فقه الصلاة 5- كيفية قضاء الصلوات الفائتة

تاريخ الإضافة 3 سبتمبر, 2024 الزيارات : 1137

تيسير فقه الصلاة / كيفية قضاء الصلوات الفائتة

النوم عن الصلاة أو نسيانها:
من نام عن صلاة أو نسيها فوقتها حين يذكرها، لحديث أبي قتادة قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة فقال: (إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها) ، رواه النسائي والترمذي وصححه.
وعن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) ، رواه البخاري ومسلم.
وعن عمران بن الحصين قال: سرينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من آخر الليل عرسنا فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس. فجعل الرجل منا يقوم دهشا إلى طهوره، قال: فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يسكتوا، ثم ارتحلنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس توضأ ثم أمر بلال فأذن ثم صلى الركعتين قبل الفجر. ثم أقام فصلينا فقالوا:

يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: (أينهاكم ربكم تعالى عن الربا ويقبله منكم) . رواه أحمد وغيره.

هل يجب الترتيب في قضاء الفوائت ؟
الجمهور: على وجوب الترتيب واستدلوا بأن النبي قضى أربع صلوات فائتة في غزوة الأحزاب مرتبة فدل على وجوب الترتيب .
أما الشافعي فقال : بأن فعل النبي لا يدل على الوجوب وهذه ديون عليه فلا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر، ولو صلاها بغير ترتيب فقد فعل الصلاة التي أمر الله بها فلا يلزمه وصف زائد بغير دليل .

ومع هذا فإن الجمهور قالوا بسقوط الترتيب في حالات عدة :
1
حضور الجماعة الأولى : كمن فاتته صلاة الظهر ، وحضر جماعة العصر فعليه أن يصلي معهم العصر لحديث (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) ثم يقضي الظهر بعد ذلك ، وهذا أحد القولين عن أحمد واختيار ابن تيمية .

2-فوات ما لا يمكن قضاؤه منفردا كمن حضرته صلاة الجمعة ولم يكن صلى الصبح فإنه يقدم الجمعة على الفائتة .

3-ضيق الوقت : كمن عليه صلاة الظهر فائتة والعصر حاضرة ، ولكنه استيقظ قبل المغرب بقليل ، فإما أن يبدأ بالعصر فيدركه ، وإما أن يبدأ بالظهر فتكونا (الصلاتين) قضاء .. ففي هذه الحالة يعجل بالتي ضاق وقتها (العصر) ثم يقضي الظهر .

4-
النسيان : وهذا إذا فاتته صلاة ثم شرع في الحاضرة ناسيا الفائتة ، ثم تذكرها بعد ذلك فلا حرج عليه لعموم قوله تعالى : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا(
5-الجهل : لأن الجهل أخو النسيان فمن جهل ترتيب الفوائت فقضاها غير مرتبة فلا شئ عليه .

وهل يقضي سرا أو جهرا ؟ قولان :
1-
الحنفية والمالكية : الاعتبار بوقت الفائتة فمن قضى العشاء نهارا صلاها جهرا والعكس كذلك .

2-الحنابلة والشافعية : الاعتبار بوقت القضاء فمن قضى العشاء نهارا صلاها سرا والعكس كذلك .

وهل تقضى السنن الرواتب ؟
يشرع قضاؤها وهو مروي عن ابن عمر وهو مذهب الشافعي وأحمد ومن الحنفية محمد بن الحسن .

بم تدرك الصلاة في الوقت ؟
اتفق الفقهاء على أن من أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها ، فقد أدرك الصلاة ، واختلفوا فيما إذا أدرك أقل من ركعة ، هل يكون مدركا للوقت أو لا ؟

مذهب الحنفية والحنابلة : يدرك الوقت بتكبيرة الإحرام ، فمن كبر للإحرام قبل خروج الوقت فقد أدرك الصلاة ، وتكون أداء لا قضاء واحتجوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال : ( من أدرك سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته , وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته ) متفق عليه
وللنسائي : ( فقد أدركها )
ولأن الإدراك إذا تعلق به حكم في الصلاة استوى فيه الركعة وما دونها , كإدراك الجماعة , وإدراك المسافر صلاة المقيم , ولفظ الحديث الأول يدل بمفهومه , والمنطوق أولى منه .
و مذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يكون مدركا للوقت إلا إذا أتى بركعة كاملة ، وهو الراجح ؛ لقوله : ( مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ ) رواه البخاري ومسلم.
وقوله : ( مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ ) رواه البخاري ومسلم ..
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : والقول الثاني : أنها لا تُدرك الصَّلاة إلا بإدراك ركعة ؛ لقول النبي : ( مَنْ أدرك ركعةً من الصَّلاة فقد أدركَ الصَّلاةَ ) ، وهذا القول هو الصَّحيح ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ لأن الحديث ظاهر فيه ، فهو جملة شرطيَّة ( مَنْ أدرك ركعةً فقد أدرك … ) ، مفهومه : من أدرك دون ركعة فإنه لم يُدركْ .
اتفق العلماء على وجوب قضاء الصلاة إن فاتت بعذر كنوم أو نسيان ، واختلفوا في حكم قضاء الصلاة إذا خرج وقتها عمدا ؟
على قولين :

الأول :الأئمة الأربعة : يجب القضاء واحتجوا بما يلي:
1-
أنَّ النبي قال: «من نامَ عن صلاةٍ أو نسيها فَلْيُصَلِّها إذا ذكرها»، فإذا كان المعذور بنوم أو نسيان يلزمه القضاء، فغير المعذور من باب أَولى.
2-
إنه لما ترك الصَّلاة حتى خرج وقتها كانت دَيْناً عليه، والدَّين لا وقت له، ويجب على الإنسان أن يؤدِّيه فوراً، ولو خرج وقتُه ، وقد سمَّى النبي العبادات «دَيْناً»، فإذا كان سمَّاها «دَيْناً» فإنه يجب قضاؤها، ولو تركها لغير عُذر، ويجب عليه التوبة لما صنع .
الثاني :قول ابن حزم وداود الظاهري واختاره ابن تيمية : أنَّه إذا فاتت العبادة المؤقَّتة عن وقتها لعُذرٍ قُضيت، وإن فاتت لغير عُذرٍ فلا قضاء، ليس تخفيفاً عن المؤخِّر، ولكن تنكيلاً به وسُخطاً لفعله، وقالوا:

1- إن هذه الصَّلاة المؤقَّتة محدودة أولاً وآخراً، والمحدود موصوف بهذا الوقت، كما قـال تعالى: )إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً)(النساء: من الآية103)، أي: صلاتها في هذا الوقت، فإذا أخَّرها عنه بلا عُذر فقد صلاها على غير الوصف الذي فُرضت عليه، فترك واجباً من واجباتها عمداً فلا تصحُّ، كما لو صَلَّى بغير وُضُوء عمداً بلا عُذر فإنَّها لا تصحُّ.

2- إذا أخَّرها عن وقتها لغير عُذر فقد فعلها على وجهٍ لم يُؤمر به، وقد ثبت عن النبي أنه قال: «من عَمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ» وهذا نصٌّ صريحٌ عامٌ، «من عَمِل عملاً»، عملاً: أيَّ عمل يكون؛ لأنه نكرة في سياق الشَّرط فكان للعموم؛ «فهو ردٌّ»، أي: مردود.

3- أنه لو صلَّى قبل الوقت متعمِّداً فصلاته لا تجزئه بالاتفاق، فأيُّ فرق بين ما إذا فعلها قبل الوقت أو فعلها بعده؟ فإن كُلَّ واحد منهما قد تعدَّى حُدودَ الله ، وأخرج العبادة عن وقتها: ) ومن يتعد حدود الله فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(البقرة: من الآية229).

4- أن قياسه على النائم والناسي لا يصح لأن المعذور غير آثم، ولا يتمكَّن من الفعل في الوقت، فلما لم يتمكَّن، لم يُكلَّف إلا بما يستطيع، أما هذا الرَّجُل غير المعذور فهو قادر على الفعل مُكلَّف به، فخالف واستكبر ولم يفعل، فقياس هذا على هذا قياس فاسد غير صحيح مع مخالفته لعموم النُّصوص: «من عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»

وعليه فإنه يتوب إلى الله ويكثر من الطاعات والأعمال الصالحات لعلها تكفر ما حصل منه من إضاعة الوقت وعلل ابن حزم القول بالتوبة وعمل الصالحات بقوله تعالى ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (٦٠) ) مريم

وعلى هذا فمن ضيع الصلاة سنوات من عمره :على قول الجمهور يجب عليه قضاء جميع ما فاته ، وعلى القول الآخر لا يجب عليه وإنما يكثر من النوافل ويحسن التوبة والاستقامة على أمر الله .
وأغلب أهل العلم يتوسطون فيقولون لمن ترك الصلاة فترة طويلة بالتوبة والإكثار من النوافل حتى لا نغلق عليه باب التوبة ، أما من فاتته بعض الصلوات فلا ضير ولا ثقل عليه إن قضاها فيقولون بوجوب القضاء للصلوات التي تعد (القليلة )


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1020 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع