يفعل شيئًا أو ضررا لإبليس، الله أمر إبليس أن يسجد لآدم، لكن إبليس استكبر وتعالى على أمر الله تعالى، فقال مقسمًا: (فبعزتك لأغوينهم أجمعين)[سورة ص (الآية 82)]
وسبحان الله، كانت البداية مع أول اختبار لآدم عليه السلام.
هذا الاختبار، قال العلماء إنه مثال للطيب والخبيث، الحلال والحرام.

رب العزة أسكن آدم الجنة، وكما قلنا سابقا، إنها جنة كانت في الأرض، وقال له: (وكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) سورة البقرة (الآية 35).
يعني ابتعد تمامًا عن هذا الأمر مجرد القرب منها أو التفكير في الأكل منهالا تفكر فيه.

سبحان الله، عندما يكون الإنسان في وضع طيب وجميل، فإنه دائمًا يحب أن تدوم النعمة، ويكره أن يفارقها أو تفارقه.
لكن رب العزة سبحانه وتعالى يعلمنا بالابتلاء كيف أن قلبك لا يركن إلا إليه جل وعلا.

ما في شيء دائم في هذه الدنيا.
فسبحان من يُغير ولا يتغير.

دخل الشيطان إلى آدم من هذا المدخل، وقال له: (يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى؟) سورة طه (الآية 120).
قال له: سأدلك على شجرة في الجنة أنت لا تعرفها، لو أكلت منها ستخلد، لن تموت، وستحصل على ملك لا يبلى، أي لا يفنى ولا ينتهي، عمر مديد، وإقامة طيبة!

وسبحان الله، هذا هو المدخل؛ الشيطان دائمًا يمني الإنسان بالأكاذيب. قال الله تعالى: (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورًا) سورة النساء (الآية 120).

الحلال كثير جدًا، والطيبات لا تُعد ولا تُحصى، لكن الخبيث أو الحرام شيء محدود جدًا.
لذلك، لم نرَ عالمًا ألّف كتابًا في الحلال، لأن الحلال هو الأصل قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) سورة البقرة (الآية 29). 
أما الحرام فهو الاستثناء.

الشيطان يجعل الإنسان يترك كل الطيبات ويتعلق بالممنوع.
كيف؟ يزينه لك.
قال له: (شجرة الخلد وملك لا يبلى)، ولم يقل له: هذه هي الشجرة المنهي عنها.
إنما غازَل فيه غريزة حب البقاء التي هي موجودة في كل إنسان وكل كائن حي.
وغازَل فيه الخوف من التغير: (ملك لا يبلى).

ثم أكد إبليس كلامه بالقسم، فقال: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) سورة الأعراف (الآية 21).
أول درس: العدو لا ينصح.
ثاني درس: الشيطان يزين الحرام.
ثالث درس: الشيطان لا يأتيك مباشرة ويقول: افعل الحرام.

قال الله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) سورة البقرة (الآية 168).
الشيطان يسير بخطوات، تنازل وراء تنازل، لأنه يعلم أنك لو واجهته بشكل صريح ستصده.
لكن إذا سار بخطوات، فإنك تتبعها واحدة تلو الأخرى.

وسبحان الله العظيم، هل رأيت أحدًا يقع في كبيرة بدون مقدمات؟
ما في كبيرة جاءت مرة واحدة.
دائمًا هناك صغائر تسبقها، مثلما قال أحمد شوقي:
“نظرة فابتسامة فموعد فلقاء…” لذلك، خذ بالك انتبه من خطوات الشيطان.

بعدما أغرى إبليس آدم وزين له الأمر، ذهب آدم ليبصر الشجرة التي إن أكل منها سيخلد ويبقى ملكًا في الجنة، ولن يصيبه الموت ولا الفناء.
لكن سبحان الله العظيم، كانت هي الشجرة التي نهاه الله عنها.
ربنا سبحانه وتعالى قال عن آدم: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزمًا) سورة طه (الآية 115).

آدم ظن أن أحدًا لن يقسم بالله كذبًا.
هنا مسألة مهمة: ليس كل من يتكلم باسم الدين صادقًا.

قال إبليس: (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين) سورة الأعراف (الآية 20).
وظن آدم أن إبليس صادق لأنه أقسم.
وهنا المفاجأة: الشجرة التي نهاه الله عنها هي التي زيَّنها له إبليس فأكل منها، ووقع في المعصية.

مشهور عند النصارى أن حواء هي سبب الغواية، لكن القرآن قال: (فأكلا منها).

هناك من يقول إن سبب نزول الحيض على النساء أن حواء أكلت من الشجرة لكن هذا كلام لا أصل له؛ فالحيض مسألة فسيولوجية لا علاقة لها بالشجرة أو القصة.

إذا يا إخوتي، الشجرة كانت رمزًا للحرام.
كيف زيَّنها الشيطان؟
كيف سهَّل الأمر؟
كيف نصح آدم كاذبًا؟

لتتعظ ذريته فيما بعد.

إخوتي، ينبغي أن تعلموا أن الجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات.
فلا يزينن لك الشيطان باطلًا فتخدع.
لا تُمني نفسك فالشيطان سيخطب في أهل النار، فيقول:(وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَّ).[سورة إبراهيم: الآية 22]

يعني: لن أنقذكم ولن أنجدكم من هذا العذاب، وما أنتم بمنقذيَّ.

ولذلك، إخوتي، نتعلم كل هذه اللفتات العظيمة من الآيات الكريمة في قصة آدم وإبليس التي وردت في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 ديسمبر, 2024 عدد الزوار : 13941 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع