(3)على من يجب الصيام؟
على من يجب الصيام؟
شروط وجوب الصيام:
الشرط الأول: الإسلام
الشرط الثاني: البلوغ
الشرط الثالث: أن يكون عاقلًا
الشرط الرابع: أن يكون قادرًا على الصوم
الشرط الخامس: أن يكون مقيمًا
الشرط السادس: أن يكون خاليًا من الموانع وهذا يختص بالمرأة.
الشرط الأول: الإسلام:
فلا يجب الصوم على الكافر حال كفره: لأنه لا يصح منه ولا يُقبل؛ فإذا أسلم الكافر لم يجب عليه القضاء على قول جميع الفقهاء، لعموم قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: 38]؛ ولعموم قول النبي ﷺ (الإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ )
ما حكم بيع طعام لغير المسلمين في رمضان؟
بيع الطعام لغير المسلمين جائز لأنهم لا يصومون اما بيعه للمسلمين فهو حرام ان لم يكونوا من اهل الاعذار.
فيجوز إعطاء غير المسلم أكلاً أو شرباً ليتناوله في نهار رمضان، وذلك لأن الأقرب أن مخاطبة الكفار بفروع الشريعة إنما تتعلق بهم هم في الباطن في الدنيا، وكذلك في ترتب العقوبة على المعصية في تلك الفروع في الآخرة، أما آثار هذه المخاطبة فلا تسري في علاقة المسلم معهم؛ بل يكون وصف الكفر مانعا من إجرائها ظاهرا.
وتُعرف صحة القاعدة من خلال آثارها في الأحكام والفروع؛ حيث لا يُشرع الاحتساب عليه في معصيته
كما أن ظاهر هدي السلف قد دل على ذلك؛ حيث كانوا ينفقون على زوجاتهم الكتابيات، ويساكنهم الخدم والرقيق من غير المسلمين، ومن الضرورة أن يحتاج هؤلاء مأكلا ومشربا، وأن مهمة إطعامهم تعود إلى الأسياد والأزواج، ولو كان المنع من إعانتهم على الأكل في نهار رمضان، أو على ملابستهم للمحرمات حكما مستقرا عندهم لنُقل إلينا؛ فإنه مما يكثر، ويقع به التحرج، ومما تتوافر الهمم والدواعي على نقله؛ فلما لم يُنقل دل على أنه غير موجود، ولكونه خلاف الأصل في تعامل الناس مع بعضهم.
الشرط الثاني: البلوغ
وهو بلوغ الطفل الصغير ذكرا أم أنثى بعلامة من علامات البلوغ، ويحصل البلوغ بعلامات:
- الاحتلام: وهو خروج المني من الرجل أو المرأة بلا علة، يقظة أو منامًا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلم فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ [النور: 59]أي إذا احتلم الأطفال فقد بلغوا ووجب عليهم الاستئذان.
وعموم قول النبي ﷺ (رُفِعَ الْقَلم عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ المجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ)
- البلوغ بالسن: خمس عشرة سنة لحديث الصحيحين عن ابن عمر: (عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمَ أُحُدٍ في الْقِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلم يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي.)
قال ابن حجر: واستدل بقصة ابن عمر على أن من استكمل خمس عشرة سنة أجريت عليه أحكام البالغين وإن لم يحتلم فيكلف بالعبادات وإقامة الحدود.)[1].
- نزول الحيض عند النساء:
وقد أجمع العلماء على أن الحيض بلوغ في حق النساء.
- إنبات الشعر الخشن حول العانة:
وهو علامة اختلف عليها الفقهاء على قولين:
الأول: أن الإنبات ليس بعلامة على البلوغ مطلقا، وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن مالك.
الثاني: أن الإنبات علامة البلوغ، وهو مذهب المالكية، والشافعية والحنابلة، ورواية عن أبي يوسف، لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة، فحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، وأمر أن يكشف عن مؤتزرهم، فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذرية. بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة. ومن هنا قال عطية بن كعب القرظي: كنت معهم يوم قريظة. فأمر أن ينظر إلى هل أنبت، فكشفوا عانتي، فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي.
والمعتبر عند القائلين بأن الإنبات علامة للبلوغ هو أن يكون الشعر الذي ينبت حول العانة: ذكر الغلام، أو فرج البنت، وشرطه: أن يكون شعرا كثيفا يحتاج إلى حلقه بالموس ونحوه، وأما الشعر الخفيف الذي لا يحتاج إلى حلق، فلا يحصل به البلوغ.
وأما شعر اللحية والشارب أو الإبط فلا يحصل البلوغ بنباته.
استحباب صوم الصبيان:
يستحب تعويد الأطفال على الصيام بدءا من سن التمييز (ست سنوات أو سبعة)، فيؤمر بالصيام إذا أطاقه للتمرين عليه، ويُلزم به إذا بلغ.
وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، في شأن الصلاة: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع…..) رواه أحمد
وإذا كان الحديث الوارد في شأن الصلاة، فهو ينطبق على الصيام أيضًا بفارق واحد، وهو مراعاة القدرة البدنية للصبي والصبية، فقد يبلغ السابعة أو العاشرة، ولكن جسمه ضعيف، لا يحتمل الصيام، فيمهل حتى يشتد عوده ويقوى.
وقد كان الصحابة يصومون صبيانهم وهم صغار، حتى كانوا يأتون لهم باللعب من العهن (أي الصوف) يلهونهم بها حتى يأتي وقت الإفطار.
وفي الصحيحين عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: أرسل النبي ﷺ غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: «من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائما فليصم»، قالت: فكنا نصومه بعد، ونصوم صبيانا ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار»
وليس من المطلوب أن يصوم الشهر مرة واحدة، فليس هذا بمقدور، ولا منطقي، وإنما يصوم في أول سنة يومين أو ثلاثة مثلا، والتي بعدها يصوم أسبوعًا ثم أسبوعين، حتى يمكنه بعد ذلك صوم الشهر كله بهذا التدرج.
ومن الخطأ الذي يتحمل تبعته الآباء، والأمهات، إهمال الصغار حتى يبلغوا دون أن يدربوا على أداء الفرائض والطاعات.
فإذا أمروا بها بعد البلوغ كانت أثقل من الجبال.
الشرط الثالث: العقل:
فلا يجب الصيام على المجنون فمن كان من ذوي الجنون المطبق فقد رفع عنه القلم.
ومن كان جنونه متقطعًا، فهو مكلف في المدة التي يعود إليه فيها عقله فقط.
وألحق بعض الفقهاء به من يعتريه إغماء أو غيبوبة مرضية، يفقد فيها وعيه مدة تقصر أو تطول، فهو خلال غيبوبته غير مكلف بصلاة ولا صيام.
فإذا أفاق بعد أيام من إغمائه وغيبوبته، فليس عليه أن يقضي تلك الأيام الماضية، لأنه كان فيها غير أهل للتكليف.
وبعضهم رأى أن عليه قضاء ما فاته أثناء الإغماء، أو الغيبوبة، معللاً ذلك بأن الإغماء مرض، وهو مغط للعقل غير رافع للتكليف، ولا تطول مدته.
ورأيي أن هذا مسلَّم في الإغماء القصير الذي يستغرق يوما أو يومين، أو نحو ذلك، أما الغيبوبة الطويلة التي عرفها الناس في عصرنا، والتي قد تمتد إلى شهر أو أشهر أو سنين! وخصوصًا مع أجهزة الإنعاش الصناعي، فهذه أشبه بحالة الجنون، الرافع للتكليف في حالة وجوده، وتكليف مغيَّب الوعي هنا بالقضاء فيه حرج عليه، وما جعل الله في الدين من حرج.
ما حكم مريض الزهايمر؟
والزهايمر درجات، ومريض الزهايمر إذا وصل به حد فقدان الذاكرة إلى الجنون، كأن ينسى أهله ولا يعرفهم، أو تختل تصرفاته بحيث يخرج عن طور العقلاء ونحو ذلك؛ فإنه يعتبر غير مكلف، ولا يطالب بصيام، ولا قضاء ولا إطعام.
وأما إذا كان في المراحل المبكرة من المرض، والتي يقتصر فيها المرض على فقدان جزئي للذاكرة، بحيث ينسى الأشياء القريبة الحدوث، ولكنه يتصرف كما يتصرف العقلاء، ويعرف أهله ونحو ذلك؛ فإنه يعتبر مكلفا، ويطالب بالصيام ما دام قادرا عليه، ولا ينتقل إلى الإطعام إلا إذا شق عليه الصيام والقضاء مشقة غير محتملة؛ فينتقل إلى الإطعام حينئذ، وتدفع الفدية في إطعام الفقراء
هل يجب على مريض التوحد الصيام؟
مريض التوحد له ثلاثة أحوال:
الأول :إذا كان مرض التوحد قد بلغ بالمصاب به حدا يوصف فيه بالتخلف العقلي ، أو يفقد معه التمييز والقدرة على الحكم على الأشياء من حوله ، فلا شك بسقوط التكليف عنه في هذه الحالة ، وأنه يرفع القلم عنه ؛ فالعقل مناط التكليف ومحوره ، فإذا فُقِد لمرض أو خلل أو عارض ، زال التكليف نفسه ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) رواه أبوداود وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
ثانيا: أما إذا لم تظهر أعراض التخلف العقلي على مريض التوحد، وانحصرت العلة في العزلة، أو النمطية، أو ضعف الإحساس بالأشياء، أو ضعف فهم اللغة وأساليبها، ولم تخرج عن هذا الإطار، ففي هذه الحالة يبقى التكليف الشرعي، ويؤاخذ هذا العبد بأقواله وأفعاله في الدنيا والآخرة. فالمرض في هذه الحالة لم يفقد المريض قدرته على تمييز الصواب من الخطأ، والصلاح من الفساد، والخير من الشر، والمعروف من المنكر، والإحسان من الجريمة، وهذا القدر من العقل، والتمييز، هو مناط التكليف والسؤال بين يدي الله سبحانه، فإذا كان مريض التوحد يدرك أن السرقة شر وفساد وجريمة، ثم أقدم عليها، فهو مسؤول عن ذلك كله.
ثالثا: أما إذا اضطرب حال المريض، فمرة يفقد قدراته الإدراكية، وأخرى يسترجعها ويكون قادرا على تمييز تصرفاته وضبطها، ففي هذه الحالة يحكم له بالتكليف حال إدراكه وتعقله، ويسقط عنه التكليف حال اشتداد العلة به.
ومثل ذلك: لو أدرك أمرا معينا، وغاب عنه إدراك أمر أو أمور؛ فإنه يكلف بما أدركه، ويسقط عنه التكليف فيما عجز عن إدراكه.
الشرط الرابع: أن يكون قادرًا على الصوم:
فإن كان الإنسان غير قادر على الصوم بسبب مرض أو غيره، فلا يجب عليه الصوم؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185] وسيأتي تفصيل الحديث عن رخصة الإفطار للمريض.
الشرط الخامس: أن يكون مقيمًا.
فإن كان مسافرًا فلا يجب عليه الصوم؛ لقوله تعالى لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185] وسيأتي تفصيل الحديث عن رخصة الإفطار للمسافر.
الشرط السادس: أن يكون خَالِيًا من الموانع (الحيض والنفاس)
فلا يحل للحائض والنفساء أن تصوم، فإن صامت لا ينعقد صيامها، ووقع باطلا، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها ألا تكون حائضًا ولا نُفَساء.
ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله ﷺ: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لم تُصَلِّ وَلم تَصُمْ).
وعائشة قالت في الحيض: كنا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ (
حالات للمرأة الحائض:
- إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم؟ ويكون يومها لها، أم عليها قضاء ذلك اليوم؟
إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان:
القول الأول: إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم، ولكنه لا يحسب لها، بل يجب عليها القضاء وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ.
والقول الثاني: إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم؛ ْلأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصح لم يبق للإمساك فائدة، وهذا الزمن زمن غير محترم بالنسبة لها؛ لأنها مأمورة بفطره في أول النهار، بل محرم عليها صومه في أول النهار.
وهذا القول كما تراه أرجح من القول بلزوم الإمساك، وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم.
- إذا طهرت الحائض واغتسلت بعد صلاة الفجر وصلت وأكملت صوم يومها، فهل يجب عليها قضاؤه؟
إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر وتيقنت الطهر فإنه يلزمها الصوم ويكون صومها ذلك اليوم صحيحاً ولا يلزمها قضاؤه؛ لأنها صامت وهي طاهر وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج، كما أن الرجل لوكان جنباً من جماع أو احتلام وتسحر ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحاً.
- إذا حاضت قبل الغروب هل يبطل صومها؟
إذا حاضت المرأة أثناء الصيام فسد صومها، ولو كان نزول الدم قبل المغرب بلحظة، ووجب عليها قضاؤه، ويحرم عليها الاستمرار في الصيام وهي حائض.
- ما الحكمة من أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟
الحكمة أن الصَّوم لا يأتي في السَّنة إِلا مَرَّةً واحدة، فإِيجاب الصَّوم عليها أسهل، والصَّلاة تتكرَّر كثيراً، فلو ألزمناها بقضائها لكان ذلك عليها شاقًّا.
والدليل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار) فقلن: ولم يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن!) قلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال (فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟) قلن: بلى. قال. (فذلك نقصان دينها) رواه البخاري ومسلم.
وعن معاذة قالت: (سألت عائشة رضي الله عنها، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. رواه الجماعة.
- ما الدليل على أن الحائض لا تصوم؟
منعُ المرأة الحائض والنفساء من الصيام من الأحكام المستقرة المعلومة في الأمة، لهذا كان مجرد طرح السؤال في العهد النبوي يوجب اتهام السائل، كما في حديث معاذة بنت عبد الله العدويَّة قالت: (سألتُ عائشة رضي الله عنها فقلتُ: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحَرورِيَّةٌ أنت، أي: هل أنت من الخوارج؟! قلت: لستُ بحرورية، ولكني أسألُ) متفق عليه.
وقد انعقد الإجماع القولي والعملي على تحريم صوم الحائض من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، والإجماع الصحيح المعتبر ثالث الأدلة المتفق عليها بين العلماء.
- ما حكم انقطاع الدم قبل الأربعين في النفاس هل يجب عليها الصوم والصلاة؟
للمرأة النفساء عدة صور:
– إن طهرت قبل الأربعين وتأكدت من الطهر اغتسلت وصلت وصامت.
– إن طهرت قبل الأربعين تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم تقطع صلاتها وصيامها حتى تبلغ أربعين يوما.
– إذا مرت أربعون يوما ولم ينقطع الدم اغتسلت وصلت وصامت، ويعتبر الدم النازل بعد الأربعين دم استحاضة. - كيف تتأكد المرأة من الطهر في الحيض؟
عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين، بالدرجة فيها الكرسف، فيه الصفرة من دم الحيضة، يسألنها عن الصلاة. فتقول لهن: (لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء).
تريد بذلك الطهر من الحيضة، فالمرأة تعرف الطهر من الحيض بإحدى علامتين: إما الجفوف، وضابطه أن تدخل القطنة في الموضع فتخرج نقية ليس عليها أثر من دم أو صفرة أو كدرة، وإما القصة البيضاء، وهي ماء أبيض يرخيه الرخم تعرفه النساء، وبه يعرفن انقضاء الحيض، فإذا حدث الطهر فأي إفرازات فيما بعد لها حكم الاستحاضة. - إذا كانت المرأة عادتها الشهرية سبعة أيام ثم استمرت معها أكثر من ذلك فما الحكم؟
إذا كانت عادة المرأة ستة أيام أو سبعة ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أو عشرة فإنها تبقى لا تصلي حتى تطهر وذلك لأن النبي لم يحد حدا معينا في الحيض وقد قال الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فمتى كان هذا الدم باقيا فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي، فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصا عن ذلك فإنها تغتسل إذا طهرت وإن لم يكن على المدة السابقة، والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجودا فإنها لا تصلي سواء كان الحيض موافقا للعادة السابقة، أو زائدا عنها، أو ناقصا، وإذا طهرت تصلي. - إذا رأت المرأة في زمن عادتها يوما دما والذي يليه لا ترى الدم طيلة النهار، فما عليها أن تفعل؟
الظاهر أن هذا الطهر الذي حصل لها في أيام حيضها تابع للحيض فلا يعتبر طهرا، وعلى هذا فتبقى ممتنعة مما تمتنع منه الحائض، ويؤيد هذا: قول عائشة رضي الله عنها للنساء إذا أحضرن لها الكرسف القطن لتراها هل طهرت المرأة أم لا؟ فتقول: «لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء». أي لا تغتسلن، ولا تصلين حتى ترين القصة البيضاء. - ماذا تفعل الحائض من عباده في الليالي الوترية في العشر الأواخر من رمضان؟
المرأة الحائض تمنع باتفاق الفقهاء من أربعة أشياء: الصلاة، والصوم، والطواف، والجماع، ولها أن تقرأ القرآن، وهو مذهب الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الإمام الشوكاني ومن المعاصرين الشيخ يوسف القرضاوي، سواء كانت القراءة من حفظها أو من المصحف أو الهاتف وما شابهه من الوسائل الإلكترونية ، ويستدل على الجواز بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- للسيدة عائشة -رضي الله عنها- لما حاضت في حجة الوداع (افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري) (رواه البخاري)
فلم يمنعها إلا من الطواف، ولو كانت تلاوتها للقرآن محرمة لبينها، فإن الحاج يشغل وقته بتلاوة القرآن، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وقد سئل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- وهو من كبار فقهاء الصحابة، أيقرأ الجنب القرآن؟ قال: نعم، إن شاء، قلت: والحائض والنفساء؟ قال: نعم، لا يدعن أحد ذكر الله، وتلاوة كتابه على حال، قلت: فإن الناس يكرهونه، قال: من كرهه فإنما كرهه تنزها، ومن نهى عنه فإنما يقول بغير علم، ما نهى رسول الله عن شيء من ذلك.
وقياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن لا يصح، لأن الحائض لا اختيار لها في حيضتها، أما الجنب فيمكنه رفع الجنابة بالاغتسال في أي وقت، كما أن الحيضة قد تطول بخلاف الجنب، والقول بمنع الحائض من تلاوة القرآن يفوت عليها خيرا عظيما وأجرا كبيرا، ويعرضها لنسيان القرآن، واعتياد هجره، ويضيع على المرأة شطرا كبيرا من عمرها تحرم فيه من أنوار القرآن من دون دليل معتبر.
[1] «فتح الباري» (5/ 329).