شرح الأربعون النووية 5- النهي عن الابتداع في الدين

تاريخ الإضافة 25 نوفمبر, 2025 الزيارات : 915

شرح الأربعون النووية

5- النهي عن الابتداع في الدين

عَنْ أُمِّ المُؤمِنِينَ أُمِّ عَبْدِ اللهِ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهَا – قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: (مَنْ أَحْدَثَ فِيْ أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)[1]

شرح الحديث

(عَنْ أُمِّ المُؤمِنِينَ أُمِّ عَبْدِ اللهِ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ) الإمام النووي كان حريصا أن يذكر كنية ولقب من يروي عنه من الصحابة، فقوله : (عن أم المؤمنين) هذا لقب لجميع زوجات رسول الله ﷺ، والأمومة هنا أمومة تكريم وتشريف وليست أمومة محرمية، أمهات المؤمنين نساء أجانب على رجال الأمة لكن التلقيب بأم المؤمنين هذا لقب فيه تشريف وتكريم لهن جميعا، فهن أمهات للمؤمنين والمؤمنات، ولم يذكر بقية اللقب من باب أن المخاطب يدرك ذلك، فإذا كانت أما للمؤمنين فمن باب أولى أنها أم للمؤمنات.

ووصفهن بهذا اللقب المقصود منه أنه كما يحرم على الإنسان أن يتزوج بأمه فإنه يحرم على المؤمنين التزوج بزوجات رسول الله ﷺ بعد وفاته كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا [الأحزاب: 53]

(أُمِّ عَبْدِ اللهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ) وتكنيتها بأم عبد الله ليس معناه أنها كان لها ولد اسمه عبد الله والبعض يذكر أنها كان لها سقط نزل ولم يكتمل الحمل فيه، وسموه بعبد الله… ، وهذا هذا لم يرد من دليل صحيح، لكن كما هي عادة العرب يكنون ببعض الكنى وإن لم يكن للمكني ابن بهذا الاسم كأبي بكر ليس من أبنائه أحد اسمه بكر، لكنه تكنى بها، ونفس الحال كأبي هريرة رضوان الله عليهم أجمعين.

فكنيتها أم عبد الله تكريما لها، وقيل إن هذا فيه تكنية باسم ابن أختها أسماء بنت أبي بكر: عبد الله بن الزبير بن العوام، وكانت تحبه وتقربه ، وقيل تكنت بها لأن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن.

(مَنْ أَحْدَثَ فِيْ أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) من أحدث في أمرنا هذا، لفظة (من) أداة شرط، من فعل كذا فالأمر كذا ، كما قال تعالى : ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة: 7]

ومن عجائب لفظة (من) أنها تصلح للمذكر والمؤنث وللمفرد والمثنى والجمع ، فتقول جاءني من أكرمته ومن أكرمتها ومن أكرمتهما ومن أكرمتهم ومن أكرمتهن،

ولذلك (فمن يعمل مثقال ذرة) لا تحتمل شخصا إنما تحتمل كل من يعمل، ونفس الكلام (من أحدث في أمرنا) لا تحتمل شخصا واحدا إنما تحتمل كل من أحدث في الدين ما ليس منه.

(أحدث) بمعنى أوجد شيئا لم يكن، ولذلك نقول هذا حادث، أمر لم يحدث من قبل، ومنه كلمة الحديث، لأنه كلام قيل الآن، وليس قديما.

 ( في أمرنا ) ما المقصود بالأمر هنا؟ الأمر هو الإسلام ، والنسبة هنا إلى رسول الله ولجماعة المسلمين تفيد أنه أمر مستحدث في الدين، أما الأمر المستحدث في الدنيا فلا علاقة له بهذا الحكم، كما سنفصل إن شاء الله.

(ما ليس منه) ما لم يشرعه الله ولا رسوله، أي أحدث شيئا ليس في دين الله .

 (فهو رد) مردود عليه، وإن صدر منه تقربا إلى الله عز وجل لأنه أحدثه وليس من الدين فلا أجر ولا ثواب له فيه، فهو مبتدع.

  ما الفرق بين الرواية في الصحيحين : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد) والحديث الثاني في رواية مسلم (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)؟

قال العلماء إن (من أحدث) تفيد من أنشأ البدعة، وأحدثها.

 أما الحديث في رواية مسلم فمعناها من تابعه عليها، فكلاهما مردود عليهما العمل.

 يقول ابن رجب رحمة الله عليه: (وهذا الحديث أصلٌ عظيمٌ من أُصول الإِسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث: “الأعمال بالنيَّات” ميزان للأعمال في باطِنها، فكما أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كلُّ عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكلُّ مَنْ أحدثَ في الدِّين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس مِنَ الدِّين في شيء.[2]

إذن فالأصل أن تعبد الله وحده لا شريك له، لا رياء ولا نفاق ، ولا شرك مخلصا لله، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: 5]

وتعبد الله كما شرع الله لا كما تهوى ولا كما يرى فلان، الدين ليس أهواء، الدين اتباع، ألا نعبد إلا الله وأن نعبد الله بما شرع الله.

 فالعمل الذي تعمله الظاهر أمامنا هل موافق للشرع أم مخالف للشرع؟

 فهذا الحديث يضبطه، والحديث الثاني بضبط الباطن، إنما الأعمال بالنيات، هل عملك لله ولا للرياء والسمعة؟

ما هي السنة وما هي البدعة؟

السنة هي الطريقة المسلوكة المحمودة وفي الإطلاق يغلب إطلاقها على سنة رسول الله صلى الله عليه وهي : ما نقل إلينا عنه ﷺ من كل قول أو فعل أو تقرير أو صفة من الصفات.

والسنة يقابلها البدعة وهي: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه . [3]

الإسلام دين الوسطية ، والله تعالى قال: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] مثال: لو معنا عصا فالوسط هو الدين، من جنح إلى أقصى اليمين اسمه غلو، ولذلك في تعبير الإعلاميين يقولون: اليمين المتطرف، ومن حاد عن الوسط إلى أقصى اليسار ففعله يسمى تفريط ، والوسط في كل شيء محمود، لأن الوسط هو الاتباع، أما الغلو فهو الابتداع.

 ما الفرق بين الاثنين؟

 المغالي في الدين هو الذي شدد في الأحكام وفي الاحتياط وفي الورع وافترض ما لم يفترض وشرع ما لم يشرع وحرم ما أحله الله، حجته أنه بذلك يتمسك بالدين أكثر، وطبعا هذا ليس عن علم وإنما عن جهل، فهذا الذي غالى وتشدد فرط وضيع، وهذا ما نهانا النبي عنه وحذرنا منه فقال: (إيّاكم والغلوّ في الدِّين، فإنما أهلكَ من كان قبلكم الغلوّ في الدين)[4]

وقال: (هلك المتنطعون، قالها ثلاثا) [5]

  على النقيض من فرط وضيع وأصبح عنده تفريط وتضييع لأوامر الدين، فكلا الأمرين غير مقبولين، أو غير محمودين، الوسطية هي التي فيها الخير.

المحدثات المنهي عنها في الدين وليس الدنيا:

المعنى اللغوي للبدعة: كل شيء حادث أو جديد فهو شيء مبتدع، وكثير من الأشياء حولنا في هذه الدنيا من المحدثات،  وهي من المباحات فلا يتعبد لله عز وجل باستعمالها أو تركها.

  فلا يأتي أحد ويقول :أنا سأركب الناقة والحصان والحمار كما ركبها رسول الله ﷺ، هذا ليس فيه اقتداء، لأن هذه أمور دنيوية مباحة، والإمام مالك إمام دار الهجرة رحمة الله عليه، كان من أدبه أنه كان لا يركب أي دابة في المدينة، يقول أنا لا أركب دابة تطأ بحافرها على تربة وارت جسد رسول الله ﷺ، هذا أدبه، رحمة الله عليه، لكنه ليس فيه سنة، ولو كان فيه سنة لفعلها من هو خير منه أبو بكر وعمر والصحابة الكرام الكبار، وما زال الناس  يركبون و لكن هذا أدب رآه الإمام مالكا رحمة الله عليه ، ولم يفعله أحد من العلماء المعاصرين له ولا من أتى بعده.

 فليس من التدين ترك ركوب السيارة لأن النبي لم يركبها ،وليس من التدين ترك الأكل بالملعقة لأن النبي لم يأكل بالملعقة، أو ترك الأكل على السفرة أو ما شابه ذلك من هذه الأمور الدنيوية، هذه أمور تتطور بتطور عادات الناس وأعرافهم، ووفقا للوسائل والمقاصد وتغير الزمان والمكان.

ولذلك وضع العلماء قاعدة ألا وهي :

الابتداع في الدنيا، والاتباع في الدين

نعمل فنبدع، ونتقدم في كافة المجالات الصناعية وغيرها، ويكون عندنا علماء وطلبة مبدعين ، وجامعات ومراكز بحثية، وهذا من أهم مميزات الحضارة الإسلامية ، فقد كان المسلمون مبدعين في شتى التخصصات، وكان الملوك والأمراء والأغنياء والوجهاء في أوروبا في عصور الظلام، يرسلون بأبنائهم ليتلقوا العلم من علماء المسلمين، وكان النبلاء في أوروبا إذا جلس أحدهم يفتخر أن عنده معرفة ببعض الكلمات العربية .

تطور الوسائل:

هناك أمر مهم يجب فهمه في موضوع البدعة وهو ما سماه الفقهاء: الوسائل والمقاصد. مثلا:

 إذا أردت الأذان وأن يسمع صوتك أكبر عدد من الناس مذكرا لهم بوقت الصلاة؛ ما هي الوسيلة لذلك؟

 الوسيلة بدأت بالمئذنة، والمئذنة ليست سنة،  ولم يكن المسجد النبوي له مئذنة ، لكنها أحدثت فيما بعد لأن بلالا رضي الله عنه كان إذا أراد أن يؤذن ارتقى سطح منزل، ويؤذن حتى يبلغ صوته أعلى مدى، ثم بعد ذلك كان اختراع المئذنة وصارت المئذنة من علامات العمارة الإسلامية، وسمة معروفة، فيؤذن المؤذن، ويسمع صوته لأهل المدينة كلها أو لأهل الحي كلهم، ثم تطورت الوسيلة بظهور مكبرات الصوت، الميكروفونات .

نفس الكلام في المنبر، بعض الناس يقول : السنة ثلاث درجات في المنبر، فإذا زاد عن ثلاث فهو خلاف منبر رسول الله، فهذا بدعة!! وهذا عدم فهم صحيح للمقصد الشرعي من المنبر، كلمة نبر ارتفع، ومنه النبر في التجويد، وهو ارتفاع الصوت عند النطق بحرف، فسبب المنبر أن يكون الخطيب ظاهرا لجميع الناس الذين ينظرون إليه، لا يضر إن كان درجة أو درجتين، أو منصة ، فهذا ليس مقصودا لذاته، المقصود أن كل من في المسجد يستطيع أن ينظر للخطيب فإذا رآه وسمع صوته كان ذلك أبلغ في العظة والتذكرة.

فهذه وسائل لها أحكام المقاصد، المقصد أو الغاية مشروعة وهي تبليغ الآذان، فمن هنا تنوعت الوسائل، فالوسائل ليست توقيفية لا يجوز تغييرها إنما هي تتغير بتغير الزمان والمكان.

طباعة المصحف الشريف:

مثال آخر حتى نفهم معنى كلمة البدعة في زمن النبي ﷺ كان القرآن يكتب في  الأوراق ، والأوراق كانت نادرة بل كانت معدومة، فكانوا يكتبون على جلود الحيوانات ويكتبون على عسف النخيل (جريد النخل ) ويكتبون على العظام العريضة الرقيقة يسمونها اللخاف، هذه وسائل الكتابة، مع تطور وسائل الطباعة والكتابة صار عندنا المصحف الورقي ثم الالكتروني الآن وأصبح القرآن تطبيقا على الهاتف أو على الأجهزة الذكية فيه جميع القراءات وفيه أصوات القراء وفيه تكرار الآية، وفيه تفسير الآية، وفيه ترجمة معاني الآيات ، فهل يتعبد لله بأن نقرأ القرآن مكتوبا على جلد أو عظم أو لوح خشب أبدا هذا غير مطلوب.

وبعض المصلين قال لي: لو تكلم الإخوة، لأنهم هجروا المصاحف في المسجد ويقرأون القرآن من الهواتف ، فقلت له هذا قرآن وهذا قرآن، سواء كان المصحف ورقيا أو كان المصحف إلكترونيا، هو كلام الله عز وجل الذي هنا كلام الله والذي في المصحف هو كلام الله، كونك أنت تستريح لهذا أو ذاك هذه مسألة شخصية، فهذا من باب تطور الوسائل، لكن الأصل الذي نتعبد به لله تلاوة القرآن وحفظ القرآن ومدارسة القرآن إلى آخره.

وأرجو أن تكون هذه المفاهيم واضحة، لأن بعض الناس عند تطور الوسائل يجمد، وأي تطور في الوسيلة يسميه بدعة، لا هذا غير صحيح، الوسيلة متغيرة.

البدعة المحرمة إحداث شيء ليس له أصل في الدين.

من أحدث شيئا ليس له أصل في الدين:

 المقصود بالبدعة المحرمة من أحدث شيئا ليس له أصل في الدين، أما من أحدث شيئا له أصل في الدين فهذا لا يعتبر بدعة، مثلا لو قلنا : إن شاء الله عز وجل سنقوم بدرس في أحكام التجويد كل يوم بعد صلاة العشاء، هل هذه بدعة هذه ليست بدعة، لأنها تندرج تحت الأصل العام وهو مدارسة القرآن، وتعلم القرآن وأحكام القرآن، والقراءة الصحيحة للقرآن، ولا نعتقد أن ليوم الجمعة مساء بعد العشاء له مزية عن غيره، أو له فضيلة عن غيره، وكذلك الدروس يومي السبت والأحد لأنهما يومي إجازة نهاية الأسبوع، هل في تخصيص يومي السبت والأحد بالدروس فيه بدعة؟

كلا ليس فيه بدعة، لأنه يندرج تحت الأصل العام للشريعة من تعلم العلم والفقه في الدين والشريعة.

هل ختم القرآن الكريم في رمضان في صلاة التراويح والتهجد هل فيه سنة؟

ليس فيه سنة تتبع، ولم يرد عن الرسول ﷺ أنه ختم القرآن في صلاة التراويح والتهجد في رمضان، الوارد أنه كان يكثر من تلاوة القرآن، وكان جبريل يعارضه القرآن، لكن هذا يندرج تحت الأصل العام وهو استحباب تلاوة القرآن خاصة في رمضان، فختم القرآن ليلة السابع والعشرين أو ليلة التاسع والعشرين هذا من العمل الصالح الذي توافقت عليه الأمة.

 كسوة الكعبة وغسل الكعبة مرتين:

  هل ورد فيها شيء عن رسول الله ﷺ ؟ كلا لم يرد عن الرسول ﷺ فيها شيئا، لكنها تندرج تحت الأصل العام في قوله تعالى : ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]

جمع القرآن في مصحف واحد:

ومثل هذا جمع القرآن في مصحف واحد لما كثر القتل في القراء، وأشار عمر على أبي بكر بهذا الأمر، وخاف أبو بكر، وقال كيف أفعل ما لم يفعله رسول الله؟

 فما زال به حتى اقتنع ووافق فجمع القرآن لأول مرة في مصحف واحد.

وعثمان رضي الله عنه لما اختلف الصحابة والتابعون على قراءة القرآن لأن القرآن نزل أولا على سبعة أحرف، فقيدهم بحرف قريش، وأمسك ببقية المصاحف فأحرقها،  لأنه رأى أن هذا بابا سيفتح فتنة وشرا على المسلمين، والأحرف السبعة غير القراءات السبعة المعروفة المتواترة لكن الأحرف السبعة لم يرد عندنا تفصيل في معناها لكن مما ذكره الإمام القرطبي أنهم  كان  ينطقون كلمة التابوت : التابوت والتابوه فهذا مما وسع الله على عباده في أول الأمر، والنبي صلى الله اقرأ أصحابه بهذه الكيفية، وفي عهد عثمان قالوا بأي لسان نكتبها التابوه أم التابوت؟ قال: اكتبوها بلسان قريش فكتبوها التابوت، قال تعالى : ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة: 248]

فهذا الفعل من عثمان رضي الله عنه يندرج تحت الفهم الوارد عن الكتاب والسنة صيانة وحفظا للشريعة.

صلاة التراويح في جماعة:

لما دخل عمر المسجد فوجد الناس يصلون أوزاعا متفرقين كل مجموعة معها أمام يصلي التراويح، فقال:  إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل… فجمعهم على أُبيّ بن كعب.[6]

ما الذي منع رسول الله من ذلك؟

منعه أنه خاف أن تفرض عليهم، وقد انقطع الوحي بوفاة الرسول ﷺ.

 فجمع عمر الصحابة على أبي بن كعب، فكان إمام الرجال، وكان إمام النساء خباب رضي الله عنهم أجمعون.

 فلما رأى الناس يصلون ماذا قال عمر؟ قال نعمت البدعة هذه!!

وهذا الفعل ليس بدعة بمعناه الشرعي أبدا، هذا الفعل بدعة بمعناه اللغوي،  أنه استحدث هذه الطريقة لجمع مسلمين على إمام واحد.

لكن هل لهذه الفعلة أصل في الشريعة؟

نعم لها أصل وهو أن رسول الله صلى واقتدى الناس بصلاته، لأن الشيعة يقولون إن صلاة التراويح من اختراع عمر، ولذا فإن الشيعة لا يصلون التراويح في رمضان.

عدد ركعات التراويح:

الرسول ﷺ كان يصلي قيام الليل في رمضان أحد عشر ركعة.[7]

وفي عهد عمر صلوا عشرين ركعة وكانوا يوترون بثلاث.  [8]

فهم فهموا أن قيام الليل ليس له عدد، فقالوا بدلا من إطالة القراءة نقصر القراءة ونزود الركعات، ففهم الصحابة أن قيام الليل بابه مفتوح فكانوا يصلون بثلاث وعشرين ركعة.

 وأهل المدينة في عهد عمر بن عبد العزيز لما كان أمير المدينة،  قالوا إن أهل مكة بين كل أربع ركعات يطوفون بالبيت سبعة أشواط، فنحن نبدل كل طواف بأربع ركعات، فكانوا يصلون تسعا وثلاثين ركعة، ويوترون بثلاث[9].

 والظاهر أن الليل كان بالشتاء ، كمْ ركعة صلوا ؟ واحد وأربعون ركعة.

فعل الصحابة هذا يبرهن على بطلان من قال إن الزيادة على أحد عشر ركعة بدعة، أنت بذلك ترمي عمر، وصحابة رسول الله والتابعين وتابعيهم، بأنهم كانوا مبتدعة، والحرم المكي إلى الآن لا زالوا يصلون ثلاث وعشرين ركعة في رمضان.

الاختلاف في الأمور الفرعية الفقهية ليس بدعة :

مثلا في مذهب الإمام الشافعي الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم مع الفاتحة، بقية المذاهب منهم من يرى الإسرار، ومنهم من يرى الترك، المذهب المالكي يقول: لا يجهر بها إلا في التطوع، وفي الفريضة قالوا لا حتى لا يعتقد أنها آية من الفاتحة، لأن الإمام مالك مذهبه أنها ليست أية من الفاتحة.

لو أن رجلا كان على مذهب الإمام أحمد أنه يسر بها، فإذا سمع الإمام يجهر بها يقول هذا مبتدع، فهذا خطأ كبير، فلا يقال فيما اختلف فيه بدعة.

وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: ( صليتُ خلف رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بـ الحمد لله رب العالمين) [10]

وحديث (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي) [11] ولم يقل:  (بسم الله الرحمن الرحيم)

الإمام الشافعي يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وقال: إن معنى الحديث ( صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد ) قال إن هذا اسم لسورة الفاتحة،  لأن رسول الله وصحابته كانوا يسمون السور بأوائلها أو بفواتحها، فيقال سورة الحمد لله رب العالمين، سورة هل أتى على الإنسان ، قل هو الله أحد … وهكذا ، فكانوا يسمون السور بأوائلها، وليس المقصود أنه كان يفتتح بقوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين)

حديث أن الرسول ﷺ (كان إذا فرغ من الدعاء مسح وجهه بيديه، رجاء بركتها)[12] هذا الحديث ورد بسند ضعيف، فالبعض يرى أن هذا من بدع الدعاء، لكن بعض العلماء استحبه من باب العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، فلا يقال عمن مسح وجهه بيديه إنه مبتدع.

 الصحابي إمام مسجد قباء:

وكان إمام مسجد قباء كلثوم بن الهدم -رضي الله عنه- إذا قرأ الفاتحة افتتح بسورة قل هو الله أحد، ثم يفتتح القراءة بسورة أخرى، والقصة رواها أنس بن مالك رضي الله عنه :أن رجلًا من الأنصار كان يؤمهم في مسجد قباء، فكان إذا افتتح سورة يقرأ لهم بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، فكره ذلك أصحابه، وقالوا:
إنك تقرأ بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى؟ إما أن تقرأ بها وحدها، وإما أن تدعها وتقرأ بسورة أخرى.

فلما أبى وتمادى، واعتبره الناس من أقرئهم، رفعوا أمره للنبي ﷺ، فقال لهم رسول الله ﷺ:سلوه: ما يحمله على ذلك؟

فقال الرجل:إني أحبها، لأنها صفة الرحمن.

فقال النبي ﷺ:أخبرُوه أن الله يُحبه. [13]

ما المستنبط من هذا الحديث؟

أن هذا الصحابي فعل ما لم يكن رسول الله يفعله، لكن هل رد رسول الله فعل الرجل؟ كلا، بل أقره وأخبره أن حبه لسورة قل هو الله أحد سبب من أسباب دخوله للجنة، طيب لماذا تركه النبي وأقره؟ لأن هذا يندرج تحت الأصل العام وهو:

 ﴿ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: 20]

ولو أن رجلا يحب سورة من القرآن، كسورة يس أو الرحمن، أو تبارك، فيقرأ بها كثيرا، لا بأس، لكن ليس معنى هذا أنه يهجر القرآن كله.

قصة بلال عندما سمع الرسول دف عليه بين يديه في الجنة:

في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله ﷺ قال لبلال عند صلاة الفجر: يا بلال حدثني بأرجي عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال ما عملت عملًا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي. )[14]

وهذه هي سنة الوضوء، وقد وافقه النبي عليها.

وخُبيب بن عدي رضي الله عنه لما أراد المشركون قتله قال لهم: دعوني أُصلّي ركعتين، فتركوه، فصلى ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولْتُهما.
ثم قال أبو هريرة رضي الله عنه:فكان خُبيب هو أول من سنّ ركعتين عند القتل.[15]

وهذا كله يندرج تحت الأصل العام وهو استحباب التطوع واستحباب صلاة النفل ما لم يكن الوقت وقت كراهة.

الإنكار فيما يخالف الدين:

1- لما رأى النبي زوجته جويرية تصوم يوم الجمعة، منفردا ماذا قال لها ؟ قال لها أصمت أمس؟ هل صمت الخميس قالت لا، قال: تصومين غدا؟ قالت لا، قال إذن فأفطري.[16]

فرغم أن الصيام مستحب، وصيام التطوع من أحب القربات إلى الله، لكنه نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم، فنهاها، ولم يشجعها.

2- في صحيح البخاري: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي ﷺ، يسألون عن عبادة النبي ﷺ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي ﷺ؟! قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله ﷺ إليهم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.[17]

فسمى غلوهم رغبة عن السنة ونهاهم عنه ﷺ.

3 -النعمان بن بشير جاء أبوه إلى النبي ﷺ فقال له إني نحلت ابني هذا غلاما فقال له أكل ولدك له نحلة مثل هذا قال لا قال فاردده [ وفي رواية ] ألكل ولدك نحلة مثل هذا قال لا قال أتحب أن يكون الكل في البر سواء قال نعم قال فسو بينهم في العطية وفي رواية أشهد على هذا غيري وفي رواية إني لا أشهد على جور.)[18]

فلم يرض النبي ﷺ، أن يخص ولد من الأولاد بالعطية دون بقية إخوته.

4-  لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي ﷺ قال ما هذا يا معاذ قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك فقال رسول الله ﷺ فلا تفعلوا فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.[19]

5 أبو بكرة -رضي الله عنه- دخل المسجد والنبي ﷺ راكع فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلّم النبي ﷺ قال له: ( زادك الله حرصا ولا تعد)[20]

6– تقول الربيع بنت معوذ رضي الله عنها:دخل عليّ رسول الله ﷺ صبيحة عرسي، وعندي جاريتان تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بدر، فذكرتا قولًا فيه: (وفينا نبي يعلم ما في غد)، فقال رسول الله ﷺ: (أما هذا فلا تقولاه، ما يعلم ما في غد إلا الله)[21]

إذن ما يندرج تحت الأصل العام في الشريعة، لا نقول عليه بدعة، وما ورد فيه اختلاف فقهي ويحتمله الدليل لا نستطيع أن نقول عنه بدعة، أما ما خالف الشريعة وكان مستحدثا في الدين بنية القربة إلى الله أو فيه غلو أو فيه تشريع أو فيه تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فهذا نقول عنه هذا بدعة.

البدعة الحسنة والبدعة السيئة :

هذا التقسيم عند العلماء يغلب عليه المعنى اللغوي للبدعة، فلو قلت طباعة المصاحف مع وضع علامات للتفسير أو للقراءات، هذا شيء مبتدع، لا أقصد به مبتدعا حراما، إنما أعنى أنه شيء مستحدث، تطبيق آية وهو تطبيق مشهور جدا فيه تلاوة للقرآن بمختلف الأصوات وجميع القراءات وترجمة لمعاني القرآن وتفسير، وتضع أصبعك على الآية فيأتيك بعشرين تفسير، فيمكن أن نقول هذا شيء مبتدع أو بدعة حسنة ، أنا أقصد أنه شيء فيه إبداع وفيه معنى نعمت البدعة كما قال سيدنا عمر.

مكبر الصوت هذا، ممكن نقول عليه نعمت البدعة هذه بدعة حسنة لأنه – سبحان الله هذه الأمور تسهل العبادة، أمور لتسهيل العبادة، وليس المقصود أنها بدعة بالمعنى الشرعي. 

فالبدعة الحسنة بمعناها اللغوي ما كان شيء فيه إعانة على طاعة الله عز وجل، وبعض العلماء توسع وقال البدعة فيها الأحكام الخمسة: فعندنا بدعة واجبة وبدعة مستحبة وبدعة مكروهة وبدع مباحة وبدعة محرمة ، وكل هذا يصب في المعنى اللغوي للبدعة، لكن المعنى المحرم الذي أتفق العلماء على تحريمه هو بدعة استحداث شيء في الدين يخالف الشريعة أو يحرم ما أحل الله أو يحل ما حرم الله.

حديث (من سن في الإسلام سنة حسنة):

معناه الاتباع في الدين وليس معناه الابتداع في الدين، والمقصود به من أحيا سنة ماتت، سن في الإسلام سنة حسنة أحيا سنة ماتت، كمن يعلم الناس الأذكار بعد الصلاة، قال يا جماعة الخير الرسول علمنا بعد الصلاة نستغفر الله ثلاثا ونقول اللهم أنت السلام ومنك السلام وقراءة آية الكرسي والتسبيح كذا وكذا وبدأ يعلم الناس فأحيا الله به سنة فهذا سن سنة حسنة إما بفعله وإما بتذكيره للناس.

الناس تغفل عن صيام الثلاثة البيض، فيذكر الناس وتبعث رسالة غدا بداية الأيام البيض، فيحيي الله تعالى به سنة.

سنة الأضحية، عندنا في مصر كان الناس يعظمون شيخا في بلد اسمها طنطا اسمه السيد البدوي، فتعلف البهيمة طوال العام ثم تذبح في المولد ، ولا يعرف الناس الأضحية، تجار البهائم لما كان أحدهم يبيع بهيمة يقول لك : هذا عجل ولا عجل السيد كان يقصد السيد البدوي ، فهجر الناس السنة و وقاموا بعمل البدعة، فلما يجيء واحد يحيي السنة ويعلم الناس أن الذبح لغير الله لا يجوز وأنه ليس هناك مكان للذبح ولا زمان إلا ما حدده الشرع بالأضحية، فهذا سن في الإسلام سنة حسنة .

البدعة الحقيقية :

هي التي لا دليل عليها من الأصل، مثلا واحد قال لك نحن نصلي في ليلة النصف من شعبان ست ركعات، ركعتين بنية سعة الرزق، وركعتين بنية الشفاء من المرض، وركعتين بنية حسن الخاتمة أو الغنى، وصلاة أخرى مئة ركعة يسمونها صلاة الرغائب برجب هذه ليس فيها سنة تتبع.

البدعة الإضافية:

هي التي يكون الدليل عليها من جهة الأصل موجودا، أما البدعة فتكون في الكيفية، مثل قول الرسول: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن ثم صلوا علي) فهذه سنة فالمؤذن يقول لا إله إلا الله وينتهي أذانه، والسامع ينتهي من لا إله إلا الله ويقول: اللهم صلِّ على محمد وعلي أل محمد، فيقوم بعض المؤذنين بالزيادة في الأذان فيقول: الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله، يا حبيب الله يا جد الحسنين، يا كحيل العينين…

 فالأصل استحباب الصلاة على النبي بعد الأذان للمؤذن والسامع، لكن الكيفية فيها ابتداع.

 تقسيم البدعة إلى البدعة العادية والبدعة التعبدية :

 البدعة العادية هي المباحة في أمور الدنيا، هذا الابتداع في الدنيا ، والبدعة التعبدية المتعلقة بالعبادة.

البدعة الفعلية والبدعة التركية:

البدعة الفعلية: فعل ما لم يشرع في الدين تقربا إلى الله، مثل الرهبانية، قال تعالى عن النصارى: ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا [الحديد: 27] ،فالراهب لا يتزوج ولا يتملك ولا يعيش حياة طيبة وإنما يعيش حياة خشنة، وهذا كله من اختراعهم لم يشرعه الله ولم يأذن لهم به فابتدعوه واخترعوه وأسسوه على أنه دين يتعبدون لله تعالى به.

 ومن البدع من ينقطع عن الزواج، ويرى أن ذلك تقربا إلى الله، وفي الحديث : ( فمن رغب عن سنته فليس مني).[22]

فالبدعة الفعلية: أن يفعل شيئا تقربا إلى الله وهو بدعة ليس له أصل في الدين.

والبدعة التركية:  أن يترك شيء مما شرعه الله على أساس أن تركه قربة إلى الله، مثل من يحرم على نفسه أكل شيء، فيحرم على نفسه اللحم ، يقول: أنا زهدا في الدنيا لا آكل اللحم، فهذه بدعة تركية.

الخلاصة في هذا الحديث:

الرسول ﷺ يقول إن من استحدث شيئا في الدين لم يكن في دين الله عز ولا يندرج تحت أصل عام في الشريعة، بل هو فيه إضافة للدين، فهذا مردود عليه، كمن صلى العشاء خمس ركعات تماما كمن صلى العشاء ثلاث ركعات، الاثنان صلاتهما باطلة، إنما نصلي العشاء أربع ركعات، لا تزيد ولا تنقص.

حرم الله صيام يوم1 شوال أو 30 شعبان ، حتى لا تكون هناك زيادة في صيام الفريضة رمضان.

لو أن رجلا أراد أن يصلي وهو قائم على رجل واحدة ؟ نقول له: هذا من المبتدعات.

 هل من العبادة أن رجلا لا ينام على الفراش وينام على الحجارة والحصى ؟ هذا من المبتدعات.

هل من العبادة أن رجلا في الشتاء يتوضأ بماء بارد شديد البرودة ؟ فهذا من البدع التي لم يقل بها رسول الله ﷺ.

 

فوائد الحديث:

  1. يجب أن تكون الأعمال الظاهرة موافقة للشرع.
  2. الشعائر التعبدية إذا كانت على خلاف الشرع فإنها مردودة على صاحبها غير معتبرة، وهو مع ذلك آثم.
  3. لا يدخل تحت حكم هذا الحديث ما كان من المصالح التي حفظها الدين كجمع القرآن في المصاحف، وتدوين علوم اللغة والنحو، وغير ذلك مما لم يفعله النبي ﷺ؛ لأن تلك الأعمال مما يتفق مع أصول الدين.
  4. النية الحسنة لا تصلح العمل الفاسد.
  5. العمل الصالح المقبول إذا أُتي به بطريقة تخالف الشرع لا يقبل من صاحبه.
  6. العبرة في قبول ظاهر العمل موافقته للشرع كما أن العبرة في قبول باطن العمل إخلاص النية أما الاعتماد على مجرد حسن النية والمحبة مع عدم مراعاة موافقة العمل للشرع فهو باطل ومردود.
  7. تجري البدعة في الأمور التعبدية التي يتقرب بها إلى الله ، أما العادات التي لا تشوبها عبادة والأمور الدنيوية فلا مدخل لها في باب البدعة ولذلك يجوز الانتفاع في كل ما يحقق مصلحة دينية أو دنيوية من الصناعات ، والأصل في العبادات الحظر إلا ما دل الشرع على فعله والأصل في العادات الحل إلا ما دل الشرع على منعه .
  8. هناك فرق ظاهر بين البدعة والمصلحة المرسلة ، فالبدعة تكون في الأمور التعبدية ويقصد بها التقرب إلى الله وليس لها أصل في الشرع لا في جنسها ولا في عينها ، أما المصلحة المرسلة فتكون في الوسائل ولا يقصد التعبد بها وقد دل الشرع على اعتبار جنسها وليس فيها مخالفة للشرع ومنافاة لمقاصده كاتخاذ عمر رضي الله عنه الديوان وجمع عثمان رضي الله عنه القرآن وبناء المسلمين المدارس والأربطة ونحو ذلك مما ظهرت مصلحته ودعت الحاجة إليه ولم يقم مقتضاه في زمن النبي ﷺ ولم يكن يقصد به التعبد .
  9. جنس البدعة أشد من جنس المعصية لأن العاصي يعمل الذنب لشهوة من غير اعتقاد وهو في قرارة نفسه يعلم أنه مخالف للشرع ودائما يحدث نفسه بالتوبة ، أما المبتدع فيعمل البدعة عن اعتقاد أنها من الدين ويتقرب إلى الله بذلك ولا يزداد إلا إصرارا على بدعته كما قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا [فاطر: 8] وقال سفيان الثوري “البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن المعصية يتاب منها والبدع لا يتاب منها”

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه

وأن يرزقنا الفهم عن الله ورسوله

اللهم آمين


[1] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، حديث رقم 2697)، ومسلم في صحيحه (كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة وردّ محدثات الأمور، حديث رقم 1718)، وقال النووي: هذا حديث عظيم يعدّ أصلاً من أصول الإسلام في ردّ كل بدعة ومحدثة.

[2] «جامع العلوم والحكم» (1/ 176 ت الأرناؤوط)

[3] وهذا تعريف الإمام الشاطبي في الاعتصام ص 37

[4] أخرجه ابن ماجه في سننه (كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، حديث رقم 3029) ، وأحمد في المسند (حديث رقم 2803)، والنسائي في الكبرى (حديث رقم 3057) ) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه حديث رقم 3029).»)

[5] أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، حديث رقم 2670) ) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ،وقال النووي: المتنطعون هم المتعمِّقون المغالون المتشدّدون في الأقوال والأفعال.

[6] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، حديث رقم 2010 – من طريق عبد الرحمن بن عبد قال: خرجتُ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلةً في رمضان إلى المسجد… فجمع الناس على أُبيّ بن كعب، فلما خرج عليهم وهم يُصلّون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون (يريد آخر الليل)

[7] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب التهجد، باب قيام النبي ﷺ بالليل، حديث رقم (1147) ، ومسلم في صحيحه (كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي ﷺ، حديث رقم: (738) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت:
(ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلّي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلّي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلّي ثلاثًا.)  

[8] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف :كتاب الصلاة، باب ما اختار الناس من قيام رمضان، أثر رقم  (7762) بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد قال:كانوا يقومون في زمن عمر بن الخطاب في رمضان بعشرين ركعة)

[9] أخرجه مالك في الموطأ (كتاب صلاة الليل، باب ما جاء في قيام رمضان)، أثر رقم  ( 248 ) ونصّه :وبلغ مالكًا أن أهل المدينة كانوا يقومون في رمضان بتسعٍ وثلاثين ركعة، يوترون منها بثلاث، وذلك أن أهل مكة كانوا يطوفون بالبيت بين كل أربع ركعات، فجعل أهل المدينة مكان كل طواف أربع ركعات.

[10] أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة) حديث رقم 399))

[11] أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة) حديث رقم 395))

[12] أخرجه الترمذي في سننه )(كتاب الدعوات، حديث رقم  (3386) وقال:حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه،

 وفي سنده ضعف بسبب: سعيد بن بشير وحماد بن عيسى الجهني.

[13] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي ﷺ أمته إلى توحيد الله، حديث رقم (774)، وأخرجه مسلم في صحيحه(كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الإخلاص، حديث رقم 813)) وفي رواية الترمذي حديث رقم (2901) قال ﷺ: (حبّك إياها أدخلك الجنة)

[14] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الوضوء، باب فضل من بات على وضوء، حديث رقم  (1149):وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل بلال، حديث رقم 2458))

[15] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع، حديث رقم (3045)

[16] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، حديث رقم (1986) وأخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الصيام، باب النهي عن صوم يوم الجمعة مفردًا، حديث رقم 1143).)

[17] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، حديث رقم 5063) ) وفي موضع آخر (كتاب الصوم، باب حق الجسم في الصوم، حديث رقم 1979).)

[18] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الهبات، باب الهبة للولد، حديث رقم (2586) وأخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، حديث رقم (1623)، وفي رواياته: *«ألكلِّ ولدِك نحلةٌ مثلُ هذا؟» قال: لا، قال: فاردده وفي رواية: فأشهد على هذا غيري، وفي رواية: إني لا أشهد على جور.

[19] أخرجه ابن ماجه في سننه (كتاب النكاح، باب حق الزوج على المرأة، حديث رقم 1853) وأخرجه الترمذي في سننه (كتاب النكاح، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، حديث رقم (1159) وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أحمد في المسند (حديث رقم 21545) من حديث معاذ رضي الله عنه، وفيه قوله ﷺ:  (فلا تفعلوا، فإني لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها)

[20] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، حديث رقم 783) )

[21] أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب النكاح، باب ضرب الدف في العرس، حديث رقم (5147)

[22] سبق تخريجه.

 

Visited 58 times, 1 visit(s) today


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 16 أبريل, 2025 عدد الزوار : 14348 زائر

خواطر إيمانية

كتب الدكتور حسين عامر

جديد الموقع