خمسة أعمال نستقبل بها رمضان

تاريخ الإضافة 1 مارس, 2024 الزيارات : 1661
كيف نستقبل رمضان ؟
تستقبل الأمة الإسلامية في الأيام القليلة القادمة ضيفاً عزيزا تتشوّف القلوب إلى مجيئه وتتطلع النفوس إلى قدومه ؛ وكلهم يرجو أن يبلُغَ هذا الضيف وأن يُحَصِّل ما فيه من خير وبركة؛ ألا وهو شهر رمضان المبارك ، ذلكم الشهر الذي خصه الله جلّ وعلا بميزات كريمة وخصائص عظيمة ومناقب جمّة تميزه عن سائر الشهور .
الخطوات العملية لاستقبال رمضان
أولا / اللهم بلغنا رمضان:
إذا دخل رمضان على المسلم وهو حي يرزق، فتلك منحة كبيرة وخير وفير، فإذا وُفِّقَ العبد لصيامه وقيامه وطاعة الله فيه كما ينبغي، فتلك نعمة عظيمة وهبة كريمة تستحق الشكر والثناء، وتستوجب الاعتراف بكرم الله وفضله، لذلك، يتعين على المؤمن أن يحمد الله على مَدِّ عمره لبلوغ هذا الشهر الكريم، وشرح صدره لاغتنام هذا الفضل العظيم، فندعو الله أن يعيننا على أن نحسن استقبال الشهر وأن نحسن العمل فيه.
يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله: إذا دعوت الله أن يبلغك رمضان فلا تنس أن تدعوه أن يبارك لك فيه, فليس الشأن في بلوغه! وإنما الشأن ماذا ستعمل فيه؟!!!
لأنك إذا وُفِّقت فيه لعمل صالح فإنك ستسبق الجميع إلى الجنة حتى الشهيد.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلَانِ مِنْ بَلِيٍّ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُشْهِدَ أَحَدُهُمَا وَأُخِّرَ الْآخَرُ سَنَةً. قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ!! فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ صَامَ بَعْدَهُ رَمَضَانَ وَصَلَّى سِتَّةَ آلَافِ رَكْعَةٍ أَوْ كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً صَلَاةَ السَّنَةِ؟!! رواه أحمد بسند حسن.
فمع أنهما أسلما في يوم واحد ومات الأول شهيداً، إلا أن تأخير موت الآخر سنة جعله سابقا للشهيد إلى الجنة لأنه أدرك شهرا من رمضان زيادة على صاحبه وبارك الله له فيه.
ثانيا / الفرحة ببلوغ رمضان :
رمضان هو شهر الخيرات وموسم الرحمات، فيه يزداد الأجر وتضاعف الحسنات، لذلك، من الطبيعي أن يفرح المسلم لإطلالة هذا الشهر العظيم، ويبتهج لمقدم هذه المناسبة العطرة، مصداقا لقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58] فالمسلم الحقيقي هو الذي يفرح بطاعة الله ويبتهج بعبادته، ويسعد بفضل الله عليه أن مَدَّ في عمره وبلَّغَه هذا الشهر الكريم.
وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بمقدم هذا الشهر فيقول : ( جاءكم شهر رمضان شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم … ) أخرجه أحمد .
(شهر مبارك) فيه خيرات وبركات كثيرة… بركة في الدعاء، بركة في الرزق، بركة في الصلاة، بركة في الإنفاق، بركة في قراءه القرآن، بركة في الوقت، بركة في الليل، بركة في النهار، بركة في الطعام،وغيرها من البركات.
وقد صور رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذه الفرحة بقوله ” لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” ( متفق عليه ) .
وعمر بن الخطاب هو أول من فكر في إنارة المساجد في ليالي رمضان حتى يستطيع المسلمون أداء صلاة التراويح وإحياء ليالي رمضان، وروي أن علي بن أبي طالب كان يمر ذات ليلة من ليالي رمضان فرأى المساجد تتلألأ بالأنوار في منظر مفرح بهيج، فقال: “نوَّر الله على عمر بن الخطاب في قبره كما نوَّر علينا مساجدنا”.
ثالثا / نية المرء أبلغ من عمله :
فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير , قال الله عز وجل : { فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ } [ محمد : 21} فعلى المسلم تبييت النية الصالحة على أن تكون في رمضان على حال يرضاها الله تعالى.
والنية أساس العمل ونية المؤمن أبلغ من عمله ، وكان الإمام أحمد رحمه الله يوصي ولده ويقول:” يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير “فما الذي نويت أن تكون عليه في رمضان من الآن؟!
ما الذي تحدث نفسك به؟ وما الذي تتصوره لنهارك وليلك؟
ما الذي يراه الله في قلبك الآن؟ عزم على أن تكون أكثر قرباً منه؟
عزم على أن تختم القرآن كذا وكذا مرة؟ عزم على أن لا تفوت صلاة الجماعة ولا مرة واحدة خلال رمضان؟
عزم على أن لا تضيع صلاة التراويح ؟
أم أن الله ينظر إلى قلبك الآن فيرى غفلة وضياعاً أو يرى تبييتاً لمتابعة المسلسل الفلاني والبرنامج الهابط الفلاني وغير ذلك مما يعده قطاع الطرق ولصوص رمضان من شياطين الإنس من البرامج والمسلسلات الساقطة التي تقطعك عن الله في رمضان وتحول بينك وبين روحانية الصيام ولذته وحلاوته.
والله ما رأيت آية أصدق في وصف هؤلاء وما يعدونه في رمضان من قول الله تعالى: (والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)
والكثيرون منا يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا ، ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة ، وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة, ونسيان أو تناسى أن للمسلم فرصاً كثيرة مع الله ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة ، التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات ، فيضع المسلم له برنامجاً عملياً لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى .
رابعا / التوبة :
قال الله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور : 31].
والمسلم ليس معصومًا عن الخطأ، فهو عرضة للوقوع في الذنوب والآثام، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وبيّن أنه من طبع البشر، وبيّن علاجه فقال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ بني آدَمَ خطّاء، وخيرُ الخطّائين التوّابون»
وقال : «والذي نفسِي بيَدِه، لو لم تُذنِبوا لذَهَب الله بكم، ولجاءَ بقومٍ يذنِبون فيستغفِرون اللهَ، فيغفِر لهم»
وشهر رمضان هو شهر مغفرة الذنوب، وشهر القبول ومضاعفة الحسنات، وشهر العتق من النار، هو الشهر الذي «تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين» (كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة)، هو الشهر الذي «ينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغيَ الشرّ أقصِر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة» (كما في السنن وعند أحمد من حديث أبي هريرة أيضًا).
قال الإمام ابن القيم : (فمما ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر ولا بد، وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي ؟)
فحريٌّ بالمؤمن الصادق الذي مدّ الله في عمره حتى أدرك هذا الشهر أن يغتنمه بتوبة صادقة، وانطلاقة جادة بعزيمة أكيدة، فيجدد العهد مع الله بأن يلتزم بطاعته، وأن يأتمر بأوامره، وينتهي عن مناهيه، ويستقيم على دينه حتى يلقاه؛ فإن العبرة بالخواتيم.
خامسا / تعلم أحكام رمضان :
شرَع الله – سبحانه – لنا صيام رمضان، وجعَلَه أحدَ أركان الإسلام، فكان لزامًا على كل مسلم أن يتعلَّم من الأحكام ما يتعلَّق بالصيام؛ حتى يعبدَ الله – تعالى – على بصيرة، وليؤدِ الواجب عليه عن عِلمٍ ومعرفة، وفَرْقٌ بين مَن يعبد الله – تعالى – على علْمٍ وإدراك، فيتَّبع النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم – أحسنَ اتِّباع، ومَن يبني عبادته على مشاهدة الناس، وما يتناقله العوام أو يدعونه.
وقد قرَّر أهل العلم أنه يجب على المكلَّف تعلُّم ما تَصِحُّ به عبادته، ومَن يُرِد الله به خيرًا، يُفَقِّهه في الدين.
فيجب على كل صائم تعلم أحكام صومه، وهي سهلة ميسرة، ونحن اليوم في عصر تتوفر فيه المعلومة بشكل كبير، فيمكن مطالعة كتيب في أحكام الصوم، أو مشاهدة برنامج أو دورة في أحكام الصيام عبر “يوتيوب”، كما يمكن حضور إحدى الدورات الفقهية في أحكام الصيام، والتي تعقد قبيل شهر رمضان في المساجد والمراكز الثقافية.
المهم أنه لا يجوز لك أخي الصائم، الإهمال في تعلم أحكام ركن من أركان الإسلام في زمن وجوبه.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 367 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم