فقه الصلاة : 33- صلاة تحية المسجد
من آداب المسجد أن المسلم إذا دخل المسجد لا يجلس مباشرة دون أن يفعل شيئاً وإنما أمر بشيء يعظم به بيت الله تعالى، ويكرم موضع العبادة ألا وهو تحية المسجد؛ لأن الداخل يبتدئ بهما كما يبتدئ الداخل على القوم بالتحية، ولذلك سميت تحية المسجد: لحديث (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)
حكمها:
جمهور العلماء على الاستحباب، لحديث عبد الله بن بسر – رضي الله عنه – قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اجلس فقد آذيت” وفي رواية: “رواه أبو داوود، وآنيت”. أي: أبطأت وتأخرت.
ووجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره بالجلوس ولم يأمره بتحية المسجد فدلّ على أنها غير واجبة.
حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – في قصة الأعرابي، وهو ضمام ابن ثعلبة لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يجب عليه من الصلاة فأجابه: الصلوات الخمس، فقال: هل علي غيرها؟ قال: “لا، إلا أن تطوّع” رواه البخاري
حكم تحية المسجد وقت النهي:
اختلف العلماء في صلاة تحية المسجد وقت النهي، كأن يدخل بعد الفجر أو قبل المغرب، على قولين:
الأول: تصلّى تحية المسجد وقت النهي، وهذا هو الأصح عند الشافعية، ورواية في مذهب الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم رحم الله الجميع. وقد بسط ابن تيمية – رحمه الله – أدلة هذا القول، وأيده بما لا مزيد عليه
القول الثاني: لا تصلى في وقت النهي، وهو مذهب الحنفية والمالكية ورواية عن الإمام أحمد، كما في الإنصاف.
وسبب الخلاف:
هو تعارض العمومين؛ عموم أحاديث تحية المسجد وفيه أمر بالصلاة لكل داخل من غير تفصيل، وعموم أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي، كقوله صلى الله عليه وسلم : “لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس” رواه البخاري ومسلم
، وهذا عام في كل صلاة كما يفيده النفي بـ (لا) التي لنفي الجنس، فتدخل تحية المسجد في هذا العموم المنفي.
فذهب الأولون إلى تخصيص عموم حديث: (لا صلاة بعد الصبح . . ) إلخ بحديث تحية المسجد، فأخرجوها من عموم هذا الحديث، فتصلى في أوقات النهي، وذلك لأن حديث (لا صلاة) قد ثبت تخصيصه بغير تحية المسجد، ومن ذلك: قضاء الفوائت؛ لحديث أنس – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من نسي صلاة فليصلّ إذا ذكرها، لا كفار لها إلا ذلك، وقرأ قوله تعالى : (وأقم الصلاة لذكرى)
ومن ذلك – أيضاً -: ركعتا الطواف، لحديث جبير بن مطعم – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى آية ساعة شاء من ليل أو نهار” أخرجه الترمذي
فهذه الأحاديث وغيرها مخصصة لعموم حديث “لا صلاة”، وحديث تحية المسجد عام محفوظ لم يدخله التخصيص، وأحاديث النهي ليس فيها حديث واحد عام باق على عمومه، بل كلها مخصوصة، والعام والذي لم يدخله التخصيص مقدم على العام الذي دخله التخصيص.
ومما يؤيد إخراج تحية المسجد من عموم النهي غير ما ذكر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتحية المسجد حال الخطبة، كما سيأتي إن شاء الله. والنهي عن الصلاة في وقت الخطبة أشد؛ لأن السامع منهي عن كل ما يشغله عن الاستماع حتى الصلاة حيث أمر الشرع بتخفيفها، فإذا فعلت تحية المسجد وقت الخطبة ففعلها في سائر الأوقات أولى.
ثم إن تحية المسجد كغيرها من ذوات الأسباب تفوت إذا أخرت عن وقت النهي ويحرم المصلي ثوابها، وهذا بخلاف النفل المطلق، فإنه إذا منع منه المكلف وقت النهي ففي غيره من الأوقات متسع لفعله، فلا تضييق عليه ولا حرمان، بل قد يكون في المنع من الصلاة في بعض الأوقات مصلحة للمكلف من إجمام نفسه وإقبالها على فعل الطاعة بنشاط، وهذا أمر ملحوظ.
وعلى هذا فتحمل أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات المذكورة على ما لا سبب له، كالنفل المطلق، ويخص منها ما له سبب كتحية المسجد. وهذا هو الرأي المختار – إن شاء الله – وبه تجتمع الأدلة، ويعمل بها كلها. والله أعلم.
وأما بالنسبة إلى قطعها إذا أقيمت الصلاة، إذا كان الإنسان في آخر الصلاة أتم خفيفة، وإذا كان في أولها أو وسطها قطعها.
ولو كان في خطبة الجمعة والإمام يخطب فإن المأموم يصلي تحية المسجد إذا دخل.
صلاة تحية المسجد أثناء الخطبة :
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن ذلك سنة، وهو قول الشافعية والحنابلة والظاهرية.
القول الثاني: أنه محرم، وهو مشهور مذهب مالك.
القول الثالث: أنه مكروه، وهو مذهب الأحناف.
والراجح أنه إذا دخل المصلي المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فإنه يصلي تحية المسجد ركعتين خفيفتين ولا يزيد عليهما؛ ليفرغ لسماع الخطبة. وذلك لما ورد في الصحيحين عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب فقال: “إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين” وفي رواية: “فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما”.
ولحديث جابر بن عبد الله قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال أصليت يا فلان ؟ قال : لا ، قال : قم فاركع ركعتين . رواه البخاري ومسلم
قال النووي رحمه الله بعد أن ذكرَ عدَّة أحاديث في الباب: “هذه الأحاديث كلها صريحة في الدلالة لمذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وفقهاء المحدثين: أنه إذا دخل الجامع يوم الجمعة والإمام يخطب: استُحِبَّ له أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ويُكرَه الجلوس قبل أن يصليهما، وأنه يُستحَبُّ أن يتجوَّز فيهما ليسمع بعدهما الخطبة ” انتهى “شرح النووي على صحيح مسلم ” (6/ 164).
واستدل المالكية بجملة من الأدلة رأوا أنها مقدمة على حديث جابر.
قال النفراوي رحمه الله:
“ودليلنا ما في أبي داود والنسائي: أن رجلا تخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: (اجلس فقد آذيت) فأمره بالجلوس دون الركوع، والأمر بالشيء نهي عن ضده، وخبر: (إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت) نهي عن النهي عن المنكر مع وجوبه، فالمندوب أولى.
وأما خبر سليك الغطفاني وأمره صلى الله عليه وسلم له بالركوع لما دخل المسجد وهو يخطب ، فيحتمل نسخه بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة حينئذ كما في الخبر السابق .
وعلى تقدير معارضته ، وعدم نسخه : فحديثنا أولى ، كما قال ابن العربي ، لاتصاله بعمل أهل المدينة ، ولجريه على القياس ؛ من وجوب الاشتغال بالاستماع الواجب ، وترك التحية المندوبة” انتهى من الفواكه الدواني (2/ 637).
ولا يخفى أن الأصل عدم النسخ، وأنه يمكن الجمع بين هذه الأحاديث بأن تحية المسجد مشروعة مستحبة، والممنوع هو المشي وتخطي الرقاب، وأن هذه التحية مستثناة من الأمر بالإنصات للخطيب، أو أن المصلي يعتبر منصتا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ” قال ابن العربي: عارض قصة سليك ما هو أقوى منها كقوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) ، وقوله صلى الله عليه و سلم: (إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت) متفق عليه. قال: فإذا امتنع الأمر بالمعروف ، وهو أمر اللاغي بالإنصات ، مع قصر زمنه ، فمنع التشاغل بالتحية ، مع طول زمنها : أولى. وعارضوا أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ، للذي دخل يتخطى رقاب الناس: (اجلس فقد آذيت) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وغيره من حديث عبد الله بْنِ بُسْرٍ. قالوا: فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية. وروى الطبراني من حديث ابن عمر رفعه: (إذا دخل أحدكم والإمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الإمام).
والجواب عن ذلك كله: أن المعارضة التي تؤول إلى إسقاط أحد الدليلين ، إنما يعمل بها عند تعذر الجمع، والجمع هنا ممكن.
أما الآية فليست الخطبة كلها قرآنا. وأما ما فيها من القرآن فالجواب عنه كالجواب عن الحديث ، وهو تخصيص عمومه بالداخل.
وأيضا فمصلي التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت، فقد تقدم في افتتاح الصلاة من حديث أبي هريرة أنه قال : (يا رسول الله ، سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول فيه؟ ) فأطلق على القول سرا السكوت.
وأما حديث ابْنِ بُسْرٍ : فهو أيضا واقعة عين لا عموم فيها، فيحتمل أن يكون ترك أمره بالتحية قبل مشروعيتها ؛ وقد عارض بعضهم في قصة سليك بمثل ذلك .
ويحتمل أن يجمع بينهما ، بأن يكون قوله له: (اجلس) ، أي بشرطه ، وقد عرف قوله للداخل: (فلا تجلس حتى تصلى ركعتين) ، فمعنى قوله: (اجلس) أي لا تتخط .
أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز؛ فإنها ليست واجبة، أو لكون دخوله وقع في أواخر الخطبة بحيث ضاق الوقت عن التحية، وقد اتفقوا على استثناء هذه الصورة.
ويحتمل أن يكون صلى التحية في مؤخر المسجد ، ثم تقدم ليقرب من سماع الخطبة ، فوقع منه التخطي، فأنكر عليه.
والجواب عن حديث ابن عمر بأنه ضعيف، فيه أيوب بن نَهيك، وهو منكر الحديث، قاله أبو زرعة وأبو حاتم. والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله .
وأما قصة سليك فقد ذكر الترمذي أنها أصح شيء روي في هذا الباب وأقوى ” انتهى من “فتح الباري” (2/ 409 ).
تحية المسجد الحرام:
الداخل المسجد الحرام له حالتان:
الأولى: أن يريد الطواف، فهذا تحيته الطواف، سواء كان لحج أو عمرة، أو كان الطواف تطوعاً أو غير ذلك، فيبدأ بالطواف ثم يصلي ركعتي الطواف خلف المقام فلا يجلس – إن أراد الجلوس – إلا وقد صلى. فحصلت التحية ضمناً؛ لأن المقصود افتتاح محل العبادة بعبادة، وعبادة الطواف تحصّل هذا المقصود.
هذه هي السنة في حقه، وأما كونه يصلي ركعتين تحية المسجد ثم يبدأ بالطواف فهذا خلاف السنة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد بدأ بالطواف، كما في حديث جابر وغيره ؛ وبعض الناس لا يعرف هذا، فتراه يصلي ركعتين ثم يذهب إلى المطاف لأداء نسكه.
أما لو أراد الجلوس قبل الطواف وأراد تأخيره لعذر، كانتظار رفقة أو لاستراحة فهذا يشرع له أن يصلي تحية المسجد ركعتين؛ لعموم حديث أبي قتادة: “فلا يجلس حتى يصلي ركعتين”.
الحالة الثانية: أن يريد الجلوس لانتظار صلاة أو قراءة أو ذكر ونحو ذلك فهذا يشرع في حقه أن يصلي التحية؛ لعموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس، فإنها تشمل المسجد الحرام بلا ريب.
ولا يقال: عن تحية المسجد الحرام هي الطواف؛ لأمرين:
الأول: أن ما اشتهر على الألسنة من أن تحية المسجد الحرام الطواف لا أصل له. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (حديث “من أتى البيت فليحيه بالطواف” لم أجده)
الأمر الثاني: أن في ذلك حرجاً عظيماً لا تأتي الشريعة الإسلامية بمثله، فلو كان الداخل للمسجد الحرام لا يجلس حتى يطوف لوقع الناس في مشقة، لا سيما مع تكرر دخول المسجد الحرام لصلاة وغيرها. وكيف يكون الحال أوقات المواسم كالحج أو رمضان وغيرها من الأوقات التي يزدحم فيها المسجد الحرام بالمعتمرين والحجاج والمصلين. فالحمد لله على تيسيره.
سقوط تحية المسجد:
تسقط تحية المسجد في صور عديدة أهمها ما يلي:
1- إذا تكرر دخول الإنسان المسجد عدة مرات متوالية، فمن أهل العلم من قال: يكفيه ركعتان.،لأن من خرج من المسجد وعاد إليه عن قرب لم يخرج خروجاً منقطعاً، فلا يعد خروجاً، بدليل أن مثل ذلك لا يقطع اعتكاف المعتكف، أما من خرج خروجاً منقطعاً ولم ينو الرجوع فهذا تشرع له التحية مرة أخرى إن رجع.
2- إذا دخل المسجد وجلس قبل التحية، فإن لم يطل الفصل قام وصلى، على الأظهر من قولي أهل العلم، ويدل لذلك حديث جابر – رضي الله عنه – قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم : “أصليت يا فلان؟” قال: لا. قال: “قم فصلّ ركعتين” أما إذا جلس وطال الفصل فمن أهل العلم من قال: إنه فات محلها، وقال آخرون: بل يقوم ويصلي ولو طال الفصل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر سليكاً – كما تقدم – بتحية المسجد بعد جلوسه، ولا تحديد لهذا الفصل، فلا يتركها الداخل حتى ولو جلس فإنه يصليها.
3- إذا دخل المسجد وقد أقيمت الفريضة – كما تقدم – أو صلاة نفل كالتراويح، أو صلى مقضية سقطت عنه تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : “إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة”لأن المقصود من تحية المسجد هو تعظيم المسجد بأي صلاة كانت وشغل بقعة المسجد بصلاة، فقامت الفريضة أو النافلة أو المقضية ونحوها مقام التحية، فلم تبق التحية مطلوبة.
4- إذا دخل والخطيب يوشك أن ينهي خطبة الجمعة فإنه يقف إلى قيام الصلاة، لكراهة الجلوس قبل التحية، ولا يصليها؛ لأنه مأمور بصلاتها حيث يمكنه ذلك، وفي هذه الحال لا يمكنه أن يصلي، فتسقط عنه، وكذا لو خشي فوات تكبيرة الإحرام، أو الفاتحة، أو الركعة الأولى سقطت عنه تحية المسجد.
5- إذا دخل المسجد الحرام وهو يريد الطواف سقطت عنه التحية، وقد مضى الكلام على هذه الصورة. والله أعلم.
حكم التشريك في النية في العبادات المختلفة :
العبادات نوعان :
قسم لا يصح فيه التشريك في النية :
وهوما طلبه الشارع ( الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ) ورتب عليه أجرا خاصا ؛ فلا بدّ لنيل ذلك الأجر من القيام بذلك العمل نفسه ؛ ولا ينوب عنه غيره ، ولا يدخل معه غيره.
مثال ذلك :الصلوات الخمس ، وصيام رمضان ؛ وقضاؤه؛ والزكاة ، .. وغيرها من العبادات المفروضة التي لا يجزي عنها غيرها ، ولا يصح أن يدخل معها غيرها في وقتها ؛مثل صلاة الفجر ، هل يجوز أن تصليها بنية صلاة الفجر ؛ وبنية سنة الفجر ؟!! بالطبع لا
مثال ما طلبه استحبابا:
العبادات التي جاء الدليل على أن الأجر لا ينال إلا بالقيام بها في وقت محدد ؛ مثل صيام الست من شوال ؛ وركعتي الفجر ؛ وركعتي الضحى .. وغيرها ؛ مما له أجر مخصوص لا يتحقق إلا بالقيام بذات العمل .
مثال ذلك: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع بينهما أيضاً، لأن سنة الفجر مستقلة، وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى.
كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها، فإنها لا تتداخل، فلو قال إنسان: أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة، قلنا: لا يصح هذا، لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزئ عنها.
هل يجوز قضاء رمضان ؛ مع نية صيام ست من شوال ؟
لا يجوز لأن قضاء رمضان ؛ هو قضاء للفرض ؛ فكيف ندخل مع الصيام المفروض تطوعا !!؟
ومن لم يفهم المثال فليتأمل هذا المثال المطابق له تماما ؛ ويحكم عليه ؛ بنفس الحكم ..
مثال : لو نام إنسان عن صلاة الفجر ؛ حتى طلعت الشمس ، ثم قام وتوضأ ، ونوى أن يصلى الفجر ؛ مع سنة الفجر ؛ مع ركعتي الضحى في ركعتين فقط !! ؛ هل يصح ذلك ؟!! طبعا لا يصح أبدا
2- والمقصود لغيره :
أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه.
مثاله :
صلاة الاستخارة يجوز جمعها في النية مع الراتبة أو أي ركعتي نفل إذ المطلوب في الاستخارة أن يصلي ركعتين ويدعو بدعاء الاستخارة إذا انصرف منهما ، ولا يلزم تخصيص ركعتين بنية الاستخارة
كذلك: تحية المسجد غير مقصودة لذاتها ، فلو دخلت المسجد وصليت ركعتين راتبة لصلاة الظهر مثلا فإنها تغني عن صلاة تحية المسجد ، فهنا يمكنك أن تنوي بها تحية المسجد وراتبة الظهر
مثال آخر : رجل دخل المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عنه تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فأكمل.
فهذا هو الضابط في تداخل العبادات، ومنه الصوم، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم، سواء كنت نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر، أو نويته ليوم عرفة، أو نويته قضاء عن صيام رمضان.
كذلك غسل يوم الجمعة فهو غير مقصود لذاته ، فالمقصود هو التنظف يوم الجمعة فجمعه مع غسل الجنابة ليس فيه حرج، والله أعلم