شرح الأربعون النووية 4- مراحل خلق الإنسان

تاريخ الإضافة 3 فبراير, 2023 الزيارات : 636

شرح الأربعون النووية

4- مراحل خلق الإنسان

عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ: ” إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ، وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ، فَوَ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ” رواه البخاري ومسلم.

هذا الحديث من دلائل صدق النبي- صلى الله عليه وسلم- ودلائل نبوته لأن فيه إخبار عن الغيب، فالنبي حينما يخبر عن مراحل خلق الجنين في بطن أمه بهذه الدقة أربعين يوما نطفة، ثم أربعين يوما علقة، ثم أربعين يوما مضغة، ثم ينفخ فيه الروح، فهذا ولا شك وحي من الله- عز وجل-.

 (قال ابن مسعود حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق) الصادق في جميع ما ينطق به (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)[النجم 3،4] والمصدوق الذي صدقه الله وصدقه من سمعه من أهل الإيمان .

  وإخبار النبي- صلى الله عليه وسلم- عن هذه الدقة في مراحل خلق الجنين والتي عبر عنها القرآن في سورة المؤمنون وفي سورة الأنبياء وفي سورة غافر، ومثل ما ورد هنا في السنّة تحديد المدة الزمنية بأربعين يوما نطفة ثم أربعين يوما علقة ثم أربعين يوما مضغة، هذا كله إخبار عن غيب وإعجاز يخبر عنه رب العالمين في كتابه، ويفصله نبينا- صلى الله عليه وسلم- في سنته، وكله دليل على أن هذا الإسلام هو الدين الحق، فلم تكن البشرية زمن رسول الله يعرفون شيئا عن هذه التفاصيل الدقيقة، بل لم يهتد الأطباء لهذه التفاصيل إلا في القرن الثامن عشر، وهذا بالنسبة للتاريخ يعتبر وقت قريب جدا، ونحن بيننا وبين الرسول- صلى الله عليه وسلم- أربعة عشر قرنا من الزمان فهذا من دلائل صدقه ونبوته- صلى الله عليه وسلم-

ونتأمل هنا رحمة الله تعالى بالإنسان حينما خلقه في هذا الضعف الشديد، ثم يأذن الله تعالى بخروجه إلى الدنيا، ويقوى حينا فحين ؛ حتى يكون إنسانا سويا كامل الخلقة قادرا على أن يعتمد على نفسه، والله- سبحانه وتعالى- بقدرته يقدر أن يقول للشيء كن فيكون، لكن لماذا جعلها تسعة أشهر؟

جعلها تسعة أشهر رفقا بالأم التي تحمل هذا الجنين، وتستشعر حركته في أحشائها، يوما بعد يوم حتى يمر الحمل فتشعر بحركته وتشعر بآلامه (حملته كرها ووضعه كرها) فيتعلق قلبها به كثيرا، و- سبحان الله- العظيم من أسعد لحظات المرأة حينما ترى الذي كان في أحشائها أمام عينيها مولودا بقدرة الله- سبحانه وتعالى-

(إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً) كلمة نطفة من نطف يعني يصب به في الرحم، والمقصود به ماء الرجل الذي يصب به في رحم المرأة فيلتقي مع مائها وتلقح البويضة فيكون الحمل ويكون الجنين، وأصل كلمة النطفة في اللغة العربية تطلق على الصافي أو القليل، ونحن نسمع الإخوة اللبنانيين يقولون: ( نتفة) وهذا تحريف لكلمة نطفة، فنتفة صغيرة يعني شيء قليل .

(ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ) أربعين يوما أيضا، وسميت علقة لأنها تكون دم ثخين غير متجمد فيعلق بالرحم، عندنا أول سورة في القرآن سورة العلق، (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق)، فبعد أن تلقح البويضة من الحيوان المنوي من الرجل بعد أربعين يوما تتحول إلى دم ثخين يعني فيه سُمك أو غلظة لكنه غير متجمد- سبحان الله- العظيم ، وتعلق في الرحم سبحانك يا رب.

(ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ) بعد ثمانين يوما يكون  مضغة، تتحول العلقة إلى مضغة، وسميت مضغة ، وهذا تعبير دقيق عن شكل الجنين في هذه المرحلة،- سبحان الله- العظيم ، لأنه يشبه اللقمة الممضوغة ، وكأن عليها أثر أسنان ممضوغة – سبحان الله-

 (ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ، وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ) وهذا معناه أن الله وكل ملكا  بعد أربعة أشهر يبدأ نفخ الروح ويكون الجنين إنسانا سويا يعني نفخت فيه الروح، وتبدأ مراحل الاكتمال من الشهر الرابع إلى الشهر التاسع ليولد في اللحظة التي قدرها الله تعالى، قال تعالى: (وما تحمله من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) [فصلت 47]

حكم الإجهاض:

1- أول أربعين يوما هو عبارة عن نطفة، والنطفة ناتجة عن تلقيح الحيوان المنوي للبويضة، فيظل أربعين يوم نطفة، فكثير من الفقهاء يقولون إنه يجوز الإجهاض في هذه الفترة، وقالوا لأنه لم يتكون إنسان بعد، ولم يوجد فيه أصل الإنسان وهو الدم، فيجوز الإجهاض قياسا على العزل، والعزل طريقة لمنع الحمل قبل موانع الحمل الحديثة الموجودة، كان الرجل يجامع أهله، فإذا قارب الإنزال نزع فيجعل الإنزال خارج الرحم، هذه صورة كانت موجودة في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- ولم ينه عنها.

فالمرأة لو توالى عليها الحمل والإرضاع فحملت مرة أخرى فيكون ضعف فوق ضعف، أو عندها شيء في القلب أو سكر أو ارتفاع في الضغط أو انخفاض في الضغط …. الخ كل هذا أجاز العلماء فيه الإجهاض، أما إذا لم يكن شيئا من ذلك واستطاعت الأم أن تكمل الحمل فلا يجوز لها الإجهاض، طبعا ليس من ضمن الأسباب أن الأولاد عددهم زاد، أو عندنا بنات ونخاف أن الخامس يكون بنت كذلك، كلا هذا ليس من الأعذار.

 طيب لو حصل الإجهاض في هذه الفترة يكون معصية وفعل حرام لكن لا يرقى إلى درجة الكبيرة بمعنى لا يكون مثل قتل النفس، طبعا ليس المقصود هنا أننا نجرأ الناس على الإجهاض إنما نذكر الحكم الشرعي، فإذا حدث الإجهاض دون مسوغ طبي ودون أن يكون هناك أي داع لهذا الإجهاض فهو معصية ينبغي لفاعلها أن يتوب إلى الله- سبحانه وتعالى-.

2- إذا نفخ فيه الروح لا نقترب من الجنين بشكل من الأشكال، إلا في حالة واحدة وهي أن يؤكد عدد من الأطباء الثقات أن إكمال الحمل فيه إهلاك للأم، إكمال الحمل معناه وفاتها، أو عندها  في القلب مرض كذا عندها ورم عندها …الخ ، فمعنى إكمال الحمل يعني تموت، فالعلماء قالوا: يجوز في هذه الحالة الإجهاض لأن الحي أبقى من الميت، ونفس الحال إذا تأكد الأطباء أن حركة الجنين توقفت في الرحم وأنه مات فلا معنى لبقائه في رحمها فيحدث الإجهاض بهذا الشكل.

 هنا مسألة مهمة وهي أن التحاليل أو الأشعة أثبتت أن الجنين مشوه، وهذا يحصل غالبا في الشهر الخامس أو السادس الأطباء يقولون لك إن الجنين عنده توحد أو عنده تخلف عقلي …. قلبه الرئة … الخ

 قال العلماء: لا يجوز المساس بالجنين بعد أن نفخ فيه الروح، والأطباء وأقوالهم ظنية وليست يقينية.

 وأذكر أنه كان معنا أحد الإخوة من المصلين كان الجنين في الشهر الخامس ، وبعد الأشعة قالوا لزوجته إن ابنك برئة واحدة ولن يعيش إلا قليلا وسيموت فلا بد من الإجهاض، فقلت له يا أخي بدلا من قول طبيب استشر طبيبا واثنين، فإذا قال أغلب الأطباء: إن ممكن إكمال الحمل وأنه لن يحدث أي ضرر شديد على الأم، فأكمل الحمل وبأمر الله- سبحانه وتعالى- يغير الله من حال إلى حال، وطلع صدقة وعليك بالدعاء في قيام الليل وفي السجود، وإن شاء الله ربنا كريم.

والله قد جاءني بعدها وزوجته كانت في الشهر السابع بعدها بشهرين، وقال إنه لم يرجع إلى المستشفى وترك الأمر لله، كانت المفاجأة في الشهر السابع وجدوا أن الجنين مكتمل البنية والخلقة وما في أي مشاكل.

فيقول الأطباء: المخ غير مكتمل الرأس غير مكتمل، عنده تشوه في كذا، نقص في كذا كل هذه الأمور احتمالية وليست يقينية.

 ومعنا بعض الإخوة أيضا عنده ربنا يبارك ثلاثة أولاد، قال لي: أنا زوجتي من النوع الذي يصاب بسكر الحمل، والأطباء قالوا له في المولود الأول: إن الولد سيولد عنده السكر وهذا خطر وسيكون مريضا من صغره ويحتاج دائما إلى العلاج وإلى الرعاية وإلى العناية، ابنه الآن ما شاء الله عنده 19 سنة وأنا أعرفه معرفة شخصية، وعايش بصحة جيدة لا عنده سكر ولا عنده ملح ولا عنده أي حاجة خالص.

والعجيب أنهم قالوا نفس الكلام في ابنه الثاني، بل والثالث أيضا وكلهم بخير الآن وعافية.

وأنا لا أقصد التقليل من كلام الأطباء أو لا أحد يسمع للأطباء، لكن أقول إن كلامهم ظني وليس يقيني، وهم يحاولون تجنيب أنفسهم المسئولية القانونية فيفترضون أسوأ الاحتمالات، فالطبيب بشر يصيب ويخطئ، وفي ناس أعرفهم معرفة شخصية لما عملوا الأشعة قالوا له: مبارك -إن شاء الله- الزوجة حامل في ذكر، وبمرور الوقت يطلع بنت، والعكس تماما يحصل، فكل هذه اجتهادات، فأنا أقول لأي واحد -عافاكم الله جميعا- : لو حصل هذا الأمر استشر طبيبا واثنين وهذا حقك الشخصي والشرعي والقانوني، ولا تأخذ بقول طبيب واحد.

طيب خلاص تأكدنا أن الجنين مشوه وأنه فعلا سيكون عنده توحد عنده تخلف عقلي عنده نقص في جهاز كذا في عضو كذا، هذه إرادة الله، أنا لا دخل لي في ذلك هذا إرادة الله- عز وجل-، فربه الذي أذن بخلقه وولادته ووجوده في هذه الدنيا هو أعلم به- سبحانه وتعالى-.

إذن الخلاصة:

  1. في فترة الأربعين يوم الأولى في أخذ ورد بين العلماء ما بين الجواز والكراهة.
  2. بعد الأربعين يوم دخلت ليوم واحد وأربعين، علقة بعد الثمانين مضغة، فحرام نقترب من الجنين إلا إذا ثبت أن في تشوه في الجنين، وثبت أن في إكمال الحمل ضرر على صحة الأم أو مشقة بالغة أو أنها تشكو من مرض من الأمراض.
  3. نفخت فيه الروح لا نقترب من الجنين في أي حال من الأحوال حتى لو في تشوه، حتى لو قالوا إن عنده تخلف أو ما شابه ذلك لأنه نفس، نفخت فيها الروح الحالة الوحيدة إذا أفتى عدد من الأطباء الثقات أن في إتمام الحمل إهلاكا للأم، هذا الإهلاك يكون جهدا شديدا، أو إنها ربما تعيش على الأجهزة أو أنها ستفقد التنفس أو أن قلبها لا يقوى على إكمال الحمل، ففي هذه الحالة نقول الحي أبقى من الميت.
  4. إذا أسقطت المرأة بصورة طبيعية بقدر الله أسقطت الجنين قبل أربعة أشهر، فهذا لا يعتبر نفاسا، هذا خطأ تخطئ فيه كثير من النساء، يعني إذا أسقطت وهو نطفة أسقطت وهو علقة وهو مضغة ، فهذا لا يعتبر دم نفاس، إنما يعتبر دم استحاضة، لأن النفاس هو الدم الذي يخرج عقب خروج نفس، بعد الثمانين ربنا خلق مضغة مخلقة وغير مخلقة يعني بانت فيها آثار خلقة، فإذا أسقط الجنين بعد ثمانين يوما ما بين الثمانين لمئة وعشرين، فيه آثار الخلقة مكونة فهذا يعتبر نفاسا، يعتبر إنسان .
  5. إذا غير مخلقة لم تتبين فيها أي شكل من أشكال الخلق، ما زالت مضغة مثل ما قلنا مثل قطعة اللحم ، فنفس الكلام لا يعتبر نفاس وإنما هي استحاضة.
  6. كلمة استحاضة معناها: الدم الذي ليس بحيض ولا نفاس، المرأة فيه تصلي وتصوم وتباشر حياتها بطبيعتها غير أنها مع توالي نزول الدم ،وتتوضأ لكل صلاة لأنها من أصحاب الضرورات.
  7. إذا حدث وأسقط الجنين بعد أربعة أشهر يعني نفخ فيه الروح  تحت ظرف من الظروف، شاء الله تعالى ، ما حكمه؟ عند الحنابلة قالوا: إنه نفس، يسمى سواء ذكرا أو بنتا، ويغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.
  8. وماذا نقول في صلاة الجنازة؟ قالوا ندعو لوالديه، ورد في الأثر أن نقول: ( اللهم اجعله سلفا وفرطا وذخرا لوالديه) ويدفن لأنه نفس.
  9. أما ما قبل ذلك فلا شيء، يعني نطفة وعلقة ومضغة لأنه يعتبر أنه له حرمة الكائن الحي أنه محتاج دفنه أو ما شابه ذلك، وطبعا في بعض المستشفيات يأخذونها (النطفة والعلقة والمضغة ) لإجراء تجارب ، ما في مشكلة.
  10. لكن إذا كان جنينا ظهرت فيه الخلقة فلها حرمتها يدفن في مقابر المسلمين.

 قول النبي : (ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ)  وهذا كله بأمر الله- سبحانه وتعالى-، والروح سر من أسرار الله- عز وجل- أودعها الله فينا، قال تعالى : (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) [الإسراء: 85]

(وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ) وهذه الكتابة المقصود منها إظهار ما سبق في علم الله- عز وجل- كل واحد منا قبل أن يخلق الله الخلق مكتوبا عند الله في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- (إن الله كتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) فسبق في علم الله كل شيء فيظهر الملك ما سبق في علم الله في اللوح المحفوظ يكتب الرزق، رزقه وأجله ومتى سيموت وعمله، عمله الذي سيعمله، وهل هو من أهل الشقاء أم من أهل السعادة .

هنا في مسألة تعرضنا لها في الحديث الثاني حديث جبريل ( ويؤمن بالقدر خيره وشره) لكن نرجع ثانيا ونقول إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن هذا الأمر قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فيسيرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيسيرون لعمل أهل الشقاوة، وعلم الله سابق، وليس سائق، علم الله سابق من تمام علمه أن يعلم كل شيء، لكنه لم يجبر أحدا على فعل شيء، سبق في علم الله أن أبا لهب سيعيش كافرا ويموت كافر، وأنزل قرآنا يتلى ( تبت يدا أبي لهب وتب)، وأخبر أنه هو وامرأته  سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب، فهل أجبر أبو لهب على الكفر؟ ألم يكن بوسعه أن ينطق بالشهادتين؟

نعم كان بوسعه ذلك لكنه لم يفعلها، ومات على الكفر، فسبق في علم الله- عز وجل- أن أبا لهب سيعيش كافرا ويموت كافرا، لكن الله تعالى لم يجبر أبا لهب على الكفر.

والله تعالى تعبدنا بالأخذ بالأسباب، وكما قلنا في حديث جبريل إن ما أجبرت عليه لن تحاسب عليه، وما كان لك فيه اختيار فأنت محاسب ومجزي به، يعني أنا لن أحاسب على  اسمي، أو اسم عائلتي أو مكان ولادتي…. الخ.

فإذا سلبت منك القدرة والاختيار هنا يأتي قول الله  تعالى : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) [البقرة 286] أنا متعود الشرب بعد الوضوء، أول يوم في رمضان عند الظهر قمت لأتوضأ وشربت ؟ صيامك صحيح لماذا؟ لأنه لم يتعمد أن يأكل أو يشرب.

 واحد منعوه من الحركة وصبوا في فمه الماء رغما عنه،  ما حكم صيامه؟ صيامه صحيح.

واحد أكرهوه على طلاق زوجته، هل هي طالق؟ لا، زوجته كما هي .

واحد أجبروه على الكفر، مثل سيدنا عمار بن ياسر، الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال وكيف قلبك؟ قال مطمئن بالإيمان، قال إن عادوا لمثلها فعد، كما قال تعالى: (إلا من أكره قلبه مطمئن بالإيمان) فالشيء الذي أنت مكره عليه، الذي سلبت منك الإرادة فيه لن تجازى ولن تعاقب عليه، أما ما كان لك فيه اختيار فهنا يكون عليك (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) لها ما كسبت من خير وعليها ما اكتسبت من شر.

وسيدنا عمر لما وقع طاعون في الشام، وأراد أنه يرجع لم يدخل الشام لأن الطاعون مرض معد، فبعض الصحابة قالوا: أتفر من قدر الله؟ قال نفر من قدر الله إلى قدر الله.

قال فيلسوف الإسلام محمد إقبال: المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره والمؤمن القوي يعتقد أنه هو قضاء الله الذي لا يُرد، وقدره الذي لا يُغلب!

فيغير الله تعالى به، ويصلح الله تعالى به، ويحرك الله تعالى به خير كثيرا، ويمنع الله به شرا كثيرا.

 إنما المستكين والمستسلم فهو يقول: أقام العباد فيما أراد، ودع الملك للمالك ، ودع الخلق للخالق ، وخليل في حالك ، وعش نملة تأكل سكر، وامش تحت الحيط وجنب الحيط  إلى آخر هذه الكلمات السلبية.

ورحم الله الشيخ محمد الغزالي لما سأله أحد الشباب هل الإنسان مسير أم مخير؟ فقال أما الإنسان في الشرق فهو مسير، وأما في الغرب فإنه مخير، لأنهم علموا أن لهم عقولا فاستعملوها) الغربيون عرفوا أن عندهم عقل فاستعملوه، إنما نحن فقد عطلنا عقولنا.

قوله : (فَوَ الله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا )

الكتاب : اللوح المحفوظ .

 في رواية عند البخاري عن سهل ابن سعد- رضي الله عنه- فيها جملة سقطت من هذه الرواية قال: ( يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس) ، فيما يبدو للناس معناها أنه منافق مراء، مثل قصة سلمان الفارسي التي يحكي فيها قصة إسلامه يقول : (…. حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الأسقف في الكنيسة . قال فجئته فقلت : إني قد رغبت في هذا الدين ، وأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك ، قال : فادخل . فدخلت معه ، قال فكان رجل سوء ، يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه منها أشياء اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين ، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق ، قال وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه ، فقلت لهم : إن هذا كان رجل سوء ، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا . قالوا : وما علمك بذلك ؟ قال قلت : أنا أدلكم على كنزه . قالوا : فدلنا عليه . قال فأريتهم موضعه ، قال فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ، قال فلما رأوها قالوا : والله لا ندفنه أبدا . فصلبوه ثم رجموه بالحجارة…)

وكان في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- رجل اسمه قزمان في غزوة أحد، قزمان قتل أربعة من حملة اللواء، اللواء :هو راية الجيش ، فكان شجاعا، ولما ذكروا بأسه وقوته في القتال أمام رسول الله قال: هو في النار!!!

فلما سألوه وذكروا له ما كان من أمره، قال ما قاتلت إلا عن أحسابي يعني عن قبيلتي ، فما كان منه إلا أنه في الليل اشتدت عليه جراحه فركز الرمح في الأرض ثم نزل عليه بصدره، فقتل نفسه، فلما رآه الصحابة وقد انتحر قالوا: صدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم-

إذن فيما يبدو للناس فيما يظهر، الناس تقول إنه رجل صالح أنه كذا وفي ناس شياطين، يخدعون الناس من مظهرهم وبكلامهم وبطريقتهم ، فربنا تبارك وتعالى يفضحه بسوء خاتمته إلى غير ذلك، نسأل الله العفو والعافية.

إذن فيما يبدو للناس لأنه لا يعقل أن الله الكريم بكرمه واحد يمضي حياته كلها على طاعة وعلى استقامة ثم يأذن الله تعالى بعد ذلك بانقلاب حاله قبل وفاته مباشرة، ولذلك ابن كثير له عبارة احفظوها يقول: ( أمضى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه وأن من مات على شيء بعث عليه)

فحسن وسوء الخاتمة ناتج عن رجل عاش حياته عاصيا لله، أو ظاهره الصلاح وباطنه الفساد ، كما قال الله تعالى: ( وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَیُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِی قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ) [البقرة 204] شديد الخصومة والعداوة، فإذا تكلم يعجبك، ونرى هذا في بعضهم إذا تكلموا أثروا فيك قال الله وقال رسول الله وينفعل ويشتد وهكذا وجهه يحمر ثم بعد ذلك تجده سائر في ركاب الظالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله يصفق لهم ويبارك خطواتهم وأعمالهم وإنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا تتوقع من أمثال هؤلاء- سبحان الله- ولذلك ابتلى الله تعالى هؤلاء المرائين والمنافقين والعصاة ابتلاهم الله تعالى بسوء الخاتمة عند الوفاة بأن يقبضوا على سوء حال وعلي  سوء عمل، فيبين للناس  عدم صدقهم.

والعكس بالعكس لو أن واحدا أمضى حياته في طاعة الله- عز وجل- فيأذن الله تعالى  بأنه يموت فيموت يوم يموت على طاعة الله.

الإمام الصنعاني أحد علماء الحديث له كتاب اسمه سبل السلام لما حضرته الوفاة وحضر حوله إخوانه وتلامذته قال لهم : ذكروني بحديث تلقين الميت لا إله إلا الله وتلقين المحتضر لا إله إلا الله، فسكتوا أدبا مع شيخهم فقال لهم حدثنا فلان حدثنا فلان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله ) وشهق شهقة الموت ثم مات لم يكمل الحديث وتمام الحديث (دخل الجنة) فمات على التحديث بحديث رسول الله وكان آخر ما حدث به هذا الحديث،- سبحان الله- العظيم .

الشيخ عبد الحميد كشك:

الشيخ عبد الحميد كشك رحمة الله سمعته في إحدى الخطب يقول : أسأل الله تعالى أن يحييني ساجدا وأن يقبضني إليه ساجدا وأن يحشرني ساجدا، منع الشيخ في آخر حياته من الخطابة وحيل بينه وبين المساجد والجمهور، ويوم وفاته اغتسل للجمعة ولبس ثوبه الأبيض ثم وقف يصلي صلاة الضحى قبل أن ينزل إلى المسجد فسجد سجدة لم يقم منها، كانت آخر ما فعل الشيخ كما تمنى، مات ساجدا ويبعث يوم القيامة ساجدا، – سبحان الله-

واذكر أن أحد الشباب ذكر هذه القصة حصلت في مدينة  المنصورة، والده كان يؤذن حسبة لله، وكان المسجد بجانب البيت فكان يفتح المسجد ويؤذن حسبة لله- سبحانه وتعالى-، في آخر حياته أصيب عفاتكم الله بجلطة، منعته من الحركة فما كان يستطيع أن يذهب إلى المسجد، فكان يستعين بابنه حتى في الذهاب للحمام ليتوضأ ويصلي، يقول وفي آخر حياته نادى والدي علي يا فلان تعال لأتوضأ، قال لكن يا والدي ليس وقت الصلاة الآن، قال له ما لك دعوة، أنا عايز أتوضأ، وبعد أن ساعده ليتوضأ وقف على السرير، يقول ووالدي ما كان يستطيع أن يقف إلا إذا اتكئ علي … بعد الوضوء وقف على السرير هكذا كما كان يقف وأخذ يؤذن الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، حتى إذا بلغ آخر الآذان قال : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله … فاضت روحه معها إلى الله، فاضت روحه إلى الله عاش مؤذنا ومات وهو يؤذن، ليبعث- إن شاء الله- يوم القيامة مع المؤذنين الذين يدعون إلى الصلاة.

والقصص في هذا الجانب كثيرة ،  فالمؤمن يعمل بطاعة الله ويستقيم على طاعته فيختم له بالخير، أما المرائي أما المنافق أما المسرف على نفسه وأصحاب المعاصي والذنوب والكبائر، فهؤلاء يفضحهم الله عند وفاتهم بسوء الخاتمة.

تاب ثم انتكس:

والدكتور خالد حنفي – حفظه الله- ذكر هذه القصة الطريفة عن أحد الإخوة قال: إن مجموعة كانوا راكبين في طائرة، متجهين إلى القاهرة من ألمانيا إلى القاهرة الكابتن أعلن في الميكروفون الداخلي عن مشاكل في أحد أجنحة الطائرة وربما هذا الخلل يؤدي إلى سقوط الطائرة، فرجاء اجلسوا في أماكنكم واربطوا الأحزمة ، يقول فإذا بالشخص الذي كان بجانبي أخذ يبكي وانهار، وامسك بيده وقال بالله عليك، بالله عليك لو ربنا كتب لك النجاة أنا واكل ميراث ولاد أخي، هم لهم بيت كذا وعمارة كذا وظل يصف له، وقل لهم أن يسامحوني، عمكم مات وهو يسلم عليكم، وخلاص الرجل أصبح ولا أبو بكر الصديق في هذه اللحظة ، المهم بعد عشر دقائق الكابتن أعلن مرة ثانية : يا جماعة تم إصلاح الخلل والطائرة تسير بخير وما في أي مشاكل، فجأة لقيته يقول بحدة: أسمع لا تروح ولا تيجي إنس كل ما قلته لك!!!

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فهو أكل حرام، ولما لقي الدنيا كده قال نحاول نعمل حاجة، لكن رجع لأصله والعياذ بالله نسأل الله العافية.

إذن معنى الحديث : ( وان أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) طبعا كلمة ذراع هنا للتقريب إشارة إلى القرب، (فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينه ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) وهذا وارد، إن فعلا واحد ربنا- سبحانه وتعالى- يأذن له بالهداية قبل أن يموت مباشرة، وكان في غزوة أحد اسمه الأصيرم عمرو بن ثابت، جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- ونطق بالشهادتين بين يدي المعركة ، ثم انغمس في القتال فلقي الله شهيدا، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة لم يسجد لله سجدة فلينظر إلى هذا الرجل الله.

قصة لشاب مع الدكتور صلاح سلطان:

وسمعت مرة الدكتور صلاح سلطان -فك الله بالعز أسره- كان يحكي هذه القصة وكان يعمل في إحدى ولايات أمريكا كان إمام في مركز إسلامي، يقول : أنا في درس من دروس السيرة جف حلقي مع الكلام وفكر أن يطلب ماء ليشرب لكنه استحى يقول استحيت إني أشير لأحد الإخوة، فدخل شاب أول مرة يدخل المركز، وجلس أمامي، وبعد قليل قام وملأ كوب من الماء ووضعه بين يديه، فالصراحة جاء في وقته ، فدعوت له قلت: له سقاك الله من الكوثر، وشرب الماء وأكمل الدرس وصلى العشاء، قال : وكان عندي موعد بعد الصلاة مباشرة، فدخل على هذا الشاب، وقال أنا محتاج أتكلم معك، قال له : أنا آسف، عندي الناس ينتظرونني ولازم امشي الآن، قال له لا أنا موضوعي لا يتأجل، خمس دقائق، قال له خمس دقائق ؟ قال له خمس دقائق، المهم- سبحان الله-! قال : هذا الشاب أنا من بلد عربي وأتيت هنا للدراسة، لكن انحرفت عن الطريق نهائيا، وما تركت معصية ببالك إلا وفعلتها، من شرب مخدرات لكذا وكذا كل شيء، وأنا الآن دخلت المسجد تائب إلى الله، هل يقبلني؟ هل يقبلني الله عز وجل؟ بعد كل ما عملته ؟

قال فذكرته بالله وبالآية ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم…) وقصة قاتل تسعة وتسعين نفسا…  وكل الآيات والأحاديث في التوبة، حتى بكى وأعلن أنه تائب إلى الله وأوصيته بأن يلازم العبادة والصلاة والصحبة الصالحة والمسجد والدروس وودعته وذهبت إلى موعدي.

بعد عشرين دقيقة وجدت الهاتف يرن، فأغلقته فرن مرة ثانية ورابعة، فقلت ربما في شيء، فأجبت المتصل فإذا بهم يتصلون من أحد المستشفيات القريبة من المكان، أنت فلان آه أنا فلان قالوا في شاب اسمه كذا تعرفه قال لها آه أعرفه كان معي من حوالي عشرين دقيقة، قالوا هو عامل حادث الآن على الطريق كان يقود سيارته فانقلبت شاحنة كبيرة من الطريق الموازي فوقعت على سيارته، وهو في حالة خطرة الآن ويطلبك بالاسم، يقول ركبت سيارتي سريعا سريعا حتى بلغت المستشفى، وفعلا وجدته في لحظاته الأخيرة، فنظر إلى وهو كأنه يستدر الكلام مني ويقول : يا دكتور صلاح تفتكر ربنا سيقبلني قال له نعم سيقبلك، لقد جئت إلى الله تائبا، قال: والفرض الوحيد الذي صليته العشاء؟ قال له ربنا سيقبلك، قال له: تشهد لي عند ربنا؟ قال له : أشهد لك عند الله، يقول: فلقنته الشهادتين ثم فاضت روحه إلى الله- سبحانه وتعالى-.

فسبحان الله- نفس كلام النبي- صلى الله عليه وسلم-، هذا الشاب أدرك الجنة بكم بعشرين دقيقة، يعني كان من الممكن يكمل بقية حياته هكذا، لكن شاء الله قبل أن يموت بساعة أو قل نصف ساعة جاء إلى المسجد ويلتقي بالدكتور صلاح ويشاء الله تعالى أنه يتوب ثم يلقى الله عز وجل وهو على طاعة.

فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة  فيختم له بالخير فيدخلها، نسأل الله تعالى أن يرزقنا الجنة وما قرب إليهم قول وعمل، وأن يعيذنا من النار وما قرب إلى من قول وعمل، اللهم أمين.

فوائد الحديث :

1-  صدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وما أخبر عنه الرسول بهذه الدقة من وسائل الدعوة إلى الله خاصة مع غير المسلمين .

2- عظمة الله- سبحانه وتعالى- في خلقه لعباده بهذا الضعف وهذا التدرج حتى يأذن الله تعالى باكتمال الخلقة كما قال : (في ظلمات ثلاث ) ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة، المشيمة : الغلاف المحيط بالجنين،- سبحان الله-.

3- إن علم الله تعالى سابق وليس سائق، والنبي- صلى الله عليه وسلم- قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له.

4-جواز القسم لتأكيد بعض الأمور كما فعل رسول الله قال فو الله الذي لا إله غيره .

5- لا يجوز أن نقطع لأحد بالجنة أو بالنار ما دام حيا، إلا إذا ورد به الدليل مثل : (تبت يدا أبي لهب وتب) أو ما ورد في غيره من أهل النار أو أهل الجنة المبشرين بالجنة، لكن من كان حيا لا نجزم له لا بالجنة ولا بالنار لأننا لا ندري بما يختم له، فالأعمال  بالخواتيم.

6- الحذر من سوء الخاتمة وأن المسلم إذا وقع في المعصية يبادر بالتوبة كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم- (واتبع السيئة الحسنة تمحها)،

هذا ما وفقني الله تعالى إليه في هذا الحديث الطيب المبارك، ونلقاكم على خير -إن شاء الله-، نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلي أله وصحبه وسلم.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 356 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم