خصائص النبي محاضرة للشيخ المنجد

تاريخ الإضافة 30 September, 2024 الزيارات : 6377

عناصر الموضوع :

  1. بعض من ألّف في خصائصه صلى الله عليه وسلم
  2. خصائصه صلى الله عليه وسلم في الدنيا
  3. خصائصه صلى الله عليه وسلم في الآخرة
  4. خصائصه في أمته صلى الله عليه وسلم
  5. خصائصه صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور والأحكام

خصائص النبي صلى الله عليه وسلم:

لقد ميز الله سبحانه وتعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم وكرَّمه، وخصه بأشياء دون غيره من الأنبياء، فله صلى الله عليه وسلم خصائص لذاته في الدنيا، وله خصائص لذاته في الآخرة، وله خصائص في أمته في الدنيا والآخرة، ومن أجل ذلك جاءت هذه المادة مبينة وموضحة لبعض هذه الخصائص.

بعض من ألّف في خصائصه صلى الله عليه وسلم:

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:

فحديثنا في هذه الليلة بمشيئة الله تعالى عن خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن معرفة ما يتعلق به واجب علينا، وأن نعرف له حقه، وأن نعرف منزلته وقدره، ومن معرفة منزلته وقدره عليه الصلاة والسلام أن نعرف خصائصه صلى الله عليه وسلم، وذلك كله داخل في إيماننا بنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فخصائصه عليه الصلاة والسلام: ما اختصه الله بها وفضله على سائر الأنبياء والخلق. والخصائص النبوية موضوع قد اعتنى به العلماء من أهميته، فتناولوه بحثاً وتأليفاً، وذكروا ما انفرد به عليه الصلاة والسلام عن إخوانه الأنبياء والمرسلين، كما ذكروا ما انفرد به عن سائر أمته، وممن ألف في هذا:

1- الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى في كتابه بداية السول في تفضيل الرسول.

2- وكذلك الإمام ابن الملقن رحمه الله في كتابه خصائص أفضل المخلوقين .

ومنهم من أدرج الخصائص في مؤلف من المؤلفات التي كتبها، مثل :

1-الحافظ الإمام أبي نعيم الأصفهاني رحمه الله في كتاب دلائل النبوة .

2- الحافظ البيهقي رحمه الله في كتاب دلائل النبوة .

3- الحافظ القاضي عياض رحمه الله في كتابه الشفاء في التعريف بحقوق المصطفى .

4- كذلك ابن الجوزي رحمه الله في الوفاء لأحوال المصطفى .

5- كذلك ابن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية و الفصول في سيرة الرسول .

6- كذلك النووي رحمه الله في تهذيب الأسماء واللغات .

كل هؤلاء العلماء وغيرهم قد جعلوا أبواباً في مصنفاتهم عن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الخصائص التي معرفتها تزيده عليه الصلاة والسلام في أعيننا قدرا،ً وتجعلنا نحبه ونعرف منزلته أكثر، وتجعلنا نزداد به إيماناً، ونزداد له تبجيلاً، ونزداد له شوقاً ويقيناً صلى الله عليه وسلم، لأن من واجباتنا أن نعرف أحوال نبينا عليه الصلاة والسلام.

ومن كمال الإيمان والتصديق به أن نعرف له من الخصائص والميزات عليه الصلاة والسلام.

إن هذه الخصائص-أيها الإخوة!- منها ما اختص به عليه الصلاة والسلام في ذاته في الدنيا، ومنها ما اختص به في ذاته في الآخرة، ومنها ما اختصت به أمته في الدنيا، ومنها ما اختصت به أمته في الآخرة.

أولا /  خصائصه صلى الله عليه وسلم في الدنيا:

 فنريد أن نتناول شيئاً مما اختص به عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة:

1- أخذ الله العهد من الأنبياء والمرسلين باتباع النبي صلى الله عليه وسلم إذا ظهر فيهم:

فمن خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهي خاصية عجيبة: أن الله عز وجل قد أخذ العهد والميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام، أنه إذا ظهر النبي صلى الله عليه وسلم في عهده وبعث أنه سيؤمن به ويتبعه، ولا تمنعه نبوته من أن يتابع نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم، وكل نبي أخذ العهد والميثاق على أمته أنه لو بعث محمد بن عبد الله فيهم أن يتابعوه عليه الصلاة والسلام، لا يتبعون نبيهم بل يتبعون محمداً عليه الصلاة والسلام إذا ظهر فيهم، والدليل على ذلك قوله تعالى:  وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ  [آل عمران:81] من هو هذا الرسول؟ هو محمد عليه الصلاة والسلام، قال:  قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ  [آل عمران:81] ميثاق مأخوذ على جميع الأنبياء وعلى جميع الأمم، أن محمداً عليه الصلاة والسلام إذا بعث فيهم أن يتبعوه وأن يؤمنوا به وأن ينصروه، وقال علي رضي الله تعالى عنه: [ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه ميثاقاً لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته] أمر كل نبي أن يأخذ الميثاق على أمته، لئن بُعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه، ولذلك لما جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب وقال: (أمتهوكون فيها يا بن الخطاب …) التهوك: الوقوع في الأمر بغير روية، وهو التحير أيضاً: (أمتهوكون فيها يا بن الخطاب ، والذي نفسي بيده! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده! لو أن موسى -صلى الله عليه وسلم- كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني) رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني . فإذاً: محمد عليه الصلاة والسلام لو وجد في أي عصر لكانت طاعته مقدمة، والإيمان به مقدماً، ومتابعته مقدمة.

2- عمومية رسالته صلى الله عليه وسلم:

ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام: أن رسالته عامة لجميع البشر، فقد كان الأنبياء والرسل يبعثون إلى أقوامهم خاصة، كل نبي إلى قومه خاصة، كما قال الله تعالى:  إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ  [نوح:1] ..  وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً  [الأعراف:65] ..  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً  [الأعراف:73] ..  وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ  [الأعراف:80] ..  وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً  [الأعراف:85] وأما النبي عليه الصلاة والسلام فقد قال الله تعالى في شأنه:  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً  [سبأ:28] ..  قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً  [الأعراف:158] فإذاً: لو قال يهودي أو نصراني في هذا الزمان ليس محمد بنبينا، نبينا موسى، نقول: نبيك محمد رغماً عنك، نبيك محمد صلى الله عليه وسلم الذي يجب عليك أن تؤمن به:  تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً  [الفرقان:1] ..  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ  [الأنبياء:107]

قال العز بن عبد السلام رحمه الله: ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى أرسل كل نبي إلى قومه خاصة وأرسل نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس، ولكل نبي من الأنبياء ثواب تبليغه إلى أمته، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ثواب التبليغ إلى كل من أرسل إليه، فإذاً النبي عليه الصلاة والسلام له أجر كل الإنس الذين اتبعوه، وله أجر كل الجن الذين اتبعوه إلى قيام الساعة، ولذلك فهو أكثر الأنبياء أجراً، ولا يوجد لواحد من الأنبياء أتباع مثل أتباع نبينا عليه الصلاة والسلام، فهو أكثر الأنبياء أتباعاً على الإطلاق.

والدليل على أن اليهود والنصارى في زماننا هذا مخاطبون بالإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام واتباعه، وأن من لم يؤمن بنبينا من اليهود والنصارى وغيرهم من الهندوس والسيخ والمجوس وسائر الكفرة أنه في النار، قوله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني) والمقصود بالأمة أمة الدعوة، واليهود والنصارى داخلون في أمة الدعوة لا أمة الإجابة الذين استجابوا له عليه الصلاة والسلام، فقوله: (والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة -وهي أمة الدعوة يعني: الذين أرسل إليهم، كل العالم- يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم رحمه الله في صحيحه .

وقال صلى الله عليه وسلم: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي، ومنها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة)، وفي رواية: (كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود) رواهما مسلم رحمه الله

حتى الجن:  وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ  [الأحقاف:29] ينذرونهم عذاب الله، ويخوفونهم ما سمعوا. فإذاً: الرسل من الإنس والجن منهم دعاة إلى قومهم، والرسل من الإنس، والجني يمكن أن يسمع الإنسي، وأن يسمع كلام النبي عليه الصلاة والسلام، بخلاف الإنسي فإنه ربما لا يتمكن من سماع الجني لو كان الرسول من الجن؛ ولذلك كان الرسل من الإنس، والجن منهم دعاة ومنذرون، فهؤلاء الجن الذين سمعوا القرآن يتلى منه عليه الصلاة والسلام، ولوا إلى قومهم منذرين، وهذه آية في كتاب الله تتعلق بالموضوع، فيها بشارة وبيان ميزة للنبي عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى:  وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً  [الفرقان:51] فهذه منة من الله على النبي عليه الصلاة والسلام، يقول له: لو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً لكن مننا عليك وبعثناك لكل القرى نذيراً وبشيراً فصار تابعوك من كل القرى، المؤمنون لك مثل أجرهم، وأنت رسول إليهم جميعاً، فلم نبعث بعدك ولا معك رسلاً إلى الأقوام الآخرين وإلى غير العرب، بل بعثناك للجميع:  وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً  [الفرقان:51] فهذا وجه التمنن، أنه لو بعث في كل قرية نذيراً لما حصل لرسوله صلى الله عليه وسلم إلا أجر إنذاره لأهل قريته، مكة ، أو للعرب لكنه بعثه للجميع.

وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه: [إن الله فضل محمداً صلى الله عليه وسلم على الأنبياء وعلى أهل السماء، فقالوا: يا بن عباس بم فضله على أهل السماء؟ قال: إن الله قال لأهل السماء:  وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ  [الأنبياء:29]، وقال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم:  إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ  [الفتح:1-2] قالوا: يا بن عباس فما فضله على الأنبياء؟ قال: قال الله عز وجل:  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ  [إبراهيم:4] وقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم:  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ  [سبأ:28] -فأرسله إلى الجن والإنس-].

3- النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين:    

من خصائصه عليه الصلاة والسلام أن الله ختم به الأنبياء والمرسلين، فلا نبي بعده فهو آخر نبي، وأكمل به الدين، وأنه صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل، فمن ادعى الرسالة بعده فهو كذاب أفاك دجال:  مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ  [الأحزاب:40]

فإذا جاء غلام أحمد القادياني وقال: أنا نبي، وإذا جاء بهاء الله ، زعيم البهائية وقال: أنا نبي، وإذا جاء أي واحد دجال كذاب في هذا الزمان أو في غيره وقال: أنا نبي، فنقول: أنت كذاب لأن الله قال: (( وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ  [الأحزاب:40] فليس بعده نبي.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وجمله إلا موضع لبنة) القطعة من الطين التي تعجن وتعد للبناء، ويقال لها إن لم تحرق لبنةً، وإذا أحرقت صارت آجرة، الآجر: هو اللبن المحروق، (إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به- بهذا البيت- ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة) ما بقي لإكمال البناء إلا هذه اللبنة، لو جاءت هذه اللبنة كان ما أحسن هذا البيت، فالبيت كامل كله إلا أن اللبنة تنقصه (قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين) رواه البخاري رحمه الله.

ولذلك يوم القيامة لما يفزع الناس إلى الأنبياء، آخر واحد عيسى عليه السلام فيردهم إلى محمد عليه الصلاة والسلام، فيأتي الناس إلى محمد، يقولون: يا محمد! أنت رسول الله وخاتم النبيين، وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: (فضلت على الأنبياء بست- ومنها- وخُتم بي النبيون)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي، فشق ذلك على الناس، قال: ولكن المبشرات) يعني: بقي المبشرات، صحيح أن النبوة انتهت الآن فلا يأتي نبي، لكن بقي المبشرات (قالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: رؤيا الرجل المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وهو في صحيح الجامع.

وهذا يدل على أن الرؤيا الصالحة الباقية التي قد يكون فيها إنذار من شيء خطير أو تبشير ببشرى لمؤمن يراها أو ترى له حق، حيث أن النبوة فيها وحي وإخبار عن الغيب، واشتركت الرؤيا مع النبوة في مسألة الإشعار بشيء قد يحدث في المستقبل، ولذلك كانت الرؤيا جزءاً من النبوة، وإلا فهناك فرق كبير بين الرؤيا والنبوة لا شك في هذا، ولكن لماذا كانت الرؤيا جزءاً من النبوة؟

ما هو وجه الاشتراك بين الرؤيا والنبوة؟

في النبوة إخبار عن المغيبات والأشياء المستقبلية، وكذلك البشارات والإنذارات، وقد يكون في بعض الرؤى الصالحة التي يراها المؤمن أو ترى له إنذار من شيء سيحدث، أو بشارة لشخص، فلذلك كانت جزءاً من النبوة.

والنبي صلى الله عليه وسلم من أسمائه التي أخبر عنها، قال: (وأنا العاقب -والعاقب: فسره، قال:- الذي ليس بعده أحد) رواه البخاري ، فليس بعده نبي، وقال صلى الله عليه وسلم: (كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي وسيكون بعدي خلفاء) رواه البخاري . والنبي صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة إلى العالمين:  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ  [الأنبياء:107] وهو عليه الصلاة والسلام بالمؤمنين رءوف رحيم.

4- النبي صلى الله عليه وسلم أمنة لأصحابه:

من خصائصه عليه الصلاة والسلام: أنه أمنة لأصحابه، أمنة: أمان لأصحابه، أكرمه الله تعالى، وأكرم أصحابه بأن جعل وجوده بينهم أماناً لهم من العذاب، بخلاف الأمم السابقة، فقوم نوح ماذا حصل لهم؟ عذبوا في حياة نبيهم وأهلكوا، وقوم هود عذبوا في حياة نبيهم وأهلكوا، وقوم صالح عذبوا في حياة نبيهم وأهلكوا، وقوم شعيب عذبوا في حياة نبيهم وأهلكوا، أما النبي عليه الصلاة والسلام من خصائصه أن وجوده عليه الصلاة والسلام في أمته أمان لهم من الفناء والعذاب، فلا يأتي عذاب عام فيهلكهم، قال الله تعالى:  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ  [الأنفال:33] مع أنهم يستحقون العذاب، فهم كفرة مشركون، كفار قريش متجبرون طغاة، ومع ذلك قال:  وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ  [الأنفال:33]

وكذلك فإنه عليه الصلاة والسلام رفع رأسه مرة إلى السماء بعدما صلى بالقوم المغرب، جلس وسألهم ما الذي أجلسهم، قال: ما زلتم هاهنا، قالوا: يا رسول الله! صلينا معك المغرب، ثم قلنا نجلس حتى نصلي معك العشاء -ينتظرون الصلاة بعد الصلاة رباط في سبيل الله- قال: أحسنتم أو أصبتم، فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء، وهذا في غير الصلاة، فقال: (النجوم أمنة للسماء) فما دامت النجوم باقية فالسماوات باقية، يوم القيامة إذا النجوم انكدرت وتناثرت فاعلم أن السماء ستتشقق وستذهب، وتنفطر وتزول، فإذا كانت النجوم موجودة فالسماء بخير وموجودة، فإذا انكدرت النجوم وتناثرت، فاعلم أن السماء ستذهب (وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي -من البدع- فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون -من التفرق وانفتاح باب البدعة-) رواه مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه .

5- لم يقسم الله بنبي غيره صلى الله عليه وسلم:

من خصائصه عليه الصلاة والسلام: أن الله أقسم به ولم يقسم بنبي غيره، فقال عز وجل:  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ  [الحجر:72] فأقسم الله بالنبي عليه الصلاة والسلام في قوله لعمرك، ومعنى لعمر: قسم بحياته عليه الصلاة والسلام، يقسم بعمره وحياته وبقائه، فكأنه يقول: وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا،  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ  [الحجر:72]. والله يقسم بما شاء من خلقه، ولكن المخلوقين لا يجوز أن يقسموا إلا بالخالق، ومن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك، فالإقسام بحياته عليه الصلاة والسلام يدل على شرف حياته وعزتها، ونفاستها ومنزلتها عند المقسم بها وهو الله تعالى.

6- مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة لا باسمه صلى الله عليه وسلم  :

ثم لاحظ أيضاً من الخصائص النبوية: أن الله تعالى خاطب الأنبياء بأسمائهم، ولم يخاطب نبينا عليه الصلاة والسلام باسمه، يناديهم بأسمائهم، فقال:  يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ  [البقرة:35]..  قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا  [هود:48] ..  قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ  [الأعراف:144] ..  … يا إبراهيم * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا  [الصافات:104-105] ..  يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ  [المائدة:110]

في آيات كثيرة، وأما نبينا عليه الصلاة والسلام فلم يناده ربه ولا مرة: ( يا محمد! ) لكنه ناداه وخاطبه بالنبوة والرسالة، فقال:  يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ  [المائدة:41]، وقال:  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ  [الأنفال:64] فزيادة في التشريف والتكريم له خاطبه بالنبوة والرسالة، وبقية الأنبياء خاطبهم بأسمائهم، ولا يخفى على أحد أن السيد إذا دعا أحد عبيده بأفضل ما وجد من الأوصاف العلية والأخلاق السمية، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام، فإن الذين دعوا بالوصف أعلى منزلة من الذين دعوا بالاسم، فلو قال مثلاً وهو يخاطب أحد عبيده: يا أيها الأمين، يا أيها الذكي، يا أيها الخبير، غير ما يقول مثلاً: يا مرجان، يا فلان، فإذاًَ الله سبحانه وتعالى خاطبه بمقام الرسالة، وخاطبه بمقام النبوة، ولما ذكر اسمه في القرآن قرنه بذلك:  مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ  [الفتح:29] ..  وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ  [محمد:2] ..  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ  [آل عمران:144] فهو ليس نداءً وخطاباً، وإنما لما ذكر اسمه قرنه بالنبوة والرسالة.

ثم من أمر الأمة لتوقيره عليه الصلاة والسلام: أن الله نهى المؤمنين أن يخاطبوه باسمه، قال سبحانه وتعالى:  لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً  [النور:63] بينما بنو إسرائيل:  قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ  [الأعراف:138] ..  إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ  [المائدة:112] لكن الصحابة لا يمكن أن ينادوا النبي عليه الصلاة والسلام باسمه، إنما يقولون: يا رسول الله! يا نبي الله!

7- النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم:

وكذلك فإنه عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم، وتضمن كلامه الحكم البالغة، والمعاني العظيمة في الألفاظ القليلة، والعبارات اليسيرة، ولذلك عندما يقول العلماء مثلاً: (إنما الأعمال بالنيات) .. (ودع ما يريبك إلى مالا يريبك) يقول: هذه ربع العلم، هذه ثلث العلم، هذه عبارات جامعة، (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) عبارات جامعة، فصاحة لا توازى، وبلاغة لا تبارى.

8- النبي صلى الله عليه وسلم نُصَِر بالرعب:

ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام: أنه نصر بالرعب وهو: الفزع والخوف يلقيه الله في قلوب أعدائه والنبي عليه الصلاة والسلام متجه إليهم، أو ينوي أن يتوجه إليهم، فيخافونه وهو على بعد شهر، وعلى بعد شهر يلقى الرعب في قلوبهم، فلا يملكون لأنفسهم استعداداً أو منعة منه، وإنما تنحل عزائمهم، وينفرط أمرهم، ويخافون غاية الخوف، فقال عليه الصلاة والسلام: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر … الحديث) رواه البخاري رحمه الله.

9- النبي صلى الله عليه وسلم أعطي مفاتيح خزائن الأرض:

وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم أعطاه الله مفاتيح خزائن الأرض، فقال عليه الصلاة والسلام في خصائصه: (… أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي …) وليست كل البلدان فتحت في وقته عليه الصلاة والسلام، لكن بعد وفاته عليه الصلاة والسلام أكمل المشوار وأكمل الطريق وأكمل الاستيلاء على الخزائن أصحابه، ولذلك قال أبو هريرة بعدما ذكر الحديث، قال: (… وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تمتثلونها -يعني: تستخرجونها-) رواه البخاري . وقال عليه الصلاة والسلام: (… وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض …)والكنز الأحمر: الذهب، والأبيض: الفضة، لأن أكثر مال الروم كان فضة، وأكثر مال الفرس كان ذهباً، فقال لهم: إن بلاد الفرس والروم ستسقط.

9- النبي صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر:

وهو عليه الصلاة والسلام الوحيد الذي أخبر بأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كل الأنبياء يوم القيامة يقولون: نفسي نفسي، كل واحد يذكر ذنباً؛ آدم يذكر خطيئته، ونوح يذكر دعوته على قومه، وموسى يقول: قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها، وإبراهيم يقول: كذبت ثلاث كذبات، أما النبي عليه الصلاة والسلام فلا يقول شيئاً لأن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر:  إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ  [الفتح:1-2] ولم ينقل أن الله أخبر أحداً من أنبيائه بمثل ذلك، بل ظاهر قولهم في الحديث: نفسي نفسي، أنهم ليس عندهم مثلما للنبي صلى الله عليه وسلم:  وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ  [الشرح:2-3] فالناس يوم القيامة يذهبون إليه عليه الصلاة والسلام، يقولون: (يا محمد! أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر …) لماذا؟ لأن عيسى بن مريم لما حولهم قال لهم: (لست مناكم ولكن اذهبوا إلى محمد فهو عبد قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) والحديث في البخاري .

10- حفظ الكتاب الذي أنزل عليه صلى الله عليه وسلم:

ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام وهي خصيصة مهمة جداً جداً، متعلقة بنا نحن اليوم: أن كتابه محفوظ فقد أعطى الله كل نبي من الأنبياء من الآيات والمعجزات حجة له على قومه وبرهاناً على صحة ما جاء به، وأنه نبي، وكان معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم الكبرى هي القرآن الكريم، فمن خصائصه عليه الصلاة والسلام أن معجزته باقية، وأما معجزات الأنبياء كلها قد تصرمت وانقرضت وبقيت معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم، حتى التوراة والإنجيل تحرفت وتغيرت وتبدلت، أما كتاب هذه الأمة، قال الله فيه:  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  [الحجر:9] ..  وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ  [فصلت:41-42]

قال عليه الصلاة والسلام: (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر) أعطي معجزات من أجل أن يؤمن البشر حتى لا يقولوا: وما أدرانا أنك نبي، أثبت لنا أنك نبي، فيقول: هذه ناقة الله لكم آية، ويقول هود: فكيدوني جميعاً، كيدوني ولن تستطيعوا أن تفعلوا لي شيئاً، وهذا موسى ألقى العصا وأخرج يده بيضاء، وهذا عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، ويخبرهم بما يدخرون في بيوتهم، يقول: في بيتك رز، في بيتك عدس، في بيتك سكر، في بيتك كذا، يخبرهم بما يدخرون في بيوتهم، ونبينا عليه الصلاة والسلام له معجزات، أهم معجزة: هي القرآن الكريم، معجزة باقية لا تغيير ولا تبديل فيها.

وهذه قصة عجيبة: قال يحيى بن أكثم : دخل يهودي على الخليفة المأمون فتكلم فأحسن الكلام، فدعاه المأمون إلى الإسلام، فأبى اليهودي، فلما كان بعد سنة جاءنا مسلماً، فتكلم في الفقه فأحسن الكلام، فقال له المأمون : ما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك -أنا لما خرجت من عندك- قبل سنة وأحببت أن أمتحن هذه الأديان، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني -راجت واشتروها آل يهود، اشتروها بسرعة- وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ، فزدت فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني -راجت ونفقت مع أنها محرفة، هو بنفسه حرفها- وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها على الوراقين فتصفحوها فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها ولم يشتروها، فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي، قال يحيى بن أكثم : فحججت تلك السنة فلقيت سفيان بن عيينة في الحج، فذكرت له القصة، فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله تعالى، قلت: في أي موضع، قال: في قوله تعالى في التوراة والإنجيل:  بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ  [المائدة:44] فجعل حفظه إليهم -إلى الأحبار والرهبان- فضاع، وقال:  إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ  [الحجر:9] فجعل حفظه إليه: فحفظه الله تعالى علينا فلم يضع.

11- الإسراء والمعراج:

من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم: الإسراء والمعراج، وتحضير الأنبياء له في السماوات يستقبلونه، وأنه عليه الصلاة والسلام أَمَّهم جميعاً فكانوا وراءه، هو الإمام وهم المأمومون، والدليل على ذلك ما جاء في حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيتني في حجر-بعد ما رجع في حجر- وقريش تسألني عن مسراي فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها) -يعني: أنا لما كنت في بيت المقدس ما حفظت التفاصيل سألوني عنها بعدما رجعت- (فكربت كربة ما كربت مثلها، قال: فرفعه الله لي أنظر إليه) -أنقذ الله نبيه ورفع له بيت المقدس أمامه وهو في مكة ، أمامه ينظر إليه وعن أي شيء يسألونه يعطيهم التفاصيل، فهو يراه وهم لا يرونه، وهم يسألونه وهو يجيب من الواقع حياً على الهواء- (ما يسألوني شيئاً إلا أنبأتهم به، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي فوصفه ثم قال: فحانت الصلاة فأممتهم، فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد! هذا مالك صاحب النار -فسلم عليه- فالتفت إليه فبدأني بالسلام) رواه مسلم رحمه الله.

ثانيا / خصائصه صلى الله عليه وسلم في الآخرة:

1- النبي صلى الله عليه وسلم له الوسيلة والفضيلة:

من خصائص نبينا عليه الصلاة والسلام: أن له الوسيلة والفضيلة، فالوسيلة الراجح أنها هي منزل النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة، وهي داره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى العرش، قمة الجنة هي الوسيلة، درجة في الجنة لا ينالها إلا واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيها غيره، من قال حين يسمع النداء: (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة) رواه البخاري ، وفي حديث آخر قال: (ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم ، وفي رواية لـأحمد وهي في صحيح الجامع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة، فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة).

الوسيلة حاصلة للنبي عليه الصلاة والسلام فنحن لماذا ندعو؟

نحن ندعو أن يؤتيه الله الوسيلة حتى نستفيد نحن وننال الشفاعة؛ لأن من سأل له الوسيلة حلت له الشفاعة، فإذا أردت يا عبد الله! أن تنال شفاعة رسول الله فسل الله الوسيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك نحن نقول هذا الذكر من الأذكار بعد الأذان: (آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً) وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام الأخرى: المقام المحمود.

2- النبي صلى الله عليه وسلم هو صاحب المقام المحمود:

والمقام المحمود: الشفاعة:  وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً  [الإسراء:79]

قال ابن جرير الطبري رحمه الله: أكثر أهل العلم على أن ذلك هو المقام الذي يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس، ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم، لأن الناس يكربون يوم القيامة كربة عظيمة حتى يتمنى الكفار الانفكاك من الموقف ولو إلى النار، ولأن الشمس دنت من رءوس العباد فصهروا في عرقهم، وهم قيام على أرجلهم، وخمسون ألف سنة، فيتمنون الفكاك ولو إلى النار، والناس يفزعون يريدون الفكاك، يطوفون على الأنبياء واحداً واحداً لينفرج الموقف ولتنفك الأزمة، كل يحولهم، حتى يصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم ويستأذن على ربه ويدخل عليه ويسجد تحت العرش السجدة الطويلة التي يفتح الله عليه فيها بمحامد وأدعية لا نعرفها، ثم يقول: ( يا محمد! ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع )، فيعطى الشفاعة في أهل الموقف، فيبدأ الحساب وتنفك أزمة الموقف، ثم تبدأ قضية أخرى وهي قضية الحساب، ويقضي الله تعالى بين الخلق، ويأتي الله تعالى بكرسيه لفصل القضاء بين الخلق، والناس جثي، كل أمة جاثية، كل أمة تتبع نبيها، فهذا المقام المحمود يحمده عليه كل الخلق لأنه سبب فك الأزمة وانفضاض الناس من الموقف للحساب.

وله عليه الصلاة والسلام في هذا الموطن شفاعات متعددة:

1- شفاعة في استفتاح باب الجنة.

2- وشفاعة في تقديم من لا حساب عليه لدخول الجنة.

3- وشفاعة في ناس من الموحدين عندهم معاصٍ وذنوب، استحقوا دخول النار ألا يدخلوها.

4- وشفاعة في ناس موحدين دخلوا النار أن يخرجوا منها.

5- وشفاعة في رفع درجات ناس في الجنة.

6- وشفاعة في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب .

فالنبي عليه الصلاة والسلام هو الذي يستفتح باب الجنة فيشفع لهم عند الله تبارك وتعالى، فيدخل ويدخلون وراءه، والنبي صلى الله عليه وسلم الذي يشفع لمن لا حساب عليه من أمته كما جاء في الحديث بعد ما ينادي: يا رب! يا رب! أمتي يا رب! فيقول: (يا محمد! أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب) رواه البخاري .

ثم إن له في عمه أبي طالب موقفاً، تكريماً للنبي صلى الله عليه وسلم، فجاء العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم أخو أبي طالب ، فـالعباس أسلم وكان قلقاً على مصير أخيه أبي طالب ، فقال: (يا رسول الله! هل نفعت أبا طالب بشيء؟) أبو طالب مات كافراً وسيدخل النار قطعاً، فحق وعيد (هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك-كان يصونك ويحافظ عليك، ويذب عنك وينافح- قال النبي عليه الصلاة والسلام: نعم نفعته، هو في ضحضاح من نار-ضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض فاستعير في النار، فقال: هو في ضحضاح من نار- ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) رواه مسلم ، وفي رواية: أن العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (يا رسول الله! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذلك؟ قال: نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح) ومعنى الغمرات: المعظم من الشيء الكبير، لكن هذا الضحضاح ليس بنعيم إطلاقاً، فإن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذُكِر عنده عمه أبو طالب ، فقال: (لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه أم دماغه) رواه البخاري ، (أهون أهل النار عذاباً أبو طالب ، وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه) رواه مسلم . فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيذنا من النار، وأن يقينا عذاب النار. وللنبي عليه الصلاة والسلام دعوة مستجابة خبأها لأمته من كمال شفقته عليهم، ورأفته بهم، واعتنائه بمصالحهم، وقيل: الدعوة هذه هي الشفاعة المعطاة للنبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثا / خصائصه في أمته صلى الله عليه وسلم   :     

لقد كانت للنبي عليه الصلاة والسلام خصائص في أمته:

1- جعلت أمته خير الأمم.

2- وأحلت الغنائم لهم، وكانت الغنائم من قبل تأتي النار من السماء فتأكلها.

3- وجعلت الأرض لهم مسجداً وطهوراً.

4- ووضع عنهم الآصار والأغلال.

5- وهداهم الله إلى يوم الجمعة.

6- وتجاوز له عن أمته الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.

7- وحفظهم من الهلاك والاستئصال، فلا يمكن أن ينزل بأمة محمد صلى الله عليه وسلم عذاب يفنيهم تماماً، ولا يمكن أن يُسلط عليهم عدو يستبيح بيضتهم كلهم إطلاقاً.

8- ولا تجتمع أمته على ضلالة.

9- وهم شهداء الله في أرضه، وشهداء للأنبياء يوم القيامة.

10- وصفوفهم كصفوف الملائكة في الصلاة.

11- وهم غر محجلون يوم القيامة؛ بياض في جباههم ومواضع الوضوء منهم.

12- وأول من يجتاز على الصراط أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهو أمامهم.

13- وأول أمة تدخل الجنة وهو أولهم.

14- وأن عملهم قليل وأجرهم كثير؛ فأعمارنا بالنسبة لأعمار بقية الأمم أقل، ولكن من يدخل الجنة من هذه الأمة أكثر، ثلثا أهل الجنة من هذه الأمة.

رابعا / خصائصه صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور والأحكام:

 لقد كان للنبي عليه الصلاة والسلام خصائص في بعض الأحكام، فمثلاً:

 1- لا يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم أخذ شيء من الزكاة أو الصدقة:  لأن هذه أوساخ الناس، ولا تليق بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولذلك لما رأى في يد الحسن تمرة من تمر الصدقة قال له: (كخ .. كخ .. أما علمت أنا لا نأكل الصدقة) وكان يأكل الهدية عليه الصلاة والسلام.

 2- يحرم عليه صلى الله عليه وسلم إمساك أي امرأة لا تريده:

ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام: أنه يحرم عليه إمساك أي امرأة لا تريده، إذا أرادت أي امرأة فراقه يجب عليه أن يمكنها من الفراق، بينما بقية الرجال لا يلزم أحدهم إذا كرهته زوجته أن يطلقها، لكن النبي عليه الصلاة والسلام ملزم، ولذلك جاء في صحيح البخاري أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (إن ابنت الجوني -هذه بنت من ملوك العرب كانت جميلة جداً جداً- خطبها النبي عليه الصلاة والسلام وتزوجها ولما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك) المرأة نفرت ثم ندمت ندماً لا يوصف، لكن هذا الذي حصل، فأول ما دخل عليها قالت: (أعوذ بالله منك، فقال لها: لقد عذتِ بعظيم .. الحقي بأهلك) رواه البخاري . فحرِّم عليه نكاح كل امرأة كرهت صحبته، ولاشك أن المرأة هذه ليست بمستوى أن تكون من أمهات المؤمنين، ولذلك ما أكملت الطريق وأخرجت من الحسبة.

3- لا يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم التراجع عن قرار الحرب:

والنبي عليه الصلاة والسلام إذا لبس لباس الحرب لا يمكن أن يخلعه ولا يمكن أن يتراجع في قرار الحرب، إذا اتخذ قرار الحرب ولبس اللأمة (لباس الحرب)لابد من إكمال المشوار.

4- ليس للنبي صلى الله عليه وسلم خائنة الأعين:

إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له خائنة الأعين، بمعنى أنه لا يجوز له ولا يليق بمقامه أن يشير بعينه إشارة خفية ولو إلى شيء مباح، مثل قتل شخص مهدور الدم، ولذلك لما أهدر النبي عليه الصلاة والسلام دم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، لأنه كان ممن أنشد الشعر في سب النبي عليه الصلاة والسلام، فأي واحد سب النبي عليه الصلاة والسلام يقتل مباشرة، وقد أهدر النبي عليه الصلاة والسلام دم نفر من المشركين يوم فتح مكة ، ومن الناس الذين أهدر دمهم: عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، عبد الله بن سعد بن أبي سرح توجه إلى عثمان أخيه من الرضاعة واختفى عنده، فلما دعا النبي عليه الصلاة والسلام الناس إلى البيعة جاء عثمان بـابن أبي سرح حتى أوقفه عند النبي عليه الصلاة والسلام، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاث مرات، ابن أبي سرح يطلب البيعة والنبي عليه الصلاة والسلام يأبى، ابن أبي السرح يطلب البيعة والنبي عليه الصلاة والسلام يأبى، ثم بعد الثلاث بايعه، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله) أليس فيكم واحد فهمها وقام وقتله؛ (فقالوا: ما ندري يا رسول الله! ما في نفسك -ما أدرانا أن هذه رغبتك- ألا أومأت إلينا بعينك -يعني: إشارة ونحن نقضي عليه- قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين) رواه أبو داود وغيره، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التلخيص : إسناده صالح.

5- النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولا يقول الشعر:

من خصائصه عليه الصلاة والسلام: أنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة إطلاقاً، كما أن الله سبحانه وتعالى وصفه بقوله:  وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ  [العنكبوت:48] لا قراءة ولا كتابة، لماذا؟  إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ  [العنكبوت:48] لو أنك قارئ وكاتب لقالوا: هذا القرآن من الثقافات التي اطلع عليها وقرأها وتعلمها من الكتب، ثم جاء وكتب لنا هذا القرآن، فقال: أنت معروف من أول أمرك، لا قراءة ولا كتابة، فأنت أمي؛ لأن هذا يكون أبلغ، حتى القرآن لا يمكن لأحد أن يقول: تعلمه من غيره، وأنه كان يقرأ كتب ثقافات، فهو لا يعرف القراءة أصلاً، لا يوجد إلا مصدر واحد هو: الوحي، من أين تجيئه هذه الأخبار؟ أخبار السابقين بهذه التفصيلات، لا يعرف يقرأ ولا يكتب، فهذه ليست منقصة بالنسبة للنبي عليه الصلاة والسلام، بل بالعكس هي في حقه كمال، فلو كان يعرف القراءة والكتابة، كان فتح باباً كبيراً للافتراء عليه. وكذلك فإنه عليه الصلاة والسلام لا يقول الشعر:  وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ  [يس:69] فهو لم يكن عالماً لا بصنوفه ولا بأنواعه، ولذلك لما أراد أن يستشهد ببيت كَسَّره وقدَّم وأخر، ولما قال شيئاً قال رجزاً يسيراً، وشعراً غير مقصود، وشيئاً أتى وجرى على اللسان من غير قصد، مثل قوله:

أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب

هذا من بحور الشعر وليس من القصائد، وإذا جاء ببيت أو بيتين من أبيات غيره كسرها وكسر الوزن:  وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ  [يس:69].

6- للنبي صلى الله عليه وسلم الوصال في الصيام:

النبي عليه الصلاة والسلام أبيح له الوصال في الصيام، يوالي الصيام ونحن لا نوالي، هذه من خصائصه، يختلف عنا فيها.

7- للنبي صلى الله عليه وسلم التزوج بدون ولي ولا شهود:

يتزوج عليه الصلاة والسلام من غير ولي ولا شهود، كما حصل أن الله سبحانه وتعالى زوجه زينب بنت جحش من غير ولي ولا شهود، نزل العقد من السماء، كانت زينب رضي الله عنها تفخر على أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، تقول: [زوجكن أهليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات] رواه البخاري.

8- للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع أكثر من أربع نسوة:

يجوز للنبي عليه الصلاة والسلام أن يجمع أكثر من أربع نسوة ونحن لا يجوز لنا أن نزيد على أربع، وفي ذلك فوائد كثيرة، منها: أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة، فعنده نساء متعددات وتتشرف قبائل العرب بمصاهرته ويزيد ذلك في تأليفهم، وتكثر عشيرته من جهة نسائه فيزداد أعوانه ويحاربون معه وينصرون الدين، وكذلك نقل الأحكام الشرعية من جهة عدد أكبر من النساء، لأن بعض الأشياء لا يطلع عليها إلا الزوجات، كبعض الأشياء الداخلية في البيوت، وصار عندنا عدد من أمهات المؤمنين، كذلك ألف الله قلوب أعدائه من بعض هذه الزواجات: أم حبيبة أبوها كان من أعدائه، و صفية ألف الله قلبها على الإسلام، وهكذا حصلت من البركة في زواجه عليه الصلاة والسلام.

9- أحل للنبي صلى الله عليه وسلم القتال في مكة ساعة من نهار:

أحل له القتال في مكة ساعة من نهار فقط، ولم يحل لأحد آخر غيره، ولا يجوز القتال في مكة إطلاقاً، إلا النبي عليه الصلاة والسلام أحلت له ساعة كسر بها الشرك ودمر بها الأوثان والأصنام.

10- النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى من خلفه وهو يصلي:     

ثم إنه عليه الصلاة والسلام من خصائصه: أنه كان يرى من خلفه في الصلاة مع أن وجهه إلى القبلة لكنه يرى الصفوف التي خلفه، ويرى لو أن واحداً متقدم أو متأخر، ولما غشي على أسماء في قصة الكسوف وقامت وأكملت صلاتها بدون وضوء، والعلماء صححوا صلاة من غشي عليه وقام، والغشيان غير الإغماء، فهو درجة أخف، من غشي عليه وقام وأكمل الصلاة صححوا صلاته، بأي شيء؟ لأن أسماء كانت وراء النبي عليه الصلاة والسلام وكان يشاهد من خلفه، وقامت أسماء وأكملت بعد الغشيان من غير وضوء وما أنكر عليها عليه الصلاة والسلام، معناها أن صلاة المغشي عليه إذا غشي عليه وقام صحيحة. وذلك لأنه ليس نوماً وإنما هو دوخة خفيفة يمكن أن نسميها هكذا.

11- النبي صلى الله عليه وسلم لا يورِّث، وأزواجه لا يجوز الزواج بهن

النبي عليه الصلاة والسلام لا يورث، وأي مال يتركه فهو لبيت مال المسلمين، وأزواجه لا يجوز الزواج بهن بعد موته بل هن أمهات المؤمنين.

12- لا يتمثل الشيطان به في المنام.

13- دعوة النبي صلى الله عليه وسلم على شخص تنقلب رحمة وبركة:

 أي واحد من المسلمين سبه النبي عليه الصلاة والسلام أو شتمه أو دعا عليه فإن هذه الدعوة تنقلب في حق هذا الرجل المدعو عليه رحمة وبركة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبعض أصحابه أشياء: تربت يمينك، لا كبر سنك، لا أشبع الله بطنه .. كذا .. كذا إلى آخره، فمرة أودع النبي عليه الصلاة والسلام عائشة أسيراً فهرب منها، مع أنها موكلة بحراسته فهرب، فلما علم عليه الصلاة والسلام، قال: (قطع الله يدك -يعني: لماذا لم تنتبهي لهذا الأسير- فقعدت عائشة تنتظر، قال: ما بالك؟ قالت: دعوت علي أن تنقطع يدي، قال: أما علمتِ المسألة التي سألتها ربي أو كما قال عليه الصلاة والسلام قلت: اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فإنما أنا بشر -يعني: أغضب كما يغضب البشر- فأي المؤمنين آذيته -شتمته، أو دعوت عليه، أوجلدته، شرط أن يكون من المؤمنين- فاجعلها له صلاةً وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة) رواه البخاري و مسلم وهذا لفظ مسلم ، يعني: حتى لو سب أحد المسلمين فهو في صالحه، صلى الله وسلم على نبينا محمد، فماذا بقي من شمائل هذا النبي الكريم وكل شمائله -والحمد لله- وخصائصه بركة وخير ورحمة لهذه الأمة؟!!

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا شفاعته، وأن يجعلنا من أهل ملته وسنته، وأن يحيينا على سنته ويميتنا عليها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 May, 2024 عدد الزوار : 985 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

أحدث المقالات

“لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ… “

حقوق آل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-

فضل الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم

الرد المبين على منكري سنة النبي الأمين

ماذا كتب مايكل هارت عن الرسول في كتابه الخالدون مئة؟

قدر الحبيب النبي عند الرب العلي

لماذا نحتفل بميلاد الرسول ؟

محمد النبي الإنسان

يا محب الرسول عليك بخمسة أمور

“وإنك لعلى خلق عظيم”

الرسول صلى الله عليه وسلم كأنك تراه

جوانب العظمة في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم-

الرسول القدوة

شمس محمد تسطع على العالم محمد الغزالي

مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة

كيف ربى الرسول أتباعه على العزة والكرامة

بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ

الاشتياق إلى النبي للشيخ محمد المنجد

أنت مع من أحببت

ما الحكمة في أن رسول الله كان أميا ؟

كيف ربى الرسول أصحابه ؟

شرح حديث “ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان”

سبيل الوصول إلى محبة الرسول

خصائص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم

وسراجا منيرا

وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ

خصائص النبي محاضرة للشيخ المنجد

 (24) Towards Salvation of the Heart. Part (3)