عظمة الله رب العالمين: (20) إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ، أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ

تاريخ الإضافة 20 يناير, 2025 الزيارات : 25

(20) إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ، أَطَّتِ السَّماءُ، وحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ

عن أبي ذر قال: قال رسول الله ﷺ: إني أرى ما لا ترون، أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى رواه الترمذي وقال: حديث حسن

هذا الحديث، يخبر عن كثرة عدد الملائكة بما لا يحصيه إلا الله عز وجل، وأنهم أضعاف أضعاف البشر بما لا نحيط به عدداً ولا وصفاً.

والنبي صلى الله عليه وسلم، في ليلة الإسراء والمعراج، رُفع له البيت المعمور والبيت المعمور هو كعبة الملائكة في السماء السابعة، محاذياً لكعبة الأرض كما في الحديث: لو سقط، لسقط عليها؛ فسأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عن البيت المعمور، فقال: هذا كعبة الملائكة في السماء السابعة، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم يخرجون ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة.

سبحان الله جل شأنه! تخيلوا كم عدد الملائكة الذين يدخلون هذا المكان في سنة واحدة!

فما بالنا بعددهم منذ أن خلق الله هذا الكون إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله! شيء لا يحيط به عد ولا وصف.

أطت السماء وحق لها أن تئط

تعني أنها أصدرت صوتاً يشبه الأنين أو الصرير، بسبب كثرة ما تحمل من الملائكة

في اللغة العربية، أصل الفعل أطّ تُستخدم لوصف صوت انتقال الدابة بسبب ثقل ما تحمله، مثل صوت الرحل فوق الجمل عند حمله للأثقال.

لكن المقصود هنا ليس عجز السماء عن حمل الملائكة، بل هو تعبير عن كثرة أعدادهم، تعبيراً مجازياً.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته ساجداً لله.

 العلماء قالوا إن حال الملائكة الأغلب هو السجود وقد وردت آيات عديدة من القرآن تصف سجود الملائكة وعبادتهم، منها قوله تعالى: (فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ) [فصلت: 38]، وقوله: (َيُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ) [الأنبياء: 20]

حقائق عن الملائكة:

  • من الملائكة من خلقه الله ساجداً، ومنهم من خلقه قائماً، ومنهم من خلقه راكعاً.
  • الملائكة لا تملّ ولا تتعب من عبادة الله، فهم يسبحون الليل والنهار دون فتور.
  • الملائكة ليست كالبشر، فلا يحتاجون إلى طعام أو شراب أو راحة.
  • ليس فيهم ذكور أو إناث، وبالتالي لا زواج ولا شهوة ولا نسل.
  • والنبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل على هيئته الحقيقية مرتين له 600 جناح، كل جناح منها سد الأفق
  • عندما أمر الله جبريل بإهلاك قرى قوم لوط، رفعها إلى أعلى السماء، ثم قلبها، كما قال الله تعالى: (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى) [النجم: 53]
  • والله عز وجل وصف جبريل بقوله: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى) [النجم: 5-6]
  • والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (أُذِن لي أن أتكلم عن ملك من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمئة عام) فتخيلوا حجم هذا الملك! فكيف بحجم بقية الملائكة الذين يحملون العرش؟

النبي صلى الله عليه وسلم قال في أول الحديث: إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون

ومعنى ذلك أن الله تعالى أرى نبيه ملكوت السماوات والأرض، وأسمعه أصوات الملائكة في تسبيحهم

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولما استمتعتم بالنساء على الفُرُش، ولخرجتم إلى الصُّعُدَات تجأرون إلى الله)

المقصود هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أُطلع على أمور غيبية عظيمة من عظمة الله، وملكوت السماوات والأرض، وأحوال الآخرة، والجنة والنار، وما أعده الله للطائعين والعصاة، وهذا العلم ليس متاحاً لعامة الناس، فهو من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم.

ومعنى قوله لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً:

لو عرف الناس حقيقة عذاب الله وأهوال يوم القيامة، وما ينتظر العصاة والكافرين، وما سيحدث من شدة الحساب، لما وجدوا وقتاً للضحك أو الراحة، لأن الخوف من الله، وشدة الموقف في الآخرة، كانت ستجعلهم ينشغلون بالبكاء والخشوع والندم

ولما استمتعتم بالنساء على الفُرُش:

أي لو علم الناس عاقبة أعمالهم، وما ينتظرهم في القبر والآخرة، لانصرفوا عن الشهوات والملذات الدنيوية الزائلة، ومنها الاستمتاع بالنساء، ولشغلهم الخوف من الحساب عن هذه الأمور.

ولخرجتم إلى الصُّعُدَات تجأرون إلى الله:

الصُّعُدَات جمع صعيد، أي الأرض المرتفعة أو الواسعة، والمقصود هنا أنهم كانوا سيتركون بيوتهم ومشاغلهم، ويخرجون إلى الخلاء أو الأماكن الواسعة، يجأرون إلى الله بالدعاء والتضرع طلباً للمغفرة والنجاة من عذابه.

جأر بالدعاء يعني رفع صوته بالدعاء.

الهدف من هذا الحديث:

  • أن نعلم عظمة خلق الملائكة وكيف أن خلقتهم عظيمة، وأعدادهم كثيرة لا نحصيها عددًا، ولا نستطيع أن نصل إلى إدراك كم يكون.
  • مداومة الملائكة على عبادة الله عز وجل.
  • أن الله تعالى لو أطلعنا على عذابه، أو علمنا ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، لصارت كل لذة في الدنيا لا قيمة لها، ولاشتد خوفنا لدرجة ألا نكف عن الدعاء، نجأر إلى الله عز وجل أن يرفع عنا عقابه وعذابه.

هل الملائكة أفضل أم المؤمنين من الإنس والجن:

قال العلماء: من يجاهد نفسه في الطاعة ليس كمن جُبل على الطاعة؛ فالطائعون من عباد الله من الإنس والجن خير عند الله من الملائكة.

فمن خلقه الله وفيه الشهوات: الطعام والشراب والجنس، والميل للراحة، والدعة والكسل والتملك، هذه الشهوات كلها فطرنا الله عليها، وهذه غرائز موجودة فينا.

وعلى الرغم من هذا، نجد من عباد الله تعالى من صالحي هذه الأمة من يصوم ويقوم لله، ويتعفف عن الحرام، وعن الزنا وعن الظلم وغير ذلك.

فقال العلماء: ليس من جاهد نفسه على الطاعة كمن جُبل -أي خُلق- لا يعرف إلا الطاعة.

الملك ليس عنده معاناة؛ أي ليس متعبًا أو مجاهدًا لنفسه أن يسبح أو يسجد أو يركع هو خُلق هكذا، طبيعته هكذا.

كما هي طبيعة أي كائن حي خُلق هكذا؛ الطائر يطير، هذا يمشي على أربع، وهذا يمشي على رجلين فهذه طبيعتها.

ولذلك، نحن إذا رأينا حيوانًا يمشي على رجلين فقط، نعجب ونقول سبحان الله، الكلب يمشي كأنه إنسان، أو القرد في مشيته يشبه إنسانًا.

فليس هناك مجاهدة من الملك فيما يفعل، لأنه خلقه الله هكذا.

لكن من جاهد نفسه وجاهد هواه وترك محارم الله عز وجل، فهذا أفضل عند الله من الملائكة.

ولذلك يوم القيامة، أين تذهب الملائكة؟ إلى الجنة أم إلى النار؟

الملائكة ليس عليهم عقاب، وليس لهم ثواب، يعني لا ثواب ولا عقاب.

ستجد زبانية جهنم، وستجد خَزَنة الجنة أنهم يدخلون على المؤمنين من كل باب

فالملائكة ليس عليهم تكليف بمعنى أنه ينتج عنه إثابة أو عقاب.

فالملائكة يطيعون أوامر الله فقط؛ أما الإنس والجن، المكلفون من الله بالتكاليف، يكون يوم القيامة الحساب ومن ثم الجزاء.

فأهل الجنة يومئذ هم من أعلى الخلق رتبة ودرجة ومنزلة والملائكة تدخل عليهم تهنئهم بسلامتهم: (سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) [سورة الرعد: الآية 24]

وتكلم أهل النار: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى، وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) [سورة الزمر: الآية 71]

إذًا، فمن جاهد هواه، وجاهد نفسه في طاعة الله، فهو أفضل عند الله تعالى من الملائكة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا هداة مهتدين،

 لا ضالين ولا مضلين

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل،

ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل

اللهم آمين

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 يناير, 2025 عدد الزوار : 13996 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين