الطلاق الأسباب والحلول (4) الحوار بين الزوجين

تاريخ الإضافة 22 أبريل, 2023 الزيارات : 4938

 

 لا يخلو بيت من المشاكل والاختلافات وهذه ظاهرة صحية إذا تم الحل سريعا بالحوار بين الزوجين لكن المشكلة تكمن في الهروب من مواجهة المشكلة وانغلاق الحوار بين الزوجين، وأي مشكلة كلما تهربنا منها وتركنا المواجهة لحلها فإنها تتعقد وتزداد ضررا، وهذا الذي يؤدي في كثير من الأسر إلى الوصول إلى مرحلة الغليان!!!

ما هي مرحلة الغليان؟

مرحلة الغليان نعرفها من خلال هذه القصة
أحضر عالم ضفدعاً فألقاه في ماء ساخن جداً ليرى ردة فعله، فقفز الضفدع مباشرة وهرب من الإناء بكل براعة.
انتظر العالم دقائق قليلة ثم عاد وجلب الضفدع ورش عليه بعض الماء البارد فهدأ روعه قليلاً، ثم وضعه بإناء كبير فيه ماء بارد وجلس الضفدع فيه قليلاً حتى اطمأن.

بعد قليل… قام العالم بإشعار النار تحت الإناء بطريقة تدريجية وبطيئة.. فارتفعت الحرارة من 10 إلى 15 في دقائق ثم بدأ يزيد الحرارة درجة واحدة كل دقيقة حتى غليت والضفدع فيها لا يحرك ساكناً فمات!!!

فلأن الماء لا يصل إلى درجة الغليان دفعة واحدة ظل الضفدع يرفع حرارة جسمه ويغيرها كلما ارتفعت درجة حرارة الماء في محاولة للتمشي مع الوضع الجديد وتستمر العملية ؛ فكلما ارتفعت درجة حرارة الماء لبضع درجات قام الضفدع برفع حرارة جسمه ليساير الوضع الجديد حتى يصل الماء إلى درجة الغليان، فيصبح الوضع غير قابل للمسايرة فتحدث الوفاة،لأنه لم يعد عنده من القوة ما يعينه على الهرب كما هرب أول مرة .

فالكثير من الأزواج يتهربون من علاج المشكلة تلو المشكلة ولا يستيقظون إلا عند بلوغ مرحلة الغليان (حدوث الطلاق) لم يعد مستعدا لأن يتحاور أو أن يتجه إلى الصلح أو يقبل أي صوت عاقل يمنعه من الطلاق وانهيار الأسرة.

الاختلاف سنة كونية:

خلقنا الله جميعا من أب واحد لكنه جعل من سننه الثابتة في الكون (سنة الاختلاف) الاختلاف في الألوان، في الطباع، في الألسنة، في التفكير، في البيئة….. الخ

هذه سنة (قانون إلهي) أرادها الله تعالى ليتنوع الخلق ، فالله جل وعلا جعل هذا الأمر من آياته التي تستحق التأمل فقال تعالى: “ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين”

وعندما يختلف الزوجان فخير طريقة لعلاج أي مشكلة عند اختلاف الآراء وتعدد وجهات النظر الحوار بين الزوجين …. نعم الحوار وليس الشجار؛

فالحوار خير من الاقتتال، والخصام والعداوة.

الحوار خير من الشتائم والتشنج.…. الحوار خير من لغة التصادم.

الحوار سيكون سببا لإشاعة جو التفاهم في أي مشكلة.

 الحوار دائما ما يفرغ الشحنات السالبة.

الحوار يحول نقاط الاختلاف إلى نقاط اتفاق بين الزوجين.

 الحوار فيه إظهار لوجهات النظر وطريقة التفكير وعمق الرؤية…

الحوار واستماع كلا الطرفين لبعضهما مفتاح لحل أي مشكلة .

وفي هذه النقاط  قواعد مهمة للحوار بين الزوجين لا بد من مراعاتها أثناء الحديث لعلاج أي مشكلة زوجية:

أولا: احذر من الحوار ساعة الغضب :

فلكي يكون الحوار مثمرا، ومحققاً للأهداف التي يراد الوصول إليها، لا بد أن نتحين الأوقات الملائمة، والأمكنة المناسبة، فلكل مقام مقال .

فلا حوار مع الغضب لأن الإنسان منا مع الغضب الشديد يستغلق عليه الفهم والرؤية  ، فاحذر أن تنصح والطرف الآخر غضبان لأن هذا فتح  لباب المشاجرة وليس الحوار .

بل لو بدأنا الحوار فتصاعدت اللهجة وارتفعت الأصوات وتحول الحوار إلى شجار فمن الأفضل إنهاؤه والاتفاق على موعد لاحق للمناقشة، وإذا لم يفلح إنهاء الحوار على أحد الطرفين أو كليهما أن يبتعد عن مكان النقاش حتى تهدأ الأمور.

ثانيا / الاستماع:

يلاحظ في كثير من الحوارات الزوجين أن كلا الطرفين يتكلمان في نفس الوقت وليس هناك من عنده استعداد لسماع الطرف الآخر، فاللائق أن يتكلم أحدهما وينصت الآخر، وينبغي عدم مقاطعة أحدهما عند الحوار حتى يتم حديثه، ثم يتكلم الطرف الآخر وهكذا …

 وكم من مشاكل حلت بالاستماع فقط؛ لذلك يجب الاستماع حتى النهاية وألا يعتقد أحدهما أن الحق معه وأن الآخر بعيدا عن الحق.

ثالثا / احذر الاستبداد بالرأي وأن الرجل كلمته هي النافذة :

إن الله الحكيم لما جعل القوامة بيد الرجل لم يجعل ذلك حقا مطلقاً يستغله الرجال في إذلال النساء والتحكم بهن، وفق أهوائهم وما تشتهيه أنفسهم، وهذا هو واقع كثير من الرجال ممن جهلوا الحكم الشرعي لتلك القوامة، فالرجل ليس معصوما من الخطأ ولا نبيا يوحى إليه إذا قال فقوله الحق والفصل!!!

وقد علمنا الله التراضي والتشاور بين الزوجين في موضوع فطام الطفل الرضيع عن تراض وتشاور على ما فيه مصلحة الطفل قال تعالى “ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ٌ البقرة 233 

وها هو سيد البشر صلى الله عليه وسلم يسمح لزوجاته أن يراجعنه في القول فتدلي كل واحدة منهن برأيها وتعبر عما في صدرها بل وتدافع عن نفسها، فليس هو وحده الذي يتكلم في البيت.

قالت زوجة عمر، وقد أنكر عليها عمر رضي الله عنه وعنها مراجعتها له بالحديث، فقالت: ولِمَ تنكر أن أراجعك يا ابن الخطاب وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يراجعنه ويهجرنه اليوم حتى الليل؟!

قال: فقلت: أوتفعل حفصة ذلك؟ لقد خابت وخسرت.

يقول عمر: ثم جمعت عليَّ ثيابي ونزلت إلى حفصة فقلت: أي بنية! أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم اليوم حتى الليل؟ قالت: نعم. فقال لها: أو أمنتِ أن يغضب الله لغضب رسوله فتهلكي؟

لا تستكثري النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا تسأليه شيئاً، ولا تهجريه، وسليني ما بدا لكِ، ولا يغرنكِ أن كانت جارتكِ -يعني عائشة – أوضأ وأحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم منكِ.

يقول: ثم خرجت حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها فكلمتها، فقالت: عجبًا لك يا ابن الخطاب دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه» رواه البخاري ومسلم.

الشاهد: أن بيت النبوة وفيه رسول الله المؤيد بالوحي من الله كانت زوجاته يراجعنه وربما يغضبنه نهارا كاملا، ومع هذا لم تتصعد الأمور وتصل إلى حد الطلاق والفراق.

رابعا /  لا ينبغي أبدا أن تكون لغة الحوار هي لغة الاتهام:

رجل يتحاور مع زوجته يقول لها أنت غبية ….أنت لا تفهمي ….أنت عدوة لأولادك….. أنت تفعلين ذلك من أجل أهلك من أجل أبيك من أجل أخيك…. والأمر بالتبادل … هي تقول: أنت كذا وأنت كذا وأنت كذا… فتقول أنت رجل فاشل …. وهكذا.

هذه ليست لغة حوار هذه لغة خصام وعداوة، هذه لغة من يريد تدمير هذه الأسرة.

فلا ينبغي أبدا أن تكون اللغة لغة السب، لغة الشتم، لغة الرمي والتجريح، التنقيب عن النوايا.

ونبرة الاستعلاء هذه ليست لغة الحوار…… هذه لغة المتكبرين.

والقرآن علمنا عندما نتحاور مع من يخالفنا أن ننتقي العبارات والألفاظ قال تعالى : “قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ” وهذا الكلام لنبينا ولنا من بعده في حواره مع المشركين الذين يعبدون مع الله آلهة أخرى سبحان الله!!!  وقال أيضا : “وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”  

فلا ينبغي أن تكون لغة الحوار لغة السب والشتائم والتجريح والاستهزاء ، قال تعالى “ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” الحجرات 11.

 يعني بئس لكم أن تنقلوا من وصف الإيمان إلى وصف الفسوق، فإذا ارتكبتم ما نهى الله عنه صرتم فسقة،  فلا تجعل نفسك بعد الإيمان فاسقاً ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ وعيد شديد؛ كأنه يقول: توبوا من هذه السخرية، وتوبوا من هذا اللمز، وتوبوا من هذا التنابز، فإذا لم يتب أحدكم واستمر على ذلك اعتبر من الظالمين

ما المانع أن يكون الحوار بين الزوجين فيه تعبير عن الحب والود ،واعتراف بالفضل وإقرار بالجميل من غير اتهام ولا تجريح ولا نكران للجميل ؟

لماذا عند حدوث المشكلة نتناسى كل ذلك وتجد المرأة تقول لزوجها بمنتهى الحدة :

ما رأيت منك خيرا قط ….

عيشتي معك سوداء ….

عيشة تقصر العمر….

وهذا الصنيع عده الرسول من الكبائر فعنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( َأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ) قَالُوا :  بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : ( بِكُفْرِهِنَّ ) قِيلَ : يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ، قَالَ : ( يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ) رواه البخاري

خامسا / الاعتراف بالخطأ

اعتذر لو كنت مخطئا، فالإنسان بشر يخطئ ويصيب، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون”، وقد يعمل المرء عملاً يرى صوابه ثم يحاوره آخر فيتبين له خطأ ما فعل والمسلم أواب تواب، يرى أن الرجوع إلى الحق خير له من التمادي في الباطل، فلا تتحرج إذا حاورتك زوجتك في قضية ترى أن الحق لم يحالفك فيها أن تقول لها: لقد أخطأت!!

فقد قالها عمر رضي الله عنه: أصابت امرأة، وأخطأ عمر.

  وكم من مشكلة بين زوج وزوجته علاجها الاعتراف بالخطأ ؟ يأبى الزوج أن يعترف بخطأه ، وتأبى الزوجة أن تعترف بخطأها !!!

والله تعالى يعلمنا “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ  الله وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَالله أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا “١٣٥النساء

إذن نقول الحق ولو على أنفسنا أقول أنا مخطئ لا أجامل نفسي واتبع هواي “فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا ” اتبع مزاجي حتى لا أظهر أني غلطان .

وعدّ النبي ذلك من الكبر فقال : “لا يدخل الجنةَ من كان في قلبه مثقالُ ذرّة من كِبْر”، فقال رجل: إن الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسناً قال: “إنّ الله جميلٌ يحب الجمال ؛الكبر بطر الحق وغمط الناس” رواه مسلم.

ومعنى بطر الحق: دفعه وردُّه على قائله وعدم الاعتراف به .

ومعنى غمط الناس: احتقارهم.

سادسا/ مراعاة الهدوء في الصوت :

ينبغي أن يكون الصوت مناسبا لجو الجلسة، فارتفاع الصوت دليل على ضعف الحجة كما قال العلماء: (من ضعفت حجته علا صوته ) يعني لما يشعر أنه ضيق عليه أو أن الأمر فيه خسارة يعلو صوته لتضييع المسألة أو تمييع المسألة ، فلا ينبغي أبدا أن يكون التشنج هو لغة الحوار.

بعض الأزواج ما إن تحاوره زوجته حتى يحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته حتى يسمعه الجيران فضلاً عن الأولاد، فصدره ضيق لا يتسع لأحد ولو كان أقرب الناس إليه .

فما أعظمها من وصية تلك التي أوصى لقمان بها ابنه وهو يقول: (واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير). لقمان،الآية : 19.

 وإذا كان ارتفاع الصوت في غير موضعه من الرجال قبيحاً فهو من النساء أقبح وأشنع.

وأنا أعرف حوارات كثيرة انتهت بالطلاق بين رجل وزوجته وانتهت بالشجار والتقاتل بين رجل وصديقه!!! لماذا؟

لأنه بعد ظهور خطئه يتطور الأمر هنا للاستبداد بالرأي والاستعلاء فيكون بعد ذلك علو الصوت ثم السب واللعن و و و…. حتى نصل إلى ما نعرفه من عواقب وخيمة. سبحان الله العظيم.

 سابعا / التسرع في إنهاء الحوار بالطلاق:

بعض الرجال ينهي حواره – أحياناً – بأحكام قاسية على زوجته وأبنائه، بل قد يصل به الحوار إلى الطلاق فيعض أصابع الندم حسرة على استعجاله بعد أن يرى بيته وقد تهدم بناؤه، وقوضت أركانه … والتي كانت زوجته بالأمس رحلت إلى بيت أهلها، وظل هو في بيته فلم يعد يسمع تلك الأصوات التي كانت تملأ البيت حياة وأنساً، والتي طالما استأنس بسماعها دون أن يشعر بقيمتها..

وكم رأيت من أمثال هؤلاء يقول الواحد منهم – بعد فوات الأوان – : هل لي من رجعة إلى زوجتي؟!

وهناك من النساء من تسلك مثل هذا المسلك فتختم بعض حواراتها مع زوجها بـ”.. وإلا سأذهب إلى بيت أهلي”.. ” .. وإلا طلقني إن كنت رجلا ….

يا أمة الله يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ” أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة “.

وقال أحد الحكماء : ” لو علم كل زوجين ما ينتظرهما بعد الانفصال ما كان هناك طلاق على الاطلاق ” ، فحين يقرر الزوجان الانفصال ، وهدم بيت الزوجية بالطلاق ، لا ينظر أحدهما إلا لنفسه فقط ، ويظل كل منهما يعاند ويكابر ويرفض أي إصغاء لصوت العقل ونداء الحكمة ، وما أن تنتهي تلك المرحلة حتى تبدأ مراحل أخرى ( النفقة – الرؤية – حضانة الأولاد – حق الاصطحاب – السفر للخارج ..إلخ ) يلعب فيها العناد والمكابرة والإغاظة المتبادلة دورا مكملا للطلاق في إزالة ما تبقى من المودة والرحمة والمعاملة بالإحسان التي كانت تظلل الأسرة 

 ثامنا / اختيار طرف ثالث عند استحالة الحوار:

 وفي حالة عدم اتفاق الزوجين وبلوغ الخلاف بين الطرفين إلى مرحلة إنهاء العلاقة بينهما هنا بين الله في كتابه حلا أخيرا ، وهو الإصلاح بين الزوجين عن طريق الحكمين، فقال سبحانه وتعالى في سورة النساء: “وَإنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إصْلاَحاً يُوفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَليِماً خَبِيراً

والمراد بالخوف هنا: العلم . . والخطاب لولاة الأمور وصلحاء الأمة، وقيل لأهل الزوجين .
والمراد بالشقاق ما يحصل بين الزوجين من خلاف ومعاداة . . وسمي الخلاف شقاقاً، لأن المخالف يفعل ما يشق على صاحبه، أو لأن كل واحد من الزوجين، صار في شق وجانب غير الذي فيه صاحبه .
والمعنى: “وإن علمتم أيها المؤمنون أن هناك خلافاً بين الزوجين قد تسبب عنه النفور الشديد، وانقطاع حبال الحياة الزوجية بينهما، ففي هذه الحالة عليكم أن تبعثوا “حكماً” أي: رجلاً صالحاً عاقلاً أهلاً للإصلاح ومنع الظالم من الظلم “وحكماً من أهلها” أي: من أقارب الزوجة، بحيث يكون على صفة الأول، لأن الأقارب في الغالب أعرف ببواطن الأحوال، وأطلب للإصلاح، وتسكن إليهم النفس أكثر من غيرهم .

والضمير في قوله سبحانه: “إن يريدا إصلاحاً” يجوز أن يعود للحكومين، ويجوز أن يكون للزوجين، وكذلك الضمير في قوله “يوفق الله بينهما” يحتمل أن يكون للحكمين وأن يكون للزوجين .
والأولى كما يقول بعض المفسرين أن يكون الضمير الأول للحكمين والثاني للزوجين، فيكون المعنى: إن يريدا أي الحكمان إصلاحاً بنية صحيحة وعزيمة صادقة، يوفق الله بين الزوجين بإلقاء الألفة والمودة في نفسيهما وانتزاع أسباب الخلاف من قلبيهما .

 وبالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في الغربة فلا مانع من الذهاب لأقرب مركز إسلامي والكلام مع الإمام الذي يقوم بدوره بحل المشكلة من خلال الاستماع للطرفين وتهدئة النفوس وتذكيرهم بالله وما يترتب على الطلاق من ضياع الأسرة وتشتت الأبناء .

نسأل الله العلى القدير أن يوفقنا إلى مايحبه ويرضاه وأن يجعلنا من ” الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ واجعلنا للمتقين إماما ” اللهم آمين .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 367 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم