صديق تارك للصلاة فهل أقاطعه؟
ما حكم صيام او زكاة او أي من الاعمال الصالحة لشخص يقطع في الصلاة ليس عن جحود ولكن عن كسل او تهاون ؟ وهل يجوز ان اصاحبه او ان اعزمه مثلا في بيتي حيث انني دائم النصح له؟ وهل المتاكسل عن الصلاة كافر لحديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه ان العهد الذي بيننا وبينهم الصلا؟ وهل هذا الشخص لو تاب هل عليه ان يقضي كل الصلوات الفائته ولو كانت سنوات كثيره ام انه يغتسل وينطق بالشهادتين ويبداء عهد جديد وماهو تحديدا محله من الاسلام وما هو عقابه اذا لم يتب؟
حكم تارك الصلاة :
أولا : ترك الصلاة جحودا بها وإنكارا لها كفر وخروج عن ملة الإسلام، بإجماع المسلمين.
ثانيا : أما من تركها مع إيمانه بها واعتقاده فرضيتها، ولكن تركها تكاسلا أو تشاغلا عنها، بما لا يعد في الشرع عذرا فللعلماء فيه قولان :
القول الأول :أنه كافر قولا واحدا وهو مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهما واستدلوا بـ :
1 – عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) .رواه أحمد ومسلم
2 – وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) .رواه أحمد .
3 – وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذكر الصلاة يوما فقال: (من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) رواه أحمد والطبراني وابن حبان، وإسناده جيد.
وكون تارك المحافظة على الصلاة مع أئمة الكفر في الآخرة يقتضي كفره.
قال ابن القيم: تارك المحافظة على الصلاة، إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته أو تجارته، فمن شعله عنها ماله فهو مع قارون ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رياسته ووزارته فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف.
4 – وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة) رواه الترمذي والحاكم على شرط الشيخين
تنبيه : تارك الصلاة الذي اختلف الفقهاء على كفره من كان مصرا على تركها مع ادعائه الإيمان بها ، أما من يصلون تارة ويقطعون تارة فهؤلاء غير محافظين عليها وهم تحت الوعيد لكن لا يحكم بكفرهم ، فليس مناط التكفير في تركها الترك المؤقت ،إنما المقصود مطلق الترك بترك الصلاة جملة ، ولذا فلا ينبغي المبادرة بالتكفير لأي مسلم كان لخطورة الأحكام المترتبة عليه.
القول الثاني : أنه فاسق ويستتاب وهو قول أبو حنيفة، مالك، والشافعي، وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك، وعارضوها ببعض النصوص العامة كقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) سورة النساء آية: 116
وكحديث أبي هريرة عند أحمد ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لكل نبي دعوة مستجابة. فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة – إن شاء الله – من مات لا يشرك بالله شيئا)
أما عن مسألة هجره فإني أقول : لا بد من مراعاة واقع الغربة وتفشي الجهالة والقيام بواجب الدعوة والرفق بالخلق وإزالة الشبهات ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وكان من مذهب عمر وأبي الدرداء وإبراهيم النخعي أنك لا تهجر أخاك عند المعصية، فإن الأخ يعوج مرة ويستقيم مرة أخرى، ولعل هذا يتناسب مع ظروفنا، إذ لا سلطان لنا على النفوس، ولغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة، وإذا كان المهجور يزداد شراً وفساداً بالهجر، فصلته حينئذ مع دعوته أولى من هجره والتباعد عنه.
فالحامل على هجر المسلم إما أن يكون استصلاحه هو، وإما أن يكون مراعاة لمصلحة عامة، وإما للأمرين معا. فإذا لم يحقق شيئا من ذلك فيبقى الأصل ولا يشرع الهجر. فليست المسألة مسألة عقوبة على معصية دون تحقيق مصلحة شرعية، وإلا فلو كان كذلك لكان هجر الكافر أولى.
فإذا استبان ذلك، فمسألة الكمية أو الكيفية، لابد من مراعاتها تحقيقا للمصلحة، والمراد بالكمية مقدار الهجر ومدته، والمراد بالكيفية صورته وطريقته، وذلك يختلف بحسب الحال، وبحسب اجتهاد المرء في تحقيق المصلحة، فقد يكون مجرد الانقباض في الكلام والتقلل منه على غير المألوف في العادة كافيا للزجر، وقد يتحقق ذلك بالتجهم وعدم التبسم، وقد يتحقق بتغيير طريقة المعاملة وأسلوب الكلام. وقد لا يتحقق إلا بالإعراض التام وعدم رد السلام، والمتأمل لحال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، يجد بعض هذه الصور من المعاملة، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على بعض أصحابه خاتما من ذهب فأعرض عنه، فألقاه واتخذ خاتما من حديد فقال: هذا شر، هذا حلية أهل النار. فألقاه فاتخذ خاتما من ورق، فسكت عنه. رواه أحمد، وصححه الألباني والأرنؤوط.
وقدم رجل من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار. رواه النسائي، وصححه الألباني.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى قبة مشرفة فقال: ما هذه؟ قال له أصحابه: هذه لفلان رجل من الأنصار قال: فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عليه في الناس أعرض عنه، صنع ذلك مرارا حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه فقال: والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خرج فرأى قبتك. قال: فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض.. الحديث. رواه أبو داود، وصححه الألباني.
وفي حادث الإفك قالت السيدة عائشة: يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول: كيف تيكم؟ فذاك يريبني.. الحديث متفق عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى. قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت علي غضبى قلت: لا ورب إبراهيم. قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك. متفق عليه.
وإذا عرف هذا، فمن كان يكفي في ردعه درجة من درجات الهجر وصورة من صوره فلا يصح أن يزيد المرء عليها، لا في الكمية ولا في الكيفية، وهذا يعني الاقتصار على الأيسر والأقرب.