مسائل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

تاريخ الإضافة 3 يونيو, 2022 الزيارات : 4172

مسائل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

1- ماحكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟

الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فرض كفاية.

ومعروف أن فرض العين هو الذي يتعين على كل شخص بعينه، كفرضية صلاة الجمعة.

وفرض الكفاية: هو الذي إذا قام به عدد يحصل بهم المقصود، سقط الإثم عن الباقين.

ويناقش بعض العلماء أفضلية الواجب الكفائي، بأنه فاضل وأجره كثير، لأن العامل للواجب العيني أبرأ ذمة نفسه، أما من يقوم بالواجبات الكفائية فقد أبرأ ذمته وذمة غيره من الناس، وبهذا يكون الواجب الكفائي أفضل من الواجب العيني.

2- ما الصفات التي ينبغي أن يتحلى به الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ؟

أولاً: العلم:

يجب على الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، أن يكون عالمًا بالشيء الذي يأمر به، وينهى عنه.

هذه الصفة لابد أن توجد قبل البدء في الأمر والنهي، يكون عالمًا بما يأمر به من معروف، وينهى به عن منكر.

ولا يعني هذا أنه لا يأمر إلا العلماء، أو طلبة العلم، المهم النهي عن المنكر باعتبار أنه منكر، أو الأمر بالمعروف على اعتبار أنه معروف، حتى نكون على بصيرة، ونكون ممن قال الله تعالى فيهم: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) [يوسف: 108]. أي على علم، وعلى هدى.

ومعلوم أن الغرض من هذا الأمر أن ينقذ الجاهل من جهله إلى العلم، والعاصي من عصيانه إلى الطاعة، وهذا لا يتم إلا بعلم.

وهذا العلم يجب أن يكون مستمدًا من كتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

ثانيًا: الحلم:

يجب على الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، أن يكون حليمًا، حتى لا يثور ويغضب عندما يُجابه بشيء لا يرضيه أو لم يتوقعه، فيفسد أكثر مما يصلح، وحتى لا يتأثر فيصبح الموضوع انتقامًا للنفس وتشفيًا، بل إنكارًا لما يغضب الله سبحانه وتعالى، ورغبة في تصحيح الأوضاع.

 

ثالثا: الصبر:

الصبر على ما يناله، ولهذا وصفت هذه الأمة بالصبر، ودعيت إليه، وأول ما أمر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، بإبلاغ الرسالة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في قول الله تعالى: (يأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) [المدثر: 1-7].

يأمر الله سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، (قُمْ فَأَنْذِرْ)، ثم يأمره سبحانه وتعالى، بالصبر على ذلك. لأنه يعلم سبحانه أنه سيواجه بالابتلاء والامتحان.

والله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف: 35].

فلابد للآمر بالمعروف، أو الناهي عن المنكر، أن يروِّض نفسه على الحلم، وعلى الصبر ولو أصيب في ذات الله.

رابعا : اللين والتودد:

يقول تعالى: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران: 159].

وخير قدوة لنا في هذا المجال الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان عليه الصلاة والسلام، كثيرًا ما يُعالج المنكر بأسلوب يتلاءم مع الوضع الذي فيه المنكر.

ففي صحيح مسلم، عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: «بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما نهرني ولا ضربني ولا شتمني قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».رواه مسلم

وعن أبي هريرة قال: «قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوه، وهريقوا على ما بوله سجلاً من ماء – أو ذنوبًا من ماء – فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين» وهذا لفظ البخاري.

فالآمر والناهي ينبغي أن يستعمل الأساليب التي فيها لين، ورفق، ورحمة لكي يحبه الناس، ويستمعوا لقوله، ولكي تنعطف قلوبهم إليه، لأنك تسعى لإصلاحهم ولم شملهم، وتعليمهم، وهدايتهم لا للشماتة بهم وتحقيرهم، وفضحهم والسخرية منهم، وهذا ديدن الطبيب، فإنه لا ينتهر المريض بل يلين له القول حتى يقبل منه ويستمع إليه.

3- ما هي مراتب وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

وهذه المراتب بينها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»رواه مسلم

والخطاب هنا للجميع، وكلمة (من) هنا في أول الحديث للعموم من العقلاء، وتعم الصغير والكبير، والذكر والأنثى، وتعم أي واحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

ومراتب وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من خلال الحديث هي:

* الإنكار باليد.

* الإنكار باللسان.

* الإنكار بالقلب.

* من يقوى على إنكار منكر باليد وأنكره باللسان ولم يمتثل المنكر عليه، ولم يستعمل اليد يكون آثمًا.

أما إذا لم يقدر على استعمال اليد وأنكر باللسان فذاك واجبه، وقد قضى ما عليه وبرئت ذمته.

* من استطاع أن يقول قولاً من الخير في الأمر بالمعروف، أو النهي عن المنكر، وسكت ولم ينكره باللسان، يكون قد عطل ما أقدره الله عليه فيعتبر آثمًا. لأنه أنكره بقلبه وهو يستطيع أن ينكره بلسانه.

فليحاسب المرء نفسه مع هذه المراتب، ويرى موقعه منها.

مراتب المنكر الذي ينكره المرء

يختلف المنكر قوة وضعفًا، فتارة يكون من الشرك، وتارة يكون من المعاصي، هذا من جانب.

ومن جانب تفاوته في الأمر، إذا وجد منكرًا متفاوتًا فهنا يحكمه أو يدلنا على علاجه وإنكاره، قوله عليه الصلاة والسلام. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن فقال: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينهما وبين الله حجاب» رواه البخاري

وأما مراتب إنكار المنكر ، فقد ذكر ابن القيم – رحمه الله تعالى – أربع مراتب هي:

المرتبة الأولى: أن يغلب على ظنك أنك إذا أنكرت هذا المنكر أن يحل محله معروف.

المرتبة الثانية: أن يغلب على ظنك أنك إذا أنكرت المنكر أن يخف المنكر.

المرتبة الثالثة: أن يتساويا، أي بمعنى أنه قد يترك المنكر الذي هو واقع فيه، لكن ينتقل إلى منكر يساويه.

المرتبة الرابعة: أن ينتقل من منكر إلى ما هو أشد وأنكى منه.

قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -:

* أما الأولان فمشروعان: يعني إذا كان إنكار المنكر يؤدي إلى إجلال معروف، أو يخف المنكر فهذا لا يختلف عليه.

* وأما الثالثة إذا تساويا: يعني إذا خرج من كبيرة أنكرتها عليه، ذهب وارتكب كبيرة مشابهة لها. فيقول – رحمه الله -: «أما هذا فمحل اجتهاد». بمعنى أن الإنسان يجتهد إن رأى المصلحة في الإنكار عليه أنكر، وإن رأى المصلحة في تركه فليتركه.

* وأما الرابعة وهي الخطرة: وقد قال: «إذا رأيت من هو على منكر وأنكرت عليه وترك ما هو فيه لذهب وارتكب لما هو أشد منه».

وينقل ابن القيم عن شيخه (شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى –) ما نصه فيقول: «مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرت عليه، وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس» إعلام الموقعين (3/16)

4- هل يلزم من إنكار المنكر مظنة الاستجابة ؟

نقول: لا؛ لأن الاستجابة أمر لله وليس لك، إن عليك إلا البلاغ، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.

فلا يلزم ألا تأمر فلانًا بمعروف ولا تنهاه عن منكر إلا إذا غلب على ظنك أنه يستجيب. وهذا حجر عثرة في الدعوة إلى الله، وحجر عثرة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

أما كون المأمور أو المنهي يقبل أو لا يقبل فهذه من الأمور المنفية عنك وعن من هو أفضل منك! يقول – تعالى – لنبيه، عليه الصلاة والسلام: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [القصص: 56].

5- هل يلزم من إنكار المنكر ألا يكون المنكر (بكسر الكاف )مرتكبا لذلك المنكر؟

رجل يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر فهل يلزم أن يكون في أمره بالمعروف قد امتثل وفي نهيه عن المنكر قد انتهى.

الصحيح أنه لا يلزمه ذلك.

فارتكابه للزنا مثلاً معصية كبرى، ونهيه عنها بجد وصدق طاعة يدخل في ميزان حسناته.

* فارتكابه السوء معدود عليه في حساب السيئات.

* ونهيه الغير عن فعل هذه المعصية، محسوب له عند ربنا في ميزان الحسنات.

قال الله تعالى في حق بني إسرائيل: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة: 79].

قال القرطبي في تفسيره: «وقال حذاق من أهل العلم: وليس من شرط الناهي أن يكون سليمًا عن معصية، بل ينهى العصاة بعضهم بعضًا».

وقال بعض الأصوليين: «فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضًا»، واستدلوا بهذه الآية، قالوا: لأن قوله: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ). يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي». تفسير القرطبي: (6/253)

 

إلا أنه قد يتأكد الأمر عليه أكثر، لأنه عرف أن هذا منكر وارتكبه، ويقول للناس لا ترتكبوه، وعرف أن هذا معروف وتركه، ويقول للناس افعلوه، فليس ثمة شك في أن هذا نقص، وأنه عيب، وليس خافيًا أن من وسائل الاستجابة امتثال الآمر بما يأمر، وانتهاؤه عما ينكر.

وفي مثله جاء قوله تعالى: ( يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)[الصف: 2، 3].

والحاصل: أنه يلزمه الأمر بالمعروف حتى وإن لم يمتثله، ويلزمه النهي عن المنكر وإن ارتكبه، ومن العار والعيب أن يبقى قوله مخالفًا لفعله.

 6-ما الفرق المداهنة والمداراة ؟

المداهنة:

يقول العلماء في تعريفها: (المداهنة أن تسكت عما يجب عليك النطق به، أو أن تترك ما يجب عليك فعله لغرض دنيوي).

أما المداراة:

«فهي أن تدرأ الشر عن الدعوة إلى الله، أو تدرأها عن نفسك في مجال الدعوة إلى الله».

فالأولى في أمر خاص وهذه في أمر عام.

* قال الحافظ ابن حجر، في فتح الباري (0/428) ، ما خلاصته:

الفرق بين المداراة والمداهنة:

إن المداراة: هي خفض الجناح للناس والرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإِغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولا سيما إذا احتيج إلى تألف، وهي من أخلاق المؤمنين ومندوب إليها.

والمداهنة: مأخوذة من الدهان، وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه: كمعاشرة الفاسق، وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه، وهي محرمة منهي عنها.

* وقال ابن القيم، في كتابه الروح ص281، ما ملخصه:

والفرق بين المداراة والمداهنة:

أن المداراة: التلطف بالإنسان لتستخرج منه الحق، أو ترده عن الباطل.

والمداهنة: التلطف به لتقره على باطله، وتتركه على هواه.

فالمداراة لأهل الإيمان، والمداهنة لأهل النفاق.

مثال ذلك: «رجل به قرحة فجاءه الطبيب الرفيق فتعرف على حالها، ثم أخذ في تليينها حتى إذا نضجت بطها برفق وسهولة، فأخرج ما فيها ثم وضع عليها من الدواء ما يمنع الفساد ويقطع المادة، ثم تابع عليها المراهم المنبتة للحم، ثم ذر عليها ما ينشف الرطوبة، ثم شد عليها الرباط. ولم يزل حتى صلحت»، فهذا المداري.

وأما المداهن فقال لصاحبها: «لا بأس عليك منها، وهذه لا شيء! فاسترها عن العيون بخرقة ثم الْهُ عنها، وهذا لما رأى من جزعه من بطها، فلم تزل مادتها تقوى وتستحكم، حتى زادت موادها وعظم فسادها». انتهى.

إذا كان الوضع يقتضي ألا تنكر باليد وتركت الإنكار باليد مداراة خشية أن تتضرر أو يتضرر من حولك، هذا لا يكون فاعله مرتكبًا منكرًا.

ومما يدل على هذا، أن الرسول عليه الصلاة والسلام، جلس في مكة ثلاثة عشر عامًا بعد الرسالة يأتي للبيت ويطوف به، والأصنام معلقة ثلاثمائة وستون صنمًا، ويصلي وهي أمامه، وكان ينكر باللسان، لكن لما لم يكن له قوة تحميه ولما كان استعمال اليد في ذلك الوقت يأتي بمردود أشد وأكثر بلاءً للإسلام والمسلمين ما استعمل القوة أبدًا.

ولكنه لما عاد فاتحًا لها هل جاء بما يسميه بعض الناس في عصرنا سنة التدرج في إزالة المنكر، أو سنة التصحيح أو سنة الوضع، أو ما إلى ذلك بل أقبل عليها بالقضيب يضربها وهو يقرأ قول الله: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء: 81].

فالمداراة مرتبطة بالأمر العام، بأمر الدعوة، بأمر إنكار المنكر، بمصلحة الدعوة نفسها، ومصلحة إنكار المنكر نفسه، فإذا اقتضى الحال أن تسكت عن أمر ما لأنك لو نطقت بإنكاره لجاءك ضرر أو انتقل الضرر إلى دعوتك أو من حولك، فهنا تسكت مداراة ودرءًا للفتنة، لا مداهنة وتملقًا للباطل وأهله.

7- هل يجب على الداعية أن يأخذ الموافقة من ولاة الأمر أو من الحكومة مثلا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

وهذا السؤال منبعث من واقعنا المريض نحن المسلمين، فالله تعالى يقول: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ) [آل عمران: 104] ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرًا…».

فما الذي يربط الدعوة بولي الأمر؟

وما الذي يربط إنكار المنكر بولي الأمر؟!

أما الأمور الظاهرة فهذه يعالجها المختصون، ولكن الأمور الداخلية أو الأمور الفردية أو ما إلى ذلك فالمسلم يدعو إلى الله ممتثلاً أمر الله الذي يقول: (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ) ويقول: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا) [فصلت: 33].

8- هل تبرأ الذمة بإنكار المنكر مرة واحدة أم أن الواجب الاستمرار؟

لا تبرأ الذمة بإنكار المنكر مرة واحدة، إلا إذا كان منكرًا واحدًا ولم يتكرر ولم يقع مرة ثانية، فالمطلوب المواصلة في الإنكار فيما تكرر أو جدَّ أو أصر عليه صاحبه، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره…» الحديث عام يشمل من رآه أول مرة ومن تكررت رؤيته للمنكر.

ما قولك في قول الله تعالى: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة: 105]؟

الآية تفيد الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في قوله سبحانه: (آمَنُوا)، وقوله: (اهْتَدَيْتُمْ).

فمقتضى الإيمان الحق والهداية المطلوبة ذلك.

وقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي أمية الشعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني، فقلت له: كيف تصنع في هذه الآية؟ قال: أية آية؟. قلت: قوله تعالى: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) ؟ قال: أما والله لقد سألتُ عنها خبيرًا، سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوى متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة؛ فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم». قال عبد الله بن المبارك: وزادني غير عبثة، قيل: يا رسول الله! أجر خمسين منا أو منهم؟ قال: «بل أجر خمسين منكم». أخرجه أبو داود

ويلاحظ أن فضل الصحابة مطلق، وأن هذا الفضل مقيد بالحالة المذكورة، والفضل المطلق أفضل من الفضل المقيد.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 278 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم