اختلاف العقول واختلاف القلوب (خطبة مكتوبة)

تاريخ الإضافة 9 أكتوبر, 2023 الزيارات : 4971

 اختلاف العقول واختلاف القلوب

احفظوا عني هذه العبارة:

“اختلاف القلوب داء واختلاف العقول ثراء”

اختلاف القلوب داء( مرض) واختلاف العقول ثراء يعني غني وتنوع .

لما خلق الله سبحانه وتعالي الخلق ، جعل التعدد والاختلاف سنة من سننه الكونية﴿وَمِن آياتِهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاختِلافُ أَلسِنَتِكُم وَأَلوانِكُم إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلعالِمينَ﴾ [الروم: ٢٢].

فالعقول ليست علي درجة واحدة ، العقول متفاوتة ، متفاوتة في الحدة والذكاء ، والفطنة ومتفاوتة بين إدراك الأمور بسرعة أوإدراكها ببطء.

هذا يخضع لمعايير كثيرة وأمور كثيرة قدرها الله في الكون ، حتي ينتج عنها الإبداع ، وينتج عنها التنوع .

وعدّ الله تعالي اختلاف الألسنة والألوان آية من آياته الدالة علي وحدانيته ، فالله واحد لا شريك له ولا ند له سبحانه وتعالي ، اما الخلق فجعل الله تعالي التعدد موجودا فيهم ( واختلاف ألسنتكم وألوانكم ) وفي الآية الأخرى  ﴿وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَ إِلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجمَعينَ﴾ [هود: ١١٨،١١٩]

(ولذلك خلقهم) اسم الاشارة هنا للرحمة ام للاختلاف؟

بكلا  القولين قال العلماء : لا مانع من أن يكون هذا الاختلاف الذي أراده الله سببا من أسباب التنوع الكوني الذي نراه في جميع الخلق .

 واختلاف العقول ينتج عنه الابداع، الأفكار ، الاختلاف في الكون سمة من سمات الجمال في الكون .

من يريد صب الناس في قالب واحد فهو واهم لأن الناس لن يكونوا كذلك ، لن يكونوا بهذه الهيئة أو بهذا الشكل.

الإسلام جاء ليحرك العقول:

والإسلام جاء ليحرك العقول فتنتج و تبتدع ، وهناك آيات عديدة في القرآن الكريم وخاصة حوارات  الرسل مع أقوامهم كانت للحث على إعمال العقل -شغلوا عقولكم- -( أفلا تعقلون )- [الأنعام/32] و -( أفلا تبصرون )- [الذاريات/21] ،( لآيات لأولي الألباب )- [آل عمران/190] ) لأن الكثيرمن الناس جمدوا عقولهم فهم لا يفكرون؛ لا يحركهم إلا الهوى أوالعصبية ، أوالتقليد الأعمي، لكن الإسلام يجعل العقل منتجا، بأن يتحرك وينتج، ويدرك ويتصور ويعرف ، ويصل إلى اكتساب الخبرات بنفسه، قال تعالى : ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )- [الحج/46]

فنعي الله على هؤلاء المشركين بأن العمي الذي أصيبوا به ، ليس عمي في البصر ولكن عمي في القلوب ، حين عميت عن أن تعرف الحق  وتهتدي إليه ، حين تري الشمس طالعة أمامك بقوتها وأشعتها وضياءها وتقول لماذا لا أري الشمس! إذن هناك خلل في بصرك ، هناك خلل في أدوات المعرفة عندك ﴿وَاللَّهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ﴾ [النحل: ٧٨]

هذه أدوات المعرفة ، فمن كان له سمع وله بصر وله عقل يدرك ويعي به وعطل هذه الحواس فهذا للأسف الشديد انسان تجمد في مكانه لا يستطيع أن يتغير ولا أن يتحرك ، هذا ما قاله المشركون قديما لنبينا ﴿وَإِذا قيلَ لَهُمُ اتَّبِعوا ما أَنزَلَ اللَّهُ قالوا بَل نَتَّبِعُ ما أَلفَينا عَلَيهِ آباءَنا أَوَلَو كانَ آباؤُهُم لا يَعقِلونَ شَيئًا وَلا يَهتَدونَ﴾ [البقرة: ١٧٠]

الاستبداد السياسي وتجميد العقول :

ولذلك يا اخواني نجد الاستبداد السياسي ، يتبعه دائما  مصادرة للأفكار ومصادرة للإبداع ، بل اجرؤ وأقول: محاربة للإبداع ومحاربة للتقدم ، وللأفكارالبناءة والإيجابية لأن هذه الأمور لا تنمو في جو الاستبداد والظلم .

تجد المستبد يشتغل أول ما يشتغل علي إلهاء الناس بالشهوات ، وإسقاط التعليم حتي يسير في أدني درجاته وأدني حدوده فتجد انهيار منظومة المعرفة ، جيل جاهل لا يعرف لغته ولا لغة غيره ولا لغة العلم ثم بعد ذلك يظل هؤلاء بحكم القطيع المطيع .

في مرحلة من مراحل التاريخ بعض الرؤساء خرّج جموع من شعبه ، يقولون: لا ،لا  للديمقراطية !!!

لأنهم يظنون أن الديموقراطية عندهم شيء سيؤثر على الطعام أو الشراب أو الحياة لا أدري كيف فهموا المسألة ، و أمثال هؤلاء كثيرين جدا .

فحينما يتعطل العقل ويجمد ، تجد الاستبداد يزيد ويزيد ويزيد .

المشكلة حرية العقل:

لذلك المشكلة في بلادنا العربية ليست مشكلة عقول ، المشكلة حرية العقل ، أن يكون عند العقل قدرة علي التفكير والإبداع والانطلاق والابتكار.

وجعل العلماء من أهم سمات الحضارة الإسلامية أجواء الحرية التي عاشها الناس مع الحضارة الاسلامية .

يا اخواني لو قرأتم التاريخ قبل ان يظهر الإسلام و ينمو كدولة كبيرة لها حضارتها كان الناس يعيشون في ظلمات الجهل ، ما في شيء اسمه الحرية السياسية ، كان فيه شيء اسمه الحاكم الذي يحكم نيابة عن الرب  او هو الرب فعلا .

فرعون كان يقول أنا ربكم الأعلي ….

كسري ملك فارس كان يفتتح رسائله بقوله : من كسري إله العالمين ….

هرقل الامبراطور الروماني يحكم بأنه نائب عن الرب … إلي آخر هذه الأمور .

جاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليعلنها أكثر من مرة في القران الكريم ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي )- [فصلت/6]

 لم يحكم على أنه إله أو نصف إله ، ولا نائب عن الله ، بل أسس الإسلام لمسألة نقد الحاكم ، ونقد تصرفاته .

الرسول يقول أشيروا عليّ أيها الناس ، لو أن رجلا آخر كان  يقول أنا رسول الله ، أنا المعصوم ، أنا الذي يتزل عليّ الوحي ، لكن النبي يعلّم من بعده .

أبوبكر الصديق رضي الله عنه يقول إن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني .

عمربن الخطاب لما قال له الرجل : لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا ، قال: لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها.

الحرية الدينية :

لم يكن هناك شيء اسمه تعدد أديان ولا حرية دينية، كان المبدأ هو:  (الناس علي دين ملوكهم) الملك يعبد النار كل الناس تعبد النار ، الملك أو سيد القبيلة يعبد الأصنام كل الناس تعبد الأصنام وهكذا .

جاء الإسلام ليقول: ( لا إكراه في الدين )- [البقرة/256] ” -( لكم دينكم ولي دين )- [الكافرون/6] -( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )- [الكهف/29] 

وهكذا في عباءة الإسلام أو مع الحضارة الإسلامية أجواء الحرية والابداع كان التقدم ، وكانت الطفرة الكبيرة التي يستفيد إلي الأن العالم أجمع مما بلغته ومما وصلت إليه .

 اختلاف العقول وأثره في التربية :

 من أخطاء التربية أن البعض يحاول أن يبرمج أبنائه علي وفق عقليته هو، تريد من أبنائك أن يهتموا بما تهتم به، الأشياء التي هي في مقدمات أو أوليات  حياتك ، يجب أن تكون هي نفس أوليات أولادك ، وهذا غير صحيح ، هذا خلل في التربية لأنك تربي ابنك علي أن يكون نسخة منك بالشكل الذي أنت تراه أو  تحبه ، هذا خطأ كل واحد منا له شخصية وله إبداع .

 اختلاف العقول وأثره بين الزوجين :

من ضمن المشاكل الزوجية أن الزوج يريد زوجته مثله تماما أوأن الزوجة تريد زوجها مثلها تماما ، هذا أمر عجيب ، لأن الله سبحانه وتعالي قال عنهما زوجين (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى ) النجم 45، فهما زوجان وليسا شخص واحد ، عندنا رجل وعندنا أمرأة ، عندنا عقلين ، عندنا اختلاف في التصور ، اختلاف في الوجهة ، في التربية ، في البيئة ، ينتج عنه تصورات واراء مختلفة ؛ لكن عندنا نقاط اتفاق كما أن عندنا نقاط اختلاف ، هذا أمر طبيعي .

فالذي يريد صب الناس علي عقل واحد هذا واهم  ، وهذا أمر -كما قلت- يقتل الإبداع ، ويقتل الفكرة ويقتل التصور ، ويقتل المعارف والعلوم في مهدها و ينشئ جيلا لا يعرف شيئا ، ولا حتي يعرف أن يفكر أو أن يبدع .

لماذا اختلاف القلوب داء ؟ 

اذناختلاف العقول ثراء، أما اختلاف القلوب داء، لماذا اختلاف القلوب داء ؟

لأن اختلاف القلوب ناتج عن اختلاف في الآراء أدى إلي وجود الكراهية ،والخصومة والعداوة ، القلب امتلأ بالحقد على هذا الشخص الذي خالفني بالتالي أنا استحل عرضه وهيبته واستحل أن أؤذيه وأن أنتقم منه انتصارا لحظ نفسي!!!

لا اله الا الله ، وهذه المسألة لا أدري ما سبب شدتها حتى بين أوساط المتدينين الملتزمين بدينهم .

الامام الشافعي- رحمة الله عليه- تناقش مع تلميذه يونس بن عبد الأعلى في مسألة فاختلفا (الاختلاف وارد في فروع الفقه بين الشيخ وتلميذه) وانتهى الحوار  ولم يتفقا ،قال: فأمسك الشافعي بيدي وقال : ما علينا لو اختلفنا في مسألة ولم تختلف قلوبنا .

ما المشكلة لو اختلفنا في مسألة ولم تختلف قلوبنا ؟ ما المانع أنك تأخذ بفتوى،  أو برأي فقهي بتصور معين إلى آخره ما المانع من هذا؟

 اختلاف العقول اختلاف الاختيارات لكن بعد ذلك لا تختلف القلوب.  

نحن عندنا تختلف قلوبنا وأضلاعنا و تنهدم الدنيا و نمكر الشر والسوء بمن خالفنا و نتفنن كيف نؤذيه،  وكيف ننشر أسراره ونهتك  أستاره ، ونفضحه ونشهر به أمام الناس ، ماالسبب يا أخي ؟ لقد اختلف معي!!!

لا اله الا الله وهذا من الذي  نعجب له يا اخواني

إذن فنحن كمسلمين تختلف عقولنا لكن لا تختلف قلوبنا نختلف في كل شيء نتصوره وندركه ونعرفه ربما في اختلاف بحق وفي اختلاف بباطل لكن علاجه الحوار، ولذلك رب العزة قال : ( وجادلهم بالتي هي أحسن )- [النحل/125] هل هناك جدال للوصول للحق؟ 

أي نعم ،لكن لا يكون الجدال بالباطل كما قال رب العزة: ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق)- [غافر/5] )   واحد على باطل ويجادل بالباطل يريد رد الحق ، هذا الذي نهينا عنه لأنه مكابرة نوع من المكابرة والعناد.

من وافقني فهو قديس ومن خالفني فهو ابليس !!! هذا مبدأ سقيم :

ومن المسائل الغائبة عنا أننا نظن طالما أن عندك رؤية تظن أنها الحق أن من خالفك فهو ابليس ،وهو عدو ،وهو يستحق كذا، ويستحق كذا ولم يعلم أن الأنبياء الكرام جميعا تعاملوا مع المخالفين لهم بالحوار، الحوار يا إخواني أن يسمع بعضنا بعضا أن يوضح كل واحد منا موقفه من الآخر، فإذا وضحت الرؤية وضح التصور ، ووضح الحكم .

وهناك أمور تجد اثنين مختلفين على شيء كل واحد يفكر في مسألة غير المسألة الأخرى، فهنا لا ينبغي إذا اختلفنا أن تختلف قلوبنا لأن هذه من العقوبات التي قال عنها رسول الله: ( لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)  فجعل جزاء اختلاف الصفوف في صلاة الجماعة واحد متقدم والثاني متأخر جعل من عقوباتها اختلاف القلوب ولما تنازع أحد العبيد  مع آخر كان يستقون الماء فقال أحدهم: يا للمهاجرين، وقال الآخر: يا للانصار!!

قال النبي : ( دعوها فإنها منتنة)  رائحة العصبية و اختلاف القلوب واستدعاء العصبيات أنا مهاجري وأنت أنصاري هذه نتن ، يعني من أخلاق الجاهلية لا ينبغي للمسلمين أن يتصفوا بها وفيهم نزل قول الحق ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )- [آل عمران/103] ) . .

 فنحن عندنا كمسلمين حينما نختلف ، المرجعية العليا الكتاب والسنة كما قال تعالى : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )- [النساء/59] )

فرب العزة يقول: ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )- [آل عمران /103]  نعمة من الله فكأن الاختلاف عقوبة ناتجة عن الجدال وعن الاختلاف الذي يسبب العداوة والخصام، (فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) فالله تعالى جعل من نعمه التي يمن بها على عباده نعمة  الائتلاف،  اتفاق القلوب أي قلوب متنازعة ،أي قلوب مختلفة تؤدي إلى فشل ما تقوم به لأن كل واحد يعمل لحساب نفسه،  يعمل لمصلحته.

صفاء قلب المؤمن :

المسلم دائما قلبه صاف أبيض نقي، هكذا وصف النبي القلوب صلى الله عليه وسلم حينما قال: (تُعْرَضُ الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا؛كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هواه)
فقلب المؤمن مع العمل الصالح و الصفاء والنقاء يصير قلبه بعد الفتنة أقوى وليس أضعف…. تأتيه الفتنة فتقويه ، يأتيه الاختبار فيرقيه ، سبحان الله !!!

ويصير قلبه مع هذا البياض الذي فيه قوة نكتت فيه نكتة فيزداد البياض بياضا والرسول  شبهه  بالصفا – الرخام الأبيض-  فمع بياضه ونقائه فهو صلب ، قوي لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض.

 ورحم الله الحسن البصري حينما قال: ” الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالِم ، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل .

قلب المؤمن يعرف الفتنة ، يبصر الفتنة فيقوي إيمانه ويزداد نقاء ويزداد صفاء ويثبت ويصلب على الحق الذي هو عليه لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض .

قلب الآخر نكتت فيه نكتة سوداء، وكلمة نكتة حتى نفهمها ليست النكتة بمعنى القول المضحك أو قصة مضحكة،  النكتة  كأني اضرب هذا الحائط فيترك ندبة أو أثر في الحائط هذه تسمى نكتة فهنا من يفعل سيئات هذا تشبيه طبعا يكون في القلب أثر ، هذا الأثر أسود فتجد القلب كان في فطرته أبيض فتبدأ نكتة سوداء وأخرى وثالثة وعاشرة وألف فيصير هيئة  القلب هذا الذي أشرب الفتنة زي الاسفنجة ؛ تجد هذا القلب معكرا….  اللون فيه بياض قليل وسواد كثير فهو يعني كاللون الرمادي الغامق مثلا فهو قال لك مربادا فأيما قلب أشربها  نكتت فيه نكتة سوداء حتى يصير القلب أسودا مربادا كالكوز (إناء الماء الذي نشرب منه) فهو مجخيا يعني مقلوب ومعني مقلب يعني  مسدود ،  ليس عنده بصيرة ولا معرفة فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب هواه .

إذن نختلف لكن لا تختلف قلوبنا ، نتحاور لكن لا نتعادى ولا نتخاصم أيا ما كان من يخالفنا نحاورهم ونكلمهم،  والله تعالى قال لمن هوخيرمنا : ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء )- [البقرة/272]  يعني إن كنت على الحق تبينه لكن ليس بمستطاعك أن  تلزم الناس بما تعتقد أو بما تتصور ليس لك ولاية على أن يتقبل الناس دينك أوفكرتك أو رأيك أو تصورك وليس هناك إكراه ( لست عليهم بمصيطر )- [الغاشية/22] -( ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل )- [الأنعام/107] وآيات كثيرة جدا تبين هذا المعنى .

 أسأل الله تعالى أن يجمع قلوبنا على الحق والهدى وأن يؤلف بينها وأن يصلح ذات بيننا أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

  خطبتنا في كلمتين :

 1- اختلاف العقول سنة أرادها الله في كونه .

2- هذا الكون اكتسب هذا الجمال وهذه العظمة بالتنوع الذي قدره الله في الألسنة والألوان والأشكال والأجناس والعقول والأطعمة والأشربة والثمرات وكل شيء ، هذا التنوع من سمات الجمال والإبداع في الكون.

3- كذلك اختلاف العقول ابداع وثراء بدلا من أن يكون عندنا رأي شخص واحد عندنا ستة عندنا عشرة عندنا مائة عندنا ثراء في الآراء وثراء في الأفكار وابداع في كل شيء.

4- نختلف نعم، لكن لا تختلف قلوبنا …. القلوب تتفق …. ليس معنى أني اختلفت معك في شيء أن أعاديك أن أخاصمك أن أستحل عرضك ، إنما نكون كما قال الشافعي : نختلف لكن لا تختلف قلوبنا، نختلف  في تصورنا ، في أوضاعنا ،في تفكيرنا، في توجهاتنا ، لكن هذا ليس مدعاة إلى التخاصم ، ولا إلى التقاطع ولا إلى العداء ولا إلى هذه الأمور التي نراها في عالمنا .

5- لا ينبغي لأحد أن يفرض ما يعتقده على غيره،  إنما من حقك أن تبين،  من حقك أن تشرح … لك حرية التعبير ،حرية الرأي، وحرية الفكر لكن ليس من حقك أن تكره وتقهر غيرك على أن يكون مثلك لأن هذه سنة الله في الخلق، كما قال تعالى : ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )- [يونس/99]

(2) تعليقات



اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 45 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع