ما حكم إمامة الالثغ الذي ينطق حرف الراء (غين)؟
ما حكم إمامة الالثغ الذي ينطق حرف الراء (غين) وما حكم صلاة المأمومين خلفه؟
الذي يبدل حرفا بحرف ، يسمى (الألثغ) وله أحوال :
الأولى :أن تكون لثغته يسيرة ، بحيث ينطق بأصل الحرف ، ولكنه يخل بكماله ، فهذه اللثغة لا تضر ، وله أن يصلي إماما .
الثانية :أن تكون لثغته شديدة ، بحيث يبدل حرفاً بحرف ، ويستطيع تصحيح نطقه ولكنه لم يفعل ، فهذا لا تصح صلاته ولا إمامته ، إن كان هذا الحرف في الفاتحة .
الثالثة :أن تكون لثغته شديدة ، بحيث يبدل حرفاً بحرف ، ولكنه لا يستطيع تصحيح نطقه ، فهذا تصح صلاته باتفاق العلماء .
واختلف العلماء هل تصح إمامته أو لا ؟
فذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنها لا تصح ، وذهب آخرون إلى أنها تصح .
ونقل النووي في “المجموع” (4/166) أنه اختار الصحة الْمُزَنِيّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ , وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَقَتَادَةَ .
ونقل في “حاشية ابن عابدين” ( 1/582) عن بعض علماء المذهب الحنفي اختيارهم صحة إمامة الألثغ .
واحتج هؤلاء بأدلة ، منها :
1- قوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا ) البقرة/286. فإذا كان عاجزا عن النطق الصحيح فإنه لا يكلف إلا بما يستطيعه .
2- القياس على العجز عن القيام ، فكما أن القيام ركن لا تصح صلاة الفريضة إلا به ، ويسقط بالعجز عنه ، وتصح إمامة العاجز عنه ، فكذلك إمامة الألثغ لأنه عاجز عن النطق الصحيح .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :لقد سمعت أحدهم يقول بأن المرء الألثغ لا تصح له الإمامة بالناس أي لا تصح الصلاة خلفه لأن به عيباً ، فهل هذا صحيح أم لا وفقكم الله ؟
فأجاب : ” هذا صحيح عند بعض أهل العلم ، يرون أن الألثغ إذا كانت لثغته بإبدال الحروف بعضها ببعض ، مثل أن يبدل الراء فيجعلها غيناً أو يجعلها لاماً أو ما أشبه ذلك فإن بعض أهل العلم يرون أنها لا تصح إمامته ، لأنه بمنزلة الأمي الذي لا تصح إمامته إلا بمثله ، ويرى آخرون أنها تصح إمامته لأن من صحت صلاته صحت إمامته ، ولأنه قد أتى بما يجب عليه وهو تقوى الله تعالى ما استطاع ، وقد قال الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) وإذا كان العاجز عن القيام يُصلي بالمأمومين القادرين عليه ، فإن هذا مثله ، لأن كلاً منهم عاجزٌ عن إتمام الركن ، هذا عن القيام ، وهذا عن القراءة ، وهذا القول هو الصحيح ، أن إمامة الألثغ تصح ، وإن كان يبدل حرفاً بحرف ، ما دامت هذه قدرته ، ولكن مع هذا ينبغي أن يُختار من يُصلي من الجماعة إنسانٌ ليس فيه عيب ، احتياطاً ، وخروجاً من الخلاف ” .
“فتاوى نور على الدرب”وانظر : “الشرح الممتع” (4/248، 249