في عام 1994 م نقلت للعمل بأحد المساجد بمدينة بلبيس بمصر وكان المؤذن -رحمه الله – من عادته أن يقف على الباب بعد صلاة الجمعة ليعطيه بعض المصلين صدقة أو إحسانا ، وكان من عادتي عمل درس في الفقه بعد صلاة الجمعة لمدة 20 دقيقة ، فرأى هذا الرجل – من وجهة نظره – أني بذلك قطعت أكل عيشه حيث إن الكثير من المصلين يجلسون لسماع الدرس ، وهو يريد أن ينصرف ، فمن هنا أعلن هذا الرجل -غفر الله لنا وله – نقمته عليّ بصورة عجيبة وكان له معي مواقف لا تحصى أذكر منها أني كنت مرة أدعو في نهاية إحدي الخطب وكنت أدعو اللهم …والناس تؤمن …..
وفي هذه المرة أطلت في الدعاء لمناسبة لا أذكرها الآن ، وهو يمسك بالميكروفون في الأسفل يقول بصوت أجش مسموع للمسجد كله :
آمين وكان يقولها بغيظ وضيق شديد ، ولما أطلت الدعاء قال بلهجة اليائس من انتهاء الدعاء : آمين أمين آمين خلص بقى خربت بيتي !!!!
*************
وذات مرة بدأت بعد صلاة الجمعة درس الفقه وهو قائم على الباب ينتظر أن يتصدق عليه بعض الخارجين من المصلين وكنا نتكلم عن دفن الميت فكان مما قلت :الناس يدفنون الميت ويجرون مسرعين لاستئجار دار المناسبات لتلقي العزاء ، والاتفاق مع القراء ، والكراسي ، والانارة ، والقهوة السادة ….. وكل هذا لزوم المنظرة والتفاخر ولا ينفع الميت بشيء إنما ينفع الميت أن تجلس على قبره فتستغفر له …. ثم قلت بنبرة عالية :
اقعد استغفر للميت ……
اقعد ادع للميت ……
اقعد اطلب الرحمة للميت !!!
وفجأة قال صاحبنا بغضب شديد وهو عند باب المسجد : وأنت مالك …أنت مالك أنت بتعطيني من جيبك أقعد ،أقف ، أمشي !!!!
مالك ومالي خليك في حالك!!!!
لقد ظن صاحبنا وأنا أقول أقعد أقعد أني أتكلم عنه ….
فقام بعض المصلين لتهدأته يا عم والله إنه لا يتكلم عنك وهو يجزم أني كنت أعنيه …ويقول هو يكرهني هو لا يريدني في هذا المكان …
وأصاب المصلين وأنا معهم نوبة ضحك غير عادية ، فو الله لقد رأيت بعض المصلين ينقلب على ظهره ضحكا من المفارقة العجيبة التي أخرجتنا من جو الدفن وتذكر الموت إلى الضحك الهيستيري.
وكم بمصر من المضحكات …. ولكنه ضحك كالبكا