حرمة المال العام
أولا / تعريفه :
المال العام هو المال الذي يشترك في ملكيته الجميع ، ولهم جميعا حق الانتفاع به ، ولا يحق لأحد أن يجعله في مصلحته الشخصية بقصد التربح أو سوء الاستغلال أو السرقة أو الاتلاف بسوء الاستعمال .
ثانيا / حرمته :
إن الاسلام قد جعل حرمة المال العام كحرمة المال الخاص بل أشد، فلا يجوز للمسلم أن يتعدى على المال العام أو أن يأخذ منه بدون حق، وقد وردت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة التي تؤكد على أن التعدي على الأموال العامة والخاصة يعتبر من باب أكل أموال الناس بالباطل، ويمكن أن ندخل ذلك أيضا في باب الغلول.
قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل” [النساء:29]
وثبت في الحديث من قول النبي : “إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع”.
وفي حديث آخر أن النبي قال: “إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة”. ومعنى قوله يتخوضون في مال الله بغير حق أي يتصرفون في مال المسلمين بالباطل،
وقد ثبت في الصحيح أن النبي قال: “إني لأنقلب إلى أهلي فأجد الثمرة ساقطةً على فراشي ثم أرفعها لآكُلها ثم أخشى أن تكون صدقةً فألقيها”.
فهذا رسول الله يجد الثمرة وهي شيء يسير، ويجدها على فراشه، وله رغبة في تناولها أو حاجة إليها ولكنه ما يكاد يرفعها إلى فمه حتى يخشى أن تكون من زكاة المسلمين وأموالهم العامة فيلقيها فورًا ولا يتناولها.
ثالثا / حرمة المال العام أشد من حرمة المال الخاص :
فالأخذ من المال العام حرام، يستحق آخذه التعزير عند جمهور العلماء، والتعزير: عقوبة غير مقدرة شرعاً، يرجع تقديرها إلى الحاكم، ولا يُعد ذلك سرقة -بمعنى أنه لا تقطع يد فاعله- لأن له في المال العام شبهة ملك، وهذا لا ينفي عنه الإثم والعقوبة التعزيرية.
وليُعلم أن أخذ المال العام أشد حرمة من أخذ المال الخاص، فالأول اعتداء على حقوق المجتمع كله، والثاني اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله.
ففي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: “لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال النبي : كلا إني رأيته في النار في بردة غلَّها أو عباءة.
أي أنه أخذ شيئًا من الغنائم قبل تسليمها لولي الأمر وتوزيعها.
وكل إنسان أخذ شيئًا من الغنائم وبالتالي من المال العام دون وجه استحقاق سيفضحه الله تعالى على رءوس الأشهاد يوم القيامة،وسيأتي يحمله على عنقه مهما كان صغيرًا أو كبيرًا. قال تعالى: (وما كان لنبي أن يغُلَّ ومن يغلل يأتِ بما غَلَّ يوم القيامة ثم توفَّى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلَمون) [آل عمران:161]
ولذلك حذر رسول الله من الغلول “الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها” وعظم من شأنه، ففي الصحيحين أن النبي قام في الصحابة فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره.. قال: لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، على رقبته فرس لها حمحمة، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك من الله شيئاً قد أبلغتك……. إلى آخر الحديث.
وفي المسند وغيره أن النبي قال: (…. فإن الغلول يكون على أهله يوم القيامة عاراً وناراً وشناراً)
وفي صحيح البخاري أنه كان على ثقل رسول الله رجل يقال له: كركرة، فمات، فقال رسول الله : هو في النار، فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها.
فهذه بعض النصوص التي تدل بجلاء على عظم حرمة المال العام عند الله تعالى، والمال العام ملك لجميع المسلمين مرصود لإقامة مصالحهم الدينية والدنيوية.
رابعا / الايجابية في المحافظة عليه :
- تربية النشء في المدارس وغيرها على التعريف بالمال العام وحرمته ….من خلال موضوعات القراءة والتعبير والمسابقات في جائزة لأنظف فصل وبالتالى أفضل مدرسة فننشء جيلا يحافظ على المال العام .
- عمل إعلانات تليفزيونية ولوحات إرشادية في أماكن المرافق العامة لترشيد الاستهلاك وحرمة إهدار المال العام وتوضيح بعض القواعد للاستخدام الأمثل لها .
- قيام أئمة المساجد بالقاء بعض الخطب والدروس لبيان حرمة الممتلكات العامة و أن أخذ المال العام أشد حرمة من أخذ المال الخاص .
- نصيحة من نراه مهدرا للمال العام أو مضيعا له ، فإن أصر نقوم بتقديم شكوى إلى الجهات المختصة
- أن تقوم الدولة بترشيد النفقات وخاصة للمسؤولين الذين اشتهروا بذلك وإن لم يستقيموا يقالوا من مناصبهم، هذا مع تبني سياسة (تحديد النشل)- بالشين –
- محاسبة المفسدين من خلال إحكام الرقابة وإحالة من يثبت تفريطه للقضاء .
- أن يتقي الله كل واحد منا فيما ولاه الله واسترعاه عليه فلا يستغل جهة عمله لمآربه الشخصية ،أو لمصلحة أسرته وأقاربه .
خطورة إهدار المال العام على الفرد والمجتمع :
إن إهدار المال العام سبب رئيس لفشل الكثير من المشاريع التنموية ، وانتشار البطالة ، والرشوة ، والمحسوبية ،واحتياج الدولة للاستدانة الدائمة لسد العجز في ميزانيتها وقد حدث هذا في تركيا حينما قام أردوغان بالتحقيق في قضايا الفساد فوفر للميزانية 80 مليون دولار في ستة أشهر .
أضف إلى هذاوجود اللامبالاة عند بعض الناس وضعف الشعور بالانتماء الذي ربما يؤدي لسلوك عدواني عند بعض الأفراد لشعوره بالقهر والتمييز .