أخوة محمد والمسيح عليهما الصلاة والسلام

تاريخ الإضافة 1 يناير, 2025 الزيارات : 31

أخوة محمد والمسيح عليهما الصلاة والسلام

نؤمن بجميع أنبياء الله:

نحن المسلمين نحب جميع أنبياء الله، ونكرمهم ونجلهم ونؤمن بهم جميعًا؛ ، من أول أبينا آدم إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (البقرة: 285).

وكل الأنبياء جميعًا دينهم الإسلام، لم يأتِ نبي بدين غير الإسلام، قال تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” (آل عمران: 19)، وقال تعالى: “وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” (آل عمران: 85).

  • ما جاء نوح إلا بالإسلام وقد قال الله جل وعلا – وذلك حكاية عنه في سورة يونس – قال الله حكاية عن النوح، {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 72]
  • وما جاء إبراهيم إلا بالإسلام قال الله حكاية عنه في سورة البقرة: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:127-128]، وبعدها قال الله عز وجل: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون} [البقرة: 130-132].
  • وجاء يعقوب بالإسلام قال الله حكاية عنه في سورة البقرة {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:133]
  • بل وما جاء لوط إلا بالإسلام قال الله عز وجل حكاية عنه في سورة الذاريات {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34) فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِين} [الذاريات: 31-36]، وهو بيت لوط.
  • بل وما جاء يوسف إلا بالإسلام قال الله عز وجل : {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101]
  • بل وما جاء سليمان إلا بالإسلام قال الله حكاية عن ملكة سبأ في سورة النمل {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 29-31]
  • بل وما دخلت بلقيس يوم أن شرح الله صدرها إلا في الإسلام قال: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44].
  • بل وما جاء موسى إلا بالإسلام قال الله عز وجل حكاية عنه في سورة يونس {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} [يونس: 84]
  • بل وما دخل السحرة يوم أن شرح الله صدورهم إلا في الإسلام وتضرعوا ساعتها إلى الله بهذا الدعاء تحت التهديد الفرعوني فقالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الاعراف: 126]
  • بل وما جاء عيسى إلا بالإسلام قال تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 52].
  •  وجاء لبنة تمامهم ومسك ختامهم وسيدهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام، وخاطبه ربه جل وعلا بقوله {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، الله أكبر… بل إن الإسلام هو دين مؤمني الجن، من آمن من الجن فدينه الإسلام {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 14-15] {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19].

والإسلام يُطلق لمعنيين:

الأول: الإسلام الخاص المشتمل على هذه الشريعة التي نعلمها ، وفيها الصلوات الخمس ، والزكاة ، وصوم رمضان ، والحج على الصفة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيها أحكام المعاملات والجنايات وغير ذلك ، هذا الإسلام الخاص هو الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
الثاني: الإسلام العام الذي يقوم على توحيد الله تعالى ، واتباع رسوله المرسل من عنده ، وهو دين جميع الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، دين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم.
ولهذا كان الاسم العلم على هذا الدين هو ” الإسلام ” ، وأصحابه هم ” المسلمون ” ؛ قال الله تعالى : ( هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ) الحج : 78
ولم يزل أتباع هذه الملة يسمون به ، قال تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) الأحزاب/35 
وقال : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت/33

مكانة عيسى عليه السلام:

في الحديث عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق؛ أدخله الله الجنة على ما كان من العمل.) صحيح البخاري 

وقال أيضا: (أَنا أَوْلى النّاسِ بعِيسى، الأنْبِياءُ أَبْناءُ عَلّاتٍ، وَليسَ بَيْنِي وبيْنَ عِيسى نَبِيٌّ.) صحيح مسلم ، وفي لفظ: “إخوة من علات أمهاتهم شتى ودينهم واحد “.
 “أنا أولى بعيسى بن مريم” أي: أخصّ الناس به، وأقربهم إليه؛ لأنه بَشَّر بأنه يأتي من بعده رسول اسمه أحمد، قال تعالى عن عيسى: “وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ” (الصف: 6).

ولأنه ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم نبي، ولد نبينا صلى الله عليه وسلم سنة 610 ميلادية، وبعد ذلك بُعث نبيًا في الأربعين من عمره، فليس بينهما نبي.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى”، دعوة إبراهيم عندما دعا وقال: “رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (البقرة: 129).

نبي الله عيسى من أولي العزم الخمسة:

ما معنى “أولو العزم”؟ أي أعلى الرسل رتبةً ودرجةً عند الله، من هم أولو العزم؟

أولهم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم خاتمهم محمد صلى الله عليهم أجمعين. قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا” (الأحزاب: 7).

ومن شرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه بُعث آخرهم، ولكنه ذُكر أولهم، قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ”، تشريفًا للنبي صلى الله عليه وسلم.

ونبي الله عيسى له مكانة عظيمة في الإسلام، لأنه آية من آيات الله: آية في مولده، وآية في مبعثه، وآية في رفعه، وآية في عودته آخر الزمان ليقتل المسيح الدجال، كعلامة من علامات الساعة الكبرى. قال تعالى: “وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ ۚ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ” (الزخرف: 61).

نبي الله عيسى ذُكر في القرآن 25 مرة، وذكرت أمه الطاهرة الصديقة البتول مريم 34 مرة.

وسُميت سورة كاملة باسم جدّه عمران؛ من هو عمران؟ عمران هو زوج أم مريم.

وقد سميت سورة كاملة من السبع الطوال باسم “آل عمران” نسبة إلى عمران وزوجته وابنته مريم وعيسى عليهم السلام. كما سميت سورة أخرى في القرآن باسم “سورة مريم”.

لا توجد سورة في القرآن باسم أهل النبي صلى الله عليه وسلم كآل عمران، وجاءت سورة باسم مريم، وليست هناك سورة باسم آمنة بنت وهب مثلًا.

وجاءت سورة من السبع الطوال أيضًا هي “سورة المائدة” التي تحكي معجزة من معجزات نبي الله عيسى، وهي معجزة المائدة.

إذن، النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أنه أحق وأولى بعيسى بن مريم، لأنه ليس هناك نبي بينهما، وعيسى بشّر بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد” (صحيح مسلم).
يعني ماذا “إخوة لعلات”؟ يعني أن الرجل الذي تزوج بأكثر من امرأة وله من كل امرأة أولاد، فإن هؤلاء يُسمون عند العرب إخوة لعلات، لهم أب واحد وأمهات متعددة.

فدينهم واحد وهو الإسلام، ولكن شرائعهم مختلفة.

مثل ماذا؟

  • أيام أبينا آدم، لم يكن هناك إلا آدم وحواء، على ما يذكر المؤرخون، كان أبناء البطن الأول يتزوجون من أبناء البطن الثاني من حواء، هذا في شريعتنا الآن حرام، حرام على الرجل أن يجمع بين أختين في وقت واحد.
  • سيدنا يعقوب، التوراة ذكرت أنه تزوج أختين: ليا وراحيل ، عندنا في شريعتنا محرم قال تعالى: “وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ” (النساء: 23).
  • نقرأ في سورة سبأ أن الشياطين كانوا يعملون لسيدنا سليمان تماثيل . قال تعالى: “يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ” (سبأ: 13). في شريعتنا الآن، التماثيل حرام، واستُثني فقط لعب الأطفال مثل الدمى أو العرائس.
  • سيدنا موسى، عندما أهدى الله لنبينا صلى الله عليه وسلم خمسين صلاة في اليوم والليلة، سأله: ماذا أهداك ربك؟ قال: خمسين صلاة في اليوم والليلة. فقال: إن بني إسرائيل كُتب عليهم ركعتان بالغداة (أول النهار)، وركعتان بالعشي، فلم يقوموا بهما. فقال: “ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف”.

فبني إسرائيل كانت عندهم أربع ركعات فقط، ونحن عندنا 17 ركعة.

إذًا، فأصول الدين ثابتة ما في ولا رسول جاء يقول للناس: “أنا الله” أو “أنا ابن الله”. 

سيدنا عيسى، لما نطق في المهد، قال: “إني عبد الله”. اقرأ آيات القرآن: “وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ” (هود: 50). “وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ” (هود: 61).سيدنا شعيب، إلى آخر الرسل، كلهم جاءوا بدعوة التوحيد: “لا إله إلا الله”.

والأنبياء متفقون على أصول الدين مثل الصلاة والزكاة: سيدنا إسماعيل، مثلًا، كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة. قال تعالى: “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا” (مريم: 54-55).

وسيدنا عيسى لما نطق قال: “إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا” (مريم: 30-31).

إلى آخر الأنبياء، عندنا شعيب، أو يُقال إنه عبد صالح. في قصة البنتين عند مدين، عندما قابلهم سيدنا موسى، قال: “عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ” (القصص: 27).

فأصول الدين فيها صلاة، وفيها صوم، قال تعالى: “كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ” (البقرة: 183).

وفيها زكاة وحج، لكن تفاصيل الشريعة هي التي تختلف.

إذًا، فالأنبياء شرائعهم متعددة، لكن الدين واحد.

ولذلك، العلماء الذين وضعوا التأصيل الشرعي قالوا: من الأخطاء الإعلامية المتكررة قولك “الديانات السماوية الثلاث”. لأنه يريد الإشارة إلى أن اليهودية صحيحة والنصرانية صحيحة والإسلام صحيح، وكأن كل واحد يعبد الله بالطريقة التي يراها مناسبة. كلا كلا فمن تمام الإيمان بالله أن تعتقد أنه لا إله إلا الله، وتكفر بكل ما يُعبد سواه.

لماذا؟

لأن شريعة الإسلام جاءت مهيمنة على ما سبقها، فكل من كان على اليهودية أو النصرانية أو غيرها من الديانات، وجاء في زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أو بعده، وجب عليه أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

هذا ما أخذ الله به العهد والميثاق على الأنبياء. قال تعالى: “وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ” (آل عمران: 81).

ما سبب الأسماء اليهودية، والنصرانية، والإسلام؟

 لأن كل نبي كان يُبعث في مكان محدد مثل “وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا”، و”وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا”.

وهكذا، كل نبي بُعث إلى قومه خاصة، حتى سيدنا عيسى لم يُبعث للعالم أجمع، سيدنا عيسى، في نص بالإنجيل، يقول: “بُعثت إلى خراف بني إسرائيل الضالة”. فما يفعله النصارى من تبشير بالمسيحية، والكلام عن عبادة الصليب، ونشرها في أرجاء العالم، كلام غير صحيح، ولا يتوافق هذا مع الشريعة التي جاء بها عيسى، لأنه كان نبيًّا لقوم محددين(بنو إسرائيل)، ولم يأتِ للعالم أجمع.

لكنهم ينشرون المسيحية، ويبشرون بعبادة الصليب، ويذهبون إلى مجاهيل إفريقيا، ويغرون الناس بالمال أو بالبعثات الطبية.

 والإيمان لا يُفرض بالإغراء، لأن العقيدة شيء ينعقد عليه القلب.

 أنا أقدر أن أغريك أن تلبس جاكيت ماركة كذا أو تيشيرت ماركة كذا؟ هذا ممكن ممكن تغريني بالمظاهر لكن الدين؟ هل تغريني إن أنا أكون مؤمنًا بالفلوس؟ هذه عقيدة! العقيدة لا يصلح فيها التزييف أو التزوير.

ولذلك، كان هناك داعية أمريكي مسلم يحكي يقول : إنه لما راح إندونيسيا، وجد أن هناك قرية بأكملها التنصير شغال فيها على قدم وساق.

ينزل المبشرون القرية، والناس تعاني من الفقر، فيغرونهم بالأموال، والناس محتاجة، ومع الجهل وضعف الدين، يدخلون في النصرانية.

وذكر أنهم في مرة، نصّروا قرية بأكملها وأعطوا كل أسرة 30 ألف دولار، وأتى كبير المبشرين على مستوى العالم، وعملوا احتفالًا كبيرًا؛ قرية بأكملها تنصرت.

فالمبشر الكبير سأل رجلًا كبيرًا قاعد قدامه: “ها، تنصرت وآمنت بالمسيح؟” قال: “طبعًا.” قال له: “أخذت الـ 30 ألف دولار؟” قال: “آه، طبعًا.” قال له: “ناوي تعمل إيه؟” قال: “ناوي أحج إن شاء الله.”

ضيع الدنيا! ضيع الدنيا! أخذ الـ 30 ألف دولار ليحج. لا إله إلا الله!

فكرني بالشيخ عبد الحميد كشك الله يرحمه ، من الطرائف اللي كان بحكيها يقول: أتوا في القاهرة بواحد منصر ليلقي محاضرة عن التثليث والصلب والفداء،  فجمعوا له عمال من المقاهي وبعض الأماكن اللي يقعد فيها العمال باليومية…. قالوا: “هل تأتي تسمع محاضرة وتأخذ مبلغ محترم؟ فبدأوا يجمعون الناس حتى جمعوا عددًا كبيرًا، الراجل شاف العدد، أعجبه الموضوع، وتكلم عن التثليث وابن الرب والروح القدس، وأم الإله ثلاث ساعات !!

فجأة،أصابته شرقة… فلما أتوا له بالماء ليشرب ساد القاعة صمت كبير؛ فقام أحد العمال قائلا: “ما توحدوا الله يا رجالة!” الراجل قلب الطاولة ومشي!

فالعقيدة تُبنى على الإيمان والاقتناع، ولا يُجبر أحد عليها.

نحن عباد لله على دينه، وشريعته وهو سبحانه يقدر على ألا نخالفه ولا نعصيه طرفة عين، كالملائكة، ولكن كما قال العلماء: أراد الله تعالى أن يُعبد اختيارًا لا اضطرارًا، أن تأتي إلى الله بإرادتك وباختيارك، وجعل الله الدنيا دار ابتلاء وتكليف، ثم الجزاء يوم القيامة.

لا إكراه في الدين:

ولذلك، الشيء بالشيء يُذكر: ليس من حقي كمسلم أن أفرض ديني على أحد، لا بإغراء، ولا بمال، ولا بمنفعة، ولا بتهديد بالسجن، أو بالاعتقال، أو بالنفي، أو بالقتل، هذا ليس من حقي.

روى ابن عباس رضي الله عنهما أن المرأة من الأنصار قبل مجيء دين الإسلام تكون مقلاتًا أي لا يعيش لها ولد، فتكاد تهلك نفسها من موت الأولاد، فتجعل لله على نفسها نذرًا إن عاش لها ولد، سواء كان ذكرًا أو أنثى أن تعلمه اليهودية وتحمله عليها، فلما أخرجت من أوطانهم يهود بنو النضير حين غدروا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد وأظهروا العداوة بعد أن كانوا صالحوه، وكان في بني النضير أبناء تهودوا من الأنصار الذين أسلموا، فقال الأنصار الذين أسلموا: لا نترك أبناءنا الذين هُوِّدوا قبل مجيء الإسلام يذهبون معكم، وهو على حكم اليهودية، بل نكرههم على حكم دين الإسلام ونأخذهم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}

ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام يُمسك أحدًا ويقول له: “تسلم أو أضرب رأسك بالسيف.” هذا لم يحدث لماذا؟ لأن لو المسألة بالإكراه، لكان الله أولى بذلك؛ أن يجبر عباده على الإيمان به سبحانه.

لكن كانت مهمة رسول الله البيان: “مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ” (المائدة: 99).وقال تعالى: “لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ” (الغاشية: 22).وقال: “وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ” (ق: 45).

إذن، حتى نفهم الموضوع: هناك من يُخالفني في الدين، لكن هل معنى ذلك أني أكرهه أو أعاديه أو أستحل دمه؟

هذا فكر بعيد كل البعد عن الإسلام، شخص وسِعَه الله في ملكه، وهو سبحانه الذي يحاكم العباد ويقضي بينهم بالحق يوم القيامة.

وبين الله لنا في القرآن السنة الكونية: “هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ” (التغابن: 2) وقال: “وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” (الكهف: 29).

إذن، مهمتي ليست إكراه الناس على الدين.

 ولو خالفني؟ أعطيه الحرية في ممارسة ما يعتقد، ولا أعتدي عليه، ولا على بيته، ولا ماله، ولا عياله، ولا تجارته، ولا على مكان عبادته، ولا على أي شيء من هذا القبيل.

حرق شجرة عيد الميلاد بسوريا:

أمس في سوريا، قام بعضهم  بإحراق شجرة عيد الميلاد فى السقيلبية فى ريف حماة التي فيها أغلبية نصارى، من الذي فعل هذا؟ قالوا: واحد من الفصائل ، وخرجت المظاهرات…. أسأل الله تعالى أن يحفظ أهل سوريا من حرب أهلية تشعلها الثعالب المندسة.

فكل من اعتنق دينا غير الإسلام إما أن تحاوره محاورة عقلية منطقية فيها حجة وبيان، ويقتنع أو لا يقتنع، أو تتركه يعبد ربه كما يشاء.

كما أن الله أباح له وأعطاه الحرية في الاختيار، فلا يحق لي أن أكرهه أو أقهره أو أمنعه أو أشعل النار في مكان عبادته أو أعتدي عليه.

 نحن في مصر، يحصل عندنا في الصعيد مثلًا، مناطق فيها أغلبية من المسيحيين أحدهم يرى الدنيا هادئة، شيطان من شياطين الإنس، ويقول لك: “انتبه! في واحد مسيحي نزع حجاب واحدة مسلمة في السوق.” من المسيحي؟ ومين المسلمة؟ وإيه اللي جرى؟ وإيه اللي حصل؟ لا أحد يسأل.

احمل السلاح واجري. ولّع، وأشعل النار، واضرب نار، واقتل كل مسيحي تقابله.

والعكس يحدث انتبه! هذا واحد مسيحي كان في السوق والمسلمين اجتمعوا عليه وضربوه.” والنصارى يقومون أيضا بعمل نفس الشيء.

وتبدأ المشاكل، فالعزف على وتر الطائفية هذا مصيبة كبيرة، مصيبة عظيمة.

 الطائفية مصيبة كبرى:

عندما تصل الأمور بالناس إلى هذا الحد، فاعلم أن المصيبة عظيمة.

والعجيب أنه لما وقعت المواجهات بين أهل السنة وحزب الله (الموالي والموجه من إيران)، وجدناهم يُطلقون أسماء مثل “الفيلق الزينبي” و”الفيلق الفاطمي” على ميليشياتهم المسلحة.

 ماذا يفعلون ؟ يدخلون البيوت، يلقون البراميل المتفجرة، يقتلون أهل السنة، رجالًا وشيوخًا وصغارًا، وكل ذلك باسم أهل البيت.

هل تعتقدون أن ما تفعلونه يرضي الله عز وجل ورسوله؟ أو أنه يُفرح أهل البيت؟ مستحيل، والله العظيم، مستحيل!

قتلوا الناس باسم أهل البيت، وأشعلوا النيران في بيوتهم باسم أهل البيت، وعذبوا الناس في السجون عذابًا أليمًا.

ربما سمعتم عن “سجن صيدنايا” وغيره، أو عن “فرع فلسطين”أنا والله قرأت مذكرات واطلعت على تاريخ الطغاة والظالمين، وما رأيت أظلم ولا أفسق مما فعله هؤلاء.

يحكي أحدهم، وهو يقسم بالله، أنه كان يصلي في زنزانته، فرآه الحارس فقام الحارس بجلده ألف جلدة! ألف جلدة! والله، لو كنت تضرب في جدار، لهُدمت الجدران. لا إله إلا الله.

وهذا غير التعذيب باستخدام البنادق، حيث يكسرون للضحايا أضلاعهم بالضرب بالبنادق… يُخرجونه من السجن مكسورًا، ضلوعه مكسرة، اثنين أو أربعة أو خمسة.”

وأحد من هؤلاء السفهاء كان مسؤولًا عن الطعام في السجن. يقول: “كان السجناء جوعى، وليس لديهم أي أوانٍ ليضعوا فيها الطعام، فقام بالتبول على الطعام وأعطاهم إياه!”

هذه الأمور تجعلني أشعر بالغثيان. عندما أشاهد هذه الأشياء أو أسمع عنها، والله، لا أستطيع أن أكمل.

فالطائفية مصيبة كبرى.

أن تفرض ما تعتقده على الناس بالسلاح هذا شيء الله جل جلاله لم يأذن به.

يسجنون الناس، ويقولون: “ممنوع الكلام!” ولو ثبت أن شخصين تحدثا معًا، يُقتلان فورًا.

يا أخي، حتى أهل النار يتكلمون! ربنا جل جلاله ذكر أن أهل النار يتكلمون مع بعضهم في القرآن، أما في سجون الظلمة، ممنوع الكلام.

وكأنك لم تكن كائنًا حيًا يتحدث أصلًا.

ممنوع أن ترفع عينيك في وجه الحارس…. أقصى ما يُسمح لك به هو النظر إلى ركبته، ولو التقت عينك بعينه، يصوب السلاح عليك فورًا.

هذه هي الطائفة التي حكمت سوريا، عذبت الناس، وحرمتهم من أبسط حقوقهم ، وعاش الناس تحت حكمها 40 أو 50 سنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 أعود مرة أخرى لأقول: يا إخواني، أن يخالفني غيري في الدين، فهذا اختياره؛ أنا لا أرضى بما يُعبد غير الله، ولا أعتقد بما يعبدونه، ولا يخطر ببالي – والحمد لله – أن أكون يومًا على ما يعتقدون؛ لكن هذا لا يعني أبدًا أنني أستحل دمهم، أو أعتدي عليهم، أو أسجنهم، أو أقهرهم، أو أحرمهم من حقوقهم.

 تعالوا إلى كلمة سواء:

هناك نقاط التقاء بيننا: نحن مثلًا نعيش في بلد مثل كندا، أو المغرب، أو مصر، أو أي بلد فيه تعدد أديان.

لو قلنا، مثلًا، إننا نضع أيدينا في أيدي بعض ضد الطائفية، فهذا شيء مطلوب وليس مرفوضًا.

نحن لا نريد أن نصبح مجتمعًا واحدًا أو أمة واحدة بالاعتقاد، ولكننا نريد أن يعيش كل واحد بحرية اعتقاده، دون أن يعتدي أحد على أحد.

بصراحة، أنا أفخر بكندا لما حصلت حادثة كيبيك سيتي وقتل عدد من الإخوة المصلين… كندا كلها وقفت بجانب المسلمين. حكومة “ترودو” أدارت الأزمة باقتدار، وبتقدير كبير واحترام واضح للمسلمين.

عندما يصبح المجتمع قائمًا على ميزان العدل، ويتفق الجميع على أنه لا مكان للطائفية، فهذا هو المطلوب هذه نقطة التقاء.

نقطة أخرى للالتقاء هي أننا – كأهل دين وعقيدة – يمكننا أن نحارب الإلحاد. الإلحاد مصيبة كبيرة. مثلًا، هنا في كندا، أو في أي بلد آخر، الناس لديها أسباب تمنعها من الخطأ أو الجريمة: إما خوف من الله، أو خوف من القانون.

لكن، ماذا عن شخص لا يؤمن بالله أصلًا؟

قد يخاف من القانون، لكنه يمكن أن يتمرد عليه، وإذا قُدّر العقاب، فلا مشكلة لديه.

خذ مثلًا الرجل الذي اقتحم سوق عيد الميلاد في ألمانيا كان ملحدًا ملحدًا بمعنى الكلمة، حتى النصارى لم يعجبوه دخل السوق وقتل 17 شخصًا على ما أذكر، غير الجرحى والحالات الحرجة.

لماذا؟ لأن هؤلاء كانوا يشترون لوازم عيدهم. ما ذنبهم؟

ثم نكتشف أنه طبيب نفسي سعودي، ملحد، يميني شعوبي متطرف. يريد طرد المهاجرين من ألمانيا، وهو واحد منهم! لا إله إلا الله.

طبيب نفسي؟ يعني، هل أنت أُصبت بعدوى من مرضاك؟ أم ماذا حدث لك؟ هذه الظاهرة تحتاج معالجة، يا إخواني.

ظاهرة الإلحاد مصيبة كبرى.

الإنسان الملحد لا يملك خطوطًا حمراء.

انظر إلى الصين، لأنهم ملحدون، انظر كيف تسير أمورهم!أمورهم وصلت إلى الجنون. يقولون إن الأجنة تُباع هناك كمصدر أساسي للبروتين! يأكلون الأجنة!

 فهناك نقاط اتفاق يجب أن نركز عليها. لا للطائفية، لا للإلحاد.

لا للإرهاب:

لدينا الجانب الأخلاقي المجتمعي، مثل: لا للإرهاب. الإرهاب بمعنى أن أي شخص، أيًّا كان دينه، يعتدي على أصحاب دين آخر، أو يعتدي على مكان عبادة. عندي حرمة المسجد مثل حرمة أي مكان عبادة آخر.

لا يجوز أبدًا أن يدخل الناس إلى مكان عبادة ليمارسوا شعائر دينهم – سواء كنت توافقهم أو تخالفهم، تحبهم أو تكرههم – ثم تعتدي عليهم.

كيف تتحول الأعياد إلى مواسم لسفك الدماء؟

هذا حدث في أكثر من بلد. مثلًا، في مصر، الجماعات الإرهابية كانت تستغل أعياد الميلاد.

يعلمون أن الناس تتجمع في الكنائس، فيضعون سيارة ملغمة ويفجرونها.

ما الذي استفذته؟ لماذا تحوّل فرحة الناس بعيدهم إلى حزن ومأساة؟ بالإضافة إلى التأثير السلبي والعكسي على دينك. سبحان الله.

الناس تدخل الكنيسة لتعبد الله وفق رؤيتهم الخاصة.

أنت ما شأنك بهم؟ يجب أن تكون أيدينا معًا على هذا الأساس.

نصرة غزة:

عندنا، مثلًا، قضية أخرى مشتركة، وهي ما يحدث في غزة.

ما يحدث هناك مصيبة كبرى. حصار على 2.5 مليون إنسان.

الطيران يقصفهم بالصواريخ ليل نهار.

الناس مشردة، تتحرك من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.

لا شوارع آمنة، ولا مدارس الأونروا آمنة، ولا الملاجئ آمنة، ولا أي شيء آمن.

غير ذلك، يُحاصرون في الماء والطعام، ويُميتونهم بالبطيء.

هذا الأمر مستمر منذ أكثر من سنة، والجريمة تُرتكب على مرأى ومسمع من العالم.

لأن الفاعل يتمتع بحصانة، فإنهم يغضون الطرف عنه.

هذا الأمر يحتاج أن يتكلم الناس الذين لديهم إنسانية وضمير، ويطالبون بوقف الحرب، ووقف نزيف الدماء، وفك الحصار عن هؤلاء الناس.

إذن، أريد أن أقول: هناك أمور مشتركة ليس معنى أننا مختلفون في الدين أننا أعداء أو متخاصمون.

نحن نعيش في أرض واحدة، في بلد واحد، فلابد أن تكون هناك مشتركات إنسانية.

غير العلاقات التجارية والبيع والشراء والعمل والدراسة والجيرة، يجب أن نركز على القواسم المشتركة.

باسم أهل العقيدة في كل مكان، يجب أن نحترم بعضنا البعض.

لا يُسفّه أهل هذا الدين، ولا يُعتدى عليهم، ولا يُسمح للإعلام بالسخرية منهم أو التهكم على ما يعبدون.

لا يجوز استحلال دمائهم أو الاعتداء عليهم، ولا شحن الصدور ضدهم، ولا إشعال الفتن الطائفية، ولا نشر الإلحاد والكفر بين الناس.

بهذا الشكل، يا إخواني، نحقق رسالتنا كأمة أُخرجت للناس برسالة الخير والسلام. قال تعالى: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ” (آل عمران: 110).

خير أمة تحمل الخير:

أمتنا أُرسلت رحمةً للعالمين، كما قال الله تعالى: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107).

وقد قال العلماء: كما أن رسولنا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، يجب أن نكون نحن أيضًا رحمةً للعالمين.

أنت كمسلم، يجب أن تكون رحيمًا بزوجتك، وأولادك، وجيرانك، وزملائك في العمل أو الدراسة، وكل من تلتقي به.

حتى الكائنات الحية، الطيور، البهائم، والنباتات، يجب أن تشملهم الرحمة.

 

قال أحد الشعراء:
“أنا نفسٌ محبةٌ لكلِّ خيرٍ، لكلِّ شيءٍ، حتى صغير النبات.”

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ونسأل الله أن يحفظ إخواننا في سوريا، وينزع فتيل الأزمة الطائفية والحرب الأهلية،

ويقيهم شر الأعداء ومكرهم.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُفرج الكرب عن إخواننا في غزة،

وأن يجعل لهم فرجًا ومخرجًا قريبًا.
ونسأل الله أن يجعل كندا بلد أمن وأمان وسلام.

 

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 ديسمبر, 2024 عدد الزوار : 13977 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع