(12)الصيام المكروه، والصيام المحرم
أولا/ الصيام المكروه
- صوم يوم الشك:
قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم، صلى الله عليه وسلم، رواه أصحاب السنن.
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه.
فإن صامه لموافقته عادة له جاز له الصيام حينئذ بدون كراهة؛ لحديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا صوم رمضان، بيوم، ولا يومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل، فليصم ذلك اليوم) رواه الجماعة.
- صوم الدهر
يكره للإنسان العادي أن يصوم الدهر، فلا يفطر.
والمراد بصيام الدهر: سرد الصوم متتابعًا في جميع الأيام، إلا الأيام التي لا يصح صومها، وهي العيدان وأيام التشريق.
روى عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صام من صام الأبد ولا صام من صام الأبد (متفق عليه).
وعن أبي قتادة أن عمر قال: يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لعينك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا، وإن لزورك عليك حقًا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإذن ذلك صيام الدهر كله، فشددت فشدد عليّ، قلت: يا رسول الله، إني أجد قوة، قال: فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه قلت: وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام؟ قال: نصف الدهر، وكان عبد الله يقول بعد ما كَبِر: يا ليتني قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري ومسلم). وفي بعض روايات الحديث وقد سبقت صوم يوم وفطر يوم: أنه قال له عن صوم داود: وهو أفضل الصيام، وحين قال عبد الله: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك.
وعن أنس في حديث الثلاثة الذين سألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالُّوها (أي اعتبروها قليلة) وقالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الحديث، وفيه: أن أحدهم قال: وأنا أصوم الدهر فلا أفطر.. كان من إنكار النبي صلى الله عليه وسلم، عليهم أن قال: أنا أخشاكم لله، وأتقاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر … فمن رغب عن سنتي فليس مني (رواه البخاري).
وعن سلمان وأبي الدرداء: أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينهما فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فوجد أم الدرداء (وهي زوجة أبي الدرداء) مُتَبَذِّلة! فقال: ما شأنك؟! فقالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في شيء من الدنيا.. الحديث. وفيه: أن سلمان قال لأبي الدرداء: إن لربك عليك حقًا ولأهلك عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا، فصم وأفطر، وقم ونم، وآت أهلك وأعط كل ذي حق حقه. فذكر أبو الدرداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صدق سلمان (رواه البخاري).
وكل هذه الأحاديث دالَّة بوضوح على كراهية صوم الدهر، بل ذهب ابن حزم إلى أنه يحرم.
ووجه الدلالة من الأحاديث: أنه دعا على من صام الأبد بقوله: (لا صام) وفي هذا تغليظ.
وأخبر أنه لم يصم، ولم يفطر، ومعناه: أنه لم يُحصِّل أجر الصوم لمخالفته ولم يفطر، لأنه أمسك.
وأنه أمر عبد الله بن عمرو أن يصوم ويفطر، وأخبره بأن صوم يوم وفطر يوم أفضل الصيام، وأحبه إلى الله، ومعناه: أن غير ذلك مفضول. وقال له: لا أفضل من ذلك، وقال: لا تزد عليه.
وأخبر عن هديه وسنته بأنه يصوم ويفطر، ومن رَغِبَ عن سنته فليس منه.
وأقر سلمان على ما نصح به لأبي الدرداء: أن يصوم ويفطر، حتى لا يفرط في الحقوق الأخرى.
والحق أن هذا يتفق مع منهج الإسلام في ضرورة الاعتدال بين حق الرب تعالى وحظ النفس، وإقامة التوازن بين الحقوق بعضها وبعض.
كما يتفق مع منهجه العام في الرفق بالمُكلَّفين، والتيسير عليهم، وتشريع الرخص لهم، والتزام صوم الدهر ينافي ذلك، فقد تأتي على الصائم أيام شديدة الحر، أو تطرأ عليه أعباء فتقضي أن يكون قويًا على القيام بها.. إلى غير ذلك. وفي الحديث: إن الله يحب أن تؤتى رخصه.
قال ابن قدامة: (والذي يقوى عندي أن صوم الدهر مكروه، وإن لم يصم هذه الأيام، فإن صامها فقد فعل محرمًا، وإنما كره صوم الدهر، لما فيه من المشقة والضعف، وشبه التبتل المنهي عنه)، وذكر حديث عبد الله بن عمرو [1]
وبعضهم حمل النهي على ما إذا خاف بمتابعة الصوم ضررًا، أو فوَّت به حقًا، فإن خاف ضررًا أو فوَّت حقًا كُرِهَ.
والمفروض في هذه الحالة أن يحرم، لأن الإضرار بالنفس لا يجوز، وكذلك تضييع حقوق الآخرين لا يجوز. وهذا ما قالوه في صوم المرأة تطوعًا بغير إذن زوجها، لما فيه من تفويت حقه.
والحق هنا: أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد صح عنه بلا ريب أنه كان يصوم ويفطر، ولم يداوم على صيام شهر كامل غير رمضان وحسبنا قوله في هذا المقام: من رغب عن سنتي فليس مني.
وأما من اجتهد من خيار السلف فصام الدهر، فهو اجتهاد منهم، نرجو ألا يحرموا من أجره إن شاء الله.
- إفراد يوم الجمعة
ويكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، إلا أن يوافق ذلك صومًا كان يصومه مثل من يصوم يومًا، ويفطر يومًا، فيوافق صومه يوم الجمعة، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك، فيوافق الجمعة.
وفي الحديث: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده (متفق عليه).
وقال محمد بن عباد: سألت جابرًا: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم (متفق عليه).
وعن جويرية بنت الحارث أم المؤمنين: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة، فقال: أصمت أمس؟، قالت: لا، قال: أتريدين أن تصومي غدًا؟، قالت: لا، قال: فأفطري (رواه البخاري).
وهذا يدل على أن المكروه إفراده بالصوم، لأن نهيه معلل بأنها لم تصم أمس، ولا تصوم غدًا.
يؤكد هذا حديث أبي هريرة: لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام إلا أن يكون في صوم يوم يصومه أحدكم (رواه الترمذي وحسنه).
وحكمة ذلك: أن يوم الجمعة هو العيد الأسبوعي للمسلمين، فَكُرِهَ الصوم فيه، تشبيهًا بالعيد الحقيقي.
وأيضًا: فيه سد لذريعة اعتقاد وجوب صيامه إذا خُصَّ به دُووِمَ عليه.
هل يجوز صيام يوم الجمعة بمفرده في حالة تعويض عن مرض تسبب في عدم صيام رمضان؟
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام؛ إلاّ أن يكون في صوم يصومه أحدكم.
وهذا الحديث دليل على كراهة إفراد يوم الجمعة بصيام، وقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما إذا وافق صوماً يصومه المكلف فهذا جائز؛ فإذا كان الصيام بنية قضاء يوم من رمضان، أو أداء نذر، أو كفارة، فلا بأس بصيام يوم الجمعة منفردًا، وفي هذه الحالة، يُرفع حكم الكراهة، لأن هذا الصيام ليس صيام تطوع، بل هو صيام واجب.
- ما حكم إفراد يوم السبت بالصيام؟
للعلماء قولان في إفراد يوم السبت بصيام:
القول الأول: يكره إفراد يوم السبت بالصيام فإذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فلا كراهة وهو مذهب الحنفية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد.
واستدلوا بالحديث الوارد عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله ﷺ قال:( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه) رواه أحمد.
و (لحاء عنبة) هي القشرة تكون على الحبة من العنب.
(فليمضغه) وهذا تأكيد بالإفطار.
وقال الإمام الترمذي [ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت] سنن الترمذي 3/120.
وقال ابن قدامة المقدسي [قال أصحابنا يكره إفراد يوم السبت بالصوم لما روى عبد الله بن بسر عن النبي ﷺ قال (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) … والمكروه إفراده فإن صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة وجويرية وإن وافق صوماً لإنسان لم يكره لما قدمناه] المغني 3/171.
القول الثاني: جواز إفراد السبت بالصيام وهو قول المالكية واختيار الزهري والأوزاعي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وهو رواية عن الإمام أحمد.
لما ورد في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:( كان رسول الله ﷺ يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم) رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما.
وأجابوا عن حديث عبد الله بن بسر السابق بأنه محل خلاف بين المحدثين فمنهم من ضعفه ومنهم من قال بنسخه ومنهم من قال إنه كذب على رسول الله ﷺ ومنهم من حسنه أو صححه ومنهم من أولَّه وجمع بينه وبين غيره من الأحاديث التي أثبتت صوم السبت في النافلة.
وقال العلامة ابن القيم: بعد أن ذكر الحديث [ فقال مالك رحمه الله هذا كذب يريد حديث عبد الله بن بسر ذكره عنه أبو داود ، قال الترمذي : هو حديث حسن ، وقال أبو داود : هذا الحديث منسوخ وقال النسائي هو حديث مضطرب وقال جماعة من أهل العلم لا تعارض بينه وبين حديث أم سلمة فإن النهي عن صومه إنما هو إفراده وعلى ذلك ترجم أبو داود فقال باب النهي أن يخص يوم السبت بالصوم وحديث صيامه إنما هو مع يوم الأحد قالوا ونظير هذا أنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده ] زاد المعاد في هدي خير العباد 2/79-80 .
وقال النبي ﷺ (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده) متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو دليل على صوم يوم السبت.
وأيضا استدل بحديث من صام رمضان وأتبعه ست من شوال كان كمن صام الدهر
وأيضا في الباب حديث أحب الصيام إلى الله صيام داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما
وهذا حتما سيوافق السبت وكذلك في الباب حديث الحث على صيام الثلاثة أيام البيض وهذا من شهر إلى شهر سيوافق السبت حتما وغير ذلك كثير.
ولذا قال الإمام أحمد أصول الشريعة تخالفه وقال الإمام مالك هذا حديث كذب وقال الزهري مازلت أتقي التحديث به وقال أبو داوود أو النسائي هذا حديث مضطرب
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: يجوز صيام يوم عرفة مستقلاً سواء وافق يوم السبت أو غيره من أيام الأسبوع لأنه لا فرق بينها لأن صوم يوم عرفة سنة مستقلة وحديث النهي عن يوم السبت ضعيف لاضطرابه ومخالفته للأحاديث الصحيحة] فتاوى اللجنة الدائمة 10/396.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال:
الحال الأولى: أن يكون في فرض كرمضان أداء، أو قضاء، وكصيام الكفارة، وبدل هدي التمتع، ونحو ذلك، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقدا أن له مزية.
الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: (أصمت أمس؟) قالت: لا، قال: (أتصومين غدا؟) قالت: لا، قال: (فأفطري). فقوله: (أتصومين غدا؟) يدل على جواز صومه مع الجمعة.
الحال الثالثة: أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان، وتسع ذي الحجة فلا بأس، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها.
الحال الرابعة: أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: (إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه)، وهذا مثله.
الحال الخامسة: أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه. انتهى من مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين (20/57).
- النهي عن وصال الصوم:
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والوصال – قالها ثلاث مرات – قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: إنكم لستم في ذلك مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من الاعمال ما تطيقون رواه البخاري ومسلم.
وقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة.
وجوز أحمد، وإسحق وابن المنذر، الوصال إلى السحر، لما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تواصلوا، فأيككم أراد أن يواصل، فليواصل حتى السحر.
ثانيا / الأيام المنهيُّ عن صيامها
- يوم عيد الفطر:
يحرم صيام يوم عيد الفطر وهو أول يوم في شهر شوال.
- يوم عيد الأضحى:
وهو يوم العاشر من ذي الحجة.
فيحرم صيام العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامهما لما في الصحيحين عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر.
والعلة في وجوب فطرهما وتحريم صيامهما :
بالنسبة لعيد الفطر هي الفصل في الصوم، وإظهار تمام شهر رمضان وبيان حده بفطر ما بعده.
وأما عيد الأضحى فلأجل النسك المتقرب بذبحه ليؤكل منه ولو شرع صومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معنى.
وعن أبى عبيد قال شهدت العيد مع عمر رضى الله عنه فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم واما يوم الفطر ففطركم من صومكم رواه الشيخان وابو داود والترمذي والنسائي
- أيام التشريق الثلاثة:
ويحرم صيام أيام التشريق[2] وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى ( الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر ، من شهر ذي الحجة )
لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله ) رواه مسلم
وروى أبو داود عن أبي مرة مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما طعاما ، فقال : كل . فقال : إني صائم . فقال عمرو : كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها ، وينهانا عن صيامها .
قال الإمام مالك : وهي أيام التشريق . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وإنما نهى عن صيام أيام التشريق لأنها أعياد للمسلمين مع يوم النحر .
لكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي فعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا : ( لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي ) رواه البخاري
فيجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما . وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها ، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده ثم يواصل صومه .
وهذا مذهب الحنابلة والمالكية والقديم عند الشافعية، أما الجديد عندهم وهو مذهب أبي حنيفة فيحرم صوم أيام التشريق حتى لمن لم يجد الهدي.
-النهي عن صيام المرأة، وزوجها حاضر، إلا بإذنه:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصوم، وزوجها حاضر حتى تستأذنه.
فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تصم المرأة يوما واحدا، وزوجها شاهد إلا بإذنه، إلا رمضان رواه أحمد، والبخاري ومسلم.
وقد حمل العلماء هذا النهي على التحريم، وأجازوا للزوج أن يفسد صيام زوجته لو صامت، دون أن يأذن لها، لتعديها على حقه وهذا في غير رمضان كما جاء في الحديث، فإنه لا يحتاج إلى إذن من الزوج:
وكذلك لها أن تصوم من غير إذنه، إذا كان غائبا، فإذا قدم، له أن يفسد صيامها. وجعلوا مرض الزوج، وعجزه من مباشرتها، مثل غيبته عنها في جواز صومها، دون أن تستأذنه.
[1] المغني مع الشرح الكبير -99/3
[2] وسبب تسمية هذه الأيام بذلك؛ لأنهم كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس، وتشريق اللحم كما قال أهل اللغة: تقطيعه وتقديده وبسطه ( نشره ) فكانت هذه الوسيلة المتاحة آنذاك لحفظ اللحم، لكثرته مع عدم وجود المبردات (الثلاجات ).