قوانين السعادة:(22) ألا بذكر الله تطمئن القلوب

تاريخ الإضافة 22 أكتوبر, 2025 الزيارات : 1275

قوانين السعادة

(22) ألا بذكر الله تطمئن القلوب

في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وزادت فيه حالات الاكتئاب والقلق؛ يشعر المسلم بضعفه وافتقاره إلى الله سبحانه وتعالى ، ويرى أنه بحاجة ملحة إلى أن يلجأ إلى ربه الأعلى الذي بيده الأمور كلها، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الملك: 1]

تعريف الذكر :

الذكر: ضد النسيان ، ذكر الله : لم ينس الله ، قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف: 24]، والمقصود به ذكر الله عزَّ وجل بالألفاظ التي وردت على لسان رسوله ، وفيها تمجيد، وتنزيه، وتقديس، وتوحيد لله ( مثل قول سبحان الله، والحمد لله ، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والاستغفار ، والصلاة على النبي ﷺ، إلى غير ذلك من الأذكار الشرعية)

فضل الذكر :

قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45]

ما معنى “ولذكر الله أكبر”؟ فيها عدة تفسيرات :

الأول: “ولذكر الله أكبر” يعني في النهي عن الفحشاء والمنكر ، يعني إذا كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فذكر الله أكبر في النهي عن الفحشاء والمنكر.

الثاني: “ولذكر الله أكبر” ولذكر الله لكم بالأجر والمثوبة على طاعته وأداء الصلاة كما أمر الله وشرع أكبر من ذكركم إياه بما تتلون من قرآن أو تسبحون في ركوع أو سجود .

والذكر عبادة من أيسر العبادات وأعظمها أجرا:

الذكر عبادة من أسهل العبادات لا نحتاج لها وضوءً أو استقبال قبلة كالصلاة أو أداء معينا كتلاوة القرآن بأحكام التجويد، وهو عبادة لا تجهد اللسان ولا الظهر، عبادة خفيفة يستطيع المسلم أن يباشرها في كل أحواله، كما قال سبحانه وتعالى : ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: 191]عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: ( لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ) رواه الترمذي

وهو أمر بالمداومة والإكثار من ذكر الله عزّ وجلّ، لأنّ ما يجري على اللّسان يثبت في الجَنان، وقديما قالوا:” ما فيك ظهر على فيك

الشّاهد من الحديث: أنّ الذّكر بأنواعه، مفضّل على جميع العبادات، ووجه الدّلالة: أنّ العبد إذا كثرت عليه الشّعائر تمسّك بأفضلها، وهو الذّكر.

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ:( ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ )). قالوا: بلى. قال:( ذكر الله تعالى ).رواه أحمد بإسناد حسن

يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في  فتح الباري  :” المراد بذكر الله في حديث أبي الدّرداء رضي الله عنه الذّكر الكامل، وهو ما يجتمع فيه ذكر اللّسان والقلب بالتفكّر في المعنى واستحضار عظمة الله تعالى، وأنّ الّذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممّن يقاتل الكفّار مثلا من غير استحضار لذلك، وأنّ أفضلية الجهاد إنّما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرّد، فمن اتّفق له أنّه جمع ذلك، كمن يذكر الله بلسانه وقلبه واستحضاره وكل ذلك حال صلاته أو في صيامه أو تصدقه أو قتاله الكفار مثلا فهو الذي بلغ الغاية القصوى، والعلم عند الله تعالى “

كيف يكون كثرة ذكر الله سببا للسعادة

أولاً: لأن ذكر الله يملأ القلب طمأنينة:

 فالإنسان بطبعه يبحث عن السكينة، وهي لا تُشترى بالمال، بل تنبع من الداخل، من اتصال القلب بالله،  وكلما ذكر العبد ربّه، انشغل قلبه بالمحبوب الأعلى، فزالت عنه الوحشة والخوف والقلق، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]

بذكر الله يطمئن القلب الخائف.

بذكر الله يستأنس من يشعر بالوحشة.

بذكر الله لا يعظم في قلبك إلا الله سبحانه وتعالى.

بذكر الله لا يصيبك اكتئاب ولا قلق ولا توتر،  لأنك تعلم أن الله وحده هو القادر على أن يرفع ما بك ؛ كما قال جل وعلا: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنعام: 17]

والشيء بالشيء يذكر لما كان الإمام الجنيد جالسا مع تلامذته قال لهم: تعالوا نذكر الصالحين؛ فبذكر الصالحين تحل البركة.

 فقال أحدهم : إذا كان بذكر الصالحين تحل البركة فماذا يا شيخنا إذا ذكرنا الله ؟ فأطرق الشيخ قليلا ثم رفع رأسه قائلا :إذا ذكرنا الله اطمأنت القلوب ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]

فالمسلم يأنس بربه في خلوته ويستشعر قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة: 152]

قال ذو النون: “ما طابت الدنيا إلا بذكره ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ولا طابت الجنة إلا برؤيته 

وقال بعض العارفين: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها ولم يذوقوا أطيب ما فيها؟ قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله تعالى ومعرفته وذكره.

ثانيا/ ذكر الله كثيرا علامة فارقة بين الإيمان والنفاق:

المؤمن يذكر الله كثيرا والمنافق لا يذكر الله إلا قليلا، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب: 41] ، فالأمر بالذكر هنا ليس معناه مجرد الذكر فقط، بل أن نذكر الله سبحانه وتعالى ذكرا كثيرا ، والفارق بين المؤمن والمنافق: أن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا، كما قال تعالى: ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 142]

أما المؤمن فإنه يذكر الله كثيرا؛ كما بالآية السابقة وقوله تعالى:﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35]

وقال عن المنافقين :  ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر: 45]

والمؤمنون وصفهم الله تعالى بقوله : ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال: 2]

من أحب شيئا أكثر من ذكره:

والعلماء يقولون : “من أحب شيئا أكثر من ذكره” ؛ فالألسنة تعبر عما في القلوب ، وكلما أحب القلب شيئا تجده دائما على لسانه ، فمن أحب الرياضة تراه يتابع أخبار الرياضة والمباريات والتحليلات ، وترى آخرين يحبون السيارات … التجارة وحالة الأسواق ….وترى النساء يحببن الأسعار والموضة والملابس وأصناف الأكل، فمن أحب شيئا سيكون دائما على لسانه، وستكون اهتماماته كلها منصبة عليه ، فهذا حال أغلب الناس.

 أما حال المؤمن فقلبه عامر بالإيمان بالله -سبحانه وتعالى- فدائما ما يكون لسانه عامرا بذكر الله ؛ فاللسان يعبر عما في القلب.

 كما قال التابعي الجليل يحيى بن معاذ : “القلوب كالقدور والألسنة مغارفها

القدور آنية الطعام واللسان كالمغرفة فهو يغرف معبرا عما في القلب ، نسأل الله أن يطهر قلوبنا،  وأن يطيب ألسنتنا وأن يجعلها دائما لاهجة بذكره -سبحانه وتعالى-

وكان الحسن البصري كثيرا ما يقول في كلامه -سبحان الله ، يعني يربط بين جملة وجملة بقوله: سبحان الله .

عن لقمان بن عامر رضى الله عنه: “أن رجلاً أتى أبا مسلم الخولاني فقال له: أوصني يا أبا مسلم قال: اذكر الله تحت كل شجرة وحجر فقال: زدني قال: اذكر الله حتى يحسبك الناس مجنوناً “؛ قال: فكان أبو مسلم يكثر ذكر الله فرآه رجل فقال لأصحابه: أمجنون صاحبكم؟ فسمعه أبو مسلم فقال: يا أخي هذا دواء الجنون.

ثالثا/ لأن الله يذكرك إذا ذكرته:

تأمل هذا الفضل العظيم! أنت تذكر ربّك على الأرض، فيذكرك هو في السماء، فأيّ كرامة أعظم من أن يذكرك الملك الجليل؟ وهذا وحده كافٍ أن يُسعد قلب المؤمن ويملأه فخرًا وطمأنينة.

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال:  إن الله تعالى يقول ( أنا مع عبدي إذا ذكرني وتحركت بي شفتاه ) رواه البخاري

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال النبي ﷺ : يقول الله تعالى : ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ) رواه البخاري ومسلم .

في نفسه : بينه وبين الله .

في ملأ : في جماعة .

تأملوا هذا المعنى : إذا قلت في نفسك : سبحان الله العظيم ، فأنت تذكر الله عزوجل في نفسك ، أنت أيها العبد الفقير الضعيف الله يذكرك في الملأ الأعلى عنده ، كما نرى على الشاشة كلمة (live) أو بث مباشر ، فأنت تذكر الله خاليا مع نفسك والله جل وعلا مطلع عليك -سبحانه وتعالى-

وحتى تستشعر هذا المعنى اقرأ هذا الحديث :

كان أبي بن كعب -رضي الله عنه- حبرا (عالما ) من أحبار اليهود فأسلم وصار من أهل القرآن وهو إمام المسلمين لأول صلاة تراويح في عهد عمر -رضي الله عنه- جمع الناس فيها على إمام واحد ، دعاه رسول الله ﷺ قائلا : يا أبي إن الله تعالى أمرني أن أقرأ عليك سورة البينة ، فبكى -رضي الله عنه- قائلا : وسماني لك ؟! يقصد الله جل جلاله سماني لك بالاسم اقرأ هذه على أبي ؟ فبكى رضي الله عنه فرحا واستبشارا بذلك .

وقال بعض السلف :أنا أعلم متى يذكرني ربي ! فقالوا متعجبين كيف ذلك ؟ قال أليس هو القائل : ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة: 152] فإذا ذكرت الله تعالى ذكرني عنده في الملأ الأعلى.

وإن ذكرته في ملأ ذكرك الله عنده في الملأ الأعلى يباهي بالذاكرين ملائكته.

 كما في الحديث أن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه ، فقال : ” ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ، ومن علينا بك ، قال : آلله ما أجلسكم إلا ذلك ؟ قالوا : والله ما أجلسنا إلا ذلك ، قال : أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكنه أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة ” ، رواه مسلم

الله أكبر !الله أكبر ! فاستشعر أخي وأنت في أي مكان ، وخاصة في الخلوة ، أو في جماعة من أصدقائك تذكرون الله -سبحانه وتعالى- أن الله يباهي بكم ملائكته .

رابعا/ استشعار معية الله عز وجل:

ما أجلها من معية ، معية الله عز وجل لعبد من عباده حين يذكره ، فيكون معه الله بالتوفيق والعون والسداد، والإنسان بطبعه اجتماعي وعندما يكون وحيدا في مكان تأتيه وحشة ويخاف بل من العقوبات الشديدة الحبس الانفرادي ، حيث لا يرى الناس ولا يرونه ، لكن المؤمن لا يرى في الخلوة وحشة إنما يرى فيها أنسا بالله -سبحانه وتعالى- وخلوة مع الله، وهذا ما قاله النبي ﷺ في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه “ رواه البخاري.

 ولما كان الرسول ﷺ مع أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بالغار يوم الهجرة قال : يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا ، فقال رسول الله ﷺ يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ،لا تحزن إن الله معنا .

وأبو بكر -رضي الله عنه-  لم يكن خائفا على نفسه ، إنما كان يخشى على رسول الله  أما رسول الله فقلبه مطمئن وواثق بالله  -سبحانه وتعالى- قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا  فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى  وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا  وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: 40]

والضمير في “عليه” يعود على أبي بكر -رضي الله عنه- ، والشاهد قول النبي ﷺ لأبي بكر -رضي الله عنه- لا تحزن إن الله معنا ، فذكر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الشدة جعلت الصديق -رضي الله عنه- يستشعر معنى السكينة والثقة في الله عند هذه الشدة الكبيرة التي كانوا فيها، وهم في الغار، والمشركون أمام الغار يضمرون كل شر بالرسول وصاحبه .

خامسا / ذكر الله حياة للقلب:

يقول النبي ﷺ(مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت )

 وقال ﷺ « لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي»   

فالذكر بالنسبة للإنسان مثل الماء للنبات ، فكما أن النبات يحيا بالماء كذلك ، فالقلب يحيا بالذكر

ويقول ابن القيم رحمه الله:”الذكر للقلب بمنزلة الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟”

 فكما أن السمك لا يعيش إلا في الماء كذلك القلب لا ينجو ولا يسعد إلا بذكر الله، فإذا انقطع عن الذكر اختنق بالهموم، ومات بالغفلة.

اللهم اجعلنا من الذين تحيا قلوبهم .آمين 

سادسا/ الذكر يُقوّي العلاقة بالله:

كثرة الذكر تجعل العبد دائم الصلة بربه، لا يغيب عنه في سرّائه ولا في ضرّائه،  وكلّما كانت الصلة بالله أقوى، كان القلب أكثر سعادة؛ لأن السعادة الحقيقية في القرب من الله لا في الدنيا الفانية.

وجاء رجل إلى الحسن البصرى فقال: أشكوا قسوة في قلبي قال: أذب هذه القسوة بذكر الله.

وقال ابن القيموحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النهار ثم التفت إلىَّ وقال: هذه غدوتي ولو لم أتغد سقطت قوتي.

سابعا/ لأن الذكر يُنقّي القلب من الهمّ والضيق:

 القلوب إذا ابتعدت عن الله امتلأت بالهموم،  والذكر بمثابة دواء القلوب الذي يُزيل الكدر ويبدّله راحة، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر 97-98]

﴿فسبح بحمد ربك﴾ توجيه من الله للنبي وللأمة من بعده إذا ضاق صدرك فافزع إلى الله تعالى بالتسبيح، والتقديس حامدا إياه جل وعلا.

﴿وكن من الساجدين﴾ أي: المصلين ، ولذلك كان النبي إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
وقال ابن القيم رحمه الله:  إن في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور لمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه، وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه، وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته ودوام ذكره والإخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً.

 

Visited 42 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع