كيف نقرأ الأحداث الأخيرة قراءة صحيحة؟
عصرنا عصر المتناقضات:
نعيش اليوم في عالمٍ مشتبكٍ مرتبك، الأحداث تمر بسرعة، المتغيرات كثيرة، ولهذا فإن كثيرًا ما تختلط الأمور ببعضها.
إن شئتَ أن تسميه عصر السرعة فسمّه عصر السرعة، أو عصر الفوضى، أو عصر المادية والإلحاد، أو عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أو عصر الترف الفكري، أو عصر المجازر والمذابح التي تحدث ليلًا ونهارًا، إنه عصرٌ غريب، لا أظن أن هناك في التاريخ أيامًا كأيامنا هذه.
اختلاف وجهات النظر:
فالأمور قد اشتبكت عندنا وكثرت بيننا المجادلات والحوارات لفهم هذا الواقع، وكعادتنا -أو كعادة الأغلب- أنهم إذا اختلفوا تخاصموا، وإذا تنازعوا تفرقوا، وهذا، يا إخواني، هو الفشل بعينه: أن تكون وجهة النظر الشخصية هي محل الولاء والبراء بينك وبين إخوانك، وأن تعادي من خالفك في وجهة نظرك رغم أنها كلها أمور يقبل فيها وجهات النظر وفيها تبادل للحوار والأفكار.
هل الإسلام هو الشعائر التعبدية فقط؟
بعض الناس يفهمون الإسلام على أنه مجرد عبادة الله عز وجل فقط (بالشعائر التعبدية)، حتى اشتهر بينهم القول “أنا رجل بتاع ربنا “، يقصد بذلك أنه يصلي ويمسك المصحف ويقرأ القرآن والأذكار، وهذا شيء جميل، لكن ليس معنى أنك عبد لله عز وجل أن تنعزل عن الدنيا وتنعزل عن الواقع الذي نعيشه.
الرسول وفقه الواقع:
ما الذي دعا رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى أن يتفقد أحوال العالم من حوله ويتكلم عنها في أكثر من موضع؟
عندما ضاق الأمر بالمسلمين في مكة، قال: “اذهبوا إلى الحبشة، فإن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد،”
ما كان لرسول الله أن يعرف هذه المعلومة عن ملك الحبشة في ذلك الوقت إلا بعد تفقده وسؤاله وبحثه، حتى وجه الصحابة للهجرة إلى الحبشة بعد أن اشتد بهم الأذى في مكة.
نجد مثلًا في القرآن المكي، في سورة الروم، نزلت الآيات: “ألم * غُلِبَتِ الرومُ * في أدنى الأرضِ وهم من بعدِ غَلَبِهم سيَغلِبون * في بضع سنين * لله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ ويومئذٍ يفرح المؤمنون * بنصر الله * ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم،” [الروم 1:5]
ما علاقة هذا الرجل الذي يعيش في الصحراء بمكة بهذه المعركة العسكرية الكبرى بين الدولتين العظميين آنذاك، فارس والروم؟
وينزل الله عز وجل قرآنًا يُتلى في هذه الحادثة؟
إنه، يا إخواني، تنزيل من حكيمٍ حميد، تربية وتعليم لنا كيف أن المسلم ليس هو الذي يتقوقع وينزوي في ركن ضيق ويحصر الإسلام في الشعائر التعبدية، لتعرف الواقع من حولك، تعرف الصراعات، تعرف النزاعات، تعرف الأبعاد، لا يكتفي المسلم أبدًا أن يكون مجرد متلقٍ للأخبار أو يعيش الواقع كما يُقال “كريشة في الهواء”؛ الرياح ترفعها، تخفضها، تجذبها يمينًا ويسارًا، كلا! “غُلِبَتِ الرومُ في أدنى الأرضِ” معركة عسكرية كبيرة، القرآن الكريم ينزل فيها مبشرًا بأن هؤلاء بعد غلبهم سيغلبون، وأن هذا الأمر سيتحقق في بضع سنين، وأن الأمر كله متعلق بالله ومشيئته؛ لقد كان هذا لفتًا للأنظار ليتعلم المسلم كيف يحيا واقعه ويفهمه كما ينبغي.
عندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رسالة إلى إمبراطور الروم قال فيها: “إلى هرقل عظيم الروم، أما بعد، فأسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين،” من هم الأريسيون؟
المؤرخون قالوا إن الأريسيين جماعة من النصارى كانوا يؤمنون بأنه لا إله إلا الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، الإمبراطورية الرومانية كما نعلم تبنت نظرية التثليث، وأن عيسى ابن الله، أما هؤلاء، فبقوا متمسكين بالتوحيد؛ فمن أين علم النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الإمبراطورية فيها مجموعة من الناس لا تزال على التوحيد، وهم الأريسيون؟
وعندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن قال له موضحًا ليكون عنده فقه ودراية بالواقع الذي سيذهب إليه: “إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله،” إلى آخر الحديث.
إذا، أريد أن أوضح المسألة وهي أن المسلم الحق أو المسلم الكامل ليس فقط من يتعبد لله بالشعائر؛ الصلاة والزكاة والصوم والقرآن، هذه جزء من العبادات، لكن من تميز المسلم أن يكون واعيًا مدركًا للواقع من حوله، فاهمًا للأمور، عنده قدرة على استقبال المعلومة وفهمها وتحليلها،
لا أقصد أن تكون محللًا سياسيًا أو إخباريًا أو استراتيجيًا، أنا أقصد أن يكون عندك الحد الأدنى من القدرة على فهم الواقع حولك، فالتقوقع أو الانزواء أو الانسحاب لا يميز أحدًا، بل هو خلل في فكر أي مسلم.
التفسير الهزلي للواقع :
والبعض عنده مسألة التفسير الهزلي للواقع؛ كثير من الناس يفسرون أي شيء يقع تفسيرًا هزليًا، هذه الأمور كلها تحتاج منك إلى وعي، أما أن تريح نفسك وتقول إن كل ما يجري مسرحية أو أنهم متفقون علينا وتنسحب هكذا كما يقولون “حزب الكنبة”، فهذا أيضًا ليس حلًا.
الاتجاه التشاؤمي :
هناك أيضًا الاتجاه التشاؤمي، فالمتشائم دائمًا يقول: “إن شاء الله القيامة ستقوم، إن شاء الله هذه من علامات الساعة الكبرى،” هذا من التشاؤم المبالغ فيه، نعم، الواقع مرير وصعب، لكنك لست مطالبًا بتغيير الكون بأسره، ولا مطالبًا بحل جميع المشكلات.
يقول أحدهم متشائما: من أنت لتغيّر هذا العالم بنفسك؟ ويقول لصاحبه: الأمر أكبر مني ومنك، وكأنّه رئيس وزراء كندا وصاحبه رئيس أمريكا!
ما شاء الله عليهما، فيقول: “الأمر أكبر مني ومنك!”
أنت لم تُطالَب بحل المعضلات والمشكلات السياسية الدولية، ولست مطالبًا بالتشاؤم إلى حدّ الإسراف؛ فالواقع نعم، سيّء، لكنه ليس سيئًا إلى حد الانغلاق، هناك مبشّرات، وهناك أمور تحدث، وتغيرات يجعلها الله تعالى في الكون بين الحين والآخر، هناك سنن وقوانين لله في الكون، سنة التدافع: إن يدفع الله شيئًا بشيء، قال تعالى: “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض” (سورة البقرة: 251) فهذه الآية تشير إلى أن الله تعالى بحكمته ولطفه، يدفع الفساد عن الأرض من خلال جعل الناس يتدافعون فيما بينهم؛ حيث تقوم بعض الفئات أو الأمم بالتصدي لظلم أو طغيان الآخرين. لو لم يحدث هذا التدافع، لعم الفساد والظلم الأرض وأدى ذلك إلى تدمير الكون.
وهذا التدافع قد يكون في صور متعددة، مثل اختلاف الأمم، أو القوى السياسية، أو حتى الأفراد؛ فكلما ظهر ظلم أو فساد، وجد في المقابل من يقاومه ويحد منه، وبالتالي تستمر الحياة بشكل متوازن.
باختصار، الآية تشير إلى أن التدافع بين الناس هو من سنن الله في الكون لحفظ النظام ومنع الفساد الكامل، مما يعكس حكمة الله في التدبير.
فما من قوي إلا وهناك من هو أقوى منه، وهناك القوي الذي يؤتى من حيث لا يحتسب.
هناك صراع المصالح، وهناك صراع الأيديولوجيات، وهناك الصراع السياسي والصراع الكوني، كل هذا موجود في العالم، وهذا كله يحدث، والله تعالى به يُحدِث التوازن في هذا الكون، وإلا لفسدت الأرض.
وفي سورة الحج، يقول الله تعالى: “ ولولا دفعُ الله الناسَ بعضهم ببعضٍ لَهُدِّمت صوامعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومساجدُ يُذكر فيها اسمُ اللهِ كثيرًا ولينصرنَّ اللهُ من ينصرُه إن الله لقويٌّ عزيز” (سورة الحج: 40).
فلا داعي للتشاؤم الدائم والحرص على استخدام الألفاظ الضخمة، مثل: “المستقبل الأسود”، “الغد المظلم“،هذه السنة فيها وفيها وفيها، والإعلام أحيانًا يسلك هذا المسلك لإرهاب الناس وإرعابهم وتخويفهم بهذه التوقعات السوداوية، لكننا دائمًا نرى أن كل يوم يعقبه ليل مظلم، وهذا الليل المظلم يعقبه فجر مشرق، هذا ما يراه المؤمن في حياته كلها؛ فلا ظلمة تدوم، ولا سواد يدوم، إنما هناك وقت تشرق فيه الشمس،
لستَ مطالبًا بتغيير الكون، ولستَ مطالبًا بحل كل المشكلات في العالم، ولستَ مسؤولًا عن علاج المشاكل والمجاعات والحروب والأزمات والحصار وما إلى ذلك، إنما أنت مطالب بأن تكون مع أهل الحق، وأن تنصر الحق، والضعفاء والمظلومين، لست مطالبًا بأن يكون لديك ارتباط بكل شيء وأي شيء، وإنما ينبغي أن تقول كلمة الحق مع أهل الحق، فإن لم تقل كلمة الحق، فلا تصفق للباطل، هكذا تعلمنا من ديننا.
لا تنخدع بكل ما يعرض بالإعلام:
إخواني وأحبابي الكرام، فالمسلم لا يعيش ليتعبد الله في المسجد ويهمل الواقع، ولا يفسر الواقع تفسيرًا تشاؤميًا أو تآمريًا، ولا ينزوي أو يتقوقع، بل يقبل على زمانه ومكانه ويعرف أحوال الناس، ويدرك الخلفيات والأمور، هذه الأمور لا تُؤخذ من الإعلام فقط أو من وسائل التواصل الاجتماعي؛ فبعض الناس ثقافتهم مستمدة بالكامل من الإعلام ونشرات الأخبار، ولا يخفى على الجميع أن جميع وكالات وهيئات وقنوات الأخبار لا تعمل لوجه الله، أي شخص يظن أن هناك قناة إخبارية حيادية تعمل لوجه الله، فهذا وهمٌ نتوهمه، ما من قناة أو موقع أو هيئة أو أي مسمى يتوجه بهذا الخطاب الجماهيري إلا ولديه أيديولوجية يدافع عنها، وهناك تمويل يدفع الأخبار إلى الوجهة التي يريدها ممولوها.
فينبغي أن تكون لديك القدرة على الفلترة وفهم الكلام، وينبغي أن نعلم أن هناك اتجاهًا في الأخبار من قبيل الحرب النفسية، والأكاذيب، وبث الشائعات، وعلينا أن ندرك أن هناك، تحت دعوى “الرأي والرأي الآخر”، إفساحًا للباطل من حيث لا ندري، وتهوينًا لأهل الحق، أو سبهم، أو تخوينهم، أو ما شابه ذلك بين الحين والآخر، وكل هذا تحت دعاوى كبيرة وعريضة، المقصود منها تشتيت الناس.
نشرات الأخبار ليست وسيلة للوعي الصحيح:
أنا أتكلم بصفة عامة، ولا أحب أن أخوض في التفاصيل؛ لأن التفاصيل أدت إلى معارك كلامية كثيرة، خصوصًا بعد الأحداث الأخيرة في لبنان وإيران وغيرها، لكنني أريد أن يكون المنبر منبرًا نلتقي فيه على كلمة سواء، ونتفهم الثوابت التي ننطلق منها، فليست نشرات الأخبار وسيلة من وسائل العلم والوعي، وليست وسائل التواصل الاجتماعي كذلك.
البعض كل معرفته تقتصر على حسابه على الفيسبوك أو أي موقع آخر، وهذا هو مدى علمه، فإذا أراد أن يتكلم، يقول: “العالم يقول كذا وكذا”، والعالم بالنسبة له هم أصحابه على الفيسبوك فقط، هذا وهم كبير، يا إخواني، فهذه الوسائل ليست من وسائل العلم والمعرفة على سبيل الحقيقة.
المسلم لديه تخصص يبدع فيه ويتقنه، ولديه أيضًا وعي بما يدور حوله، فقه الواقع يحتاج إلى أن تسمع لأهل الثقة، لأهل العلم، لأهل الخبرة، من لا يريد بك إلا الخير، هؤلاء تفوح رائحة كلامهم وصدقهم من أسلوبهم وتناولهم للأمور بميزان صحيح ودقيق، أما أصحاب الأغراض المريضة الذين لا يريدون من الأمة إلا التشتت والتفرق، فهذا كله مقصود،
الخوض الكبير في مسألة السنة والشيعة في هذا الوقت بالذات مقصود، هل حسن نصر الله في الجنة أم في النار؟ هذا مقصود.
هل نؤيد أم نرفض؟ هذا مقصود، ما هو موقف كذا وكذا؟ وهل نؤيد كذا؟ وهل نرفض كذا؟ كل هذا مقصود، وتعميق الأمور بهذا الشكل مقصود، حتى نظل أمة ممزقة مفرقة مبعثرة لا تقوم لها قائمة أبدًا بسبب هذه النزاعات، التي تفعل في الأمة أكثر مما تفعله القنابل والصواريخ في المنشآت والمباني والأفراد؛ لأنها تهدم الأمة وتجعلها في هذا الوضع أعداءً لبعضهم البعض.
لماذا لا نتعلم كيف نختلف؟
حتى في المسجد الواحد، تجد الناس يختلفون؛ هذا له وجهة نظر، وذاك له وجهة نظر أخرى، يا أخي، أنت تتناولها من جانب، وأنا أتناولها من جانب آخر، ربما نلتقي في بعض النقاط، ونفترق في بعضها، لا مشكلة في ذلك، طالما أنك اختلفت معي، فأنت لست إبليسًا، وإذا وافقتني في رؤيتي وفي تصوري، فهذا لا يعني أنك قديس، لا حول ولا قوة إلا بالله،
يونس بن عبد الأعلى، تلميذ الإمام الشافعي، قال: “حاورني الشافعي في مسألة، فحصل بيننا حوار، ولم أقبل ما قاله الشافعي،” فلما اقتربنا من باب المسجد، أمسك الشافعي بيدي وقال: “يا أخي، ما علينا لو اختلفنا في مسألة ولم تختلف قلوبنا،“
ما المشكلة؟ نحن لم نختلف على قرآن وسنة، أو هل الظهر فريضة أم سنة، لم نختلف على ثوابت أو قطعيات أو محكمات في الشرع، نحن اختلفنا في وجهة نظر في قضية، في مسألة ما، بل ربما المسألة الواحدة فيها خفايا وخبايا لا تنكشف إلا على مدى بعيد من التاريخ، يعني سبحان الله، تجد مسائل تظهر بعد 50 سنة من حدوثها، حين يكون الإفراج عن وثائق سرية أو مذكرات فلان الفلاني، فيتعجب الناس كيف كان يُذاع كذا، والحقيقة كانت في كذا، هذا أمر عجيب في عالمنا، لكن ممكن أن أكون أنا وأنت على خطأ؛ هذه وجهات نظر اجتهادية شخصية، لكنها ليست نصًا محكمًا قاطعًا، فإذا اختلفنا، تعادينا.
يا إخواني، نحن وصلنا في موضوع الاختلاف إلى درجة أنه لو اختلفنا على مباراة كرة قدم، نتخاصم هل هي ضربة جزاء أم ليست ضربة جزاء، هل الحكم مرتشٍ أم كان في صف الفريق الفلاني؟
يصل بنا الحال إلى هذا الوضع، ثم نتطور إلى الاختلاف السياسي، والاختلاف في كذا وكذا، رغم أن هذه الأمة فيها ثوابت كثيرة جدًا جدًا جدًا، لو اتفقنا عليها ونميناها وكبرناها، لكان خيرا كبيرا لهذه البشرية كلها.
ولا يزالون مختلفين:
إخواني، لو أراد الله تعالى أن يجعل الناس جميعًا على ملة واحدة ودين واحد لفعلها رب العالمين، وهو قادر، “ “ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً ولا يزالون مختلفين” ([سورة هود: 118].
يبين الله سبحانه وتعالى أنه لو شاء لجعل جميع الناس على ملة واحدة ودين واحد لا يختلفون فيه، ولكن حكمته اقتضت أن يكون هناك اختلاف بينهم في المعتقدات والأفكار والاتجاهات.
فرب العالمين جعل الاختلاف سنة كونية: اختلاف وجهات النظر، اختلاف الطباع، اختلاف الأجناس، اختلاف الرؤى، اختلاف الاجتهادات، اختلاف الأعمال، هذا كله وارد في عالم البشر.
فينبغي أن نعلم أمرين، حتى لا أطيل:
الأمر الأول: أن تعرف الواقع وتفهمه فهمًا صحيحًا.
الأمر الثاني: أن تعلم أن قولك صواب يحتمل الخطأ، وأن قول غيرك خطأ يحتمل الصواب؛ فنتعلم كيف نختلف، فإذا اختلفنا في بعض الرؤى أو الاجتهادات أو وجهات النظر، فتختلف آراؤنا، ولكن لا تختلف قلوبنا، ولا نتعادى، ولا نتخاصم، ولا يرمي بعضنا بعضًا بالنفاق أو الكفر أو الفجور، أو إلى آخر هذه التهم المعلبة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يثبتنا على الحق إلى أن نلقاه، اللهم آمين.
ملخص الخطبة:
- العالم المعاصر: يعيش في فوضى وتسارع في الأحداث واختلاط في الأمور بشكل غير مسبوق.
- التفرقة والاختلاف: أصبحت وجهات النظر الشخصية سببًا للتخاصم والتفرق بين الناس، مما يعتبر فشلًا في التعايش.
- الدين والعبادة: لا ينبغي حصر الإسلام في العبادات فقط ، بل يجب أن يشمل فهمًا للواقع المحيط والمشاركة فيه.
- يجب على المسلم أن يكون واعيًا ومدركًا للصراعات والنزاعات من حوله، مع القدرة على تحليل الأحداث وليس الانعزال عنها.
- التوازن في الكون: التدافع بين الناس هو سنة كونية لحفظ التوازن، ولا ينبغي الاستسلام للتفسيرات التشاؤمية أو الانسحاب من الواقع.
- التفاؤل والعمل: يدعو الخطيب إلى التفاؤل وعدم التشاؤم المبالغ فيه، مشيرًا إلى أن الأزمات تليها الانفراجات.
- فهم الاختلافات: نتقبل الاختلاف في وجهات النظر ولا نحولها لعداء شخصي.
- الوقوف مع الحق: المسلم مطالب بأن يكون إيجابيًا وفعّالًا في مجتمعه، ويدافع عن الحق ويناصر المظلومين، بدلًا من الانعزال.