الإنسان في القرآن: 8- (وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورا)

تاريخ الإضافة 7 يونيو, 2023 الزيارات : 1859

الإنسان في القرآن: 8- (وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورا)

في سلسلة خطبنا الموضوعية بعنوان “الإنسان في القرآن” نعيش اليوم مع قوله تعالى : : “قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا” الإسراء 100

معنى الآية الكريمة:

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي﴾ المقصود بخزائن رحمته : أرزاقه التي وزعها على عباده، ونعمه التي أنعم بها عليهم، فالله جل جلاله هو الغني الذي له الغنى التام المطلق، الذي بيده خزائن السماوات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة ، فجميع الخلق مُفتَقِرون إليه ، في طلب مصالحهم، ودفْع مضارِّهم، في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى : وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَاۤىِٕنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥۤ إِلَّا بِقَدَرࣲ مَّعۡلُومࣲ) [ الحجر 15ٍ] ، وقال تعالى : (مَا عِندَكُمۡ یَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاق ) [النحل 96]،والله سبحانه من واسع رزقه تكفل برزق جميع الخلق مهما كانوا وأينما كانوا، مسلمين وكافرين، إنسًا وجنا، طيرًا وحيوانا، قال تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}[هود 6] وكلمة ( الدابة ) جاءت نكرة لتفيد الشمول، لتشمل هذه الكلمة كل شيء يدب على وجه الأرض، و( مِن ) تفيد استغراق أفراد النوع، وقد جاء في الصحيحين: (يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يغض ما في يمينه) ومعنى كلمات الحديث : (يَدُ اللهِ مَلأى) شديدة الامتِلاء بالخَير(لا تَغِيضُها) لا تَنقُصُها نفَقةٌ. (سحاء الليل والنهار ) يعني كثيرة العطاء في الليل وفي النهار.( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض ) يعني أخبروني ماذا أنفق منذ خلق السماوات والأرض من يستطيع إحصاءها ؟ لا أحد.( فإنه لم يغض ما في يده ) يعني لم ينقص ومنه قوله تعالى: ( وغيض الماء ) يعني نقص.
وجاء في حديث أبي ذر الذي أخرجه مسلم ورواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه قال: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس بالبحر ) إذا غمست المخيط في البحر ثم نزعته ماذا ينقص من البحر؟ لا شيء يعني لا ينقص من ذلك شيئاً .

قال ابن القيم :”فالله سبحانه غني حميد كريم رحيم , فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه يريد به الخير ويكشف عنه الضر , لا لجلب منفعة إليه سبحانه ولا لدفع مضرة , بل رحمة وإحسانا وجودا محضا ؛ فإنه رحيم لذاته محسن لذاته جواد لذاته كريم لذاته ؛ كما أنه غني لذاته قادر لذاته حي لذاته ؛ فإحسانه وجوده وبره ورحمته من لوازم ذاته لا يكون إلا كذلك كما أن قدرته وغناه من لوازم ذاته فلا يكون إلا كذلك وأما العباد فلا يتصور أن يحسنوا إلا لحظوظهم” طريق الهجرتين 105

قوله : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) إذا لبخلتم وأمسكتم في توزيعها عليهم، مخافة أن يصيبكم الفقر لو أنكم توسعتم في العطاء، مع أن خزائن الله لا تنفد أبدا، ولكن لأن البخل من طبيعتكم فعلتم ذلك.

والْمَعْنَى لَوْ مَلَكَ أَحَدُ الْمَخْلُوقِينَ خَزَائِنَ اللَّهِ لَمَا جَادَ بِهَا كَجُودِ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا- أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُمْسِكَ مِنْهَا لِنَفَقَتِهِ وحاجة أهله وعياله، ويدخر منها لمستقبله.

الثَّانِي- أَنَّهُ يَخَافُ الْفَقْرَ بسبب نقص المال وَيَخْشَى الْعَدَمَ. وَاللَّهُ تَعَالَى يَتَعَالَى فِي جُودِهِ عَنْ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ.

قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً)

قتورا من التقتير بمعنى البخل ، والقتور هو الذي يبخل بالنفقة حتى على نفسه فضلا عن أن يمنعه عن غيره،  وهو سُبَّة واضحة ومُخزِية، فقد يقبل أن يُضَيِّق الإنسانُ على الغير، أما أنْ يُضيق على نفسه فهذا منتهى ما يمكن تصوّره؛ لذلك يقول الشاعر في التندُّر على هؤلاء:

يُقتِّر عِيسَى عَلَى نَفْسِه *** وَلَيْسَ بِبَاقٍ وَلاَ خَالِد

فَلَوْ يستطيعُ لتَقتِيرِه *** تنفَّسَ مِنْ مَنْخرٍ وَاحِدِ

والبخيل هو من يبخل بما في اليد من مال، فيمتنع أن ينفق على غيره، كما قَالَ تَعَالَى: ﴿أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا﴾ [النِّسَاءِ: ٥٣] أَيْ: لَوْ أَنَّ لَهُمْ نَصِيبًا فِي مُلْكِ اللَّهِ لَمَا أَعْطَوْا أَحَدًا شَيْئًا، وَلَا مِقْدَارَ نَقِيرٍ، وقيل: البخل: الامتناع من إخراج ما حصل عندك، أما الشحُّ: فهو الحرص على تحصيل ما ليس عندك ، وقيل: (البخل هو نفس المنع، والشحُّ الحالة النفسية التي تقتضي ذلك المنع) وقيل: إنَّ الشحَّ هو البخل مع زيادة الحرص، وهو الصحيح لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّه عليه وسَلَّم قال: (اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم)  ويؤيد هذا المعنى ما رواه النسائي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلَّم: (لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدًا، ولا يجتمع شحٌّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدًا)

فالإنسان يبخل على الناس ويُقتِّر علَى نفسه؛ لأنه جُبِل علَى البخل مخافة الفقر، وإنْ أُوتِي خزائن السماوات والأرض.

ويرى ابن القيم أنَّ (الفرق بين الشحِّ والبخل: أنَّ الشحَّ هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه، والبخل منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه، وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشحِّ، والشحُّ يدعو إلى البخل، والشحُّ كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحَّه، ومن لم يبخل فقد عصى شحَّه ووقي شرَّه، وذلك هو المفلح وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9]) (الوابل الصيب ص 33)

فائدة لغوية:

ضد التقتير : الإسراف ، قال تعالى في صفات عباد الرحمن (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) [الفرقان 67]

وضد البخل : الكرم ، وضد الشح : الإيثار قال تعالى في شأن الأنصار ( ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9] .

وقال الآلوسى: وقد بلغت هذه الآية من الوصف بالشح الغاية القصوى التي لا يبلغها الوهم، حيث أفادت أنهم لو ملكوا خزائن رحمة الله- تعالى- التي لا تتناهى، وانفردوا بملكها من غير مزاحم، لأمسكوا عن النفقة من غير مقتض إلا خشية الفقر، وإن شئت فوازن بقول الشاعر:

ولو أن دارك أنبتت لك أرضها  *** إبرا يضيق بها فناء المنزل

وأتاك يوسف يستعيرك إبرة ***  ليخيط قد قميصه لم تفعل

إذن المعنى :  لو أنكم تملكون التصرف في خزائن رزق الله لأمسكتم عن الإنفاقِ منها ولَبَخِلْتُمْ بها فلم تُعطوا أَحدًا شيئًا مخافة نفادها، مع أَنها لا تنفَد ولا تفرغ أبدًا؛ ولكن الإمساك والبخل مركوزان في طباع الإنسان إلا من وفقه الله وعصمه؛ وَاللَّهُ تَعَالَى يَصِفُ الْإِنْسَانَ مِنْ حَيْثُ هُوَ، إِلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَهَدَاهُ؛ فَإِنَّ الْبُخْلَ وَالْجَزَعَ وَالْهَلَعَ صِفَةٌ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلا الْمُصَلِّينَ﴾ [الْمَعَارِجِ: ١٩ -٢٢] . وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَيَدُلُّ هَذَا عَلَى كَرَمِهِ وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ.قال تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ}. وقد بينت هذا المعنى في خطبة سابقة بعنوان  (إن الإنسان خُلقَ هَلوعاً)

 أسباب مرض البخل 

1- حب الدنيا ببريقها وزخارفها، وزينتها :

وهذا من الأسباب المؤدية إلى الشُّح، حيث يتوهم من ابتلاه الله بحب الدنيا أنه إن أعطى فسيخلو جيبه، وستضيع صحته وعافيته وسيريق ماء وجهه، وتذهب مكانته ومنزلته بين الناس، ويبدد أوقاته، ويعرض نفسه لما لا تحمد عقباه من الأذى بكل صنوفه وأشكاله المادية والمعنوية.

وخير له أن يمسك بره ومعروفه عن الناس كي تدوم له دنياه، ناسيا أو متناسيا أن الله يخلف على عبده كما قال: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه) [سبأ: 39]، ولعل هذا من بين الأسباب التي من أجلها ذم الله – عز وجل – حب الدنيا، والمحبين لها؛ إذ يقول الله – سبحانه -: ( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) [القيامة: 21 ـ 20].

2- إهمال النفس من المجاهدة:

وقد يكون إهمال النفس من المجاهدة من بين الأسباب التي توقع في الشُّح، ذلك أن المرء مجبول بفطرته على الشُّح، كما قال – سبحانه -: ( إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد ) [العاديات: 6 – 8] فقد فسر العلماء الخير هنا بالمال، أو بالدنيا.

ونقل الحافظ ابن حجر عن بعض العلماء أمراً، خلاصته: أن أحب الأشياء إلى ابن آدم نفسه، فهو في بقائها، فأحب لذلك طول العمر، وأحب المال؛ لأنه من أعظم الأسباب في دوام الصحة التي ينشأ عنها غالبا طول العمر، فكلما أحس بقرب نفاذ ذلك اشتد حبه له، و رغبته في دوامه.

فالإنسان مجبول بفطرته على الشُّح – كما رأينا من هذه النصوص – وقد يستسلم إلى هذا الذي فطر عليه، ولا يجاهد نفسه، وتكون العاقبة تمكن هذا الشُّح من نفسه بصورة يصعب معها العلاج.

3-عدم اليقين بما عند الله:

وقد يكون عدم اليقين بما عند الله من ثواب الدنيا والآخرة هو الباعث على البخل والشُّح، ذلك أن من لم يصدق تصديقا لا يقبل الشك بحال أن الله يخلف على العبد أكثر مما يعطي هذا العبد، بل هو المانح ابتداء من غير حول من الخلق، ولا قوة ولا طول من لم يصدق بذلك يبخل ويصيبه الشح

وقد لفت رب العزة النظر إلى هذا السبب حين قال: ( وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى) [الليل: 8 – 10].

بخل بماله الذي لا يبقى، أوبخل بحق الله تعالى .

4-  الحقد :

ذلك أن المرء إذا كان حاقدا على غيره فإنه سيسعى جاهدا ألا ينفعه بشيء أبدا، وهذا أمر بديهي ألمح إليه رب العزة، وهو يتحدث عن موقف الأنصار من المهاجرين فقال: ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) [الحشر: 9] فقد بين – سبحانه – في هذه الآية أن الذي حمل هؤلاء الأنصار على التضحية التي وصلت إلى حد الإيثار، إنما هو الإيمان التابع من سلامة الصدر من الأحقاد والذي أثمر المحبة والمودة والموالاة.

علاج البخل 

1- الدعاء واللجوء إلى الله:

وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يستعيذ بالله من البخل إذ يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من الجبن والبخل والعجز والكسل) فاجعله من دعائك.

2 – اليقين بأنه ما تنفق من شيء إلا وهو يخلفه سبحانه:

النظر إلى النعم التي أفاض الله علينا على أنها ليست ملكاً لنا حتى نمنعها عن عباده، وإنما هي ملك لله، ونحن أمناء أو خزنة فقط على هذه النعم، ومن واجب الأمين أو الخازن أن يتصدق وفق مراد صاحب النعمة، وقد دعا صاحب النعمة إلى إنفاقها على عباده، و في مرضاته، مع الوعد الحق بأنه سيخلف أضعافا مضاعفة، إذ يقول – سبحانه -: ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) [الحديد: 7]، ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) [سبأ: 39].

3- مجاهدة النفس، وأخذها بالعزيمة، وحملها حملا على الكرم والعطاء:

ويحسن أن يأخذها صاحبها بالتدريج مع الترغيب تارة، والترهيب أخرى، ويصبر على ذلك زمانا، فإن هذه المجاهدة إن كانت صادقة توصل بسرعة إلى المراد، وصدق الله الذي يقول: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) [العنكبوت: 69

وكما قال الشاعر:

النفس تجزع إن تكون فقيرة *** والفقر خيراً من غنا يطغيها

وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت *** فجميع ما في الأرض لا يكفيها

وفي الحديث عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ – أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ –  قَالَ يَزِيدُ: ” وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً ، أَوْ كَذَا “رواه الإمام أحمد وصححه محققو المسند.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :” النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، فالناس تكون الشمس فوق رؤوسهم قدر ميل، وهؤلاء المتصدقون، وعلى رأس صدقاتهم الزكاة: يكونون في ظل صدقاتهم يوم القيامة ” انتهى من ” شرح رياض الصالحين” (5 / 238). وقال أيضا رحمه الله تعالى:” ( فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ ) والصدقة قد تكون ظلًا، فإن الله سبحانه وتعالى قادرعلى أن يجعل المعاني أعيانًا، والأعيان معاني، فهذه الصدقة، وإن كانت عملا مضى ، وانقضى وهو فعل من أفعاله؛ لكن المتصدَّق به شيء محسوس، قد يؤتى به يوم القيامة بصفة شيء محسوس….ففي هذا الحديث دليل على فضيلة الصدقة، وعلى أنها تكون يوم القيامة ظلا لصاحبها، وأنها تكون ظلا في جميع يوم القيامة، حتى يفصل بين الناس” انتهى من “شرح بلوغ المرام” (3 / 102).

4 – تطهير الصدر من الأحقاد:

فإن الصدر إذا طهر من الأحقاد سهل على صاحبه أن يتحرر من الشُّح، وربما تجاوز ذلك إلى المواساة بل الإيثار، على نحو ما جاء في كتاب الله عن الأنصار: ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) [الحشر: 9].

5- اليقين التام بما عند الله من الأجر والمثوبة:

قال تعالى : ( وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون ) [القصص: 60]، ( وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) [الشورى: 36]، ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق) [النحل: 96]، ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) [سبأ: 39].


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 277 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم