نستقبل غدا إن شاء الله عاما هجريا جديدا هو عام 1441هـ ، هذا التاريخ المعبر عن عدد السنوات التي مرت على هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة هذا الحدث الكبير الذي غير مجرى التاريخ .
هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان خروجا من الضيق إلى السعة ومن الاستضعاف إلى التمكين والانطلاق في آفاق الأرض كلها .
وجعل الله سبحانه وتعالى بعد هذه الهجرة انطلاقة مباركة وانتشارا واسعا لدين الله جل وعلا .
والنبي صلى الله عليه وسلم أول ما هاجر أحصى عدد الناطقين بالإسلام من المهاجرين والأنصار فكان عددهم ألف وخمسمائة نسمة ، هذا العدد تضاعف في آخر حياته إلى أن وصل في حجة الوداع مائة وأربعة وعشرين ألفا ، وهذا الرقم كبير جدا بالنسبة لعدد السكان في هذا الوقت .
وهذا ما يجعلنا نتوقف مع الحديث الذي ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ) رواه مسلم
يَتحدَّث كثير من الدعاة عن آخر الزمان، وعن أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، حدِيثًا يُوحي مُجْمَله أنَّ الكفر في إقبالٍ، وأن الإسلام في إدْبارٍ، وأن الشرَّ يَنتصر، وأن الخير يَنهزم، وأن أهل المُنكر غالبون، وأهلَ المعروف ودُعاته مَخذولون، وكل واحد يفسر الأحداث التي نعيشها على هذا المنوال وأن القيامة ستكون قريبا ، وهذا لا شكَّ خطأ جسيم، فلو قرأنا التاريخ لرأينا هذه المرحلة التي نعيشها الآن مر أضعافها بالبشرية أو بالمسلمين خصوصا.
ولذلك نحاول أن نفهم هذا الحديث من خلال أحداث الهجرة وماكان قبلها وما بعدها.
كيف بدأ الإسلام غريبا ؟
نعم الإسلام بدأ غريباً في وسط قوم ألّهوا أكثر من ثلاثمائة صنم ونصبوها حول الكعبة يعبدونها ويقدسونها من دون الله ،ويستشفعون بها عند الله ويستمطرون بها المطر ويسترزقون ويستشفون بها ويذبحون لها القرابين من آلاف الأنعام ، وحينما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى التوحيد قالوا: (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ) ص (5)
جاء الإسلام غريبا حينما جاء ليجعل الناس سواسية عند الله، لا يعلو أحد على أحد ، فهذا غريب في مجتمع طبقي فيه السادة والعبيد السادة لهم كل الخيرات وكل الإمكانات والغنى والسيادة، والعبيد لهم كل الذل والإهانة والعبودية والجوع والأذى .
جاء الإسلام غريبا ليجعل في مال الغني حظا للفقير .
جاء الإسلام غريبا ليجعل الناس بين يدي الله سواء فلا يعلو أحد على أخيه إلا بالتقوى قال تعالى -( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )- [الحجرات/13]
جاء الإسلام غريبا في كثير من عدالته ومواقفه التي تبين عظمته كدين يوافق الفطرة ولا يخالفها .
عودي الإسلام وسبب العداء للإسلام قديما وحديثا هو أن هناك صنفان من الناس :
الصنف الأول : الجاهل بالإسلام .
الصنف الثاني : هم المنتفعون من الباطل ؛ هذا الصنف الذي يعلم يقينا أن الإسلام سيكون سببا لتوقف مصالحه التي ينتفع من ورائها ، بدوام الباطل الذي هو عليه .
الجهل بالإسلام كان علاجه أن يعرف الناس ما هو الإسلام ، أن يبلغ النبي دعوة ربه للناس وأن يقيم عليهم الحجة بالبلاغ والبيان ، وهذا ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدخل في دين الله من دخل ،وعاداه من عاداه.
ولذلك فإن ورقة بن نوفل لما ذهب إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع خديجة (وهو ابن عمها) لما ذهب إليه بعد رؤيته -صلى الله عليه وسلم- لجبريل في غار حراء ليلة أوحي إليه ، قال له ورقة : ليتني كنت حيا ، ليتني كنت جذعا إذ يخرجك قومك .(جذعا :يعني شابا حديث السن )
قال : أو مخرجي هم ؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة يعيش مع قومه محبوبا ، حتى لقبوه بالصادق الأمين وفجأة يعادونه؟ فقال النبي مستنكرا أو مخرجي هم ؟ قال ورقة : ما جاءأحد بمثل ما جئت به إلا عودي .
فمن جهل شيئا عاداه ، الجهل بالدين ، من لا يعرف الإسلام حق المعرفة يعاديه ،فكانت مهمة رسول الله الأولى : البيان والبلاغ قال تعالى : -( ما على الرسول إلا البلاغ )- [المائدة/99] ، والبلاغ معناه أن تبلغ الدعوة إلى جميع الآفاق ، وأن يعلم بالإسلام كل الناس ، والبلاغ المبين يعني الذي لا لبس فيه ولا غموض ولا ميوعة، فيبلغ الإسلام كما أمر الله ليقيم الحجة على الناس لا يجامل أحدا أو يميع الأمور لإرضاء الأمزجة والأهواء .
لماذا لم تعادي قريش الحنفاء؟
ورغم أنه قد كان قبل بعثة النبي من تسموا بالحنفاء ، الذين لم يسلّموا بعبادة الأصنام لأنها عبادة يأباها العقل السليم وتأباها الفطرة ، كيف للإنسان أن يصنع صنما أو يتخذ حجرا فيقدسه ويعبده ، بالرغم من ظهور هؤلاء قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنهم لم يعاديهم أحد لأنهم كانوا منغلقين على أنفسهم ،ولذلك الدين الذي يعيش صاحبه في الظل في منطقة الهدوء والبعد عن المشاكل يكون محبوبا ، ولذلك نلاحظ أن بعض الاتجاهات التي تجعل الدين في هذا النطاق محبوبون من الجميع فيتكلمون عما تحت الأرض (الموت والقبر ..الخ) وما فوق السماء (عظمة الله و الملائكة والجنة والنار …) لكن ليس عندنا تكليفات ولا تشريع ولا حلال وحرام ،ولا أخلاق…. هذا هو الدين المحبوب عندهم ، أن يكون صاحبه في الظل مستأنسا لا علاقة له بالحياة ،فالحنفاء لم يتعرض لهم أحد ولم يعاديهم أحد لأنهم بقوا هكذا بينهم و بين أنفسهم ولم يدعوا أحدا إلى ماهم عليه .
أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد جاء بالبلاغ المبين ليبين للناس ضلال ما هم عليه وخطأ ما يعتقدون ، فكان أول أعداء هذا الدين الجاهلين بالإسلام ؛ فكانت مهمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصحيح هذه الجهالة والرد على الشبهات والأسئلة ، وهذا واضح في القرآن المكي -( وقال الذين كفروا … )- [النمل/67] -( سيقول الذين أشركوا … )- [الأنعام/148] ويأتي الرد عليهم مباشرة قل كذا وكذا ….
هذه الحوارات سجلها القرآن لبيان الحق وإزالة الغشاوة أو الشبهات التي قصد منها تشويه الإسلام .
الإسلام جاء يحارب عبودية البشر للبشر:
أمر آخر وهو أن الإسلام جاء يحارب عبودية البشر للبشر وهذا لا يناسب السادة الذين ينتفعون من هذا الوضع الظالم ،وأوضح ذلك الشيخ الشعراوي رحمه الله الذي قال(في تفسير سورة الأعراف) : إنهم كانوا يقولون بعبادة الأصنام وتقديس الآلهة والسجود لها والذبح لها ، قالت الآلهة ، حرمت الآلهة ، والسؤال هنا : هل هذه الآلهة تتكلم ؟ كلا ،هل هذه الآلهة تشرع ؟ كلا هل هذه الآلهة ترسل رسولا يبين للناس مراد الآلهة منها ؟ كلا …. إذن هم الناطق الرسمي باسم الآلهة الخرساء التي لا تتكلم ، الآلهة هي الستار الذي من ورائه يبررون الظلم والحرص على الشهوات والسيادة وتقديسهم من قبل العبيد الذين يستعبدونهم ويستذلونهم .
ربعي بن عامر:
ولذلك كان هذا المعنى واضحا في ذهن ربعي بن عامر حينما قال لرستم قائد جيش الفرس حينما سأله ما الذي أتى بكم ؟ فقال :
( إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد،
ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة )
فكانت رسالة الإسلام تحرير البشر من العبودية للبشر إلى العبودية لله وحده ، ويقصد بجور الأديان : ظلم الناس باسم الدين وأخذ أموالهم وسفك الدماء واستحلال الحرمات والأعراض باسم الدين (ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام)
(ومن ضيق الدنيا )لأن الناس دائما مرتبطة بالراحة والرغد في الدنيا ولا يعتقدون في الآخرة فينتقلون بالإسلام إلى (سعة الدنيا والآخرة ) نعم هي سعادة الدارين ، وهكذا لخص ربعي رسالة الإسلام بإيجاز شديد .
فعودي النبي -صلى الله عليه وسلم- وعودي أصحابه من قبل سدنة النظام وحراس الآلهة أو المستفيدين من عبادة الأصنام التي نصبوها آلهة للناس .
وسار الأمر على وتيرتين :
الأولى : تصحيح الاعتقاد في الإسلام وتوضيح الإسلام بصورته الناصعة التي ليس فيها أي جدال .
والأخرى :هي إظهار هؤلاء السدنة على حقيقتهم وكيف أنهم يضللون أتباعهم بما يقولون ويفعلون، ويوم القيامة سيعلنون التبرؤ من أتباعهم العميان الذين اتبعوهم بدون وعي أو بصيرة أو فهم قال تعالى : -( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار )- [البقرة166/167 ] كانت مهمة هؤلاء السادة إلغاء العقول نهائيا فجاء الإسلام ليحرر العقل ، ليحرك الفهم والتفكير ووعي الأمور وإدراكها بشكل صحيح -( أفلا يعقلون )- [يس/68] و -( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )- [آل عمران/190] جاء الإسلام ليقول لهم : اخرجوا من هذا النطاق الضيق الذي يحكمكم في شربة ماء وطعمة غذاء إلى هذا الافق الكبيروهذا الكون العظيم الذي يملكه إله قادر سبحانه وتعالى فهو الأولى بالعبادة .
هجرة الرسول كانت الانطلاقة الكبرى :
ولذلك عودي الإسلام وضيق عليه لكن مع ثبات النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحبه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين بدأ الإسلام يقوى حينا بعد حين ، لكنه كان يحتاج لأرض تحتضن الدعوة وينطلق منها فكانت الهجرة من مكة إلى المدينة ، لو بقى النبي في هذا النطاق الضيق في مكة لما انتشر الإسلام ولا وصل إلى مكاننا هذا بل وماكنا لنجلس جلستنا هذه ، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون من الضيق إلى السعة، فانطلق إلى المدينة مع صحبه الكرام وجعل الله العون الإلهي حليفهم فكونوا دولة قوية وشيدوا بنيانا عظيما وجعل الله سبحانه وتعالى الإسلام ينساب في الأرض تماما كأشعة الشمس التي لا يحول دونها حائل ،لأن الإسلام دين الفطرة دين لا يعد الناس بالسمن والعسل كما يقولون ، أو الشفاء من الأمراض ويتركهم ؛ وإنما دين جاء ليكون منهجا شاملا للحياة كلها ، يدل الناس على ما فيه السعادة في الدنيا والآخرة ؛ يسعد الناس في دنياهم بطاعتهم لله واتباعهم لمنهجه ويسعدون في الآخرة بجنته ، فهو دين واقعي متوازن لا يخالف الفطرة ولا يحاربها ، وهو أيضا يربط العبد بعلاقة مباشرة بخالقه بلا وسائط ولا يرجو إرضاء لعبد مثله .
عالمية الإسلام :
فانطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام ، وكان الإسلام واضحا من أول البعثة أنه ما جاء لمكة، ولا للمدينة، أو العرب فقط إنما جاء للعالمين وفي آيات القرآن خير شاهد على ذلك :
1- -( الحمد لله رب العالمين )- [الفاتحة/2]
2- -( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا )- [الفرقان/1]
3- -( إن هو إلا ذكر للعالمين )- [ص/87]
4- -( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )- [الأنبياء/107]
وهكذا الرسالة جاءت عالمية للعالم أجمع .
وأكمل الصحابة المسيرة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفتحوا آفاق الأرض حتى امتدت دولة الإسلام من الصين شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا ، ووقف عقبة بن نافع على المحيط الأطلسي (وكان يسمى وقتها بحر الظلمات ) وقد تبللت أقدام فرسه في البحر، وقف قائلا: (والله لو أعلم أن خلف هذا البحر أرضاً لخضته بفرسي هذا في سبيل الله )
سبحان الله العظيم !!! جاء اليوم الذي عرفت فيه الأمريكتان وانطلق المسلمون بأعداد كبيرة ومعهم الهدى والنور الذي جعله الله معهم، وفتحنا المساجد وعمرنا الأرض بذكر الله سبحانه وتعالى وبإقامة الصلاة والشعائر لله عز وجل .
أوربا في عصور الظلام :
وصل الحال أن ملوك أوربا كانوا في أوج الحضارة الإسلامية يرسلون أبناءهم ليتعلموا الحضارة الإسلامية والعلوم المختلفة التي كانت أوربا في هذا الوقت يسمونها بعصور الظلام ما كانت تعرف شيئا عن هذا ، كان أحد حكامهم يتمنى أن لو أضيئت شوارع فرنسا كما تضاء شوارع قرطبة ، كان بعضهم يفتخر بمعرفته بعض الكلمات العربية لأنها لغة الحضارة والعلم في هذا الوقت ، كما يفتخر أحدنا الآن بإجادته للغة أو أكثر غير العربية .
وكان هارون الرشيد يخاطب السحابة قائلا ( أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك)
والخراج : مقدار معين من المال أو الحاصلات يُفرض على الأراضي التي فتحها المسلمون وتركوها لأهلها الأصليين غير المسلمين لزراعتها .
بدأ الإسلام غريبا ثم انطلق:
الحاصل من هذا الكلام بدأ الإسلام غريبا في بدايته ثم انطلق وانتشر وملأ آفاق الأرض وجعله الله كأشعة الشمس التي تدخل بلا استئذان لا تعرف حدودا ولا يوقفها أحد ؛انتشر الإسلام لأنه دين الفطرة الذي يربط الإنسان بخالقه، ولا يخفى علينا أن من أكبر أسباب انتشار الإسلام أنه دين ليس له حدود جغرافية ، وليس له عرق أو لسان خاص عربي أو غيره فلا يدخله إلا العرب مثلا ؛إنما هو دين يتخطى حواجز الزمان والمكان والعرق والجنس واللون كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ( كلكم لآدم وآدم من تراب )
انتشر الإسلام …. ثم عاد غريبا مرة أخرى كحال أي شيء خلقه الله ، كل شيء خلقه الله فيه ضعف وقوة ، ضعفت الأمة وانهزمت وانكسرت، وفي القرن الماضي احتلت الدول الكبرى أغلب دول العالم الإسلامي فيما ما يعرف بالحقبة الاستعمارية ، واستنزفت الطاقات والثروات ، وصار الدين غريبا غريبا بين الناس حتى كان عدد المصلين في المسجد الواحد يعد على أصابع اليد الواحدة ، بل ذكر أجدادنا أن المساجد كانت أشبه بالقبور مظلمة ضعيفة الإضاءة تبصرها وقد تهدمت حيطانها وضعفت مرافقها مع اهتراء الحصر بالمسجد هذا إن وجدت أصلا، وصار الحجاب رمزا للتخلف والرجعية ، وكانت قمة المدنية والتحضر أن تمشي المرأة بالأزياء العصرية الغربية ، والتكلم ببعض الكلمات الفرنسية أو الانجليزية وكان ذلك عنوان الطبقة الارستقراطية (High class )وهكذا !!
ثم عاد الإسلام مرة أخرى :
وقوي في نفوس اتباعه، وملأت بيوت الله بالمصلين وخاصة من الشباب وعادت المظاهر الإسلامية في كل مكان ، حتى أنك تجد من المشاهد التي تعجبت لها في موسم الحج تبصر عن يمينك وشمالك فترى الكرة الأرضية أمامك ، مسلمون من جميع أنحاء الأرض يلبون لله جل وعلا “لبيك اللهم لبيك …” من الذي أتى بهم ؟ من الذي دعاهم ؟ من الذي وزع عليهم تذاكر الدعوة ؟ من الذي ألزمهم بهذا السفر الطويل كما قال الله سبحانه وتعالى -( من كل فج عميق )- [الحج/27]
وهذا كله يدل دلالة قوية على أن هذه الأمة قد تضعف … قد تمرض ؛ لكنها لاتموت؛ لأن موتها إيذان بقيامة القيامة كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ” إن من شرار الخلق عند الله من تدركهم الساعة وهم أحياء “
وأخبر أنه قبل أن تقوم القيامة يَبْعَثُ الله رِيحاً لينة، فَلاَ تَدَعُ أَحَداً فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ إِلاَّ قَبَضتهُ.فلا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق .
فهذا الدين العظيم يقوى يوما بعد يوم وينتشر يوما بعد يوم لأنه دين لا يفرض بالسيف والقوة ولا بالإغراءات المادية ، فهو علاقة مباشرة بين العبد وربه ومنهجه إسعاد البشرية كلها في الدارين الدنيا والآخرة ؛ كما قال ربعي بن عامر :
” إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد،
ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة “
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا بالإسلام قائمين
وأن يحفظنا بالإسلام قاعدين
وأن يحفظنا بالإسلام في كل وقت وحين .