(27) قراءة سورة الملك
سورة الملك سورة مكية، آياتها 30، وتسمى أيضا سورة تبارك.
سبب التسمية:
سُميت بهذا الاسم لاحتوائها على أحوال الملك ، سواء كان الكون أم الإنسان ، وأن ذلك ملك الله تعالى، وهي كسائر السور المكية تعنى بأصول العقيدة وهي إثبات وجود الله، وعظمته، وقدرته على كل شيء والاستدلال على وحدانيته، والإخبار عن البعث والحشر والنشر.
بدأت بالحديث عن تمجيد الله سبحانه، وإظهار عظمته، وتفرده بالملك والسلطان، وهيمنته على الأكوان، وتصرفه في الوجود بالإحياء والإماتة.
ثم أكدت الاستدلال على وجود الله عز وجل بخلقه السماوات السبع، وما زيّنها به من الكواكب والنجوم المضيئة، وتسخيرها لرجم الشياطين ونحو ذلك من مظاهر قدرته وعلمه؛ مما يدل على أن نظام العالم نظام محكم لا خلل فيه ولا تغاير.
ومن مظاهر قدرته تعالى: إعداد عذاب جهنم للكافرين، وتبشير المؤمنين بالمغفرة والأجر الكبير، وذلك جمع بين الترهيب والترغيب على طريقة القرآن الكريم.
ومن مظاهر علمه وقدرته ونعمه: علمه بالسر والعلن، وخلقه الإنسان ورزقه، وتذليل الأرض للعيش الهني عليها وحفظها من الخسف، وحفظ السماء من إنزال الحجارة المحرقة المدمرة للبشر، كما دمرت الأمم السابقة المكذبة رسلها، وإمساك الطير ونحوها من السقوط، وتحدي الناس أن ينصرهم غير الله إن أراد عذابهم.
وأردفت ذلك في الخاتمة بإثبات البعث، وحصر علم وقت الساعة بالله تعالى، وإنذار المكذبين بدعوة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتحذيرهم من إيقاع العذاب بهم، وإعلان وجوب التوكل على الله، والتهديد بتغوير الماء الجاري في الأنهار والينابيع دون أن يتمكن أحد بإجرائه والإتيان ببديل عنه.
فضل تلاوة السورة الكريمة:
أولا: نقرؤها كل ليلة اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم:
عن جابر رضي الله عنه “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ: آلم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك”[صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.]
قوله: “كان لا ينام حتى يقرأ” يحتمل أن يكون المعنى: أنه إذا دخل وقت النوم لا ينام حتى يقرأهما، بمعنى: أن ذلك يكون من أذكار النوم.
ويحتمل أن يكون المراد أنه كان لا يراعي وقت النوم، فيمكن أن يقرأ بعد العشاء مثلا، وينام بعد ذلك بساعة، أو ساعتين، أو أكثر، فكان لا ينام حتى يقرأهما، فيكون ذلك من أذكار الليلة، وليس من أذكار النوم بهذا الاعتبار.
ويؤيده حديث النسائي (من قرأها (سورة تبارك) كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر) حسنه الألباني
ثانيا: هي سبب في الشفاعة ومغفرة الذنوب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن سورة من القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجل حتى غفر له، وهي سورة تبارك الذي بيده الملك) [حسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي]
وهذا الحديث ليس فيه تقييد قراءتها ليلا أو نهارا، وإنما الظاهر منه أن يكون له بالسورة مزيد عناية، ورعاية، حفظا، وفهما، وقياما بها، لا سيما في صلواته، ولا شك أن مداومة قراءة سورة الملك ترسخ في قلب المسلم الإيمان بصفتين من صفات الكمال التي يتصف بها سبحانه؛ فهو مالك الملك، وهو القادر المقتدر المتصرف في ملكه وعبيده بما يشاء؛ فقد افتتحت بقوله تعالى: ﴿تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير﴾ [الملك: 1] ومن يوقن أن الله تعالى هو مالك الملك، وأنه على كل شيء قدير، اطمأن قلبه، وهدأت نفسه.
ثالثا: تنجي من عذاب القبر:
يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: “من قرأ ﴿تبارك الذي بيده الملك﴾ كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله، سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب”[رواه النسائي][1]
[1] هذا الحديث ضعيف، رواه النسائي في “السنن الكبرى” (6/179)، وابن السني في “عمل اليوم والليلة” (675)، والطبراني في “المعجم الكبير” (8652)، والبيهقي في “شعب الإيمان” (2285) من طريق حماد بن شعيب، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وحكم عليه العلماء بالضعف، مثل المنذري في “الترغيب والترهيب” والألباني في “ضعيف الترغيب والترهيب”.