تنبؤات العام الجديد وعلاقة العرافين والمنجمين بالشياطين

تاريخ الإضافة 4 يناير, 2024 الزيارات : 767

علاقة العرافين والمنجمين بالشياطين

مع دخولنا لعام ميلادي جديدعام 2023 م ؛ لاحظت من خلال متابعتي للأخبار الأسبوع الماضي شغف كبير في كثير من المواقع الإخبارية والقنوات باستضافة من يسمون بـ “العرافين” أو ما يطلق عليهم أحيانا “المعالجين الروحانيين” وتوقعاتهم أو تنبؤاتهم بالعام الجديد.

وهذا الذي يحدث هو إفلاس، الإعلام طبعا مع كثرة المواقع والقنوات يحتاجون إلى ضخ الأخبار أربعة وعشرين ساعة متواصلة بلا انقطاع فأحيانا يحبون أن يتصدروا “الترند “ولو بشيء من التفاهات لشغل عقول ناس بشيء من الخيالات.

توقعات متكررة:

والطريف أني لما تأملت هذه التوقعات وجدت أن منها توقعات بنسبة خمسين بالمئة قيلت في العام الماضي والعام الذي قبله؛ يعني هي تكرار.

  فمثلا مقتل الرئيس الروسي هذه تكررت على العامين، وكأنهم يعرضون أمانيهم في صورة توقعات ستحدث بالفعل، العام الماضي قالوا ان الرئيس الامريكي سيصاب بمرض ويستقيل وأن نائبه سيتولى!!!!

وهذا العام قالوا سيصاب بالعمى ونائبه سيتولى!!!

 قالوا هذا عام صعب جدا، وقالوا عن عام 2022 صعب جدا، ولكن في آخره سيكون هناك انفراجة.

قالوا هذا عام أوبئة وأمراض ستنتشر وعام زلازل، وفي آخره سيكون رخاء.

وهو نفس الذي قيل في 2022 يقال أيضا في 2023!!!

لا يعلم المستقبل إلا الله:

المهم ليس هذا موضع استقصاء لهذه التفاهات، لكن أريد فقط أن أشير إلى معنى لابد وأن نعرفه نحن المسلمين وهو أن الاهتمام بهذه التفاهات أو الاعتقاد بصحتها حتى وإن تحقق منها شيء لا ينبغي للمسلم أبدا أن يتعلق قلبه بها.

ومعرفة الغيب والمستقبل لا يعلمه إلا الله عز وجل، وهو الذي قال لنبينا (قُل لَّاۤ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِی نَفۡعࣰا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاۤءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَیۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَیۡرِ وَمَا مَسَّنِیَ ٱلسُّوۤءُۚ إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ وَبَشِیرࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ) [الأعراف :188]

وهناك آيات عدة في القرآن الكريم تبين انه لا ينبغي لأحد أن يعلم الغيب إلا بوحي من الله، كقوله تعالى: (قُل لَّا یَعۡلَمُ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَیۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ وَمَا یَشۡعُرُونَ أَیَّانَ یُبۡعَثُونَ) [النمل :65]

استراق السمع من الملائكة:

لكن هناك طريق يسلكه الكفرة الذين يتعاملون مع الشياطين ممن عرفوا باسم العرافين أو قديما كان اسمهم الكهنة، هذا الطريق هو استراق السمع من الملائكة ما معنى هذا الكلام؟

قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم الجن فيهم صنف عنده قدرة على الطيران، فيصلون إلى السماء الدنيا ويتسمعون لكلام الملائكة بعضهم بعضا من وحي الله بأقداره، فينزل الشيطان على الكاهن من هؤلاء فيخبره بما سمع، فيخلط بها مائة كذبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

يعني نسبة الصدق لهؤلاء نسبة واحد بالمئة، ونسبة الكذب تسعة وتسعين بالمئة.

فإذا تحقق ما هو نسبته واحد بالمئة نسي الناس الكذب الباقي وقالوا هكذا قال العراف فلان، وهكذا تنبأت العراف الفلانية…. إلى آخره .

التخمين والتوقع:

وفي كأس العالم السابقة لما صعد المغرب لدور ربع النهائي قالوا : هناك عرافة قالت إن في فريق عربي سيصعد الأدوار النهائية في كأس العالم.

إذن فهذا ربما يكون تخمين أو توقع فيوافق قدر الله، ولذلك في المثل يقولون: (كذب المنجمون ولو صدفوا) بالفاء وليس بالقاف هو لا يصدق هو واحد يتكلم عن غيب، فربما يصادف كلامه قدر الله عز وجل، لأن ربنا جل جلاله له سنن، ومن يرزقه الله بصيرة وفطنة يقرأ هذه السنن جيدا، هاتوا المحللين السياسيين أو الاقتصاديين أو العسكريين لأن له خبرة في مجاله الخاص به ثلاثين سنة أو أربعين سنة يستطيع أن يتوقع الاحداث.

أي قارئ للتاريخ جيدا وفاهم لتوازنات القوى يستطيع أن يتنبأ ببعض الأحداث التي تحدث وهذا ليس من باب الرجم بالغيب ولا العرافة والكهانة إنما من باب فهم كيف تدار الامور.

ولتلدن ملكا يقال له: معاوية:

نرجع مرة اخرى فالطريقة الأولى التخمين والتوقع.

الطريقة الثانية: استراق السمع وهذا كان كثيرا جدا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، من هذا مثلا ما ذكره الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية في ترجمته للصحابي الجليل معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه.

 وكانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي، وكان الفاكه من فتيان قريش، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن، فخلا ذلك البيت يوما، فاضطجع الفاكه وهند فيه في وقت القائلة، ثم خرج الفاكه لبعض شأنه، وأقبل رجل ممن كان يغشاه، فولج البيت، فلما رأى المرأة ولى هاربا، وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت، فأقبل إلى هند فضربها برجله، وقال: من هذا الذي كان عندك؟ قالت: ما رأيت أحدا، ولا انتبهت حتى أنبهتني أنت. فقال لها: الحقي بأبيك.

وتكلم فيها الناس، فقال لها أبوها: يا بنية، إن الناس قد أكثروا فيك، فأنبئيني نبأك، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله فينقطع عنك القالة، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن.

فحلفت له بما كانوا يحلفون في الجاهلية إنه لكاذب عليها.

فقال عتبة للفاكه: يا هذا، إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن.

فخرج الفاكه في بعض جماعة من بني مخزوم، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف، وخرجوا معهم بهند ونسوة معها، فلما شارفوا البلاد وقالوا: غدا نرد على الكاهن، تنكرت حال هند وتغير وجهها، فقال لها أبوها: يا بنية، قد أرى ما بك من تنكر الحال، وما ذاك عندك إلا لمكروه فألا كان هذا قبل أن يشتهر في الناس مسيرنا؟

فقالت: والله يا أبتاه ما هذا الذي تراه مني لمكروه وقع مني، وإني لبريئة، ولكن هذا الذي تراه من الحزن وتغير الحال هو أني أعلم أنكم تأتون هذا الكاهن، وهو بشر يخطئ ويصيب، ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون على سبة في العرب.

فقال لها أبوها: لا تخافي فإني سوف أختبره وأمتحنه قبل أن يتكلم في شأنك وأمرك، فإن أخطأ فيما أمتحنه به لم أدعه يتكلم في أمرك.

ثم إنه انفرد عن القوم – وكان راكبا مهرا – حتى توارى عنهم خلف رابية، فنزل عن فرسه، ثم صفر له حتى أدلى، ثم أخذ حبة بر(قمح)، فأدخلها في إحليل المهر، وأوكى عليها بسير، فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم، فلما تغدوا قال له عتبة: إنا قد جئناك في أمر، ولكن لا أدعك تتكلم فيه حتى تبين لنا ما خبأت لك، فإني قد خبأت لك خبيئا، فانظر ما هو؟

قال الكاهن: ثمرة في كمرة. قال: أريد أبين من هذا. قال: حبة من بر في إحليل مهر.

قال: صدقت، فخذ لما جئناك له، انظر في أمر هؤلاء النسوة. فأجلس النساء خلفه، وهند معهم لا يعرفها، ثم جعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها ويقول: انهضي. حتى دنا من هند، فضرب كتفها وقال: انهضي، غير وسخاء، ولا زانية، ولتلدن ملكا يقال له: معاوية.

فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها، فنترت يدها من يده، وقالت له إليك عني، والله لا يجمع رأسي ورأسك وسادة، والله لأحرصن على أن يكون هذا الملك من غيرك. فتزوجها أبو سفيان بن حرب، فجاءت منه بمعاوية.

فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً :

إذن هذه الحادثة المشهورة هي من استراق السمع الذي كانت الشياطين تفعله في الجاهلية، وكان كثيرا فلما بعث رسول الله كان يحدث لهم الرجم بالشهب كما هو معلوم لدينا من آيات سورة الجن.

وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآيات روايات منها ما أخرجه الشيخان والترمذي ، عن ابن عباس أنه قال : ” انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه ، عامدين إلى سوق عكاظ بنخلة ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : مالكم ؟ قالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب ، قالوا : ما ذاك إلا لشيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فانظروا ما هذا الذى حال بيننا وبين خبر السماء ؟ فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربهما، فمر النفر – من الجن – الذي أخذوا نحو تهامة، عامدين إلى سوق عكاظ، فوجدوا الرسول صلى الله عليه وسلم بنخلة يصلى بأصحابه صلاة الصبح، فلما سمعوا القرآن، استمعوا إليه وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء “. 

فرجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا، إنا سمعنا قرآنا عجبا، يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا، وأنزل الله – تعالى – على نبيه {قُلۡ أوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ} [الجن: 1] 

وقال تعالى حكاية عنهم: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السماء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآن يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ) [الجن :8،9] 

أى : وأنا طلبنا أخبار السماء كما هي عادتنا قبل أن نؤمن {فَوَجَدۡنَٰهَا مُلِئَتۡ حَرَسٗا شَدِيدٗا وَشُهُبٗا} [الجن: 8] أي : فوجدناها قد امتلأت بالحراس الأشداء من الملائكة الذين يحرسونها من استراق السمع، كما أنا قد وجدناها قد امتلأت بالشهب التي تنقض على مسترقى السمع فتحرقهم .

{وَأَنَّا كُنَّا نَقۡعُدُ مِنۡهَا} [الجن: 9] أي من السماء {مَقَٰعِدَ لِلسَّمۡعِ} [الجن: 9] أي: كنا نقعد منها مقاعد كائنة للسمع، خالية من الحرس والشهب

{فَمَن يَسۡتَمِعِ ٱلۡأٓنَ} [الجن: 9] بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم {يَجِدۡ لَهُۥ شِهَابٗا رَّصَدٗا} [الجن: 9] أي: فمن يجلس الآن ليسترق السمع من السماء يجد له شهابا معدا ومهيأ للانقضاض عليه فيهلكه

كيف يسترقون السمع؟

وفي الحديث بين النبي كيف يسترقون السمع إلى الآن رغم الخطورة البالغة عليهم، يقول: (إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان.

فإذا فزع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربكم؟

قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع -ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر؛ ووصف سفيان بيده، وفرج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بعضها فوق بعض- فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه، إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض، فتلقى على فم الساحر، فيكذب معها مئة كذبة، فيصدق؛ فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا، فوجدناه حقا؟ للكلمة التي سمعت من السماء.)  صحيح البخاري عن أبي هريرة

فالله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الغيب كله، ولا يطلع على غيبه أحدا إلا بما شاء وكيف شاء، وكل من ادعى علم شيء من الغيب من المنجمين والسحرة فهو كاذب؛ فينبغي لكل عاقل أن يأخذ بما في كتاب الله وبما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا قضى الله الأمر وقدره في السماء، أي: بأمر من أمور الخلق، ضربت الملائكة بأجنحتها «خضعانا» منقادين طائعين لقوله جل وعلا، ويكون القول المسموع يشبه صوت وقع السلسلة على «صفوان» وهو الحجر الأملس، «ينفذهم ذلك»، أي: ينفذ الله ما أمر به وقضى إلى ملائكته.

فإذا «فزع عن قلوبهم»، أي: أزيل الخوف عن قلوبهم، مصداقا لقول الله تعالى: {حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّ} [سبأ: 23] [سبأ: 23]
فسألت الملائكة بعضها بعضا: ماذا قال ربكم؟

فيقول المقربون من الملائكة -كجبريل وميكائيل- مجيبين: قال الله القول الحق، وهو «العلي الكبير»

وفي الحديث عن ابن عباس بينَما رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ جالسٌ في نفرٍ مِن أصحابِهِ إذ رُمِيَ بنجمٍ فاستَنارَ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ما كنتُمْ تقولونَ لمثلِ هذا في الجاهليَّةِ إذا رأيتُموه؟ قالوا: كنَّا نقولُ: يموتُ عظيمٌ أو يولَدُ عظيمٌ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: فإنَّهُ لا يُرمَى بِهِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ ولَكِنَّ ربَّنا تبارك اسمُهُ وتعالى إذا قضى أمرًا سبَّحَ حملةُ العرشِ ثمَّ سبَّحَ أَهْلُ السَّماءِ الَّذينَ يلونَهُم ثمَّ الَّذينَ يلونَهُم حتَّى يبلُغَ التَّسبيحُ إلى هذِهِ السَّماءِ، ثمَّ سألَ أَهْلُ السَّماءِ السَّادسةِ أَهْلَ السَّماءِ السَّابعةِ: ماذا قالَ ربُّكم؟ قالَ: فيخبرونَهُم ثمَّ يستخبرُ أَهْلُ كلِّ سماءٍ حتَّى يبلغَ الخبرُ أَهْلَ السَّماءِ الدُّنيا وتختَطفُ الشَّياطينُ السَّمعَ فيرمونَ فيقذفونَهُ إلى أوليائِهِم فما جاءوا بِهِ على وجهِهِ فَهوَ حقٌّ، ولَكِنَّهم يحرِّفونَهُ ويَزيدونَ) رواه مسلم

هل المنجمين يعلمون المستقبل؟

إذن فهذا الأمر أخبرنا النبي عن كيفية حدوثه، وأن الكهنة ومن يتصل بهم من الشياطين، لا يعلمون الغيب كله، وحينما يخبرون بشيء يقع حقا إما أن يكون قد جاء من استراق السمع وإما أن يكون موافقا لقدر الله جل وعلا.

 ليس في الإسلام شيء متعلق بالنجوم، هذا من إفك السحرة والنصابين، موضوع الأبراج وفلان برج الميزان وهذا برج الحوت وآخر برج الدلو، كل هذه أكاذيب يضحكون بها على الناس.

 نحن البشر أي واحد دارس للنفس البشرية يستطيع تحليل صفات الانسان إنما يأتي ويقول صفات برج الحوت كذا وهو يميل إلى كذا ويكره كذا لو جمعت الصفات كلها لرأيت انها صفات كل البشر، والعجيب ان بعض الناس يقرأ ويصدق ويقول نعم أنا كذلك نعم أنت بشر، هو لا يتكلم عن سكان كوكب المريخ!!! نتكلم عن البشر.

 فإذا قلت إن الناس في هذه الدنيا يأكلون ويشربون فهذا ليس شيئا خياليا هذا شيء واقع، لو قلت إنك سريع التأثر شيء طبيعي انك انسان تتأثر، لو قلت إن حولك أصدقاء هذا شيء طبيعي لأن الانسان بطبيعته اجتماعي لو قلت انك تبحث عن المال هذه جبلة وأمر خلقنا الله عليه، لكن هم يتلاعبون بالناس من خلال البحث عن الخلاص من المشاكل والهموم ، والحرص على معرفة المستقبل، وطبعا فيه بزنس وفيه فلوس وفيه قنوات فضائية واذا أحببت أن تعرف شيئا ادفع بالفيزا كارد وستعرف حظك اليوم وبرجك ….. مع العالم الروحاني والعالم الروحانية وخبير الابراج …. وكل هذا كذب في كذب ودجل في دجل، فلا تعلق للإنسان لا بحركة النجوم، ولا بطلوع نجم أو نزول نجم ولا أفل نجمه ولا غاب نجمه ولا علا نجمه!!!

من يعلو في الدنيا يعلو بأمر الله ومن يخفض يخفض بأمر الله (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير) [آل عمران ]

والتعبيرات الاعلامية: فلان محظوظ، هذا فلان حظه اليوم… شهر حظه هذا الشهر… حظه ضرب معه…. اعطيني حظ وارميني في البحر ….

هذا كذب في كذب ليس هناك شيء اعتباطي أو مصادفة في الكون قال تعالى : (إنا كل شيء خلقناه بقدر) [القمر: 49]،

هذا كلام رب العالمين.

وفي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم   قال : ” من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ” ، رواه الترمذي

وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من أتى كاهنا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ” ، رواه مسلم

 أربعين يوما لا ترفع صلاتك فوق رأسك شبرا!!!

هذه الأمور ربما من البديهيات عند البعض لكنها في أبناء الجيل الحالي صار أمرا عاديا إن المسلم مهتم بالأبراج وبالحظ وموضوع زواج واحدة من برج الحوت على واحد من برج الميزان …هل سيكون الزواج سعيدا أم غير سعيد؟ كل هذا لا صلة له أبدا أبدا بالواقع، كلها خرافات واكاذيب،

وقد علم النبي اتباعه شيء اسمه صلاة الاستخارة، فما كان غيبا محجوبا عنك، قل : اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك، واسألك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا اقدر، وانك تعلم ولا اعلم وانت علام الغيوب) فيظهر لك الله الأمر، يكشف الله لك الغيب بتيسيره إن كان خيرا أو بصرفه عنك إن كان شرا، هذا هو المسلم.

 عراف الرئيس:

 لما قرأت في الموضوع وتوسعت فيه وجدت أن هناك رؤساء لدول كبرى لهم استشاريين من هؤلاء الناس، يعني لما يأخذ قرار مصيري أو قرار شديد يستشير هؤلاء الكهنة والعرافين … وفي العراف فلاني متخصص مع الرئيس كذا ويطلب بالطائرة ليذهب للرئيس كذا …. وكل هذا يا اخواني دجل في دجل.

 كما قلت ( لا يعلم الغيب الا الله ) والسحرة والمنجمون لا يعلمون الغيب ،  وشياطين الجن لا يعلمون الغيب ، لكنهم  يسترقون السمع أي يسعون إلى سماع الكلمات التي تكررها الملائكة ، يصعدون إلى السماء الأولى يقاربونها ، والملائكة أنفسهم لم يعلموا ذلك إلا بعد أن أعلمهم الله تعالى ، وبعد أن علموا به لم يعد غيب مطلق ولكن قبل ذلك هم كباقي المخلوقات لا يعرفون الغيب ولا شيء فكان ذلك لأن الله أخبرهم وأبلغهم .

ولذلك سليمان عليه السلام سخر الله له الشياطين ولما مات لم تعلم الشياطين شيئا عن موته قال تعالى :  (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) [ سبأ : 14]

 سيدنا سليمان كبر في السن فكان يصلي متكئا على عصا، المنسأة : العصا، فجاء النمل الأبيض المعروف باسم الأرضة فجعل يأكل في هذه العصا، فلما نخرت انكسرت فلما خر (وقع) تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.

الجن قد يعرفون الماضي والحاضر:

 مسألة اخيرة حتى تتضح الصورة كاملة، بعض من يذهب إلى السحرة والدجالين يخبره عن حياته، وعن معاناته مع مرض أو مع شيء، فيفتن ويقول هذا شيخ بركة، هذا سره باتع هذا رجل يعرف ماذا يخبرك؟ يقول لك انت فلان الفلاني، اسم أمك كذا وكذا، أنت كنت مريضا من خلال عدة سنوات ذهبت إلى فلان …عملت عملية جراحية ….خسرت في التجارة، سافرت إلى البلد الفلاني… إلى اخره إلى اخره.

فانت ترى نفسك كتابك مفتوحا وتقول إذن هذا الرجل مبارك هذا الرجل يعرف…. وهذا شيء ليس له إلا تفسير واحد، ما هو؟

هذا الساحر له شياطين، تخدمه فكلما كان الساحر أكثر كفرا بالله عز وجل -نسأل الله عافيته- وكلما كان يؤدي أفعال كفر يرضى عنه الشيطان ويجعل في خدمته مئات وربما آلاف من الشياطين، هذه الشياطين تتعامل مع قرينك هو الملازم لك منذ ولادتك إلى أن تموت، فكل أخبارك وكل ماضيك من السهل أن يعرفه القرين ، فيتواصل مع الشياطين ويخبرهم، فينطق الساحر بما هو من معلومات فالجن يعلمون الغيب الماضي، أو الحاضر الآن لكن لا يعلمون المستقبل، يعني الجن لما يخبرك عن معلومات كثير من الناس يعرفونها، هذا ليس رجم بالغيب.

 هذا ليس شيء مجهول بل هو معلوم، لكن حينما يخبر عن المستقبل فهذا هو الكذب، واعتقاد انه يؤثر أو يغير في المستقبل، أو ان المستقبل سيكون كذا ان كان كذا فان فعلت كذا سيكون كذا، كله كذب في كذب، فالشياطين حتى وإن علمت بعض الغيب لا تستطيع تغيير قدر الله أبدا.

فالغيب النسبي تعرفه الجن والجن عنده قدرة على نقل الاخبار سريعة جدا سرعة في الحركة وسرعة في نقل الاخبار كلمح البصر بالنسبة للانس، فليس من الصعوبة بمكان انه يخبرك، فيفتن الناس.

 اما الغيب المطلق الذي لا يعلمه إلا الله فإن هذا الغيب لا يعرفه أحد إلا إذا كان وحيا من الله، أو رؤيا يراها مسلم صادق أو كما قلت بعضا مما تسترقه الشياطين من الملائكة في السماء الدنيا.

الحظ والنحس:

ليس هناك شيء اسمه فلان محظوظ وفلان منحوس، الحظ والنحس بمفهومنا لا علاقة له بقدر الله، كل شيء من أقدار الله بحكمة، لكن الفشلة يعلقون الأمور على هذا الوهم، الفشلة الذين لا يريدون التعب، ولا يريدون البذل، ولا يريدون السعي للنجاح، يعلق المسألة على أن فلان زميله، أصبح الآن كذا  لأنه محظوظ أنا لم أفعل شيء أو لم أنجح لأني منحوس، كلما أردت فعل شيء أفشل، فهذا نحس يلازمني، أما فلان زميلي أما فلان جاري…

ولو قرأت في قصص الناجحين لعلمت أن الكثير منهم تعلموا من فشلهم، وكأن الفشل يكسب الانسان خبرات، فهذا مخترع المصباح اديسون لما اخترع المصباح الكهربائي قالوا إنه قام بتسعة وتسعين تجربة فاشلة، بمفهوم الناس حديثا هذا انسان فاشل؟

لكنه بالتجربة رقم مائة كانت المرة التي فيها النجاح، ولما سألوه عن اصراره قال لم أخسر شيئا إنما علمت تسعة وتسعين طريقا خطأ لعمل المصباح الكهربي، الآن وصل إلى الطريق الصحيحة.

 وكان هناك شخص مزارع في المكسيك عمل بالزراعة، لكن كلما زرع شيئا ظهرت له فيه آفة أو مشكلة فيفسد الزرع، عشر سنوات خسر كل شيء، فتوقف الرجل مع نفسه ما هذه القصة؟ ولا مرة زرعت شيئا ووجدت له ثمرة؟

فخطرت له فكرة فقام بتأليف كتاب ذكر فيه خبرة العشر سنين وصار من أشهر الناس في المكسيك في المجال الزراعي.

فسبحان الله العظيم، فخبرته في الفشل كانت سبب لنجاحه، وهكذا الانسان العاقل ينظر للأمور بإيجابية، أما تعليق الأمور على شماعة الحظ والنحس … نحن أسرة منحوسة …. أنا وعائلتي معمول لنا عمل، …عمتي كانت كذا فعملت لنا سحر….. أصل انا خطبت فلانة الفلانية فأمها قالت لي لن تربح ولن ….

 المقدر للكون كله هو الله، المدبر للأمور كلها هو الله، الحافظ من السوء هو الله وحده جل في علاه.

 يا اخواني الكون ليس بيد الشياطين والجن والسحرة والكهنة والعرافين كما يخيل عند البعض.

 الكون كله بيد الله، مالك الملك له الخلق والامر، اليه يرجع الامر كله، إذن فأنا يتعلق قلبي بالله وحده، اذا أحسنت اسأل الله تعالى أن يسددني هذا من فضل ربي، وإذا أخفقت أراجع نفسي.

 الصحابة ومعهم رسول الله فرطوا في سنة من سنن الله، الرسول في غزوة أحد أوقف على جبل الرماة خمسين، لحماية ظهر الصحابة  وقال لا تتركوا أماكنكم وإن رأيتمونا تتخطفنا الطير، النسور والصقور لو نزلت من السماء تخطفنا ، لا تنزلوا، أمر عسكري واضح ونافذ.

 انتهت المعركة، وأرادوا المشاركة في جمع الغنائم لأن المشركين فروا وتركوا كل شيء ورائهم وخالفوا أمر رسول الله … وكان خالد بن الوليد لا يزال على الشرك وقتها معه 200 فارس، استدار بمن معه وأمطر المسلمين بالسهام فاضطربت أرض المعركة ولم يدر المسلمون من أين يؤتوا وكانت انتكاسة أحد وارتقى سبعون شهيدا إلى الله رب العالمين.

وذكر هذا في سورة ال عمران قال تعالى : أَوَلَمَّاۤ أَصَـٰبَتۡكُم مُّصِیبَةࣱ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَیۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَـٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ) [آل عمران 165]

 فيهم رسول الله… رسول الله معهم، الوحي يتنزل عليه، يصلون أفضل منا ويقيمون الليل خير منا، يرتلون القرآن كأحسن ما يكون، لكنهم قصروا في قانون من قوانين الله في الكون، في سنة من سنن الله الجارية، فعاتبهم الله وقال (قل هو من عند أنفسكم)  بتقصيركم حدث هذا!!

 خلاصة كلامنا:

  • لا ينبغي للمسلم أن يتعلق بهذه الأخبار ولا بهذه الخرافات، وأن يعلم أن الملك بيد الله عز وجل.
  • ليس هناك شيء اسمه تأثير النجوم على مستقبل الانسان كل شيء يقع بقدر الله، قال تعالى : ( وَإِن یَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرࣲّ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥۤ إِلَّا هُوَۖ وَإِن یُرِدۡكَ بِخَیۡرࣲ فَلَا رَاۤدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ یُصِیبُ بِهِۦ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ) [يونس 107]

 لا أريد أن أطيل عليكم أكثر من هذا،

أسأل الله تعالى أن يكون فيما ذكرناه نبراسا ونورا لكل من أراد أن يتعلم دينه،

وأن يعلم أن الغيب بيد الله وأن ما في المستقبل لا يدبره ولا يعلم أمره إلا الله جل وعلا.

اللهم اجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين، اللهم امين.

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 12 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع